(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

لثغور أهل الشام من بعد أهل الشام ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق.
وكانت هذه الدعوى المضلّلة كالصاعقة على رؤوس جيش الإمام، فهاج الناس وكثر اللغط بينهم، وقالوا: نجيب الى كتاب الله وننيب إليه.. وكانأشدّ الناس في ذلك أحد كبار قادة جيش الإمام عليّ الأشعث بن قيس.
فقال لهم الإمام ((عليه السلام)): «عباد الله، امضوا على حقّكم وصدقكم وقتال عدوّكم، فإنّ معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن أبي مسلمة وابن أبي سرح والضحّاك ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، أنا أعرف بهم منكم، قد صحبتهم أطفالاً ثمّ رجالاً فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال، ويحكم والله ما رفعوها إلاّ خديعةً ووهناً ومكيدةً، إنّها كلمة حقّ يراد بها باطل».
فخاطبوا أمير المؤمنين باسمه الصريح قائلين: يا عليّ، أجب إلى كتاب الله عزّ وجل إذ دعيت إليه وإلاّ ندفعك برمّتك إلى القوم أو نفعل كما فعلنا بابن عفان.
ولم يجد الإمام ((عليه السلام)) مع المخدوعين سبيلاً فقال: فإن تطيعوني فقاتلوا وإن تعصوني فاصنعوا ما شئتم(1).
وكان في ساحة المعركة مالك الأشتر يقاتل ببسالة ويقين حتى كاد أن يصل إلى معاوية فقالوا لأمير المؤمنين: ابعث الى الأشتر ليأتينّك.. ولكنّ الأشتر لم ينثنِ عن عزمه في القتال، لأنه يعلم أنّ الأمر خدعة فهدّدوه بقتل الإمام ((عليه السلام))، فعاد الأشتر يؤنّبهم فقال لهم: خدعتم والله فانخدعتم ودعوتم إلى وضع الحرب فأجبتم، يا أصحاب الجباه السود كنّا نظن أنّ صلاتكم زهادة الى الدنيا وشوق إلى لقاء الله، فلا أرى قراركم إلاّ إلى الدنيا من الموت.


(1) تأريخ الطبري: 5 / 660، ووقعة صفّين: 481.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة