الفصل 18: فى أن عليا عليه السلام قسيم النار و الجنة

1ـعن علي عليه السلام،أنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«إنك قسيم النار،و إنك تقرع باب الجنة و تدخلها بغير حساب (1) ».

2ـعن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«يا علي!إنك قسيم الجنة و النار،و إنك تنقر باب الجنة فتدخلها بلا حساب (2) ».

3ـعن الأعمش،عن موسى بن طريف،عن عباية،عن علي عليه السلام قال:«أنا قسيم النار يوم القيامة،أقول :خذي هذا،و ذري ذا (3) ».

4ـعن أبي الصلت الهروي،قال:قال المأمون لعلي بن موسى الرضا عليهما السلام:«أخبرني عن جدك أمير المؤمنين بأي وجه هو قسيم الجنة و النار؟فقال له الرضا عليه السلام:ألم تر و عن آبائك،عن عبد الله بن عباس أنه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول :«حب علي إيمان،و بغضه كفر»؟فقال:بلي،فقال الرضا عليه السلام:فلما كانت الجنة للمؤمن،و النار للكافر،فقسمة الجنة و النار إذا كان على حبه و بغضه فهو قسيم الجنة و النار.فقال المأمون:لا أبقاني الله بعدك إنك وارث جدك.

قال أبو الصلت:لما انصرف الرضا عليه السلام إلى منزله،قلت له:جعلت فداك،ما أحسن ما أجبت به!فقال عليه السلام:يا أبا الصلت!إنما كلمته من حيث هو،و لقد سمعت أبي يحدث عن آبائه،عن على عليهم السلام أنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:يا علي!أنت قسيم الجنة و النار يوم القيامة،تقول للنار:هذا لي،و هذا لك (4) ».

5ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«يا أبا برزة!إن رب العالمين عهد إلى عهدا إلى عهدا في علي بن أبي طالب عليه السلام فقال:إنه راية الهدى،و منار الإيمان،و نور جميع من أطاعني،و إمام أوليائي.يا أبا برزة!علي بن أبي طالب أميني غدا في القيامة،و صاحب رايتي في القيامة على مفاتيح خزائن رحمة ربي (5) ».

6ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام:«إذا كان يوم القيامة يؤتى بك،يا علي!بسرير من نور،و على رأسك تاج قد أضاء نوره و كاد يخطف أبصار أهل الموقف فيأتي النداء من عند الله عز و جل:أين وصي محمد رسول الله؟فتقول:ها أنا ذا،فينادي المنادي :أدخل من أحبك الجنة،و أدخل من عاداك في النار.فأنت قسيم الجنة و النار (6) ».

7ـعن أبي بصير،عن الباقر عليه السلام،عن أبيه،عن جده،عن أمير المؤمنينـصلوات الله عليهم أجمعينـقال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«كيف بك يا علي إذا وقفت على شفير جهنم،و قد مد الصراط،و قلت للناس:جوزوا،و قلت لجهنم:هذا لي،و هذا لك (7) ».

8ـعن جعفر الصادق،عن آبائه،عن علي عليه السلام،عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم،قال :«إذا جمع الناس في صعيد واحد كنت أنا و أنت،يا علي،يومئذ عن يمين العرش،ثم يقول

ربنا لي و لك:ألقيا في جهنم و من أبغضكما و كذبكما (8) ».

قال صاحب الينابيع:و مما ينسب إلى الإمام الشافعي:

علي حبه جنة 
قسيم النار و الجنة

وصي المصطفى حقا 
إمام الإنس و الجنة (9)

9ـعن شريك بن عبد الله قال:كنت عند الأعمش و هو عليل،فدخل عليه أبو حنيفه و ابن شبرمة و ابن أبي ليلى،فقالوا له:يا أبا محمد!إنك في آخر يوم من أيام الدنيا،و أول يوم من أيام الآخرة،و قد كنت تحدث في علي بن أبي طالب بأحاديث،فتب إلى الله منها.فقال:أسندوني أسندوني،فأسند،فقال :حدثنا أبو المتوكل الناجي،عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«إذ كان يوم القيامة،يقول الله تعالى لي و لعلي:ألقيا في النار من أبغضكما،و أدخلا الجنة من أحبكما،فذلك قوله تعالى:/ألقيا في جهنم كل كفار عنيد/ (10) .فقال أبو حنيفة للقوم:قوموا(بنا)،لا يجي‏ء بشي‏ء أشد من هذا (11) ».

10ـعن أبي سعيد الخدريـفي حديث طويلـ،عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم،قال:إذا سألتم الله عز و جل فاسألوه لى الوسيلةـإلى أن قال:ـفبينما أنا كذلك إذا ملكان قد أقبلا علي،أما أحدهما فرضوان خازن الجنة،و أما الآخر فمالك خازن النار،فيدنو رضوان فيقول:السلام عليك يا أحمد،فأقول:السلام عليك يا ملك من أنت؟فما أحسن وجهك و أطيب ريحك!فيقول:أنا رضوان خازن الجنة،و هذه مفاتيح الجنة،بعث بها إليك رب العزة،فخذها يا أحمد فأقول:قد قبلت ذلك من

ربي،فله الحمد على ما فضلني به،ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.

ثم يرجع رضوان،فيدنو مالك،فيقول:السلام عليك يا أحمد،فأقول:السلام عليك أيها الملك،من أنت؟ما أقبح وجهك و أنكر رؤيتك!فيقول:أنا مالك خازن النار،و هذه مقاليد النار،بعث بها إليك رب العزة،فخذها يا أحمد.فأقول:قد قبلت ذلك من ربي،فله الحمد على ما فضلني به،ادفعها إلى أخي علي بن أبي طالب عليه السلام.

ثم يرجع مالك،فيقبل علي و معه مفاتيح الجنة و مقاليد النار،حتى يقف على عجرة جهنم،و قد تطاير شرارها،و علا زفيرها،و اشتد حرها،و علي آخذ بزمانها،فتقول له جهنم:جزني يا علي فقد أطفأ نورك لهبي،فيقول لها علي عليه السلام:قري يا جهنم،خذي هذا،و اتركى هذا،خذي هذا عدوي،و اتركي هذا وليي.

ثم قال صلى الله عليه و آله و سلم:فلجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه،فإن شاء يذهبها يمنة،و إن شاء يذهبها يسرة،و لجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق (12) ».

يا أخي العزيز!بعد ما رأينا بعض الأخبار الواردة في هذا الباب،جدير بنا أن نعلم ما معنى«إن عليا عليه السلام قسيم النار و الجنة»؟أهو ما فسره بعض علماء الحديث من العامة كأحمد بن حنبل على ما في«كفاية الطالب»و بعض أئمة اللغة و العربية كابن المنظور في«اللسان»،و إبن الأثير في«النهاية»،أو له معنى ألطف و أدق مما فهمه هؤلاء؟و الثاني هو الحق كما يتضح لك إن شاء الله تعالى.

أما ما فسره أحمد بن حنبل،و بعض أئمة اللغة كذلك:فقال الحافظ الكنجي الشافعي في«كفاية الطالب»:قال محمد بن المنظور الطوسي:«كنا عند أحمد بن حنبل،فقال له رجل:يا أبا عبد الله !ما تقول في هذا الحديث الذي يروى:أن عليا

قال:«أنا قسيم النار و الجنة»؟قال أحمد:ما تنكرون من هذا الحديث؟أليس روينا أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال لعلي:«لا يحبك إلا مؤمن،و لا يبغضك إلا منافق»؟قلنا:بلى،قال :فأين المؤمن؟قلنا في الجنة،قال:فأين المنافق؟قلنا في النار،قال:فعلي قسيم النار و الجنة (13) .

و قال ابن المنظور في«اللسان»في مادة قسم:في حديث علي:«أنا قسيم النار»قال القتيبي:أراد أن الناس فريقان:فريق معي و هم في الهدى،و فريق علي و هم على ضلال كالخوارج،فأنا قسيم النار،نصف في الجنة معي،و نصف في النار.و قسيم فعيل في معنى مقاسم،كالسمير و الجليس (14) .

و قال إبن الأثير في«النهاية»مثله مع تقديم و تأخير.

أقول:قال هؤلاء:لما كان موالوه عليه السلام من أهل الجنة،و مبغضوه من أهل النار،كأنه عليه السلام بهذا الاعتبار قسيم النار و الجنة،و هذا المعنى لا يطابق الأخبار الواردة فيه عليه السلام،بل يستفاد من أكثر الأخبار أنه عليه السلام بنفسه الشريفة قسيمها لا باعتبار الموالين و المعادين،هلم معي أيها المنصف القارى‏ء أن ننظر الأخبار مرة اخرى،و نمعن النظر فيها،ثم اجعل نفسك قاضيا.فعن النبي صلى الله عليه و آله و سلمـكما نقلناه مفصلاـ:«و إنك تقرع باب الجنة،و تدخلها بغير حساب»و«و إنك تنقر باب الجنة و تدخلها بغير حساب»،و«علي أميني على مفاتيح رحمة ربي»،و«ألقيا في جهنم من أبغضكما و كذبكما»،و«إن جهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي من غلام أحدكم لصاحبه»،و«و اتركي هذا و خذي هذا»،«و إن شاء يذهب جهنم يمنة،و إن شاء يذهبها يسرة»،و«و لجهنم يومئذ أشد مطاوعة لعلي فيما يأمرها به من جميع الخلائق»،و«علي آخذ بزمانها»،و«يقبل علي و معه مفاتيح الجنة و مقاليد النار»،و«يا علي،قلت للناس:جوزوا،و قلت لجهنم:هذا لي،و هذا لك».

تعليقات:

1ـالمناقب لإبن المغازلي،ص 67،و فرائد السمطين،ج 1:ص .325

2ـالمناقب،للخوارزمي،ص .209

3ـكفاية الطالب،ص .71

4ـينابيع المودة،ص .85

5ـحلية الاولياء،ج 1:ص 66،و تاريخ بغداد،ج 12:ص .99

6ـينابيع المودة،صص 83 و 85 و .86

7ـالمصدر.

8ـينابيع المودة،صص 83 و 85 و .86

9ـالمصدر.

10ـق: .24

11ـشواهد التنزيل،ج 2:ص .189

12ـفرائد السمطين،ج 1:ص .106

13ـكفاية الطالب،ص .71

14ـلسان العرب،ج 12،ص .478