6 ـ استطاع الإمام أن يبني ثلّةً صالحةً من المؤمنين تتحرّك في المجتمع الإسلامي للمساهمة في قيادة التجربة الإسلامية والمحافظة علىالمجتمع الاسلامي، وذلك عبر الدفاع العسكري داخلياً وخارجياً، مطيعةً في ذلك وفي كلّ خطواتها أوامر وتوجيهات الإمام، وكان غرض الإمام من هذه الخطوة تقديم الاُسوة الصالحة أخلاقياً وعلمياً للمجتمع كنموذج يدلّل على سهولة تطبيق النظرية الإسلامية على الواقع الذي تعيشه الاُمّة، ولتشيع في الاُمّة ظاهرة الإلتزام بالروح المبدئية والمُثل العليا وقوّة الموقف في جانب الحقّ رغم كلّ الظروف المناوئة، ويسود من تنامي الثلّة الصالحة في المجتمع الانسجام والوئام بين طبقاته وأفراده دينياً ومذهبياً، وتنطفئ بذلك روح العنصرية والطائفية والأقليمية بين المسلمين، وكلّ هذا يساهم في المحافظة على الشريعة الاسلامية والخطّ الإسلامي الأصيل من التحريف، حيث تتواصل الثلّة الصالحة في طاعتها للأئمّة الذين يتسلسلون في تعهّد أمر الاُمّة كما أمر الله تعالى ورسوله الكريم ((صلى الله عليه وآله وسلم)).
ويبدو أنّ الإمام عليّاً ((عليه السلام)) بدأ عملياً في هذا المسار منذ حياة الرسول الأكرم ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وبأمر منه، فنجد أن النبيّ كان يُوكل مهمّة تعهّد ورعاية من يجد فيهم الرغبة والوعي في التحرك الإسلامي الى الإمام علي ((عليه السلام))، وكان ((صلى الله عليه وآله وسلم)) يحثّ على التمسّك في العمل بخط عليّ حتى تكوّنت جماعة عرفت بشيعة عليّ في حياة الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) مثل: عمار بن ياسر، سلمان الفارسي، وأبي ذر، وجابر بن عبد الله الأنصاري، المقداد بن الأسود، عبد الله بن عباس، ممّن ثبتوا على هذا الخط رغم كلّ الظروف الصعبة التي مرّت بها