بيعة طلحة و الزبير لأمير المؤمنين (عليه السلام) :

و روى أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي عن عثمان بن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم قال : جاء طلحة و الزبير إلى علي (عليه السلام) و هو متعوذ بحيطان المدينة فدخلا عليه و قالا له ابسط يدك نبايعك فإن الناس لا يرضون إلا بك .

فقال لهما : لا حاجة لي في ذلك ; لئن أكون لكما وزيرا خير من أن أكون لكما أميرا ; فليبسط من شاء منكما يده أبايعه .

فقالا : إن الناس لا يؤثرون غيرك و لا يعدلون عنك إلى سواك ; فابسط يدك نبايعك أول الناس .

فقال : إن بيعتي لا تكون سرا فامهلا حتى أخرج إلى المسجد .

فقالا : بل نبايعك هاهنا ثم نبايعك في المسجد , فبايعاه أول الناس ; ثم بايعه الناس على المنبر , أولهم طلحة بن عبيد الله , و كانت يده شلاء , فصعد المنبر إليه فصفق على يده ; و رجل من بني أسد يزجر الطير قائم ينظر إليه .

فلما رأى أول يد صفقت على يد أمير المؤمنين (عليه السلام) يد طلحة و هي شلاء , قال : إنا لله و إنا إليه راجعون , أول يد صفقت على يده شلاء , يوشك أن لا يتم هذا الأمر .

ثم نزل طلحة و الزبير و بايعه الناس بعدهما .

[131]

و هذه الأخبار مع شهرتها و انتشارها في كتب السير و عند كافة العلماء و ظهورها و استفاضتها تتضمن نقيض ما ادعاه المخالف من إكراه أمير المؤمنين (عليه السلام) على البيعة و تبطل ما تعلق به من ذلك من شك في الخبر الذي أورده الواقدي عن العثمانية المتظاهرين بعداوة أمير المؤمنين (عليه السلام) .

على أن الواقدي قد أثبت في كتابه الذي صنفه في حرب البصرة ما يوافق الأخبار التي قدمنا ذكرها و يضاد ما خالفها في معناه فقال حدثني عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد قال : لما قتل عثمان أقبل الناس على علي (عليه السلام) ليبايعوه فتأبى عليهم , فقالوا : بايعنا لا نخلف .

فأبى عليهم .

فمدوا يده و بسطوها و قبضوها , فقالوا : بايعنا لا نجد غيرك و لا نرضى إلا بك.

و روى إسماعيل بن محمد عن محمد بن سعد عن أبيه قال : أرسل علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى أبي ليبايع فقال له إذا لم يبق غيري بايعتك فقال علي (عليه السلام) خلوا سعدا و أرسل إلى أسامة بن زيد فقال له أسامة أنا أطوع لك و لكن أعصي الخروج بالسيف فقال له علي (عليه السلام) لم أكره أحدا على بيعتي فقد بان أن جميع من بايعه كان مؤثرا له راغبا إليه في ذلك على ما قدمناه و الحمد لله .

[132]

حرب الجمل