ولكن بمجرد أن هدأت الأوضاع عاد مروان وحرّض عثمان على أن يخرج وينال من الثوار، فخرج إليه الإمام عليّ ((عليه السلام)) مغضباً فقال: «أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلاّ بتحريفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الضعينة يُقاد حيث يُسار به، والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه»(1).
وفي موقف آخر مع الوليد بن عقبة أنّ الخليفة عثمان غضب على الشهود الذين شهدوا على الوليد بشربه الخمر ودفعهم، وهنا تدخّل الإمام وهدّد عثمان من عواقب الاُمور، فأمره الإمام ((عليه السلام)) باستدعاء الوليد ومحاكمته وإقامة الحد عليه، وحين اُحضر الوليد وثبتت عليه شهادة الشهود أقام الإمام ((عليه السلام)) عليه الحدّ ممّا أغضب عثمان، فقال للإمام: ليس لك أن تفعل به هذا، فأجابه الإمام بمنطق الحقّ والشرع قائلاً: «بل وشرّ من هذا إذا فسق ومنع حقّ الله أن يؤخذ منه»(2).
وأمّا سياسة عثمان المالية فقد كانت امتداداً لسياسة عمر من إيجاد الطبقية وتقديم بعض الناس على بعض في العطاء، إلاّ أنّها أكثر فساداً من سياسة سابقه، فقد أثرى بني اُميّة ثراءً فاحشاً، وحين اعترض عليه خازن بيت المال قال له: إنّما أنت خازن لنا، فإذا أعطيناك فخذ وإذا سكتنا عنك فاسكت، فقال: والله ما أنا لك بخازن ولا لأهل بيتك، إنّما أنا خازن للمسلمين.. وجاء يوم الجمعة وعثمان يخطب فقال: أيّها الناس، زعم عثمان أنّي خازن له ولأهل بيته، وإنّما كنت خازناً للمسلمين، وهذه مفاتيح بيت مالكم، ورمى بها(3).
(1) الطبري: 5 / 372.
(2) مروج الذهب: 2 / 225.
(3) تاريخ اليعقوبي: 2 / 153، وأنساب الاشراف: 5 / 58، والمعارف لابن قتيبة: ص84، وشيخ المضيرة أبو هريرة: 169، والطبقات لابن سعد: 5 / 388، والغدير: 8 / 276.