ذهاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى الكوفة :

و روى أبو مخنف لوط بن يحيى عن رجاله قال : لما أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) التوجه إلى الكوفة قام في أهل البصرة فقال :

ما تنقمون علي يا أهل البصرة ؟ و أشار إلى قميصه و ردائه , فقال : و الله إنهما لمن غزل أهلي .

ما تنقمون مني يا أهل البصرة ؟ و أشار إلى صرة في يده فيها نفقته , فقال : و الله ما هي إلا من غلتي بالمدينة ; فإن أنا خرجت من عندكم بأكثر مما ترون فأنا عند الله من الخائنين .

ثم خرج و شيعه الناس إلى خارج البصرة , و تبعه الأحنف بن قيس إلى الكوفة .

و لما خرج من البصرة و صار على غلوة استقبل الكوفة بوجهه و هو راكب بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) , و قال :

الحمد لله الذي أخرجني من أخبث البلاد و أخشنها ترابا و أسرعها خرابا و أقربها من الماء و أبعدها من السماء بها مغيض الماء و بها تسعة أعشار الشر و هي مسكن الجن الخارج منها برحمة و الداخل إليها بذنب أما إنها لا تذهب الدنيا حتى يجي‏ء إليها كل فاجر و يخرج منها كل مؤمن حتى يكون مسجدها كجؤجؤ سفينة .

[423]

فهذه جملة من أخبار البصرة و سبب فتنتها و مقالات أصحاب الآراء في حكم الفتنة بها و قد أوردناها على سبيل الاختصار و أثبتنا ما أثبتنا من الأخبار عن رجال العامة دون الخاصة و لم نثبت في ذلك ما روته الشيعة في إنكاره إذ كان الغرض فيما أوردناه في هذا الكتاب تفصيل فتنة البصرة و ما جرى فيها من القتال و الفعال و الإبانة عن عناد القوم لأمير المؤمنين (عليه السلام) و القصد لحربه و سفك دمه من غير شبهة في أمره و لا عذر فيما صاروا إليه من خلافه و لنوضح فيما تضمنته الأخبار في بطلان مقال من ادعى للقوم التوبة من فرطهم الضلال لحرب أمير المؤمنين (عليه السلام) و فساد مذهب من ذهب إلى ذلك من المعتزلة و المرجئة و الحشوية .

[425]

حرب الجمل