(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

وقال ((عليه السلام)): «إنّ في صدري هذا لَعِلماً جمّاً علّمنيه رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ولو أجد له حفظة يرعونه حقّ رعايته ويروونه عنّي كما يسمعونه منّي إذاً لأودعتُهم بعضه...»(1).
وقال: «يا معشر الناس، سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني فإنّ عندي علم الأوّلين والآخرين... والله إنّي لأعلم بالقرآن وتأويله من كلّ مدّع علمه.. فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية لأخبرتكم بوقت نزولها وفيم نزلت، وأنبأتكم بناسخها ومنسوخها، وخاصّها من عامّها، ومحكمها من متشابهها، ومكّيّها من مدنيّها، والله ما من فئة تضلّ أو تهدي إلاّ وأنا أعرف قائدها وسائقها وناعقها»(2).
وتوزّعت نشاطات الامام الفكرية بين الخطب والاحتجاجات والرسائل والكلمات والوصايا والمواعظ البليغة وغرر الحكم والكتب التي ألّفها أو صنّفها والتي اُثرت عنه وإن لم تصل إلينا، وقد نُسب اليه ديوان شعر تضمّن مفاهيم فريدة لايبعد صدورها عنه.
إنّ أوّل عمل استأثر باهتمام الامام ((عليه السلام)) بعد وفاة الرسول وقد كان بوصية منه ((صلى الله عليه وآله وسلم)) هو جمعه للقرآن الكريم، وامتاز بترتيبه حسب النزول وتضمّن معلومات فريدة عن شأن النزول والتفسير والتأويل الذي تحتاجه اُمّة محمّد ((صلى الله عليه وآله وسلم))، وقد عرضه على الخليفة الأوّل فقال: لا حاجة لنا به، فأشار ((عليه السلام)) الى أنّهم سوف لا يحصلون عليه بعد ذلك اليوم، وهكذا كان، والمعروف أنّه يتوارثه الأئمة من أبنائه ((عليهم السلام)).
واُثر عن الإمام ما سمّي بالصحيفة التي تضمّنت أحكام الديّات وروى عنها البخاري ومسلم وابن حنبل، كما اُثر عنه ما سمّي بالجامعة التي تضمّنت أو جمعت كلّ ما يحتاج اليه الناس من حلال وحرام، ووصفها الإمام الصادق


(1) بحار الانوار: 40 / الباب 93.
(2) الإرشاد: 191.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة