(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

يبرز من خلال صراعه مع عليّ . . . ممثلاً لجيل المسلمين الجديد الذي وضعته الفتوحات في قمّة السلطة من جهة، وفرضت عليه أن يرى الاُمور أيضاً من وجهة نظر الحفاظ على المكتسبات المادية... وفي مثل هذه المواجهة العنيدة القاسية الممزّقة المدمّرة فقط كان معاوية يستطيع أن يولّد المشاعر الدنيويّة القويّةويمزّق وحدة المسلمين ويشقّ وعيهم، وينتزع للسياسة السلطانية والدولة في مواجهة الروح الرسالية والثورية أرضاً جديدة من أملاك الدين الشامل، وبقدر ما كان عليّ بتجسيده للشرعية الإسلامية وما تنطوي عليه من عناصر القرابة الروحية والنسبية من الرسول ومن الإنتماء لأهل السابقة والقدوة بشدّ المسلمين الى الوراء الى النبوّة كان معاوية في حربه المختارة والمصمّمة يفرض عليهم الاختيار بين الدين والدنيا، ويجبرهم على التخلّي عن روح الثورة كشرط للاحتفاظ بالدولة»(1).
وكتب هاشم معروف: لقد كان الإمام عليّ بن أبي طالب حدثاً تأريخياً غريباً عن طباع الناس وعاداتهم منذ ولادته وحتى النفس الأخير من حياته، فقد أطلّ على هذه الدنيا من الكعبة... فكانت ولادته في ذلك المكان حدثاً تأريخياً لم يكن لأحد قبله ولم يحدث لأحد بعده، وكما دخل هذه الدنيا من بيت الله فقد خرج منها حين أقبل عليه الموت من بيت الله... وقال: ما عساني أن أقول فيه وقد كان ولا يزال حديث الأبطال وعشّاق البطولات وقدوة المجاهدين المخلصين في سبيل المبدأ والعقيدة والمرجع الأوّل في التشريع والفلسفة والأخلاق والتربية والسياسة الحكيمة التي توفّر للناس في مختلف العصور العدالة والأمن والسعادة في الدنيا والفوز بنعيم الآخرة. وقال: ولم


(1) نقد السياسة، الدولة والدين، برهان غليون: ص78 ، الطبعة الثانية 1993، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة