الفصل 23: في ما ورد بأن المخالف الناصب لعلي عليه السلام كافر

1ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر،و قد حارب الله و رسوله،و من شك في علي فهو كافر (1) ».

2ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«علي بن أبي طالب باب حطة،من دخل منه كان مؤمنا،و من خرج عنه كان كافرا (2) ».

3ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«علي بن أبي طالب باب الدين،من دخل فيه كان مؤمنا،و من خرج عنه كان كافرا (3) ».

4ـعن أبي وائل،عن حذيفة قال:قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم لعلي عليه السلام:«جعلنا علما فيما بيني و بين امتي،فمن لم يتبعك فقد كفر (4) ».

5ـعن جابر،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«من لم يقل علي خير الناس فقد كفر (5) ».

6ـعن عبد الله بن العباس،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«من لم يقل علي خير الناس فقد كفر (6) »

7ـعن حذيفة بن اليمان،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«علي خير البشر،فمن أبى فقد كفر (7) ».

8ـعن شريك بن عبد الله،يقول:«علي خير البشر،فمن أبى فقد كفر (8) ».

9ـعن محمد بن منكدر،عن جابر،قال:قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«علي خير البشر،فمن أبى فقد كفر (9) ».

10ـعن عطية العوفي،قال:«دخلنا على جابر بن عبد الله الأنصاري،و قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر،فقلنا:أخبرنا عن علي،فقال:ذاك من خير البشر (10) ».

11ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«يا حذيفة إن حجة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب،الكفر به كفر بالله،و الشرك به شرك بالله،و الشك فيه شك في الله،و الإلحاد فيه إلحاد في الله،و الإنكار له إنكار لله (11) ».

12ـعن النبي صلى الله عليه و آله و سلم:«من أنكر إمامة علي بعدي كمن أنكر نبوتي في حياتى،و من أنكر نبوتي كان كمن أنكر ربوبية ربي عز و جل (12) ».

13ـعن ام سلمة رضي الله عنها قالت:لاحدثنك(يعنى للحسن البصري)بحديث سمعته اذناي من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و إلا فصمتا،و رأته عيناي و إلا فعميتا،و وعاه قلبي و إلا فطبع الله عليه،و أخرس لساني إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام:«يا علي،ما من عبد لقي الله يوم يلقاه جاحدا لولايتك‏إلا لقى الله بعبادة صنم أو وثن (13) ».

14ـقال الصادق عليه السلام:«لا يرد على علي بن أبي طالب عليه السلام أحد ما قال فيه النبي صلى الله عليه و آله و سلم إلا كافر (14) ».

15ـقال الصادق عليه السلام:«الإمام علم فيما بين الله عز و جل و بين خلقه،فمن عرفه كان مؤمنا،و من أنكره كان كافرا (15) ».

16ـعن محمد بن جعفر،عن أبيه عليه السلام،قال:«علي عليه السلام باب هدى،من خالفه كان كافرا،و من أنكره دخل النار (16) ».

17ـعن أبي عبد الله عليه السلام:«منا الإمام المفروض طاعته،من جحده مات يهوديا،أو نصرانيا (17) ».

18ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«من مات و لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية (18) ».

19ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«الأئمة بعدي اثنا عشر،أولهم علي بن أبي طالب،و آخرهم القائمـإلى أن قال:ـالمقر بهم مؤمن،و المنكر لهم كافر (19) ».

20ـعن عبد الرحمنـيعني ابن كثيرـقال:«حججت مع أبي عبد الله عليه السلام فلما صرنا في بعض الطريق صعد على جبل فأشرف فنظر إلى الناس فقال:ما أكثر الضجيج و أقل الحجيج!فقال له داود الرقي:يا ابن رسول الله،هل يستجيب الله دعاء هذا الجمع الذي أرى؟قال:ويحك،يا أبا سليمان،إن الله لا يغفر أن يشرك به،

الجاحد لعلي عليه السلام كعابد الوثن (20) ».

21ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«و الذي بعثني بالحق نبيا إن النار لأشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا (21) ».

22ـقال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«التاركون ولاية علي عليه السلام المنكرون لفضله المظاهرون أعداءه خارجون عن الأسلام من مات منهم على ذلك (22) ».

23ـعن أبي بصير،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«أعداء علي عليه السلام هم المخلدون في النار (23) ».

24ـعن منصور بن حازم،قال:«قلت لأبي عبد الله عليه السلام:«و ما هم بخارجين من النار قال:أعداء علي هم المخلدون في النار أبد الآبدين و دهر الداهرين (24) ».

25ـعن أبي حمزه الثمالي،أنه سأل علي بن الحسين عليهما السلام عنهما،فقال:«كافران،كافر من تولاهما (25) ».

26ـعن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام،قال:«كنت معه عليه السلام في بعض خلواته فقلت :إن لي عليك حقا ألا تخبرني عن هذين الرجلين؟فقال:كافران،كافر من أحبهما (26) ».

27ـعن الصادق عليه السلام:«من شك في كفر أعدائنا و الظالمين لنا فهو كافر (27) ».

أقول:أخي العزيز!إن من أمعن النظر في هذه الأخبار و تأمل فيها يقطع بأن المخالفين لولاية أمير المؤمنين عليه السلام لمعزولون عن الإسلام و إن أقروا بالشهادتين،لإنك لاحظت:من ناصب عليا الخلافة فهو كافر،و من شك في علي فهو كافر،و أنه عليه السلام باب حطة،من دخل منه كان مؤمنا،و من خرج عنه كان كافرا،و أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم جعله علما بينه و بين امته،فمن لم يتبعه كان كافرا،و أن الكفر به كفر بما أنزل الله كيف لا و قد قال في كتابه/و الذين كفروا فتعسا لهم و أضل أعمالهم*ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم (28) /فالشك فيه شك بالله،و الإلحاد به إلحاد بالله،و أنه من أنكر إمامة علي كمن أنكر رسالة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم،و أنه من جاحد ولايته لقي الله يوم القيامة كعابد صنم أو وثن،و أنه لا يرد أحد على علي عليه السلام ما قال فيه النبي صلى الله عليه و آله و سلم إلا كافر،و أنه علم بين الله و بين خلقه،من عرفه كان مؤمنا،و من أنكره كان كافرا،و أنه من خالفه كان كافرا،و من أنكره دخل النار،و أنه الإمام المفروض طاعته،من جحده مات يهوديا أو نصرانيا،و أنه من لم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية.

ثم أيها القارى‏ء المنصف!لما أحطت بهذه الأخبار التي هي غيض من فيض و قليل من كثير فلازم لك أن تعلم أن جمعا من علماء الإمامية حكموا بكفر المخالفين لولاية أمير المؤمنين و الأئمة المعصومينـعليهم السلامـ،لكن الأكثر منهم قالوا:إنهم كافرون في الباطن و نفس الأمر،و مسلمون في الظاهر امتيازا للشهادتين و عناية و تخفيفا للمؤمنين لمسيس الحاجة إلى معاشرتهم و مخالطتهم في الأماكن المشرفة،كالكعبة المعظمة و المدينة المنورة،و إن كانوا يوم القيامة أشد عقابا من الكفار و المشركين.و ها نحن نذكرـإن شاء الله تعالىـكلام بعض فقهاء الإماميةـرضوان الله عليهم أجمعينـمع حديث عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حتى يتضح لك المقصود عن ابن عباس،قال:«كنت عند النبي صلى الله عليه و آله و سلم إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام غضبان،فقال له النبي صلى الله عليه و آله و سلم :ما أغضبك؟قال:آذوني فيك بنو عمك.فقام رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم مغضبا فقال :يا أيها الناس!من آذى عليا فقد آذاني،إن عليا أولكم إيمانا،و أوفاكم بعهد الله.يا أيها الناس!من آذى عليا بعث يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا.قال جابر بن عبد الله الأنصاري :و إن شهد أن لا إله إلا الله،و أنك محمد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم؟فقال:يا جابر!كلمة يحتجزون بها أن تسفك دماؤهم،و أن لا تستباح أموالهم،و أن لا يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون (29) ».

تذييل:

1ـقال شمس الفقاهة و الدين،الشهيد الثانيـرفع الله درجتهـ:«قد عرفت مما تقدم أن التصديق بإمامة الأئمة عليه السلام من اصول الإيمان عند الطائفة من الأمامية كما هو معلوم من مذهبهم ضرورة،و صرح بنقله المحقق الطوسي رحمه الله عنهم فيما تقدم.و لا ريب أن الشي‏ء يعدم بعدم أصله الذي هو جزؤه كما نحن فيه،فيلزم الحكم بكفر من لم يتحقق له التصديق المذكور كافر و إن أقر بالشهادتين و أنه مناف أيضا للحكم بالسلام من لم يصدق بامامة الائمة الاثنى عشر عليهم السلام و أما الجواب فبالمنع من المنافاة بين الحكمين،و ذلك لأنا نحكم بأن من لم يتحقق له التصديق المذكور في نفس الأمر،و الحكم بإسلامه إنما هو الظاهر،فموضوع الحكمين مختلف فلا منافاة،ثم قال:المراد بالحكم بإسلامه ظاهرا صحة ترتب كثير من الأحكام الشرعية على ذلك.و الحاصل،أن الشارع جعل الإقرار بالشهادتين علامة على صحة إجراء أكثر الأحكام الشرعية على المقر كحل مناكحته،و الحكم بطهارته و حقن دمه و ماله و غير ذلك من الأحكام المذكورة في كتب الفروع،و كأن الحكمة في ذلك هو التخفيف عن المؤمنين (30) ».

2ـعن شيخ الفقهاء و المحققين،الشيخ محمد حسن النجفي،صاحب الجواهر رحمه الله:«فلعل ما ورد في الأخبار الكثيرة من تكفير منكر علي عليه السلام لأنه العلم الذي نصبه الله بينه و بين عباده،و أنه باب من أبواب الجنة،من دخله كان مؤمنا،و من خرج منه كان كافرا،و تكفير منكر مطلق الإمام،و أن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية،محمول على إرادة الكافر في مقابل المؤمنـإلى أن قال:ـنعم،هو بالمعنى المزبور أخبث باطنا منه بغيره،بل أشد عقابا كما يشير إليه قول الصادق عليه السلام:«أهل الشام شر من أهل الروم،و أهل المدينة شر من أهل مكة،و أهل مكة يكفرون بالله جهرة،و أهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفا (31) ».

3ـعن الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه الله:«و الحاصل،أن ثبوت الكفر لهم مما لا إشكال فيه ظاهرا كما عرفت من الأصحاب،و يدل عليه أخبار متواترة نذكر بعضها تيمنا و تشريفا للكتاب .ففي رواية أبي حمزة قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«إن عليا باب فتحه الله،من دخله كان مؤمنا،و من خرج منه كان كافرا».و رواية أبي بصير،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال :قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم:«طاعة علي ذل،و معصية كفر بالله.قيل:يا رسول الله!كيف كان طاعة علي ذلا،و معصية كفرا؟قال صلى الله عليه و آله و سلم:علي يحملكم على الحق،فإن أطعتموه ذللتم،و إن عصيتموه كفرتم بالله عز و جل».و في رواية إبراهيم بن أبي بكر قال:سمعت أبا الحسن موسي عليه السلام يقول:«إن عليا عليه السلام باب من أبواب الهدى،فمن دخل في باب علي كان مؤمنا،و من خرج منه كان كافرا».و رواية الفضيل بن يسار،قال:سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:«إن الله نصب عليا علما لله بين خلقه،فمن عرفه كان مؤمنا،و من أنكره كان كافرا».

و في رواية إبراهيم بن بكر عن أبي إبراهيم عليه السلام:«إن عليا باب من أبواب الجنة،فمن دخل بابه كان مؤمنا،و من خرج من بابه كان كافرا».و عن«المحاسن»بسنده إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال لحذيفة:«يا حذيفة!إن حجة الله بعدي عليك علي بن أبي طالب،الكفر به كفر بالله،و الشرك به شرك بالله،و الشك فيه شك في الله،و الإلحاد فيه إلحاد في الله،و الإنكار له إنكار لله،و الإيمان به إيمان بالله،لأنه أخو رسول الله و وصيه و إمام امته و مولاهم،و هو حبل الله المتينـالحديث»إلى غير ذلك مما لا يطيق مثلي الإحاطة بعشر معاشره و لا بقطرة من بحاره (32) ».

4ـقال العلامة المجلسي رحمه الله:«و يظهر من بعض الأخبار،بل من كثير منها أنهم في الدنياـأيضاـفي حكم الكفار،لكن لما علم الله أن أئمة الجور و أتباعهم يستولون على الشيعة و هم يبتلون بمعاشرتهم و لا يمكنهم الإجتناب عنهم و ترك معاشرتهم و مخالطتهم و مناكحتهم أجرى الله عليهم حكم الأسلام توسعة،فإذا ظهر القائم عليه السلام يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الأمور،و في الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبدا مع الكفار.و به يجمع بين الأخبار كما أشار إليه المفيد و الشهيد الثانيـقدس الله روحهماـ (33) ».

5ـعن معلم الامة،الشيخ المفيد رحمه الله في«المقنعة» (34) :«و لا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية و لا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية،فيغسله تغسيل أهل الخلاف،و لا يترك معه جريدة،فإذا صلى عليه لعنه في صلاته».

6ـو قال الشيخ الطائفة الطوسي في شرح كلام معلم الامة الشيخ المفيد رحمه الله«فالوجه فيه أن المخالف لأهل الحق كافر،فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار، إلا ما خرج بالدليل.و إذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالفـأيضاـغير جائز (35) ».

7ـعن الشيخ الأنصاري رحمه الله:«يجوز اغتياب المخالف كما يجوز لعنه،و توهم عموم الآية كبعض الرويات لمطلق المسلم مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم و عدم جريان أحكام الإسلام عليهم،إلا قليلا مما يتوقف استقامة نظم معاش المؤمنين عليه (36) ».

8ـو عن الإمام الخميني في شرح كلام الشيخ رحمه الله:«و الإنصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن إثبات حرمة غيبتهم،بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها إختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق عليهم السلامـإلى أن قال:ـفلا شبهة في عدم إحترامهم،بل هو من ضروري المذهبـكما قال المحققونـبل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم و الوقيعة فيهم،بل الأئمة المعصومون أكثروا في الطعن و اللعن عليهم و ذكر مساويهم.فعن أبي حمزة،عن أبي جعفر عليه السلام،قال :«قلت له:إن بعض أصحابنا يفترون و يقذفون من خالفهم،فقال:الكف عنهم أجمل،ثم قال:يا أبا حمزة!الناس كلهم أولاد بغاة ما خلا شيعتنا»و الظاهر منها جواز القذف و الافتراء عليهم (37) ».

9ـو عنهـأيضاـ:«و أما الأخبار المشتملة على الأخ لا تشملهم أيضا(اي كالأخبار المشتملة على المؤمن)لعدم الأخوة بيننا و بينهم بعد وجوب البراءة عنهم،و عن مذهبهم،و عن أئمتهم كما تدل عليه الأخبار و اقتضته اصول المذهب،و ما اشتملت على المسلم فالغالب منها مشتمل على ما يوجبه ظاهرا في المؤمن (38) ».

10ـعن صاحب الجواهر رحمه الله:«(و أما لو كان الإمام ممن لا يقتدي به (39) لأنه مخالف(وجبت القراءة)في الصلاة خلفه تقيةـكما صرح به جماعة من الأصحابـبل لا أجد فيه خلافا بينهم كما اعترف به في«المنتهى»ـإلى أن قال:ـو خبر زرارة،عن الباقر عليه السلام سأله عن الصلاة خلف المخالفين،فقال عليه السلام:ما هم عندي إلا بمنزلة الجدر.و لقول الصادق عليه السلام:«إذا صليت خلف إمام لا يقتدي به فاقرأ خلفه،سمعت قراءته،أو لم تسمع» .و قول أبي الحسن عليه السلام في صحيح ابن يقطين:«اقرأ لنفسك و إن لم تسمع نفسك فلا بأس» .إلى غير ذلك مما يستفاد منه الحكم المزبور منطوقا و مفهوما (40) ».

