(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يُسار به، والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا في نفسه، وأيم الله إنّي لأراه سيوردك ثمّ لا يصدرك،وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أَذهبتَ شرفك وغلبت على أمرك.
وقيل في رواية اُخرى أنّ الإمام عليّاً ((عليه السلام)) قال: عياذ الله يا للمسلمين، إنّي إن قعدت في بيتي قال لي: تركتني وقرابتي وحقّي، وإنّي إن تكلّمت فجاء مايريد يلعب به مروان فصار سَيِّقةً له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السّن وصحبة رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم))(1).


آخر الدواء الكيّ :

أساء عثمان الى الاُمّة كثيراً فلم يُبق له صديقاً حميماً إلاّ النفعيين من بني اُميّة الذين غشّوا صحبته وخذلوا نصرته، فتكاثرت الفئات المسلّحة تحوم من أطراف البلاد الاسلامية حول المدينة تريد رفع الظلم، وما بقيت للحكومة المركزية سلطة ولا للخلافة هيبة. ولم يجد الإمام ((عليه السلام)) في كلّ ما بذل من أجل تهدئة الاُمور إلاّ تعنتاً من طرفي النزاع، فآثر أن يعتزل الفتنة حتى تتّضح معالمها وتسكن ثورتها فيجد للاُمة مخرجاً، فقد روي أنّه خرج الى ينبع في مال له هناك، ويبدو أنّ الإمام ((عليه السلام)) كان يطيع الخليفة في محاولة لتهدئة الوضع المتوتر، فها هو الإمام يردّ على ابن عباس الذي جاءه بطلب من عثمان ـ وهو محصور ـ أن يخرج من المدينة لأنّ الناس ترى فيه الخليفة الأصلح، فقال((عليه السلام)): «يا بن عباس، ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جَملاً ناضحاً بالغَرب أقبِلْ وأدبِرْ، بعث إليّ أن أَخرُج، ثمّ بعث إليَّ أن أَقدُم، ثمّ هو الآن يبعث إليَّ أن أخرُجَ، واللهِ


(1) تأريخ الطبري: 5 / 371 حوادث الايام الأخيرة من حكم عثمان عام 35 هـ، والرياض النضرة: 2 / 133. البداية والنهاية لابن كثير: 7 / 186.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة