فصل ; إرجاع عثمان طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة :

و لما رد عثمان طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحكم بن أبي العاص و كان قد نفاه عن المدينة إلى الطائف و ذلك أنه كان يؤذي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى بلغ من أذاه أنه كان يتسلق على حائط بيته ليراه مع أزواجه فبصر به (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو متطلع عليه فلما وقعت عيناه في عينيه كلح في وجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم نزل و كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا مشى مشى خلفه الحكم ثم تخلع في مشيته يحكيه (صلى الله عليه وآله وسلم) و كانت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التفاته إليه فقال له كن كما أنت فلا يقدر على المشي بعدها إلا مختلعا و كان يقف نصب عينيه فإذا تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بشي‏ء من الوحي أو شرع لأمته من الدين شيئا أو وعظهم و أنذرهم أو وعدهم أو رغبهم أو علمهم شيئا من الحكم لوى الحكم شدقيه في وجهه يحكيه و يعيب به فلما طال

[181]

ذلك منه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد كان يداري قومه من قبل بالصبر عليه نفاه إلى الطائف و أباح دمه متى وجد بالمدينة و مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و الحكم مطرود .

فلما ولي أبو بكر جاءه عثمان فسأله في رده فامتنع عليه و قال له قد مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و لم يأذن له في الرد فإني لا أرده .

فلما مات أبو بكر و ولي عمر الأمر ; جاءه عثمان ليسأله في رده .

فقال قد كنت سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك فلم يجبك .

و سألت أبا بكر فلم يجبك .

و لست أنا أجيبك إلى ما سألت ; فأمسك يا عثمان فإني لا أخالف صاحبي .

فلما ولي عثمان الأمر ; استدعاه من الطائف إلى المدينة و آواه و حباه و أعطاه و أقطعه المربد بمدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) .

فعظم ذلك على المسلمين و قالوا : آوى طريد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و حباه و أعطاه و صاروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فسألوه أن يكلمه في إخراجه عن المدينة و رده إلى حيث نفاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

فجاءه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال قد علمت يا عثمان أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نفى هذا الرجل عن المدينة و مات و لم يرده و أن صاحبيك سلكا سبيله في تبعيده و ابتغاء سنته في ذلك فقد عظم على المسلمين ما صنعت في رده و إيوائه فأخرجه عن المدينة و اسلك في ذلك سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

فقال : يا علي قد علمت مكان هذا الرجل مني و أنه عمي و قد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخرجه ليلا عنه لبلاغه ما لم يصح عليه و قد مضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لسبيله و رأى أبو بكر و عمر ما رأياه و أنا أرى أن أصل رحمي و أقضي حق عمي ; و ليس هو شر أهل الأرض و في الناس من هو شر منه .

[182]

فقال (عليه السلام) : و الله لئن أبقيته يا عثمان ليقولن الناس فيك شرا من هذا و شرا من هذا .

[183]

حرب الجمل