11ـو عنه رحمه اللهـأيضاـ:«إن ظاهر النصوص و الفتاوى عدم وجوب إعادة هذه الصلاة(أي خلف المخالف)بعد مراعاة تلك الامور التي سمعتها من القراءة و غيرها و إن كان الوقت باقيا،بل و لو كان له مندوحة عن ذلك وفاقا لبعض و خلافا لآخر،لإطلاق المزبور(أي الأخبار التي تقول:صلوا خلف المخالف إن دعت إليه الضرورة)و الحث على حضور جماعتهم و إدراك الصف الأول و المبالغة في فضلها،حتى إن في بعضها التشبيه بصلاة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم(كما في الوسائل/الباب 5،من أبواب صلاة الجماعة)و في آخر كسل السيف في سبيل الله (كما فيه أيضا)مع ظهور وجه الحكمة فيها من أنهم حتى يقولوا:رحم الله جعفرا ما أحسن ما كان يؤدب به أصحابه،و لما يحصل به من تأليف القلوب،و عدم الطعن على المذهب و أهله،و دفع الضررـإلى أن قال:ـنعم،يظهر من بعض المعتبرة(كما في الوسائل/الباب 6 من أبواب صلاة الجماعة)أن الأفضل الصلاة في المنزل ثم الصلاة معهم (41) ».

12ـعن المحقق الحلي رحمه الله في مستحق الزكاة:«و كذا لا يعطى غير الأمامي:و إن اتصف بالاسلام،و نعني به كل مخالف في اعتقادهم الخق كالخوارج و غيرهم من الفرق الذين يخرجهم اعتقادهم عن الإيمان،و خالف جميع الجمهور في ذلك و اقتصروا على اسم الإسلام.لنا إن الإيمان هو تصديق النبي صلى الله عليه و آله و سلم في كل ما جاء به،و الكفر جحود ذلك،فمن ليس بمؤمن فهو كافر،و ليس للكافر زكاةـإلى أن قالـ:

فرع:و إذا لم يوجد المؤمن هل يصرف إلى غيرهم؟فيه قولان،أشبههما أن زكاة المال لا تدفع إلى غير أهل الولاية (42) ».

أقول:الظاهر كون المراد بالمخالف.في خصوص هذه الأخبار أعم من الناصب المعاند للحق بعد وضوحه له،أعني مطلق المخالف لنا في المذهب و هم المنحرفون الناكبون عن الصراط،النواصب و غيرهم كما يأتي.

الناصب و معناه

عن أبي عبد الله عليه السلام:«إن الله لم يخلق خلقا شرا من الكلب،و الناصب لنا أهون على الله من الكلب (43) ».

و عن الصادق عليه السلام:«إن الله تبارك و تعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب،و إن الناصب لنا أهل البيت أنجس منه (44) ».

أخي العزيز!ينبغي لنا أن نعلم ما معنى النصب،و من الناصب؟فنقول:جاء في أقرب الموارد في مادة«نصب»:«الناصبية و النواصب المتدينون ببغضة علي عليه السلام لأنهم نصبوا له أي عادوهـانتهى».

و في«القاموس»:«النواصب و أهل النصب المتدينون ببغض عليـرضى الله عنهـلأنهم نصبوا له أي عادوه».

و قال الطريحي في«مجمع البحرين»:«النصب المعاداة،يقال:نصبت فلانا إذا عاديته،و منه الناصب و هو الذي يتظاهر بعداوة أهل البيتـصلوات الله عليهم أجمعينـأو لمواليهم لأجل متابعتهم لهم.قال بعض الفضلاء:اختلف في تحقيق الناصبي،فزعم البعض أن المراد من نصب العداوة لأهل البيت عليهم السلام،و زعم آخرون أنه من نصب العداوة لشيعتهم،و في الاحاديث ما يصرح بالثاني،فعن الصادق عليه السلام:«أنه ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنه لا تجد رجلا يقول:أنا ابغض محمدا و آل محمد صلى الله عليه و آله و سلم و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم أنكم تولونا و أنتم من شيعتنا»أقول:فيه ما لا يخفى و سيأتي الكلام فيه.

