(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

أعقابكم)(1)؟!!.

لقد جعل النبيّ عليّاً أميناً على رسالته واُمّته ودولته، وكلّفه حفظ الرسالة والشريعة كما كلّفه تربية الاُمّة الفتيّة وصيانة الدولة التي لم تترسخ جذورها بعد.
وحاول عليّ ((عليه السلام)) إرجاع الامور الى مجاريها بإدانة السقيفة ونتائجها وبالإمتناع من البيعة والتصدّي للمؤامرة التي اُلبست لباس حالة الطوارئ ومُرّرِت على المسلمين بكلّ ذكاء وحنكة، بعد أن خنقت الأصوات وساهمت الظروف السياسية للدولة الفتيّة في إدانة التصدّع السياسي للدولة النبويّة المباركة، ولكن دون جدوى، بل حيث دار الأمر بين إنهيار الدولة سياسياً ودولياً وبين حفظها مع تصدّي غير الأكفاء للقيادة، فالقيادة الأمينة على الرسالة والاُمّة والدولة سوف تضطر للتنازل عن المنصب بغية الوصول الى سائر الأهداف الرسالية الكبرى.
10 ـ وهكذا كان كما يفصح عن ذلك قول عليّ ((عليه السلام)): «حتى إذا قبض الله رسوله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) رجع قوم على الأعقاب، وغالتهم السبل، واتّكلوا على الولائج ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذي اُمروا بمودّتَه، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه فبنوه في غير موضعه».
وخطب الناس بعد أن اقترح عليه عمّه العباس أن يبايع له بالخلافة بعد أن تمّت البيعة لأبي بكر في السقيفة، فقال: «أيّها الناس، شقّوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرّجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، هذا ماء آجن ولقمة يغصّ بها آكلها..».


(1) آل عمران: 3 / 144.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة