إعذار أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحاب الجمل :

قال ثم إن أمير المؤمنين (عليه السلام) رحل بالناس إلى القوم غداة الخميس لعشر مضين من جمادى الأولى و على ميمنته الأشتر و على ميسرته عمار بن ياسر و أعطى الراية محمد بن الحنفية ابنه .

و سار حتى وقف موقفا ثم نادى في الناس لا تعجلوا حتى أعذر إلى القوم و دعا عبد الله بن العباس رضي الله عنه فأعطاه المصحف و قال امض بهذا المصحف إلى طلحة و الزبير و عائشة و ادعهم إلى ما فيه و قل لطلحة و الزبير أ لم تبايعاني مختارين فما الذي دعاكما إلى نكث بيعتي و هذا كتاب الله بيني و بينكما .

قال عبد الله بن العباس : فبدأت بالزبير و كان عندي أبقاهما علينا و كلمته في الرجوع و قلت له إن أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لك أ لم تبايعني طائعا فلم تستحل قتالي و هذا المصحف و ما فيه بيني و بينك فإن شئت تحاكمنا إليه ؟

فقال : ارجع إلى صاحبك فإنا بايعنا كارهين و ما لي حاجة في محاكمته .

فانصرفت عنه إلى طلحة و الناس يشتدون و المصحف في يدي فوجدته قد لبس الدرع و هو محتب

[337]

بحمائل سيفه و دابته واقفة , فقلت له : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لك ; ما حملك على الخروج و بما استحللت نقض بيعتي و العهد عليك ؟

فقال : خرجت أطلب بدم عثمان ; أ يظن ابن عمك أنه قد حوى على الأمر حين حوى على الكوفة و قد و الله كتبت إلى المدينة تؤخذ لي البيعة بمكة .

فقلت له : اتق الله يا طلحة فإنه ليس لك أن تطلب بدم عثمان و ولده أولى بدمه منك ; هذا أبان بن عثمان ما ينهض في طلب دم أبيه .

قال طلحة : نحن أقوى على ذلك منه , قتله ابن عمك و ابتز أمرنا .

فقلت له : أذكرك الله في المسلمين و في دمائهم و هذا المصحف بيننا و بينكم و الله ما أنصفتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ حبستم نساءكم في بيوتكم و أخرجتم حبيسة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

فأعرض عني , و نادى بأصحابه : ناجزوا القوم فإنكم لا تقومون بحجاج ابن أبي طالب .

فقلت : يا أبا محمد ; أ بالسيف تخوف ابن أبي طالب أم و الله ليعاجلنك للسيف .

فقال : ذلك بيننا و بينكم.

قال : فانصرفت عنهما إلى عائشة و هي في هودج مدفف على جملها عسكر

[338]

و كعب بن سور القاضي آخذ بخطامه و حولها الأزد و ضبة فلما رأتني , قالت : ما الذي جاء بك يا ابن عباس ؟ و الله لا سمعت منك شيئا ارجع إلى صاحبك و قل له ما بيننا و بينك إلا السيف .

و صاح من حولها : ارجع يا ابن عباس لا يسفك دمك .

[339]

حرب الجمل