و عن شرح المقدادـعلى ما في«الجواهر»ج 6:ص 66ـ:إن الناصب يطلق على خمسة أوجه:الخارجي القادح في علي عليه السلام.الثاني من ينسب إلى أحدهم عليهم السلام ما يسقط العدالة.الثالث من ينكر فضيلتهم لو سمعها.الرابع من اعتقد أفضلية غير علي عليه السلام عليه.الخامس من أنكر النص على علي».قال صاحب الجواهر رحمه الله:«قد يقوى في النفس تعميم الناصب للعدو لأهل البيت عليهم السلام و إن لم يكن متدينا بهـإلى أن قال:ـبل في جامع المقاصد و مجمع البحرين تعميمه لناصب العداوة لشيعتهم».

13ـعن العلامة الكبير الفقيه الهمداني المشهور بالحاج آغا رضا الهمداني رحمه الله:«إن المراد بالناصب في الروايات على الظاهرـمطلق المخالفين لا خصوص من أظهر العداوة لأهل البيت و تدين بنصبهم كما يشهد لذلك خبر المعلى بن خنيس،قال:«سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:ليس الناصب لنا من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول:أنا ابغض محمدا و آل محمد،و لكن الناصب من نصب لكم و هو يعلم أنكم تتولونا و تتبرؤون من أعدائنا».و يدل أيضا على تحقق النصب بمجرد إزالة الأئمة عليهم السلام عن مراتبهم و معاداة من يعرف حقهم من شيعتهم ما رواه ابن إدريس في«مستطرفات السرائر»(ص 479)عن محمد بن عيسى،قال:«كتبت إليه(يعني الهادي عليه السلام)أسأله عن الناصب،هل احتاج في إمتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت و الطاغوت و اعتقاده إمامتهما؟فرجع الجواب:من كان على هذا فهو ناصب (45) ».

أقول:خبر المعلي بن خنيس لا يقاوم الأخبار التي كان معناها أن الناصب هو المبغض لهم و لمن يتولاهم لكون المعلي ضعيفا جدا،مع أنه خلاف الإعتبار حيث إن وجود المبغضين لأمير المؤمنين و أولاده المعصومين عليهم السلام المتظاهرين بالعداوة و المصحرين بها لهم عليهم السلام أشهر و أظهر من أن ينكره أحد،مع أن ما في ذيل الخبر من أن الناصب من نصب لكم لأجل ولايتكم لنا هو ظاهر أيضا في عداوتهم لهم عليهم السلام،حيث يبغضون من يتولاهم إذا لم يقدروا على اظهار عداوتهم لهم عليهم السلام جهارا و الفرق بين مبغضيهم و معانديهم و بين الذين لا يعرفونهم واضح و لا حاجة إلى بيان أزيد من ذلك.

و أما خبر محمد بن عيسى،فمعناه أن الناصب من قدم عليهم غيرهم مع علمه بشأنهم و عرفانه،بأن الحق لهم و معهم و فيهم و مع ذلك قدم غيرهم عليهم،و ليس المراد من لا يعرف شأنهم أو لا يعتقد بعصمتهم و أنهم عليهم السلام حجج الله على الخلق،و البون بين من عرف الحق فأنكره و عانده،و بين من طلب الحق فأخطأه بعيد جدا و لا يخفى على أي أحد.

ـقال الشيخ يوسف البحراني:«إن الآية التي دلت على تحريم الغيبة و إن كان صدرها مجملا إلا أن قولهـعز و جلـفيها:/أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا/ (46) مما يعين الحمل على المؤمنين،فإن إثبات الأخوة بين المؤمن و المخالف له في دينه لا يكاد يدعيه من شم رائحة الأيمان و لا من أحاط خبرا بأخبار السادة الأعيان لاستفاضتها بوجوب معاداتهم و البراءة منهم (47) ».

