ثمّ وضع يده على كريمته فأطال البكاء ثمّ قال: «أَوِّهِ على إخواني الذين قرأوا القرآن فأحكموه وتدابروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنّة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتّبعوه»(1).
2 ـ تمرّد الجيش وتفكّكه وظهور الضعف والسأم من الحرب لكثرة ما قتل من أهل العراق الذين يشكّلون العمود الفقري لفرق جيش الإمام ((عليه السلام))، ولم يتمكن ((عليه السلام)) بما يملك من قدرة خطابية رائعة وحجّة بالغة أن يبعث الإندفاع والحزم في قاعدته الشعبية لمواصلة الحرب، وممّا زاد من تفتيت الجيش عدم توقّف معاوية من مخاطبة زعماء القبائل والعناصر التي يبدو منها حبّ الدنيا، فمناهم بالأموال والهبات والمناصب إذا قاموا بكلّ ما يؤدي إلى إضعاف قوة الإمام ((عليه السلام)) وجماهيره المؤيدة، حتى أنّ الإمام ((عليه السلام)) لم يستطع أن يعبّئ في معسكر النخيلة بعد معركة النهروان استعداداً لقتال معاوية، فقد تسلّل أغلب أفراد الجيش الى داخل الكوفة ممّا أدى بالإمام ((عليه السلام)) أن يلغي المعسكر ويؤجّل الحرب(2).
3 ـ لقد أتاح الظرف الذي مرّ به الإمام ((عليه السلام)) والاُمّة الإسلامية لمعاوية أن يقوم بشنّ غارات على أطراف البلاد الإسلامية، فمارس القتل والسبي والإرهاب، فبدأ بالهجوم على أطراف العراق فأرسل النعمان بن بشير الأنصاري للإغارة على منطقة «عين التمر»، ووجّه سفيان بن عوف للإغارة على منطقة «هيت» ثم على «الأنبار والمدائن»، والى «واقصة» وجّه معاوية الضحّاك ابن قيس الفهري.. وفي كلّ مرّة يحاول الإمام ((عليه السلام)) دعوة الجماهير لمقاومة غارات معاوية فلم يلق الإستجابة السريعة، وأدرك معاوية ضعف
(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: 10 / 99.
(2) تأريخ الطبري: 5 / 705.