إكراه قوم على بيعة أبي بكر :
على أنه يقال للخصم إن كان الخبر بإكراه قوم على بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) يقدح في إمامته عندك فقد جاءت الأخبار متواترة بإكراه من أكره على بيعة أبي بكر و عمر و عثمان فيجب أن تقطع على فساد إمامتهم بذلك و إلا كنت مناقضا عند العقلاء .
أ لا ترى أن المعلوم المنتشر بلا ارتياب مباينة الأنصار في بيعة أبي بكر و دعائها إلى العقد لسعد بن عبادة رضي الله عنه و إنكارها بيعة سواه و تضمنها على صرف الأمر عن قريش و شروعها في ذلك حتى اختلفت كلمتهم و أفشى أمرهم بشير بن سعد منهم و بايع أبا بكر حسدا لابن عمه و ضنا عليه بالرئاسة و كراهة الاتباع له و التقديم على نفسه فوقعت الفتنة و سلت السيوف و دعا عمر بن الخطاب إلى قتل سعد بن عبادة و حرض عليه في ذلك و قال اقتلوا سعدا قتل الله سعدا .
فخافت الأنصار من ظفرها و جنايته عليها فحملوا سعدا من السقيفة
[116]
بين جماعة منهم لضعفه عن النهوض بنفسه لمرض كان به في الحال و انحاز إليه أهل بيته كارهين لبيعة من عقدت له منكرين لما تم لأبي بكر متوعدين فيه بالخلاف.
و جاءت الأخبار متظافرة بإنكار الزبير بن العوام لبيعة أبي بكر و خروجه بالسيف مصلتا للقتال فتكاثر القوم عليه حتى أخذوه من يده و ضربوه بالأحجار فكسروه و جاءوا به ملببا لأبي بكر حتى بايع مكرها على غير اختيار.
و لما حضر سلمان الفارسي رضي الله عنه منكرا لأمرهم و متكلما في ذلك بلسانه و مفصحا فيه بلسان العرب فامتنع عن البيعة حتى وجئ عنقه بأيديهم و صار كالسلقة الحمراء.
و ما كان من إنكار العباس بن عبد المطلب عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صرف الأمر عن بني هاشم و بيعتهم لمن بايعوا و دعائه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى بسط يده ليبايعه على الأمر فقال له أمدد يدك يا ابن أخي أبايعك ليقول الناس
[117]
عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان.
و قول أبي سفيان صخر بن حرب بأعلى صوته يا بني هاشم أ رضيم أن يلي عليكم بنو تيم بن مرة حكاما على العرب و متى طمعت أن تتقدم على بني هاشم بالأمر انهضوا لدفع هؤلاء القوم عما تمالئوا عليه ظلما لكم أما و الله لئن شئتم لأملأنها عليهم خيلا و رجالا ثم أنشأ يقول :
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم *** و لا سيما تيم بن مرة أو عدي
فما الأمر إلا فيكم و إليكم *** و ليس لها إلا أبو حسن علي
أبا حسن فاشدد بها كف حازم *** فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي
حرب الجمل