15ـو في«الجواهر»عن«الحدائق»:«إن الحكم بكفر المخالفين و نصبهم و نجاستهم هو المشهور فى كلام أصحابنا المتقدمين مستشهدا بما حكاه عن الشيخ ابن نوبخت،و هو من متقدمي أصحابنا في كتابه«فص الياقوت»:دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابناـإلى آخره (48) ».

16ـو لكن أكثر علماء الامامية حكموا بطهارة سائر المخالفين و نجاسة النواصب و الخوارج .قال استاذ الكل،الشيخ الأعظم الأنصاري رحمه الله:«فالظاهر أن العامة منهم ناصب،و منهم مستضعف،و منهم الواسطة بينهما.و المحكوم بنجاسته بالأخبار و الاجماع هو الأول.بل ربما يستشكل الحكم في الأول بأن الظاهر من الأخبار و التواريخ أن كثيرا من أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الكائنين في زمن الأمير عليه السلام،و أصحاب الجمل،و صفين،بل كافة أهل الشام،بل و كثير من أهل الحرمين كانوا في أشد العداوة لأهل البيت عليهم السلام،فقد روي أن أهل الشام شر من أهل الروم،و أن أهل مكة يكفرون بالله جهرة و أهل المدينة أخبث منهم سبعين ضعفا،مع أنه لم ينقل الاحتراز عنهمـإلى أن قال:ـنعم،يمكن دفع ما ذكر بمنع كون جميع من ذكر مبغضا واقعيا،بل كثير منهم سيما في دولة بني امية كان يظهر البغض لهم تقيةـإلى أن قال:ـمضافا إلى أن الحكم بنجاسة الناصب يمكن أن يكون قد انتشر في زمن الصادقين عليهما السلام إذ كثير من الأحكام كان مخفيا قبل زمانهما،كما يظهر من الأخبار و كلمات بعض الأخيار.و الكلام في الخوارج يظهر مما ذكرنا في الناصب فإنهم أشد النواصب،مضافا إلى إطلاق المشرك عليهم في الزيارة الجامعة:«و من حاربكم مشرك».و بالجملة فلا شي‏ء أوضح و أشهر من كفر يزيد،لعنه الله(و على من شيد بنيانه) (49) ».

17ـو قال أيضا:«بل في«شرح المفاتيح»:إن من بديهيات المذهب أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يشاور المنافقين،و ما كان يجتنب منهم إلا أن يقال:إن هذه المعاملة مع المنافقين المظهرين الإسلام كان مختصا بصدر الإسلام،و من هنا يضعف ما في«المعتبر»من الإستدلال على طهارة العامة بعدم اجتناب النبي صلى الله عليه و آله و سلم لفلان و فلان و فلانة و فلانة،فإن هذا لو تم لدل على عدم نجاسة النواصب،فلا محيص عن حملها على مصلحة اقتضت عدم إيجاب التحرز عنهم و عن أمثالهم من المنافقينـإلى أن قال:ـو لا يتوهم من الحكم بطهارتهم الحكم بثبوت مزية لهم،إنما نحكم بذلك دفعا للحرج عن المؤمنين (50) ».

18ـقال الفقيه الهمداني رحمه الله:«قد يشكل الحكم بكفرهم بشيوع النصب في دولة بني امية و اختلاط أصحاب الأئمة عليهم السلام مع النصاب و الخوارج و عدم معروفية تجنب الأئمة عليهم السلام و أصحابهم عنهم،بل الظاهر أنهم كانوا يعاملون معهم معاملة المسلمين من حيث المعاشرة،و تنزيل مثل هذه المعاشرة في الأعصار الطويلة على التقية في غاية البعد .و قد يجاب عن ذلك بأن أغلب الناس كانوا يظهرون النصب و التبري من الأئمة عليهم السلام خوفا من سلطان الجور و إلا فلم يكونوا في الواقع نواصب.و فيه أن ظاهر القول و الفعل حجة مبررة لا يجوز رفع اليد عنه.و الأولى في الجواب ما نبه عليه شيخنا المرتضى رحمه الله من أن أغلب الأحكام الشرعية انتشرت في عصر الصادقين عليهما السلام،فلا مانع من أن يكون كفر النواصب منها،فأصحاب الأئمة عليهم السلام كانوا يخالطون النواصب في دولة بني امية لا يعلمون ذلك،و أما الأئمةـصلوات الله عليهمـفلم يعلم معاشرتهم مع النواصب و الخوارج في غير مقام التقية،و الله أعلم (51) ».

تعليقات:

1ـابن معازلي:مناقب علي بن أبي طالب،ص 46،ط ايران.

2ـمتقى الهندى:كنز العمال،ج 11:ص 610،ط بيروت.

3ـقندوزى:ينابيع المودة،ج 2:ص 61،ط اسلامبول.

4ـإبن عساكر:تاريخ دمشق،ج 27:ص 489،ط بيروت.

5ـالخطيب:تاريخ بغداد،ج 7:ص .421

6ـالخطيب:تاريخ بغداد،ج 3:ص .192

7ـإبن عساكر:تاريخ دمشق،ج 27:ص .445

8ـالمصدر،صص 446 و .447

9ـالمصدر،صص 446 و .447

10ـالمصدر.

11ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 38:صص 97 و 101 و .109

12ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 38:صص 97 و 101 و .109

13ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 38:ص .101

14ـالوسائل،ج 18:صص 561 و 560 و 559 و 567 و .562

15ـالمصدر.

16ـالمصدر.

17ـالمصدر.

18ـالمصدر.

19ـالمصدر.

20ـمستدرك الوسائل،ج 1:ص .21

21ـالبحار،ج 39:ص .160

22ـالبحار،ج 72:صص 134 و 135 و .137

23ـالمصدر.

24ـالمصدر.

25ـالمصدر.

26ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 72:ص .137

27ـالحر العاملى:وسائل الشيعة،ج 18:ص .561

28ـسورة محمد،47:8 و .9

29ـابن مغازلي:مناقب علي بن أبي طالب،ص 52،ط إيران.

30ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 8:ص 367(نقلا عن رسالة«حقائق الإيمان»للشهيد الثانى رحمه الله).

31ـالنجفي:جواهر الكلام،ج 6:ص .60

32ـالأنصاري:كتاب الطهارة/النظر السادس في النجاسات،ص .329

33ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 8:ص .369

34ـالمصدر،ص .13

35ـالطوسي،محمد بن الحسن:تهذيب الاحكام،ج 1:ص 335،ط الآخوندي.

36ـالانصاري،الشيخ مرتضى:المكاسب،ص .40

37ـالخميني،روح الله:المكاسب المحرمة/مع تعاليق:الشيخ مجتبى الطهراني.ج 1:صص 252 و .250

38ـالمصدر.

39ـما بين المعوقتين متن شرائع الاسلام للمحقق الحلى رحمه الله،كما لا يخفى.

40ـالنجفي،الشيخ محمد حسن:جواهر الكلام،ج 13:صص 195 و .200

41ـالنجفي،الشيخ محمد حسن:جواهر الكلام،ج 13:صص 195 و .200

42ـالمحقق الحلي:المعتبر في شرح المختصر،ص .281

43ـالنجفي:الشيخ محمد حسن:جواهر الكلام،ج 6:ص .63

44ـالحر العاملي:وسائل الشيعة،تحقيق:عبد الرحيم الرباني ج 1:ص .159

45ـالهمداني،الآغا رضا:مصباح الفقيه،كتاب الطهارة،ص .568

46ـالحجرات،49: .12

47ـالبحراني،الشيخ يوسف:الحدائق الناظرة،ج 18:ص 150،ط النجف الأشرف.

48ـالنجفي،الشيخ محمد حسن:جواهر الكلام،ج 6:ص .61

49ـالهمداني،الآغا رضا:مصباح الفقيه/كتاب الطهارة،النظر السادس في النجاسات:ص .334

50ـالهمداني،الآغا رضا:مصباح الفقيه/كتاب الطهارة،النظر السادس في النجاسات:ص .334

51ـالمصدر:ص .568