
الفصل 19: الإمام علي عليه السلام حلمه و صفحه
1ـعن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في خبر طويل:«لو كان الحلم رجلا لكان عليا (1) ».
2ـعن جابر،قال:«سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رجلا يشتم قنبرا و قد
رام قنبر أن يرد عليه،فناداه أمير المؤمنين علي عليه السلام:مهلا يا قنبر،دع شاتمك مهانا
ترض الرحمن،و تسخط الشيطان،و تعاقب عدوك،فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما أرضى المؤمن
ربه بمثل الحلم،و لا أسخط الشيطان بمثل الصمت،و لا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه (2) ».
3ـقال ابن أبي الحديد:«و أما الحلم و الصفح،فكان أحلم الناس عن مذنب،و أصفحهم عن مسيء،و
قد ظهرت صحة ما قلناه يوم الجمل حيث ظفر بمروان بن الحكمـو كان أعدى الناس له و أشدهم
بغضاـفصفح عنه،و كان عبد الله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد،و خطب يوم البصرة فقال
:قد أتاكم الوغد اللئيم علي بن أبي طالب،و كان علي عليه السلام يقول:ما زال الزبير رجلا
منا أهلالبيت حتى شب عبد الله،فظفر به يوم الجمل فأخذه أسيرا،فصفح عنه،و قال:«اذهب
و لا أرينك»لم يزده على ذلك،و ظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل بمكةـو كان له عدواـفأعرض
عنه و لم يقل شيئا... (3) ».
4ـقال قنبر:دخلت مع أمير المؤمنين عليه السلام على عثمان فأحب الخلوة فأومأ إلي بالتنحي،فتنحيت
غير بعيد،فجعل عثمان يعاتبه و هو مطرق رأسه،و أقبل إليه عثمان،فقال:ما لك لا تقول؟فقال
عليه السلام:ليس جوابك إلا ما تكره،و ليس لك عندي إلا (4) ما تحب،ثم خرج قائلا:
و لو أنني جاوبته لأمضه
نوافذ قولى و احتضار جوابي
و لكنني أغضي على مضض الحشا
و لو شئت إقداما لأنشب نابي (5)
أقول:أمضه الأمر:شق عليه،و الجرح:أوجعه،و المضض:الوجع،و أغضى على الأمر:سكت و صبر و
أنشبه في كذا:علقه و أعلقه،و الناب:السن خلف الرباعية.
5ـ«دعا عليه السلام غلاما له مرارا فلم يجبه،فخرج فوجده على باب البيت،فقال:ما حملك
على ترك إجابتي؟قال:كسلت عن إجابتك و آمنت عقوبتك،فقال:الحمد لله الذي جعلني ممن يأمنه
خلقه،امض فأنت حر لوجه الله (6) ».
6ـ«إن أمير المؤمنين عليه السلام مر بأصحاب التمر فإذا هو بجارية تبكي،فقال:يا جارية
!ما يبكيك؟فقالت:بعثني مولاي بدرهم فابتعت من هذا تمرا فأتيتهم به فلم يرضوه،فلما أتيته
به أبى أن يقبله،قال:يا عبد الله إنها خادم و ليس لها أمر فارددإليها درهمها و خذ التمر،فقام
إليه الرجل فلكزه (7) ،فقال الناس:هذا أمير المؤمنين فربا الرجل (8) و اصفر،و أخذ التمر ورد إليها درهمها،ثم قال:يا أمير المؤنين ارض عني،فقال:ما أرضاني
عنك إن أصلحت أمرك،و في فضائل أحمد:إذا وفيت الناس حقوقهم (9) ».
7ـ«مرت امرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم،فقال أمير المؤمنين عليه السلام:إن أبصار
هذه الفحول طوامع
(10) ،و إن ذلك سبب هناتها،فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلمس أهله فإنما امرأة كامرأة،فقال
رجل من الخوارج:قاتله الله كافرا ما أفقهه!فوثب القوم ليقتلوه فقال عليه السلام:رويدا
إنما هو سب بسب أو عفو عن ذنب (11) ».
8ـ«جاءه أبو هريرةـو كان تكلم فيه و أسمعه في اليوم الماضيـو سأله حوائجه فقضاها،فعاتبه
أصحابه على ذلك فقال:إني لأستحيي أن يغلب جهله علمي،و ذنبه عفوي،و مسألته جودي (12) ».
9ـقال ابن الأثير:«و منه حديث عائشة قالت لعلي يوم الجمل حين ظهر:«ملكت فأسجح»أي قدرت
فسهل و أحسن العفو،و هو مثل سائر (13) ».
تعليقات:
1ـالحمويني:فرائد السمطين،ج 2:ص .68
2ـالمفيد:كتاب الامالي،المجلس 14:ص .118
3ـابن ابى الحديد:شرح نهج البلاغة،ج 1:ص .22
4ـكذا،و الظاهر أن«إلا»زيادة.
5ـالمجلسي بحار الأنوار:ج 41:ص 49، .48
6ـالمجلسي بحار الأنوار:ج 41:ص 49، .48
7ـأى ضربه بجميع كفه.
8ـاى اخذه الربوة و هى علة تحدث فى البرئة فتصير النفس صبعا.
9ـاى اخذه الربوة و هى علة تحدث فى الرئة فتصير النفس صعبا.
10ـفى نهج البلاغة:«طوامح».
11ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 41:ص .49
12ـالمجلسي:بحار الأنوار،ج 41:ص .49
13ـابن الأثير:النهاية،ج 2:ص .342