(أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام

ولأن الله زوّد الانسان بطاقتي الغضب والشهوة ليحقّق له وقود الحركة نحو الكمال ، لهذا لا يؤمَن عليه من سيطرة الهوى الذي يحمله وقود الغضب والشهوة ، ومن هنا احتاج الانسان ـ  بالإضافة إلى عقله وبصره ـ ما يضمن له سلامة البصيرة والرؤية; كي تتمّ عليه الحجّة والمنّة، وتكمل نعمة الهداية، وتتوفّر لديه كلّ الأسباب التي تجعله يختار بملء إرادته طريق الخير والسعادة، أو طريق الشرّ والشقاء الذي قد يلتبس عليه أو يُلَبَّس لباس الحقّ والرشاد .
ومن هنا اقتضت سُنّة الهداية الربّانية أن يُسند عقل الانسان عن طريق الوحي الإلهي، والهداة الذين اختارهم الله لتولِّي مسؤولية هداية العباد من خلال تفاصيل المعرفة والارشادات اللازمة لكلّ مرافق الحياة .
وقد حمل الأنبياء وأوصياؤهم مشعل الهداية الربّانية منذ فجر التاريخ وعلى مدى العصور والقرون ، ولم يترك الله عباده مهملين دون حجة هادية وعلم مرشد ونور مُضيء ، كما أفصحت نصوص الوحي ـ مؤيّدةً لدلائل العقل ـ بأنّ الأرض لا تخلو من حجة الله على خلقه ، لئلاّ يكون للناس على الله حجّة ، فالحجّة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق ، ولو لم يبق في الأرض إلاّ اثنان لكان أحدهما الحجّة، وصرّح القرآن ـ بشكل لا يقبل الريب ـ قائلاً : (إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد )] الرعد : 13 / 7 [.
ويتولّى حجج الله الهُداة وأعلام الهداية المهديِّين مهمّة الهداية بجميع مراتبها، والتي تتلخّص في :
1 ـ تلقِّي الوحي بشكل كامل واستيعاب الرسالة الإلهية ، وهذه المرحلة تتطلّب الاستعداد التام لتلقّي الرسالة، ومن هنا يكون الاصطفاء الإلهي لرسله شأناً من شؤونه، كما أفصح عنه الذكر الحكيم قائلاً : ( الله أعلم حيث يجعل

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة