(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

هناك دور مفروض في الشريعة الإسلامية لشخصيّة يرعى شؤون الرسالة الإسلامية وديمومتها في الحياة ومقاومتها في الصراع مع التيارات المختلفة بعد غياب النبيّ القائد ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وقد نصّت الشريعة على أنّ الإمام عليّاً ((عليه السلام)) ومن بعده أبناؤه هم المعنيّون بذلك.
وممارسة دور الراعي والقائد لشؤون الرسالة تقتضي أن يتولّى الإمام المعصوم أعلى السلطات في الدولة، ولكن بعد وفاة الرسول تدخّلت عناصر غير مؤهّلة لذلك في ظرف معقّد فاستولت على السلطة، ولم يكن ذلك ليمنع الإمام ((عليه السلام)) عن ممارسة دوره، ولكن طبيعة الصراع تقتضي تعدّد الدور وتنوّعه، فعمل الإمام عليّ ((عليه السلام)) على محورين في محاولة منه لإصلاح إنحراف الاُمّة والمحافظة على عقائدها ومقدّساتها:
المحور الأول: السعي لاستلام مقاليد الحكم وزمام التجربة، والنهوض بالاُمّة في الاستمرار بمسيرتها نحو هدفها السماوي الذي فرضه الله سبحانه وتعالى.. وقد عمل الإمام على هذا المحور بعد وفاة النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) مباشرة، كما عبّر عن مسؤوليته تجاه هذا الأمر بقوله ((عليه السلام)): «لولا حضور الحاضر وقيام الحجّة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها»(1).
فحاول الإمام ((عليه السلام)) تعبئة الاُمّة، ولكنّه لم يتمكّن أن يصل الى حدّ إنجاح هذه المحاولة لأسباب منها:
1 ـ عدم وعي الاُمّة لرزيّة يوم السقيفة وما جرى فيها من مؤامرات سياسية وتوجّهات خاطئة كانت خافيةً على شريحة كبيرة من الاُمّة.


(1) نهج البلاغة: الخطبة الشقشقية.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة