(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

وهجم الخوارج وهم يتصايحون: لا حكم إلاّ لله... الرواح الرواح إلى الجنّة، ولم تمضِ إلاّ ساعة حتى اُبيدوا عن أجمعهم، ولم ينجُ منهم إلاّ أقلّ من عشرة، ولم يُقتل من أصحاب الإمام إلاّ أقلّ من عشرة أشخاص(1).
وبعد أن سكنت اُوار المعركة أمر الإمام ((عليه السلام)) في طلب «ذو الثدية» أحد قادة الخوارج وألحَّ في ذلك لأنّ في ذلك مصداقاً لوصايا الرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم)) بمقاتلة المارقين عن الدين الذين فيهم ذو الثدية(2). ولمّا وجدوه أخبروا الإمام ((عليه السلام)) فقال: «الله أكبر ما كذبت ولا كذّبت، لولا أن تنكلوا عن العمل لأخبرتكم بما قصّ الله على لسان نبيّه ((صلى الله عليه وآله وسلم)) لمن قاتلهم مستبصراً في قتالهم، عارفاً للحقّ الذي نحن عليه» وسجد ((عليه السلام)) شكراً لله(3).


إحتلال مصر :

بعد مقتل عثمان بن عفان ولّى أمير المؤمنين قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ولاية مصر، ثمّ كلّف محمد بن أبي بكر ليقوم مقام قيس بن سعد لرأي رآه ((عليه السلام))، وبقيت مصر الجناح الآخر الذي يقلق معاوية، فما أن ساد الاضطراب والتخاذل في المجتمع الاسلامي بعد المعارك ونتائجها تحرّك معاوية وعمرو بن العاص لاحتلال مصر التي كانت ثمناً لجهود عمرو بن العاص لتخريب حكومة الإمام وتهديم الدين، وحاول ((عليه السلام)) أن يمدّ محمد بن أبي بكر بالعِدّة والعُدّة عند سماعه بزحف معاوية نحو مصر، فلم يلبث إلاّقليلاً حتى أتت الأخبار باحتلال مصر واستشهاد محمد بن أبي بكر، وحزن


(1) تأريخ الطبري: 5 / 699، والبداية والنهاية: 8 / 288، ومروج الذهب: 2 / 385.
(2) صحيح مسلم: كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم والتحريض على قتالهم.
(3) تأريخ الطبري: 5 / 703، والبداية والنهاية: 297، وشرح نهج البلاغة: 2 / 266.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة