(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

عنهم وأحسن اليهم وأبى على أنصاره أن يتعقّبوهم بسوء وهم على ذلك قادرون(1).
«وتتماسك هذه الصفات الكريمة في سلسلة لا تنتهي وبعضها على بعض دليل، ومن أروع حلقاتها الصدق والإخلاص، وقد بلغ به الصدق مبلغاً أضاع به الخلافة، وهو لو رضي عن الصدق بديلاً في بعض أحواله لما نال منه عدّو ولا انقلب عليه صديق.. لقد رفض أن يقرّ معاوية على عمله وقال: «لا اُداهن في ديني ولا اُعطي الدنيّة في أمري». ولمّا ظهرت حيلة معاوية أطلق عبارته التي صحّت أن تكون صيغة للخلق العظيم: «والله ما معاوية بأدهى منّي، ولكنّه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس»(2). وقال مشدّداً على ضرورة الصدق مهما اختلفت الظروف: «علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك»(3).
وشجاعة الإمام هي من الإمام بمنزلة التعبير من الفكرة وبمثابة العمل من الإرادة، لأنّ محورها الدفاع عن طبع في الحق وإيمان بالخير، والمشهور أنّ أحداً من الأبطال لم ينهض له في ميدان.. فقد كان لجرأته على الموت لا يهاب صنديداً، بل إنّ فكرة الموت لم تجل مرةً في خاطر الإمام وهو في موقف نزال، وأنّه لم يقارع بطلاً إلاّ بعد أن يحاوره لينصحه ويهديه.
وكان عليّ مع قوته البالغة يتورّع عن البغي أيّاً كان الظرف، وأجمع المؤرّخون على أنّه كان يأنف القتال إلاّ اذا حُمِل عليه حملاً، فكان يسعى أن يسوّي الاُمور مع أخصامه.. على وجوه سلميّة تحقن الدم وتحول دون النزال.


(1) البداية والنهاية: 7 / 276.
(2) نهج البلاغة، الخطبة 200.
(3) نهج البلاغة، قصار الحكم 458.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة