(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

بالحجارة، وهنا كان الدور الحاسم لعليّ بن أبي طالب ((عليه السلام)) إذ لا يتسنّى لأبي طالب ـ وهو شيخ الهاشميّين الكبير ـ مطاردة الصبيان، فكان عليّ يطارد الصبيان المترصّدين للنبيّ ويذودهم عنه، ولقد كان قويّ الساعدين والعضلات حتى قيل: إنّه لم يأخذ بيده أحداً قطّ إلاّ حبس نفسه، فإن زاد قليلاً قتله(1).


عليّ ((عليه السلام)) في شِعب أبي طالب :

وحين أسرع الإسلام ينتشر في مكّة وأصبح كياناً يقضّ مضاجع المشركين وخطراً كبيراً يهدّد مصالحهم عمد المشركون الى اُسلوب الغدر والقهر لإسكات صوت الرسالة الإسلاميّة، فشهروا سيوف البغي ولم يتوانَ أبو طالب في إحكام الغطاء الأمين للرسول ((صلى الله عليه وآله وسلم))، لما له من هيبة ومكانة شريفة في نفوس زعماء قريش الذين لم يجرأوا على النَيْلِ من النبيّ ((صلى الله عليه وآله وسلم)) لأنّ ذلك يعني مواجهةً علنيةً مع أبي طالب وبني هاشم جميعاً، وقريش في غنىً عن هذه الخطوة الباهضة التكاليف.
فاتّجهوا نحو المستضعفين المسلمين من العبيد والفقراء فأذاقوهم ألوان التعذيب والقهر والمعاناة ليردّوهم عن دينهم وتمسّكهم بالنبيّ  ((صلى الله عليه وآله وسلم)). ولم تلق قريش غير الصمود والإصرار على الدعوة والالتزام بنهج الرسالة الاسلامية، فوجد رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) أفضل حلّ لتخليص المستضعفين من المسلمين هو الخروج من مكّة الى الحبشة(2).
ولمّا لم يبقَ في مكّة من المسلمين إلاّ الوجهاء والشخصيات فقد كانت


(1) الاختصاص للمفيد من كتاب ابن دأب: ص 146.
(2) سيرة ابن هشام: 1 / 321.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة