(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

وطاف الإمام ((عليه السلام)) في القتلى من أصحاب الجمل، وكان يخاطبهم ويكرّر القول: لقد وجدتُ ما وعدني ربّي حقاً فهل وجدتَ ما وعدك ربّك حقاً. وقال ((عليه السلام)) أيضاً: ما ألوم اليوم من كفّ عنّا وعن غيرنا ولكنّ المليم الذي يقاتلنا(1).
وأقام الإمام ((عليه السلام)) في ظاهر البصرة ولم يدخلها، وأذن للناس في دفن موتاهم فخرجوا إليهم فدفنوهم(2)، ثمّ دخل ((عليه السلام)) مدينة البصرة معقل الناكثين، فانتهى الى المسجد فصلّى فيه ثمّ خطب في الناس وذكّرهم بمواقفهم ومواقف الناكثين لبيعته، فناشدوه الصفح والعفو عنهم، فقال ((عليه السلام)): «قد عفوت عنكم، فإيّاكم والفتنة، فإنّكم أوّل الرعية نكث البيعة، وشقّ عصا هذه الاُمّة». ثمّ أقبلت الجماهير ووجوه الناس لمبايعة الإمام ((عليه السلام))(3).
وبعد ذلك دخل أمير المؤمنين بيت المال في البصرة، فلمّا رأى كثرة المال قال: «غُرّي غيري..» وكرّرها مراراً، وأمر أن يقسّم المال بين الناس بالسوية، فنال كلّ فرد منهم خمسمائة درهم، وأخذ هو كأحدهم، ولم يبقَ شيء من المال فجاءه رجل لم يحضر الوقعة يطالب بحصّته، فدفع إليه الإمام ما أخذه لنفسه ولم يصب شيئاً(4).
ثمّ أمر أمير المؤمنين بتجهيز عائشة وتسريحها الى المدينة، وأرسل معها أخاها وعدداً من النساء ألبسهنّ العمائم وقلّدهن السيوف لرعاية شؤونها وأوصلنها الى المدينة، ولكنّ عائشة لم تحسن الظنّ بأمير المؤمنين


(1) الإرشاد للمفيد: 135.
(2) الكامل في التأريخ: 3 / 255.
(3) الإرشاد للشيخ المفيد: 137، وتأريخ الطبري: 5 / 577.
(4) شرح النهج: 1 / 250.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة