(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

كيان الدعوة وتفانيه في أهدافها وخلص من جميع شوائب الجاهلية ورواسبها وتحلّيه بأعلى درجات الكفاءة وعياً وإيماناً وإخلاصاً وتضحيةً في سبيل الله.
لقد كان عليّ بن أبي طالب ((عليه السلام)) هو ذلك البديل الذي أعدّه رسول الله  ((صلى الله عليه وآله وسلم)) إعداداً رسالياً خاصّاً ليحمّله المرجعية الفكرية والسياسية للثورة الإلهية المباركة، كي يواصل عملية التغيير الطويلة الرائدة بمساندة القاعدة الواعية التي أعدّها الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) له من المهاجرين والأنصار، وليقود الاُمّة التي بدأت تصفّي الجذور الجاهلية الضاربة في أعماق وجودها وثقافتها، ببركة الإسلام العظيم والنبيّ القائد الحكيم.
6 ـ ولكنّ الجاهلية المتجذّرة في أعماق ذلك المجتمع ما كانت لتندحر في بدر وحُنين وخلال عقد واحد من الصراع والكفاح، وكان من الطبيعي أن تظهر من جديد متستِّرةً بشعار إسلامي كي تستطيع أن تظهر على المسرح الإجتماعي من جديد ولو بعد عقود من الزمن، وكان من الطبيعي أيضاً أن تتسلّل الى المواقع القيادية بشكل مباشر أو غير مباشر.. ومن هنا كانت الردّة الى المفاهيم والقيم الجاهلية ـ من خلال الالتفاف على القيادة الشرعية للمجتمع الاسلامي الفتي الذي تحدّق به الأخطار من كلّ جانب ولم تكتمل قواعده وعياً ونضجاً ـ أمراً محتملاً متوقّعاً لكلّ قياديّ يمتلك أدنى وعي سياسيّ واجتماعيّ، فكيف برسول الله وخاتم أنبيائه ((صلى الله عليه وآله وسلم))؟
7 ـ وإذا كانت الرسالة الإسلامية تهدف الى تغيير الواقع الاجتماعي الجاهلي فلابدّ أن تلاحظ هذا الواقع بكل ملابساته ورسوباته، وتخطّط للتغيير الشامل على المدى القريب والبعيد معاً... وهكذا كان، فقد رسمت الرسالة الطريق اللاحب والخط الطبيعي وعيّنت الحقّ الذي يفرضه المنطق التشريعي للمسيرة الإسلامية الرائدة، وتجلّى ذلك في إرجاع الأُمّة فكرياً وسياسياً الى

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة