12 ـ واستطاع الإمام بعد عقدين ونصف من الصبر والكدح المستمرَّيْن أن يقتطف ثمار سعيه المدروس، وبعد أن تكشّفت حقائق كانت وراء الستار وتجلّى للاُمّة بجيليها الطليعي والتابع أنّ عليّاً ((عليه السلام)) هو الجدير بالخلافة دون غيره، وأنّه هو الذي يستطيع إصلاح ما فسد بالرغم من تعقّد الظروف وتبلبل القلوب واشتداد زاوية الانحراف عن نهج الحقّ القويم، حتى قال ((عليه السلام)): «والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة، ولكنّكم دعوتموني اليها وحملتموني عليها».
13 ـ وأعلن الإمام عن سياسته قائلاً: «واعلموا أنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ الى قول القائل وعتب العاتب». وقال أيضاً: «اللّهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن الذي كان منّا منافسةً في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لتردّ المعالم من دينك وتظهر الاصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطّلة من حدودك».
وهكذا بدأ الإمام يحكم على أساس كتاب الله الذي قد عُطّلت حدودُه وسنّة نبيّه التي قد طمست أعلامها، فأخذ بتطهير جهاز الدولة، وأمّم الأموال المختلسة، وأعلن سياسة المساواة في العطاء خلافاً لسياسة الخليفة الثاني في العطاء ورجوعاً الى سنّة النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم))، وأخذ ينفق على تطوير الحياة الاقتصادية وينشئ المشاريع الزراعية مع عدم السماح لأحد بالاستئثار بالأموال العامة للدولة.
وأجهد الإمام ((عليه السلام)) نفسه على أن يحقّق بين الناس العدل الاجتماعي والسياسي وفي طريق لا التواء فيه، وأن يسود بينهم الأمن والحرية والرخاء والاستقرار مع الاحتفاظ بوحدة الاُمّة والسعي في تربيتها وتعليمها وإعطائها كامل حقوقها، وعزل الجهاز الإدراي الفاسد واستبداله بالولاة والعمّال