اعتراض الناس على طلحة :
فلما فرغ من كلامه قام عظيم من عظماء عبد القيس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إنه قد كان وأل هذا الأمر و قوامه المهاجرين و الأنصار بالمدينة و لم يكن لأحد من أهل الأمصار أن ينقضوا ما أبرموا و لا يبرموا ما نقضوا فكانوا إذا رأوا رأيا كتبوا به إلى الأمصار فسمعوا لهم و أطاعوا و إن عائشة و طلحة و الزبير كانوا أشد الناس على عثمان حتى قتل و بايع الناس عليا و بايعه في جملتهم طلحة و الزبير فجاءنا نبأهما لبيعتهما له فبايعناه فلا و الله ما نخلع خليفتنا و لا ننقض بيعتنا فصاح عليه طلحة و الزبير و أمرا بقرض لحيته فنتفوها حتى لم يبق منها شيء.
و قام رجل من بني جشم فقال :
أيها الناس أنا فلان بن فلان فاعرفوني و إنما انتسب لهم ليعلموا أن له عشيرة تمنعه فلا يعجل عليه من لا يوافقه كلامه ثم قال أيها الناس إن هؤلاء القوم إن كانوا جاءوكم يطلبون بدم عثمان فو الله ما نحن قتلنا عثمان و إن كانوا جاءوكم خائفين فو الله ما جاءوا إلا من حيث يأمن الناس و الطير فلا تغتروا بهم و اسمعوا قولي و أطيعوا أمري و ردوا هؤلاء القوم إلى مكانهم الذي منه أقبلوا و أقيموا على بيعتكم لإمامكم و أطيعوا لأميركم .
فصاح عليه الناس من جوانب المسجد و قذفوه بالحصى.
ثم قام رجل آخر من متقدمي عبد القيس فقال :
أيها الناس أنصتوا أتكلم لكم .
فقال له عبد الله بن الزبير : ويلك ما لك و للكلام ؟
فقال : ما لي و له , أنا
[308]
و الله للكلام و به و فيه ; ثم حمد الله و أثنى عليه و ذكر النبي فصلى عليه و قال :
يا معاشر المهاجرين كنتم أول الناس إسلاما بعث الله محمدا نبيه بينكم فدعاكم فأسلمتم و أسلمنا لإسلامكم فكنتم فيه القادة و نحن لكم تبع ; ثم توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبايعتم رجلا منكم لم تستأذنونا في ذلك فسلمنا لكم ; ثم إن ذلك الرجل توفي و استخلف عمر بن الخطاب , فو الله ما استشارنا في ذلك فلما رضيتم رضينا و سلمنا ; ثم إن عمر جعلها شورى في ستة نفر فاخترتم منهم واحدا فسلمنا لكم و اتبعناكم , ثم إن الرجل أحدث أحداثا أنكرتموها فحصرتموه و خلعتموه و قتلتموه و ما استشرتمونا في ذلك ثم بايعتم علي بن أبي طالب و ما استشرتمونا في بيعته فرضينا و سلمنا و كنا لكم تبعا .
فو الله ما ندري بما ذا نقمتم عليه ؟ هل استأثر بمال ؟ أو حكم بغير ما أنزل الله ؟ أو أحدث حدثا منكرا ؟ فحدثونا به نكن معكم , فو الله ما نراكم إلا قد ضللتم بخلافكم له .
فقال له ابن الزبير : ما أنت و ذاك ؟ و أراد أهل البصرة أن يثبوا عليه فمنعتهم عشيرته .
[309]
حرب الجمل