الفصل 5: الإمام علي عليه السلام و تواضعه

1ـقال العلامة المجلسي رحمه الله:«بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام أنه قال :أعرف الناس بحقوق إخوانه،و أشدهم قضاء لها أعظمهم عند الله شأنا،و من تواضع في الدنيا لإخوانه فهو عند الله من الصديقين،و من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام حقا،و لقد ورد على أمير المؤمنين عليه السلام أخوان له مؤمنان أب و ابن،فقام إليهما و أكرمهما و أجلسهما في صدر مجلسه و جلس بين أيديهما،ثم أمر بطعام فاحضر،فأكلا منه،ثم جاء قنبر بطست و إبريق خشب و منديل ليلبس(خ ل)،و جاء ليصب على يد الرجل،فوثب أمير المؤمنين عليه السلام و أخذ الإبريق ليصب على يد الرجل،فتمرغ الرجل في التراب،و قال:يا أمير المؤمنين !الله يراني و أنت تصب على يدي؟قال:اقعد و اغسل فإن الله عز و جل يراك و أخوك الذي لا يتميز منك و لا ينفصل عنك يخدمك،يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا و على حسب ذلك في مماليكه فيها.

فقعد الرجل،فقال له علي عليه السلام:أقسمت بعظيم حقي الذي عرفته و نحلته،و تواضعك لله حتى جازاك عنه بأن تدنيني لما شرفك به من خدمتي لك لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبرا،ففعل الرجل ذلك،فلما فرغ‏ناول الإبريق محمد بن الحنفية،و قال:يا بني!لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت على يده و لكن الله عز و جل يأبى أن يسوي بين ابن و أبيه إذا جمعهما مكان،لكن قد صب الأب على الأب فليصب الابن على الابن،فصب محمد ابن الحنفية على الابن،ثم قال الحسن بن علي العسكري عليهما السلام:فمن اتبع عليا على ذلك فهو الشيعي حقا».

2ـالصادق عليه السلام:«كان أمير المؤمنين عليه السلام يحطب و يستسقي و يكنس،و كانت فاطمة عليهما السلام تطحن و تعجن و تخبز».

3ـ«الإبانة»عن ابن بطة،و«الفضائل»عن أحمد:أنه اشترى تمرا بالكوفة،فحمله في طرف ردائه،فتبادر الناس إلى حمله و قالوا:يا أمير المؤمنين!نحن نحمله،فقال عليه السلام:رب العيال أحق بحمله.

4ـعن أبي طالب المكي في«قوت القلوب»:كان علي عليه السلام يحمل التمر و المالح بيده و يقول:

لا ينقص الكامل من كماله‏ 
ما جر من نفع إلى عياله

5ـزيد بن علي:إنه كان يمشي في خمسة حافيا و يعلق نعليه بيده اليسرى:يوم الفطر و النحر و الجمعة و عند العيادة و تشييع الجنازة و يقول:إنها مواضع الله و أحب أن أكون فيها حافيا.

6ـزاذان:إنه كان يمشي في الأسواق وحده و هو ذاك يرشد الضال،و يعين الضعيف،و يمر بالبياع و البقال فيفتح عليه القرآن و يقرأ:/تلك الدار الآخرة نجعلها/ـالآية (1) .

7ـعن ابن أبي عمير،عن هشام بن سالم،عن أبي عبد الله عليه السلام،قال:خرج أمير المؤمنين عليه السلام على أصحابه و هو راكب،فمشوا خلفه فالتفت إليهم فقال:لكم‏حاجة؟فقالوا:لا،يا أمير المؤمنين!و لكنا نحب أن نمشي معك،فقال لهم:انصرفوا فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب و مذلة للماشي،قال:و ركب مرة أخرى فمشوا خلفه،فقال:انصرفوا فإن خفق النعال خلف أعقاب الرجال مفسدة لقلوب النوكي. (2)

8ـعن جعفر،عن أبيه عليهما السلام:أن عليا عليه السلام صاحب رجلا ذميا،فقال له الذمي :أين تريد،يا عبد الله؟قال:أريد الكوفة،فلما عدل الطريق بالذمي عدل معه علي،فقال له الذمي :أليس زعمت تريد الكوفة؟قال:بلى،فقال له الذمي:فقد تركت الطريق!فقال:قد علمت،فقال له :فلم عدلت معي و علمت ذلك؟فقال له علي عليه السلام هذا:من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه،و كذلك أمرنا نبينا،فقال له:هكذا؟قال:نعم،فقال له الذمي:لا جرم إنما تبعه من تبعه لافعاله الكريمة،و أنا أشهدك أني على دينك،فرجع الذمي مع علي عليه السلام فلما عرفه أسلم.

9ـو ترجل دهاقين الأنبار له و أسندوا بين يديه،فقال عليه السلام:«ما هذا الذي صنعتموه؟قالوا :خلق منا نعظم به أمراءنا،فقال:و الله،ما ينتفع بهذا أمراؤكم،و إنكم لتشقون به على أنفسكم،و تشقون به في آخرتكم،و ما أخسر المشقة و راءها العقاب،و ما أربح الراحة معها الأمان من النار (3) ».

تعليقات:

1ـالقصص،28: .83

2ـالنوكى:جمع الأنوك،الاحمق.

3ـالمجلسي:بحار الانوار،ج 41:ص 53ـ .56