إنكار الخوارج و الأموية و العثمانية فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) :
فإن عارضوا بالخوارج و قالوا : هم يدفعون ما أثبتموه من الأخبار الدالة على عصمة أمير المؤمنين (عليه السلام) و ذكروا الأموية و ما يعرف من سلوكهم و ظاهر أمرهم في جحد ما رويناه و قالوا حكمكم في جحد أخبارنا كحكمهم في جحد أخباركم سواء و إلا فما الفصل بين الأمرين ؟
فإنه يقال لهم : الفصل بيننا و بين من عارضتم به من الخوارج في دفع النقل ظاهر لذوي الاعتبار و ذلك أن الخوارج ليسوا من أهل النقل و الرواية و لا يعرفون بحفظ الآثار و لا الاعتماد على الأخبار لإكفارهم الأمة جميعا و اتهام كل فريق منهم فيما يروونه و اعتمادهم لذلك على ظاهر القرآن و إنكارهم ما خرج عن الكتاب من جميع الفرائض و الأحكام و من كان هذا طريقه و دينه و سبيله في اعتقاده و مذهبه في النقل و الأخبار لم يعتن بخلافه فيها على حال.
فأما سبيل الأموية و طريق العثمانية : فسبب جحودهم لفضائل أمير المؤمنين
[86]
(عليه السلام) معروف ; و هو الحرص على دولتهم و العصبية لملوكهم و جبابرتهم و هم كالخوارج في سقوط الاعتراض بهم فيما طريقه النقل و بعده عن علمهم و نبوهم عن فهمه و إطراحهم للعمل به و قد انقرضوا مع ذلك بحمد الله و منه حتى لم يبق منهم أحد ينسب إلى فضل على حال و لا منهم من يذكر في جملة العلماء لخلافه في شيء من أحكام الملة فسقط الاعتراض بهم كسقوط الاعتراض بالمارقة فيما تعتمد فيه على الأخبار مع أن الخوارج متى تعاطت الطعن في أخبارنا التي أثبتناها في الحجة على عصمة أمير المؤمنين (عليه السلام) فإنما يقطعونها بالطعن على رواتها في دينها المخالف لما تدين به من إكفار علي بن أبي طالب (عليه السلام) و عثمان و طلحة و الزبير و عائشة ابنة أبي بكر و إكفار من تولى واحدا منهم أو اعتقد أنه من أهل الإسلام و ذلك طعن يعم جميع نقلة الدين من الملة فسقط لذلك قدحهم في الأخبار و ليس كذلك طعوننا في نقل ما تفردت به الناصبة في الحديث لأنا نطعن في رواته لكذبهم فيه و قيام الحجة على بطلان معانيه دون الطعن في عقائدهم و إن كانت عندنا فاسدة فوضح الفرق بيننا و بين من عارضنا من الخصوم برأيه في الأخبار على ما شرحناه .
[87]
باب آخر ; من القول في صواب أمير المؤمنين (عليه السلام)
في حروبه
و خطإ مخالفيه و ضلالهم عن الح
قد بينا أن الحكم على محاربي أمير المؤمنين (عليه السلام) بالضلال و القضاء له في حربه بالصواب إذا بني القول فيه على إمامته المنصوصة و عصمته الواجبة له بما قدمناه ثبت القطع على حقه في كل ما فعل و قال و إذا صحت الأخبار التي ذكرناها فيما قبل هذا المكان و مضمونها من حكم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على محاربيه بالفسق المخرج عن الإيمان لم يكن طريق إلى الشك في صوابه و خطإ مخالفيه على ما بيناه و فيما أسلفناه في ذلك مقنع لذوي الألباب و غنى لهم في الحجة على خصومهم فيما سواه و نحن نبين القول في ذلك أيضا بعد الذي تقدم في معناه على مذهب خصومنا في الإمامة و ثبوت البعد لهم من ذوي الرأي حسب اختلافهم في عدد يتم به العقد و اجتماعهم على ما اتفقوا عليه في هذا الباب ليعلم الناظر في كتابنا هذا قوة الحق و تمكن ناصريه من الاحتجاج له و الله الموفق للصواب .
[89]
حرب الجمل