تكرار الإعذار :
فرجعت إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبرته الخبر و قلت ما تنتظر و الله ما يعطيك القوم إلا السيف , فاحمل عليهم قبل أن يحملوا عليك .
فقال : نستظهر بالله عليهم .
قال ابن عباس : فو الله ما رمت من مكاني حتى طلع علي نشابهم كأنه جراد منتشر .
فقلت : أ ما ترى يا أمير المؤمنين إلى ما يصنع القوم ؟ مرنا ندفعهم .
فقال : حتى أعذر إليهم ثانية .
ثم قال : من يأخذ هذا المصحف فيدعوهم إليه و هو مقتول ; و أنا ضامن له على الله الجنة ؟
فلم يقم أحد إلا غلام عليه قباء أبيض حدث السن من عبد القيس يقال له مسلم , كأني أراه ; فقال : أنا أعرضه يا أمير المؤمنين عليهم , و قد احتسبت نفسي عند الله تعالى .
فأعرض عنه إشفاقا عليه , و نادى ثانية : من يأخذ هذا المصحف و يعرضه على القوم و ليعلم أنه مقتول و له الجنة ؟
فقام مسلم بعينه و قال أنا أعرضه .
فأعرض , و نادى ثالثة , فلم يقم غير الفتى .
فدفع إليه المصحف و قال امض إليهم و أعرضه عليهم و ادعهم إلى ما فيه .
فأقبل الغلام حتى وقف بإزاء الصفوف و نشر المصحف , و قال : هذا كتاب الله عز و جل و أمير المؤمنين (عليه السلام) يدعوكم إلى ما فيه .
فقالت عائشة : اشجروه بالرماح قبحه الله .
فتبادروا إليه بالرماح فطعنوه من كل جانب ; و كانت أمه حاضرة فصاحت و طرحت نفسها عليه و جرته من موضعه و لحقها جماعة من
[340]
عسكر أمير المؤمنين (عليه السلام) أعانوها على حمله حتى طرحوه بين يدي أمير المؤمنين (عليه السلام) و أمه تبكي و تندبه و تقول :
يا رب إن مسلما دعاهم *** يتلو كتاب الله لا يخشاهم
فخضبوا من دمه قناهم *** و أمهم قائمة تراهم
تأمرهم بالقتل لا تنهاهم
[341]
حرب الجمل