تعبئة طلحة و الزبير للحرب :

و لما بلغ طلحة و الزبير أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كتب الكتائب و رتب العساكر و تيقنوا منه الجد و أيقنوا منه القصد و الحرب عملا على الاستعداد لها و كان أهل البصرة قد اختلفوا عليهما و قعد عنهما الأحنف في بني سعد و كانا يظنان أنه معهم فأخلف ظنهم و تأخر عنهما الأزد لقعود كعب بن سور القاضي عنهما و كان سيد الأزد و أهل اليمن بالبصرة فأنفذا إليه رسولهما يسألانه النصرة لهما و القتال معهما فأبى عليهما و قال أنا أعتزل الفريقين فقالا إن قعد عنا كعب خذلنا الأزد بأسرها و لا غنى لنا عنه فصارا إليه و استأذنا عليه فلم يأذن لهما و حجبهما فصارا إلى عائشة فخبراها خبره و سألاها أن تسير إليه فأبت و راسلته تدعوه إلى الحضور عندها فاستعفاها من ذلك.

فقال طلحة و الزبير يا أم إن قعد كعب قعدت عنا الأزد كلها و هي حي البصرة فاركبي إليه فإنك إن فعلت لم يخالفك و انقاد لرأيك .

فركبت بغلا و أحاط بها نفر من أهل البصرة و صارت إلى كعب بن سور فاستأذنت عليه فأذن و رحب بها , فقالت : يا بني أرسلت إليك لتنصر الله عز و جل فما الذي أخرك عني ؟

فقال : يا أماه لا حاجة لي في خوض هذه الفتنة .

فقالت : يا بني اخرج معي و خذ بخطام جملي فإني أرجو أن يقربك إلى الجنة و استعبرت باكية فرق لها كعب بن سور

[323]

و أجابها , و علق المصحف في عنقه و خرج معها .

فلما خرج و المصحف في عنقه ; قال غلام من بني وهب و قد كان عرف امتناعه و تأبيه من خوض هذه الفتنة :

يا كعب رأيك هذا الجميل *** أمثل من رأيك الخاطل

‏أتاك الزبير يريد الأمور *** و طلحة بالنفل الشاكل

‏ليستدرجاك بما زخرفا *** و أمك تهوي إلى نازل‏

و قد كانت الأم معصومة *** فأضحت فرائس للآكل

‏تخط بها الأرض من حولها *** ترد الجواب على السائل

‏فألقيتها بين حي السباع *** و عرضتها للشجى الثاكل

‏بحرب علي و أصحابه *** فقد أزم الدهر بالكاهل

‏فأبديت للقوم ما في الضمير *** و قلت لهم قوله الخاذل

‏فأخطاهما منك ما أملاه *** و قد أخلفا أمل الآمل‏

و ما لك في مضر نسبة *** و ما لك في الحي من وائل

‏فلا تجزعن على هالك *** من القوم حاف و لا ناعل

و لما نهض كعب بن سور مع عائشة في الأزد اجتمع رأي طلحة و الزبير على

[324]

تكتب الكتائب و استقر الأمر منهما على أن الزبير أمير العسكر خاصة و مدبره.

و طلحة في القلب.

و اللواء مع عبد الله بن حكيم بن حزام بن خويلد.

و كعب بن سور مع الأزد.

و على خيل الميمنة مروان بن الحكم.

و على رجالتها عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد.

و على خيل الميسرة و هم بنو تميم و سائر قبائل قضاعة و هوازن هلال بن وكيع الدارمي.

و على رجالتها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام و قد ضم إليه الحباب بن يزيد.

و على خيل قيس عيلان مجاشع بن مسعود.

و على رجالتهم جابر بن النعمان الباهلي.

و على خيل الرباب عمرو بن يثربي.

و على رجالتهم خرشة بن عمرو الضبي.

و على من انحاز إليهم من قريش و ثقيف عبد الله بن عامر بن كريز.

و على أفناء أهل المدينة عبد الله بن خلف الخزاعي.

[325]

و على رجالة مذحج الربيع بن زياد الحارثي.

و على رجالة قضاعة عبد الله بن جابر الراسبي.

و على من انحاز إليهم من ربيعة مالك بن مسمع.

و لما تقرر أمر الكتائب في الفريقين فخر كل فريق بقومه و قام خطباؤهم بالتحريض على القتال .

[326]

حرب الجمل