الشورى و اعتزال أمير المؤمنين (عليه السلام) عن بيعة عثمان :
قال : و لما كان في يوم الشورى حضر عمار بن ياسر رضي الله عنه فقام في الناس و قال : إن وليتموها عليا سمعنا و أطعنا , و إن وليتموها عثمان سمعنا و عصينا .
فقام الوليد بن عقبة و قال : يا معشر الناس من أهل الشورى إن وليتموها عثمان سمعنا و أطعنا , و إن وليتموها عليا سمعنا و عصينا .
فانتهره عمار و قال له : متى كان مثلك يا فاسق يعترض في أمور المسلمين و أسباب جمعها , و تسابا و تناوشا حتى حيل بينهما .
فقال المقداد رضي الله عنه من وراء الباب , يا معشر المسلمين : إن وليتموها أحدا من القوم فلا تولوها من لم يحضر بدرا و انهزم يوم أحد و لم يحضر بيعة الرضوان و ولى الدبر يوم التقى الجمعان .
فقال له عثمان : أما و الله لئن وليتها لأردنك إلى زيك الأول.
و لما صفق عبد الرحمن يده على يد عثمان ; همس أمير المؤمنين (عليه السلام) و قال :
[123]
مال الرجل إلى صهره و نبذ دينه وراء ظهره ; و أقبل على عبد الرحمن , فقال : و الله ما أملت منه إلا ما أمل صاحبك من صاحبه دق الله بينكما عطر منشم .
و انصرف مظهرا النكير على عبد الرحمن و اعتزل بيعة عثمان فلم يبايعه حتى كان من أمره مع المسلمين ما كان ; و قد عرفت الخاصة و العامة ما أظهره أمير المؤمنين (عليه السلام) من كراهته من تقدم عليه و تظلمه منهم.
فقال في مقام بعد مقام : اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم ظلموني حقي و منعوني إرثي و تمالئوا علي .
و قال : لم أزل مظلوما منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
و قال :لقد عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الأمة ستغدر بي من بعده .
[124]
و قال : لقد ظلمت عدد الحجر و المدر .
و قال : اللهم أجز قريشا عني الجوازي فقد قطعت رحمي و دفعتني عن حقي و أغرت بي سفهاء الناس و خاطرت بدمي .
[125]
حرب الجمل