تحريض المعارضين الناس على الخروج :

و روى عبد الله بن السائب قال : رأيت عبد الله بن أبي ربيعة على سرير في المسجد يحرض الناس على الخروج في طلب دم عثمان و يحمل من جاءه و كان يعلى بن منية التميمي حليف بني نوفل عاملا لعثمان على الجند فوافى الحج ذلك العام فلما بلغه قول ابن أبي ربيعة خرج من داره و قال أيها الناس من خرج بطلب دم عثمان فعلي جهازه و كان قد صحب ابن أبي ربيعة مال كثير فأنفقه في جهاز الناس إلى البصرة.

و روى الواقدي قال حدثني سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده قال : سمعت يعلى بن منية يقول و هو مشتمل بصنعانية هذه عشرة آلاف دينار و هي عين مالي أقوي بها من طلب بدم عثمان فجعل يعطي الناس و اشترى أربعمائة بعير فأناخها بالبطحاء و حمل عليها الرجال.

و لما اتصل بأمير المؤمنين (عليه السلام) خبر ابن أبي ربيعة و ابن منية و ما بذلاه من

[233]

المال في شقاقه و الفساد عليه قال و الله إن ظفرت بابن منية و ابن أبي ربيعة لأجعلن أموالهما في مال الله عز و جل ثم قال بلغني أن ابن منية بذل عشرة آلاف دينار في حربي من أين له عشرة آلاف دينار سرقها من اليمن ثم جاء بها لئن وجدته لآخذنه بما أقر به .

فلما كان يوم الجمل و انكشف الناس هرب يعلى بن منية.

و لما رأت عائشة اجتماع من اجتمع إليها بمكة على مخالفة أمير المؤمنين (عليه السلام) و المباينة له و الطاعة لها في حربه تأهبت للخروج و كانت في كل يوم تقيم مناديها ينادي بالتأهب للمسير و كان المنادي ينادي و يقول : من كان يريد المسير فليسر فإن أم المؤمنين سائرة إلى البصرة تطلب بدم عثمان بن عفان المظلوم.

و روى الواقدي عن أفلح بن سعيد عن يزيد بن زياد عن عبد الله بن أبي رافع عن أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت : كنت مقيمة بمكة تلك السنة حتى دخل المحرم فلم أدر إلا برسول طلحة و الزبير قد جاءني عنهما يقول إن طلحة و الزبير ابنيك يقولان إن أم المؤمنين عائشة تريد أن تخرج للطلب بدم عثمان فلو خرجت معنا رجونا أن يصلح الله بكما فتق هذه الأمة فأرسلت إليهما و الله ما بهذا أمرت و لا عائشة لقد أمرنا الله أن نقر في بيوتنا فكيف نخرج للقتال و الحرب مع أن أولياء عثمان غيرنا و الله ما يجوز لنا عفو و لا صلح و لا قصاص و ما ذاك إلا إلى ولد عثمان و أخرى نقاتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذا البلاء و العناء أولى الناس

[234]

بهذا الأمر و الله ما أنصفتما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نسائه حيث تخرجوهن إلى العراق و تتركون نساءكم في بيوتكم ثم أرسلت إلى عائشة فنهتها أشد النهي عن طلحة و الزبير في الخروج لقتال علي بن أبي طالب (عليه السلام) و ذكرتها أمورا تعرفها و قالت لها : أنشدك الله هل تعلمين أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لك :

اتقي الله و احذري أن تنبحك كلاب الحوأب .

فقالت : نعم ; و ردعتها بعض الردع , ثم رجعت إلى رأيها في المسير .

[235]

حرب الجمل