(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

وإن رجعت الى الخصائص الخُلقيّة والفضائل النفسانيّة والدينية وجدتَه ابن جَلاها وطَلاّع ثناياها..
وأمّا الشجاعة فإنّه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله، ومحا اسم من يأتي بعده... وهو الشجاع الذي ما فرّ قطّ، ولا ارتاع من كتيبة، ولا بارز أحداً إلاّ قتله، ولا ضرب ضربة قطّ فاحتاجت الأولى الى ثانية... وما صارع أحداً قطّ إلاّ صرعه، وهو الذي قلع باب خيبر... واقتلع هُبَلَ من أعلى الكعبة، وكان عظيماً جدّاً... وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيّام خلافته ((عليه السلام)) بيده بعد أن عجز الجيش كلّه عنها فأنبط الماء من تحتها.
وأمّا السخاء والجود فحاله فيه ظاهرة، وكان يصوم ويطوي ويُؤثر بزاده، وفيه اُنزل: (ويطعمون الطعام على حبّه...).. وهو الذي كان يكنس بيوت الأموال ويصلّي فيها، وهو الذي قال: يا صفراء ويابيضاء غرّي غيري، وهو الذي لم يخلِّف ميراثاً وكانت الدنيا كلّها بيده.
وأمّا الحلم والصفح فكان أحلم الناس عن ذنب،وأصفحهم عن مسيء...
وأمّا الجهاد في سبيل الله فمعلوم عند صديقه وعدوّه أنّه سيّد المجاهدين، وهل الجهاد لأحد من الناس إلاّ له!..
وأمّا الفصاحة فهو ((عليه السلام)) إمام الفصحاء وسيّد البلغاء، وفي كلامه قيل: «دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين»، ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة.. وما سنّ الفصاحة لقريش غيره، ويكفي هذا الكتاب الذي نحن شارحوه دلالةً على أنّه لا يجارى في الفصاحة ولا يُبارى في البلاغة...
وأمّا سجاحة الأخلاق وبِشر الوجه وطلاقة المحيّا والتبسّم فهو

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة