(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

تأزّم الوضع العام في البلاد الإسلاميّة، وتحرّكت قطاعات كبيرة من داخل المدينة وبقية الأمصار تعترض على سيرة الخليفة وعمّاله طالبةً منه العدل والسويّة والعمل وفق التعاليم الإسلامية(1)، ولكن لم تنل إلاّ الخيبة والفشل في مساعيها، وتدخّل الإمام في مسعىً لأنْ يصل إلى حلّ يغني الاُمّة عن فتنة لا تحمد عواقبها، ولكن بطانة السوء وضعف الخليفة جعلت مساعي الإمام لا تثمر نجاحاً.
وقدمت وفود عديدة نحو المدينة لتضغط على الخليفة بالقوّة أن يصلح الفساد الإداري أو يعتزل أو القتل وأيقن عثمان أنّ الوضع خطير جدّاً ولا يوجد محاور يمكن له أن يتدخّل في الوساطة بينه وبين الثوار سوى الإمام عليّ ((عليه السلام))، فأسرع يستغيث به، وتمكّن الإمام ((عليه السلام)) باُسلوبه الحكيم ومكانته في قلوب الجماهير أن يقنع الثائرين على عثمان بالهدوء والتفاهم مع الخليفة، عسى أن يصلوا معه الى حلّ يرضي الأطراف، فأدخل الإمام عدداً من وجوه الثائرين على عثمان فعاتبوه ولاموه على سوء أعماله وما فرّط من مصلحة الاُمّة، وطالبوه أن يغيّر سياسته وسلوكه.. فاستجاب لهم وكتب كتاباً يتعهّد بتنفيذ الإصلاح والسير فيهم بكتاب الله وسيرة النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وكان الإمام عليّ  ((عليه السلام)) هو الضامن للمؤمنين على عثمان بالوفاء، وشهد على ذلك عدد من الصحابة(2)، وقفل الثائرون عائدين الى بلادهم إطمئناناً منهم بمستقبل أفضل.
ولكنّ ضعف عثمان أمام خبث ومكر مروان جعله ينكث بوعده ويقلّب الاُمور رأساً على عقب، فخرج عثمان وصعد المنبر وخطب فقال: أمّا


(1) أنساب الأشراف: 5 / 59.
(2) أنساب الأشراف: 5 / 63 وتأريخ الطبري: 5 / 347 حوادث سنة (35) هـ .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة