خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام) :

و بلغ أمير المؤمنين (عليه السلام) لغط القوم و اجتماعهم على حربه فقام في الناس خطيبا فحمد الله و أثنى عليه و ذكر النبي فصلى عليه ثم قال :

أيها الناس إن طلحة و الزبير قدما البصرة و قد اجتمع أهلها على طاعة الله و بيعتي فدعواهم إلى معصية الله و خلافي فمن أطاعهما منهم فتنوه و من عصاهما قتلوه و قد كان من قتلهما حكيم بن جبله ما بلغكم و قتلهم السبابجة و فعالهما بعثمان بن حنيف ما لم يخف عليكم و قد كشفوا الآن القناع و آذنوا بالحرب و قام طلحة بالشتم و القدح في أديانكم و قد أرعد و صاحبه و أبرقا و هذان امرءان معهما الفشل و لسنا نريد منكم أن تلقوا بطون ما في نفوسكم عليهم و لا تروا ما في أنفسكم لنا و لسنا نرعد حتى نوقع و لا نسيل حتى نمطر و قد خرجوا من هدى إلى ضلال دعوناهم إلى الرضا و دعونا إلى السخط فحل لنا و لكم ردهم إلى الحق و القتال و حل لهم بقصاصهم القتل و قد و الله مشوا إليكم ضرارا و أذاقوكم أمس من الجمر فإذا لقيتم القوم غدا فاغدوا في الدعاء و أحسنوا في التقية و استعينوا بالله و اصبروا إن الله مع الصابرين .

[332]

فقام إليه حبيب بن يساف حتى وقف بين يديه و قال :

أبا حسن أيقظت من كان نائما *** و ما كل من يدعى إلى الحق يسمع‏

و ما كل من يعطى الرضا يقبل الرضا *** و ما كل من أعطيته الحق يقنع

‏و أنت امرؤ أعطيت من كل وجهه *** محاسنها و الله يعطي و يمنع‏

و ما منك بالأمر المؤلم غلظة *** و ما فيك للمرء المخالف مطمع

‏و إن رجالا بايعوك و خالفوا هداك *** و أجروا في الضلال فضيعوا

لأهل لتجريد الصوارم فيهم *** و سمر العوالي و القنا تتزعزع

‏فإني لأرجو أن تدور عليهم *** رحى الموت حتى يسكنوا و يصرعوا

و طلحة فيها و الزبير قرينه *** و ليس لما لا يدفع الله مدفع

‏فإن يمضيا فالحرب أضيق حلقة *** و إن يرجعا عن تلك فالسلم أوسع

‏و ما بايعوه كارهين لبيعة *** و ما بسطت منهم على الكره إصبع

‏و لا بطيا عنها فراقا و لا *** بدا لهم أحد بعد الذين تجمعوا

على نقضها ممن له شد عقدها *** فقصراهما منه مصانع أربع

‏خروج بأم المؤمنين و غدرهم *** و عتب على من كان في القلب أشجع

[333]

و ذكرهم قتل ابن عفان خدعة *** و هم قتلوه و المخادع أخدع

‏فعود علي نبعة هاشمية *** و عودهما فيما هما فيه خروع

[334]

حرب الجمل