امتناع أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبول الخلافة :
فممن روى خبر البيعة و ما كانت عليه من الحال أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي في كتابه المصنف في حرب البصرة عن سيف بن عمر عن محمد بن عبد الله بن سوادة و طلحة بن الأعلم و أبي عثمان أجمع قالوا : بقيت المدينة بعد قتل عثمان خمسة أيام أميرها الغافقي بن حرب و الناس يلتمسون من يجيبهم إلى هذا الأمر فلا يجدون فيأتي المصريون عليا فيختبئ منهم و يلوذ بحيطان المدينة فإذا أتوه يأبى عليهم .
قال : و روى إسحاق بن راشد عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن ابن أبزى قال : أ لا أحدثك ما رأت عيناي و سمعت أذناي ؟ ; لما التقى الناس عند بيت المال , قال علي لطلحة : ابسط يدك أبايعك .
فقال طلحة : أنت أحق بهذا الأمر مني ; و قد اجتمع لك من أهواء الناس ما لم يجتمع لي .
فقال (عليه السلام) له : ما خشينا غيرك .
فقال طلحة : لا تخش , فو الله لا تؤتى من قبلي .
و قام عمار بن ياسر و أبو الهيثم بن التيهان و رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان و أبو أيوب خالد بن زيد , فقالوا لعلي : إن هذا الأمر قد فسد و قد رأيت ما صنع عثمان و ما أتاه من خلاف الكتاب و السنة , فابسط يدك نبايعك لتصلح من أمر الأمة ما قد فسد .
[129]
فاستقال علي (عليه السلام) , و قال : قد رأيتم ما صنع بي و عرفتم رأي القوم فلا حاجة لي فيهم .
فاقبلوا على الأنصار فقالوا : يا معاشر الأنصار أنتم أنصار الله و أنصار رسوله و برسوله أكرمكم الله تعالى و قد علمتم فضل علي و سابقته في الإسلام و قرابته و مكانته التي كانت له من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و إن ولي أنالكم خيرا .
فقال القوم : نحن أرضى الناس به ما نريد به بدلا .
ثم اجتمعوا عليه فلم يزالوا به حتى بايعوه.
و بإسناده عن أبي الهيثم بن التيهان أنه قال : يا معاشر الأنصار قد عرفتم رأيي و نصحي و مكاني من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و اختياره إياي فردوا هذا الأمر إلي أقدمكم إسلاما و أولاكم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعل الله أن يجمع به ألفتكم و يحقن به دماءكم فأجابه القوم بالسمع و الطاعة .
و روى سيف عن رجاله قال : اجتمع الناس إلى علي (عليه السلام) سألوه أن ينظر في أمورهم و بذلوا له البيعة فقال لهم التمسوا غيري فقالوا ننشدك الله أ ما ترى الفتنة أ لا تخاف الله في ضياع هذه الأمة فلما ألحوا عليه قال لهم إني إن أجبتكم حملتكم على ما أعلمه و إن تركتموني كنت كأحدكم فقالوا قد رضينا بحكمك و ما فينا مخالف لك فاحملنا على ما تراه ثم بايعته الجماعة .
[130]
حرب الجمل