الدليل على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان مصيبا في حروبه كلها :

و من الدليل على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان مصيبا في حروبه كلها و أن مخالفيه في ذلك على ضلال ما تظاهرت به الروايات عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :

من قوله : حربك يا علي حربي و سلمك يا علي سلمي .

و قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا علي أنا حرب لمن حاربك و سلم لمن سالمك .

و هذان القولان مرويان من طريقي العامة و الخاصة و المنتسبة من أصحاب الحديث إلى السنة و المنتسبين منهم إلى الشيعة لم يعترض أحد من العلماء الطعن على سندهما و لا ادعى إنسان من أهل المعرفة بالآثار كذب رواتهما و ما كان هذا سبيله وجب تسليمه و العمل به إذ لو كان

[80]

باطلا لما خلت الأمة من عالم منها ينكره و يكذب رواته و لا سلم من طعن فيه و لعرف سبب تخرصه و افتعاله و لأقيم دليل الله سبحانه على بطلانه و في سلامة هذين الخبرين من جميع ما ذكرناه حجة واضحة على ثبوتهما حسبما بيناه.

و من ذلك : .

الرواية المستفيضة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال لأمير المؤمنين (عليه السلام) : تقاتل يا علي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله .

و قوله لسهيل بن عمر و من حضر معه لخطابه على رد من أسلم من مواليهم : لتنتهن يا معشر قريش أو ليبعث الله عليكم رجلا يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله فقال له بعض أصحابه من هو يا رسول الله ؟ هو فلان ؟

قال : لا .

قال : ففلان ؟

قال : لا ; و لكنه خاصف النعل في الحجرة .

فنظروا ; فإذا علي (عليه السلام) في الحجرة يخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

و من ذلك : .

قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) : تقاتل بعدي الناكثين و القاسطين و المارقين .

و القول في هذه الرواية كالأخبار التي تقدمت قد سلمت من طاعن في سندها بحجة و من قيام دليل على بطلان ثبوتها و سلم لروايتها الفريقان فدل على صحتها.

[81]

و من ذلك :

قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : علي مع الحق و الحق مع علي اللهم أدر الحق مع علي حيثما دار .

و هذا أيضا خبر قد رواه محدثو العامة و أثبتوه في الصحيح عندهم و لم يعترض أحدهم لتعليل سنده و لا أقدم منهم مقدم على تكذيب ناقله و ليس توجد حجة في العقل و لا السمع على فساده فوجب الاعتقاد بصحته و صوابه.

و من ذلك : .

قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله .

و هذا في الرواية أشهر من أن يحتاج معه إلى جمع السند له و هو أيضا مسلم عند نقلة الأخبار .

و قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) : قاتل الله من قاتلك و عادى من عاداك .

و الخبر بذلك مشهور و عند أهل الرواية معروف مذكور.

و من ذلك : .

قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : من آذى عليا فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله تعالى .

[82]

فحكم أن الأذى له (عليه السلام) أذى الله و الأذى لله جل اسمه هلاك مخرج عن الإيمان قال الله عز و جل إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً.

و أمثال ما أثبتناه من هذه الأخبار في معانيها الدالة على صواب أمير المؤمنين (عليه السلام) و خطإ مخالفيه كثيرة إن عملنا على إيراد جميعها طال به الكتاب و انتشر به الخطاب و فيما أثبتناه منه للحق كفاية للغرض الذي نأمله إن شاء الله تعالى .

[83]

حرب الجمل