جميعاً إلاّ عليّاً، فقد صاح في حماسة: أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه، فأخذ النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) برقبة عليّ وقال: إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطع(1).
إذاً كان يوم الدار يوم الإعلان الصريح عن بداية مرحلة جديدة في حياة النبيّ وحياة الدعوة الإسلامية، وقد اتّسمت بالتحدّي المتبادل ثمّ المواجهة السافرة بين الإسلام والشرك.
ومن تتبّع سيرة رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) وأحاط علماً بجميع شؤونها وتفاصيلها في بدء تشكيل الحكومة الإسلامية وتشريع أحكامها وتنظيم شؤونها ومجرياتها وفق الأوامر الإلهية يرى أنّ علياً ((عليه السلام)) وزير النبيّ في كلّ أمره وظهيره على عدوه وساعده الّذي يضرب ويبني به وصاحب أمره الى نهاية عمره الشريف.. وكان يوم الدار والإنذار يوم المنطلق الذي لم يشهد ناصراً لرسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) كعلي بن أبي طالب، شعاراً وشعوراً وجهاداً وفداءً.
عليٌ ((عليه السلام)) من إعلان الدعوة الى الهجرة النبويّة المباركة :
عجزت قريش عن إيقاف مدّ الدعوة الإسلاميّة ومنع النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) من التبليغ والهداية، فقد خابت مؤامراتهم ودسائسهم، وفشلت تهمهم وتهديداتهم، لأنّ أبا طالب كان الكهف الحصين لرسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) الذي لم يزل يدفع عنه أذى قريش وجبروتها، فلجأت قريش الى طريقة جبانة تنمُّ عن حقدها وضعفها فدفعت بالصبيان والأطفال للتعرّض للنبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) ورميه
(1) تأريخ الطبري: 2 / 404، والكامل في التأريخ: 2 / 62، ومثله في الإرشاد للمفيد: 42 الباب 2 الفصل 7، وأيضاً في تفسير مجمع البيان: 7 / 206 وتأريخ دمشق لابن عساكر: 1 / 86 .