وقال ((عليه السلام)) عندما عزم الناس على بيعة عثمان: «لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري، والله لأسلمنّ ما سلمت اُمور، المسلمين ولم يكن فيها جورٌ إلاّ عليّ خاصة التماساً لأجر ذلك وفضله وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه».
وقال أيضاً: «فأمسكت يديّ حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام، يدعون الى محق دين محمد ((صلى الله عليه وآله وسلم)) فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب».
وهذا هو الموقف الرسالي للقائد المبدئي الذي يحرص أشدّ الحرص على أهداف الرسالة وقضاياها المصيرية، فيضحّي بكلّ ما يملك في سبيل البلوغ الى الأهداف الكبرى التي جاء الاسلام من أجلها، وائتمن القائد الاُمناء على رعايتها وحراستها.
11 ـ وتلخّصت مواقف القيادة العلويّة الرشيدة خلال خمسة وعشرين عاماً من المحنة وهو يلعق الصبر الأمرّ من العلقم ـ على حدّ تعبيره ((عليه السلام)) ـ في الحفاظ على وحدة الاُمّة الإسلامية وعدم تصدّع الدولة النبويّة الفتيّة ولو بالتنازل عن حقّه الشرعي مؤقّتاً، وتقديم المشورة للخلفاء وإسداء النصح لهم، والتوجّه الى جمع القرآن وتفسيره، وتثقيف الاُمّة على مفاهيمه وتوعيتها على حقائقه، وكشف النقاب عن حقيقة المؤامرة التي دانت لها طوائف من المسلمين على مفاهيمه، والتصدّي لأخطاء الحكّام في الفهم والتطبيق لأحكام الشريعة الإسلامية، وإيجاد كتلة صالحة تؤمن بالتخطيط النبويّ الرائد للقيادة الإسلامية، وتسهر على نشره وتبليغه، وتضحّي من أجل تطبيقه وتنفيذه.