بدلاً عن عبد الله بن سعد، وعلى الشام سهل بن حنيف بدلاً من معاوية بن أبي سفيان، كلّ هذا لسوء سيرة الولاة السابقين وفساد إداراتهم حتى آخر لحظة، فقد استولى يعلى بن منبّه على بيت مال اليمن وهرب به، وحرّك معاوية قوّةً عسكريةً لصدّ سهل بن حنيف عن ممارسة مهامه الجديدة(1).
وفي عملية اختيار الولاة الجدد كان الإمام ((عليه السلام)) دقيقاً وموضوعياً وحريصاً على تطبيق الشريعة الإسلامية بجهازه الإداري الجديد، وقد أعاد الثقة للأنصار بأنفسهم ورفع معنويّاتهم، إذ شاركهم في الحكم، كما أنّ الإمام لم يكن مستعداً لقبول الحلول المنحرفة أو أنصاف الحلول، فقد كان حازماً في اجتثاث الفساد، فقد رفض ((عليه السلام)) اقتراح إبقاء معاوية على الشام حتّى يستقر حكم الإمام ثمّ تنحيته فيما بعد(2).
حاول الإمام فرض سيطرة الخلافة المركزية على ولاية الشام بعد أن امتنع معاوية فيها عن البيعة، فدفع الراية الى ولده محمد بن الحنفية، وولّى عبد الله بن عباس على ميمنته وعمر بن أبي سلمة على الميسرة، ودعى أبا ليلى بن عمر بن الجرّاح فجعله على مقدمة الجيش، وخطب في أهل المدينة وحثّهم على القتال، ولكن حال دون التحرّك وصول خبر خروج طلحة والزبير على حكم الإمام الى البصرة بعد أن كانا قد استأذناه في الخروج للعمرة فأذن لهم، وكان قد حذّرهم من نكث البيعة(3).
محاور عمل الإمام ((عليه السلام)) في الاُمّة :
(1) تأريخ الطبري: 5 / 466.
(2) تأريخ الطبري: 5 / 461، والبداية والنهاية: 7 / 255.
(3) تأريخ الطبري: 5 / 469.