1 ـ لقاءات تعليميّة منتظمة :
نقلت المصادر الحديثيّة تفاصيل اللقاءات بين الرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم) وابن عمّه الوصيّ الإمام (عليه السلام) ونذكر هنا على
سبيل المثال ما ورد في الكافي والوسائل ومستدركه وجاء موجزه في نهج
البلاغة واللفظ للأوّل ، قال الإمام عليّ في حديثه : «قد كنت أدخل
على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلّ يوم دخلة وكل ليلة دخلة
فيخليني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) انّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري ، وأحياناً كان
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأتيني في بيتي ، وكنت إذا دخلت
عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنِّي نساءه . فلا يبقى عنده غيري ،
وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ولا أحد من بنيّ ،
وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت وانتهت أسئلتي ابتدأني ، وما نزلت
على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آية من القرآن إلاّ
أقرأنيها وأملاها عليَّ فكتبتها بخطّي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ،
وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله
أن يعطيني فهمها وحفظها ، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه
عليَّ وكتبته ، منذ دعا الله لي بما دعا .. » ([1]) .
وقبل أن نورد بقيّة الحديث ننقل حديثاً آخر عن زيد بن عليّ بن الحسين
(عليه السلام) (ت 120 هـ ) فإنّ فيه الجواب لمن تتبادر إلى ذهنه شبهة
حول كيفية تلقّي الوصيّ (عليه السلام) العلوم عن ابن عمّه النبيّ
(صلى الله عليه وآله وسلم) .
في بصائر الدرجات ، باب في انّ عليّاً علم كلّ ما أنزل على رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) في ليل أو نهار أو حضر أو سفر والأئمّة من
بعده :
1 ـ
عن زيد بن عليّ قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : ما دخل رأسي
نوم ولا عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى علمت من رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نزل به جبرئيل في ذلك اليوم من
حلال أو حرام أو سنّة أو أمر أو نهي فيما نزل فيه وفيمن نزل ، فخرجنا
فلقيتنا المعتزلة([2])
فذكرنا ذلك لهم فقالوا ان هذا لأمر عظيم ، كيف يكون هذا وقد كان
أحدهما يغيب عن صاحبه فكيف يعلم هذا ؟ قال : فرجعنا إلى زيد فأخبرناه
بردّهم علينا فقال : يتحفظ على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
عدد الأيام التي غاب بها فإذا التقيا قال له رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) : يا عليّ ! نزل عليَّ في يوم كذا ، كذا وكذا وفي
يوم كذا ، كذا حتى يعدهما عليه إلى آخر اليوم الذي وافى فيه
فأخبرناهم بذلك([3]) .
2 ـ
حدّثنا محمد بن عبدالجبار ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن حماد بن
عثمان ، عن عبدالأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام)
يقول : قد ولدني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أعلم كتاب
الله وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة وفيه خبر السماء
وخبر الأرض وخبر الجنّة وخبر النار وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ،
أعلم ذلك كأنّما أنظر إلى كفّي ، إنّ الله يقول فيه تبيان كلّ شيء([4]) .
تتمّة الحديث عن الإمام عليّ (عليه السلام) :
(وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي كان
أو يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه
وحفظته ، فلم أنس حرفاً واحداً ، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي
أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً ، فقلت : يا نبيّ الله !
بأبي أنت وأمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني
شيء لم أكتبه أفتتخوّف عليّ النسيان فيما بعد ؟ فقال : لا ، لست
أتخوّف عليك النسيان والجهل)([5]) .
هذا هو مجمل القول عن اللقاءات المنتظمة بين النبيّ والوصيّ .
1 الكافي 1 / 62 ـ 63 ، والوسائل ،
ط . القديمة 394 ، ح 1 ، ومستدركه 1 / 393 ، واحتجاج الطبرسي ،
ص 134 ، وتحف العقول 131 ـ 132 ، وبعضه في نهج البلاغة ، الخطبة
205 ، والوافي 1 / 63 ، ومرآة العقول 1 / 215 .
2 هم فرقة اعتزلت مع سعد بن مالك وهو
سعد بن أبي وقّاص وعبدالله بن عمر بن الخطّاب ومحمّد بن مسلمة
الأنصاري وأسامة بن زيد بن حارثة الكلبي مولى رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) فإنّ هؤلاء اعتزلوا عن عليّ (عليه السلام)
وامتنعوا من محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا
به فسمّوا المعتزلة وصاروا أسلاف المعتزلة إلى آخر الأبد
وقالوا : لا يحلّ قتال عليّ ولا القتال معه (فرق الشيعة) .
3 بصائر الدرجات ، ص 197 ، ح 4 . وزيد
بن عليّ بن الحسين خرج على عهد هشام يدعو للرضا من آل محمّد ،
وقتل في الكوفة لليلتين خلتا من صفر سنة 120هـ . قاموس الرجال
4 / 259 .
4 بصائر الدرجات : 4 / 197 ، الحديث
الأوّل ، وقد جاء بهذا المضمون أحاديث ثلاثة في مصادر مدرسة
الخلفاء ، يراجع سنن النسائي 1 / 178 ، باب التنحنح في الصلاة ،
سنن ابن ماجة، كتاب الأدب، باب الاستئذان، الحديث 3708، مسند
أحمد 1 / 85 ، الحديث 647 وص 107 ، الحديث 845 وص 80 ، الحديث
608 . صحيح البخاري 4 / 2 / 121 .
5 الكافي 1/ 63، والوسائل ط. القديمة
394، ح 1 ، ومستدركه 1/ 393، واحتجاج الطبرسي ، ص 134 ، وتحف
العقول 131 ـ 132 ، وبعضه في نهج البلاغة ، الخطبة 205 ، والوافي
1 / 63 ، ومرآة العقول 1 / 215 .