إجبار عمر على بيعة أبي بكر :

و لما اجتمع من اجتمع إلى دار فاطمة (عليه السلام) من بني هاشم و غيرهم للتحيز عن أبي بكر و إظهار الخلاف عليه أنفذ عمر بن الخطاب قنفذا و قال له أخرجهم من البيت فإن خرجوا و إلا فاجمع الأحطاب على بابه و أعلمهم أنهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم نارا ثم قام بنفسه في جماعة منهم المغيرة بن شعبة الثقفي و سالم مولى أبي حذيفة حتى صاروا إلى باب علي (عليه السلام) فنادى ;

[118]

يا فاطمة بنت رسول الله : أخرجي من اعتصم ببيتك ليبايع و يدخل فيما دخل فيه المسلمون و إلا و الله أضرمت عليهم نارا في حديث مشهور.

و لما عرف أهل اليمامة تقلد أبي بكر أنكروا أمره و امتنعوا من حمل الزكاة حتى أنفذ إليهم الجيوش فقتلهم و حكم عليهم بالردة عن الإسلام و في إنكار أهل اليمامة بيعة أبي بكر يقول الحطيئة الشاعر العبسي :

أطعنا رسول الله ما كان بيننا *** فيا عجبا ما كان ملك أبي بكر

أ نؤتى أبا بكر إذا قام بعده *** فتلك لعمر الله قاصمة الظهر

و كان عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب خارجا عن المدينة فدخلها و قد بويع أبو بكر فوقف في وسط المسجد و أنشأ يقول :

ما كنت أحسب أن الأمر منتقل *** عن هاشم ثم منها عن أبي الحسن

‏أ ليس أول من صلى لقبلتهم *** و أعرف الناس بالآثار و السنن‏

و آخر الناس عهدا بالنبي و من *** جبريل عون له بالغسل و الكفن

‏من فيه ما فيهم لا يمترون به *** و ليس في القوم ما فيه من الحسن

‏فما الذي ردكم عنه فنعلمه *** ها إن بيعتكم من أول الفتن

و روى أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي عن محمد بن سائب الكلبي و أبي

[119]

صالح و رواه أيضا عن رجاله عن زائدة بن قدامة قال : كان جماعة من الأعراب قد دخلوا المدينة ليمتاروا منها فشغل الناس عنهم بموت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فشهدوا البيعة و حضروا الأمر فأنفذ إليهم عمر و استدعاهم و قال لهم خذوا بالحظ و المعونة على بيعة خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و اخرجوا إلى الناس و احشروهم ليبايعوا فمن امتنع فاضربوا رأسه و جبينه .

قال : فو الله لقد رأيت الأعراب قد تحزموا و اتشحوا بالأزر الصنعانية و أخذوا بأيديهم الخشب و خرجوا حتى خبطوا الناس خبطا و جاءوا بهم مكرهين إلى البيعة.

و أمثال ما ذكرناه من الأخبار في قهر الناس على بيعة أبي بكر و حملهم عليها بالاضطرار كثيرة و لو رمنا إيرادها لم يتسع لهذا الكتاب فإن كان الذي ما ادعاه المخالف من إكراه من أكره على بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) دليلا على فسادها مع ضعف الحديث بذلك فيكون ثبوت الأخبار بما شرحناه من الأدلة على بيعة أبي بكر موضحة عن بطلانها .

[120]

حرب الجمل