ـ النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ـ سوى عقد واحد رأته فيها حاكماً ومربيّاً، واشتعلت نار الفتن في أطراف البلاد الاسلامية والتي جرّت للمسلمين الويلات والملمّات، فإنّنا من خلال سبرنا أغوار التأريخ نستنتج مايلي:
1 ـ إنّ حكومة عثمان ابتعدت عن نهج الشريعة الإسلامية، فعطّلت الحدود وأشاعت الفساد وتهاونت في محاسبة المسؤولين عن ذلك، وهذا ما فسح المجال لشيوع الفوضى في السلوك الإجتماعي وبثّ روح التمرّد على القانون. وكان من مظاهر الفساد شيوع الاستهتار والاستخفاف بالقيم والأحكام الإسلامية، فنجد أنّ بيوت الولاة والشخصيّات المتنفّذة تعجّ بحفلات الغناء ومجالس الخمرة(1).
2 ـ ركّزت حكومة عثمان على روح العصبية القبلية التي شرّعها أبو بكر في نهجه السياسي القبلي، فتوضّح في بروز سلطة بني اُميّة كاُسرة لها سلطتها على جميع مرافق الدولة لا لشيء سوى أنّهاترى لنفسها السيادة المطلقة التي انتزعها الإسلام منها، لأنّها ليس لها أساس شرعي، وأصحبت بنو اُميّة جبهة سياسية قوّية لها توجّهها المناوئ للإسلام وخصوصاً لخطّ آل البيت ((عليهم السلام)) فأصبحوا فيما بعد العقبة الرئيسية أمام حكم الإمام عليّ ((عليه السلام))، حيث تكتّلوا حول معاوية بن أبي سفيان في مواجهة الإمام عليّ ((عليه السلام)).
3 ـ اعتبرت حكومة عثمان أنّ الحكم حقّ موهوب لهم ولا يحق لأحد انتزاعه، وأتّخذوه وسيلةً لإرضاء رغباتهم المنحرفة وشهواتهم الشيطانية، ولم تجعل من الحكم وسيلةً للإصلاح الاجتماعي ونشر الدعوة الإسلامية في بقاع
(1) الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني: 7 / 179.