(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

بعد، إنّ هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر، فلمّا تيقّنوا أنّه باطل ما بلغهم رجعوا إلى بلادهم.. فصاح به عدد من المسلمين من أطراف المسجد وطالبوه بالتقوى والعمل الصالح(1).
ويبدو من الروايات أنّ عثمان كتب لأهل مصر بتولية محمد بن أبي بكر عليهم بدلاً من عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وأعطاهم الكتاب وسيّر محمداً معهم، فما أن ذهبوا حتى كتب كتاباً آخر إلى ابن أبي سرح يأمره بقتل محمد ومن معه، ويثبت على ولايته، وأرسله مع رسول خاص، ومن سوء حظّ الخليفة أن يقع الكتاب بيد محمد والوفد الذاهب معه.
وخطب عثمان بنصيحة من الإمام عليّ ((عليه السلام)) ليهدأ الوضع العام، فأعلن فيها توبته عن خطئه وعزمه على الإصلاح المالي والإداري ورعاية شؤون الاُمّة، وبكى على المنبر ندماً من أفعاله السابقة.. ولكنّ يد السوء تتلاعب بأهواء الساسة والحاكمين فعاد مروان يحرّض عثمان على مواجهة الجماهير والتصلّب في المواقف، ولم تنفع إعتراضات نائلة ـ زوجة عثمان ـ عليه.
فقال له عثمان ـ وقد اجتمع الناس على باب عثمان ـ : فاخرج إليهم فكلّمهم فإنّي أستحي أن اُكلّمهم، فخرج مروان الى الناس فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم كأنّكم قد جئتم للنهب؟ شاهت الوجوه، كلّ إنسان آخذ بإذن صاحبه إلاّ من اُريد، جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا؟ اُخرجوا عنّا، أما والله لئن رمتمونا ليمرّن عليكم منّا أمر لايسرّكم ولا تحمدوا غِبَّ رأيكم.
فرجع الناس وأتوا الإمام عليّاً فأخبروه الخبر، فجاء ((عليه السلام)) مغضباً حتى دخل على عثمان فقال: أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلاّ بتحريفك


(1) تأريخ الطبري: 5 / 370.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة