المناقب - الموفق الخوارزمي - ص 175 : -

الفصل الثاني في بيان قتال أهل الجمل وهم الناكثون

 211 - أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله ابن الحسن الهمداني - المعروف بالمروزي فيما كتب إلي من همدان - أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد باصبهان - فيما أذن لي في الرواية عنه - أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني - سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة - أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني حدثنا وقال أبو النجيب سعد ابن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي ، وأخبرنا بهذا الحديث عاليا " الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني في كتابه إلى من أصفهان - سنة ثمان وثمانين وأربعمائة - عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، أخبرنا شهاب بن عباد ، حدثنى جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ما يلقى من بعده ، قال : فبكى وقال : أسألك بحق قرابتي وبحق صحبتي إلا دعوت الله لي ان يقبضني الله ، قال يا علي تسألني ان أدعو الله لأجل مؤجل ، قال : فقال : يا رسول الله على ما أقاتل القوم ؟ قال : على الإحداث في الدين .

 212 - وبهذا الاسناد عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا عثمان بن 

- ص 176 -

محمد ، حدثنا يونس بن أبي يعقوب ، حدثنا حماد بن عبد الرحمان الأنصاري ، عن أبي سعيد التميمي ، عن علي عليه السلام قال : عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله ان أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقيل له : يا أمير المؤمنين من الناكثون ؟ قال : الناكثون أصحاب الجمل ، والمارقون الخوارج ، والقاسطون أهل الشام ( 1 ) .

 213 - وبهذا الأسناد عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثنا محمد بن أحمد البرزاز ، حدثنا جدى محمد بن الخطاب ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهنى ، عن سالم بن أبي الجعد قال : ذكر النبي صلى الله عليه وآله خروج بعض أمهات المؤمنين ، فضحكت عايشة فقال : انظري يا حميرا لا تكونين هي ، ثم التفت إلى علي بن أبي طالب فقال : يا أبا الحسن ان وليت من أمرها [ شيئا " ] فارفق بها ( 2 ) .

 214 - وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري باصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنا محمد بن الحسين الدقاق البغدادي ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا إبراهيم بن الحسن التغلبي ، حدثنا يحيى بن يعلى ، حدثنا عمر بن يزيد ، حدثنا عبد الله بن حنظلة ، حدثنى شهر بن حوشب قال : كنت عند أم سلمة " رض " فسلم رجل ، فقيل من أنت ؟ قال : أنا أبو ثابت مولى أبي ذر ، قالت : مرحبا " بأبي ثابت ، أدخل فدخل فرحبت به فقالت : اين طار قلبك حين طارت القلوب مطايرها ، قال مع علي بن

  ( 1 ) أسد الغابة لابن أثير الجزري : 4 / 33 . ( 2 ) مستدرك الصحيحين 3 /119  . [ * ]   
 

- ص 177 -

أبي طالب عليه السلام ، قالت وفقت والذي نفس أم سلمة بيده لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : علي مع القرآن والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ولقد بعثت إبنى عمر ، وابن أخي عبد الله - أبي أمية - وأمرتهما ان يقاتلا مع علي من قاتله ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرنا أن نقر في حجالنا أو في بيوتنا ، لخرجت حتى أقف في صف علي ( 1 ) .

 215 - وأخبرني أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي هذا - فيما كتب إلي من همدان - أخبرنا عبدوس هذا كتابة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري باصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنى محمد بن عبد الله بن الحسين ، حدثنا علي بن الحسين بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن الوليد العقيلي ، حدثنى قثم بن أبي قتادة الحراني ، حدثنا وكيع ، عن خالد النواء ، عن الأصبغ بن نباتة قال : لما ان أصيب زيد بن صوحان يوم الجمل ، أتاه علي وبه رمق ، فوقف عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فهو لما به فقال : رحمك الله يا زيد ، فوالله ما عرفناك إلا خفيف المؤنة ، كثير المعونة ، قال : فرفع إليه رأسه فقال وأنت ، يرحمك الله ، فوالله ما عرفتك إلا بالله عالما ، وبآياته عارفا ، والله ما قاتلت معك من جهل ولكني سمعت حذيفة بن اليمان يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : علي أمير البررة ، وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، ألا وان الحق معه ، ألا وان الحق معه يتبعه ، ألا فميلوا معه ( 2 ) .

 216 - وأخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي

  ( 1 ) نظيره في مستدرك الصحيحين 3 / 119 و 124 - ورواه أيضا الجويني / في فرائد السمطين 1 / 177 .
( 2 ) رواه الكشي في رجاله / 63 - انساب الأشراف 2 /
163 مع اختلاف في المتن . [ * ] 
 
 

- ص 178 -

الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدى شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري ، حدثنا عبيدالله بن موسى ، حدثنا أبو ميمونة ، عن أبي بشير الشيباني قال : لما قتل عثمان ، اختلف الناس في علي يقولون له : نبايعك ومعهم طلحة والزبير والمهاجرون والأنصار ، فقال لا حاجة لي في الإمرة ، انظروا إلى من تختارون أكون معكم ، قال فاختلفوا إليه أربعين ليلة ، فأبوا عليه إلا أن يكون يفعل ، وقالوا نحن منذ أربعين ليلة ليس أحد يأخذ على سفيهنا ، قال على : أصلى بكم ويكون مفتاح بيت المال بيدي وليس أمري دونكم ، أترضون بهذا ؟ قالوا نعم ، قال وليس أن أعطى أحدا " درهما " دونكم ؟ قالوا : نعم ، يقول ذلك لهم ثلاثة أيام ، قالوا نعم ، فقعد على المنبر وبايعه الناس قال فنزل وأعطى كل ذي حق حقه ، وسكن الناس وهدؤا قال فلم يكن إلا يسيرا " حتى دخل عليه طلحة والزبير فقالا . يا أمير المؤمنين ان أرضنا أرض شديدة ، وعيالنا كثير . ونفقتنا كثيرة ، قال : الم أقل لكم إني لا أعطى أحدا دون أحد ؟ قالوا بلى قال فأتوا بأصحابكم فان رضوا بذلك أعطيتكم وإلا لم أعطكم دونهم ، ولو كان عندي شئ أعطيتكم من الذي لي لو انتظرتم حتى يخرج عطائي أعطيتكم من عطائي قالوا ما نريد من الذي لك شيئا " ، وخرجا من عنده فلم يلبثا إلا قليلا " حتى دخلوا عليه فقالوا ائذن لنا في العمرة ؟ قال : ما تريدون العمرة ولكن تريدون الغدرة ، قالوا كلا قال قد أذنت لكما ، اذهبا ، قال فخرجوا حتى أتوا مكة وكانت أم سلمة وعائشة بمكة فدخلوا على أم سلمة فقالوا لها وشكوا إليها فوقعت فيهما وقالت انتم تريدون الفتنة ونهتهم عن ذلك نهيا " شديدا " ، قال فخرجوا من عندها حتى أتوا عائشة فقالوا لها مثل ذلك ، وقالوا نريد أن تخرجي معنا نقاتل هذا الرجل قالت نعم .

- ص 179 -

قال فكتب أمير مكة إلى علي : أن طلحة والزبير جاءا فاخرجا عائشة ، ما ندرى أين خرجوا بها ( 1 ) فصعد المنبر فدعا الناس فقال : أنا كنت أعلم بكم فأبيتم ، قالوا وما ذاك ؟ قال : ان طلحة والزبير أتياني فذكرا حالهما ، فقلت : ليس عندي شئ ، فاستأذناني في العمرة ، فقد أخرجا عائشة إلى البصرة تقاتلكم ، قالوا : نحن معك فمرنا بأمرك ، قال : ان هؤلاء يجتمعون عليكم وأرضكم شديدة ، سيروا أنتم إليهم ، وكتب إلى أمير الكوفة : يستنفر الناس قال : فاجتمعوا بالبصرة فقال علي : من يأخذ المصحف ثم يقول لهم ماذا تنقمون ، تريقون دماءنا ودمائكم ؟ فقال رجل : أنا يا أمير المؤمنين ، قال : انك مقتول ، قال : لا أبالي ، قال : خذ المصحف قال : فذهب إليهم فقتلوه ، ثم قال من الغد مثل ما قال بالأمس ، فقال رجل : أنا ، قال : انك مقتول كما قتل صاحبك بالأمس ، قال : لا أبالى ، قال فذهب فقتل ، ثم قتل آخر كل يوم واحد فقال علي : قد حل لكم قتالهم الآن ، قال فبرز هؤلاء وهؤلاء فاقتتلوا قتالا " شديدا " ، قال وقتل طلحة في المعركة وانهزم أصحاب الجمل ، قال وعايشة واقفة على بعيرها ليس عندها أحد ، فقال علي لمحمد بن أبي بكر : خذ بزمام بعير أختك ، فأتاها فقالت : من أنت ؟ قال ابنك ( 2 ) ، قالت كلا ، قال بلى ولو كرهت ، قال وقد كان علي عليه السلام قبل ذلك قال أين الزبير ؟ قالوا هوذا واقف ، فأرسل إليه رسولا : ادن مني حتى أخبرك ، قال وهو في السلاح قال وعلي قباطان وبرنس وسيف وقلنسوة ، فقال له الحسن : يا أمير المؤمنين ذاك في السلاح وليس عليك إلا ما أرى ، قال له علي : أنته عنى ، قال فدنا كل واحد منهما من الآخر حتى اختلفت رؤوس دابتيهما ، فقال له علي : تذكر يوم كنت أنا وأنت في مكان كذا وكذا ، فمر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : لتقاتلن هذا وأنت ظالم له ؟ قال له الزبير : ذكرتني ما قد

  ( 1 ) الإمامة والسياسة 1 / 62 . ( 2 ) مراده ان عائشة أم المؤمنين . [ * ]   
 

- ص 180 -

نسيت ، فلن أسل عليك سيفا فأدبر ، فقال له عبد الله ابنه : ما هذا الذي ذكر لك علي ؟ قال : ذكرني شيئا كنت قد نسيته ، فقال : بعد ما أخرجت القوم تتركهم وتذهب ، قال أبو بشر : فرد عليهم ما كان في العسكر حتى القدر .

وروى ان ابنه عبد الله وبخه بتركه القتال وقال : لعلك رأيت الموت الأحمر تحت رايات ابن أبي طالب عليه السلام ، لقد فضحتنا فضيحة لا نغسل منها رؤوسنا أبدا " ، فغضب الزبير من ذلك وصاح بفرسه وحمل على أصحاب علي عليه السلام حملة منكرة ، فقال علي لأصحابه : فرجوا له فانه محرج ، فأوسعوا له ، فشق الصفوف حتى خرج منها ، ثم رجع فشقها ثانية ، ولم يطعن أحدا " ولم يضرب ، ثم رجع إلى ابنه فقال : هذه حملة جبان ؟ فقال له ابنه عبد الله : فلم تنصرف عنا الآن وقد التقت حلقتا البطان ؟ فقال الزبير : يا بني ارجع والله لأخبار كان النبي صلى الله عليه وآله عهدها إلى فأنسيتها حتى أذكرنيها علي فعرفتها قال : ثم خرج الزبير من عسكرهم تائبا " مما كان فيه وهو ينشد ويقول :

ترك الأمور التي تخشى عواقبها * لله أجمل في الدنيا وفي الدين
نادى علي بأمر لست أنكره * قد كان عمر أبيك الخير مذ حين
فاخترت عارا " على نار مؤججة * أنى بقوم لها خلق من الطين
أخال طلحة وسط القوم منجدلا * ركن الضعيف ومأوى كل مسكين
قد كنت أنصر أحيانا وينصرني * في النائبات ويرمى من يرامينى
حتى ابتلينا بأمر ضاق مصدره * فأصبح اليوم ما يعنيه يعنينى

قال ثم مضى الزبير منفردا " وتبعه خمسة من الفرسان ، فحمل عليهم وفرقهم وفرق جمعهم ، ومضى حتى إذا صار إلى واد السباع ( 1 ) ، فنزل على قوم

  ( 1 ) في مراصد الاطلاع : وادي السباع الذي قتل فيه الزبير بين البصرة ومكة ووادي السباع من نواحى الكوفة . [ * ]   
 

- ص 181 -

من بني تميم فقام إليه عمرو بن جرموز المجاشعى ، فقال له : أبا عبد الله كيف تركت القوم ؟ فقال الزبير : تركتهم والله قد عزموا على القتال ولا شك الا وقد التقوا ، قال فسكت عنه عمرو بن جرموز وامر له بطعام وشئ من لبن فأكل الزبير وشرب ، ثم قام فصلى واخذ مضجعه ، فلما علم ابن جرموز أن الزبير قد نام ، وثب إليه فضربه بسيفه ضربة على أم رأسه فقتله ( 1 ) .

قال رضي الله عنه : التقت حلقتا البطان يضرب في تناهي الأمر ( 2 ) ، لأن البطان هو الرحل ، وانما تلتقي حلقتاه وعروتاه إذا اضطرب حزام الرجل واستأخر حتى التفت عروتاه وهو لا يقدر على النزول فرقا ليشد .

 217 - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد ، اخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا عمرو بن شيب ، حدثنا الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب قال : أول شهود شهدوا في الإسلام بالزور واخذوا عليه الرشا ، الشهود الذين شهدوا عند عائشة حين مرت بماء الحوأب ( 3 ) ، فقالت عائشة : ردوني ، ردوني مرتين ، فأتوها بسبعين شيخا فشهدوا أنه ماؤنا وما هو بماء الحوأب ( 4 ) .

  ( 1 ) رواه الطبري في وقايع سنة 36 ج 4 / 535 .
( 2 ) في [ ر ] : الشر .
( 3 ) حوأب : موضع في طريق البصرة محاذى البقرة ماءة أيضا من مياههم - معجم البلدان وقد تذكرت عائشة تحذير النبي صلى الله عليه وآله عن محاربة علي في موقع آخر وبمناسبة اخرى ودلك عندما احضروا لها بعيرا فلما رأته أعجبها وانشأ الجمال يحدثها بقوته وشدته ويقول : في أثناء كلامه : " عسكر " فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت : ردوه لا حاجة لي فيه ، وذكرت حين سئلت أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر لها هذا الاسم ونهاها عن ركوبه - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 / 224 .
( 4 ) انساب الأشراف 2 / 224 أطول من ذلك الإمامة والسياسة 1 / 63 - مروج الذهب 2 /358
 . [ * ] 
 
 

- ص 182 -

 218 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو إسحاق المدني وأبو الحسن الحافظ قالا : حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدثنا سليمان بن خالد بن صبيح - مولى سهل بن حنيف - أبو عمر الرقى حدثنا أبو علية ، عن أبي سفيان بن العلاء ، عن أبي عتيق قال : قالت عائشة : إذا مر ابن عمر فأرونيه ، فلما مر قيل لها : هذا بن عمر ، قالت : يا أبا عبد الرحمان ما يمنعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال : قد رأيت رجلا قد غلب عليك وظننت أن لا تخالفيه ، قالت : أما انك لو نهيتني ما خرجت .

 219 - وبهذا الاسناد عن أبي سفيان بن العلا هذا ، عن بن أبي عتيق قال : قالت عائشة : إذا ذكرت يوم الجمل أخذت منى هاهنا ، وتشير بيدها إلى حلقها .

 220 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد ، أخبرنا أحمد بن عثمان الآدمي ، حدثنا أبو جعفر محمد بن سويد الطحان ، حدثنا سفيان بن محمد المصيصى ، حدثنا يوسف بن أسباط ، حدثنا سفيان الثوري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : ما ذكرت عائشة مسيرها إلا بكت حتى تبل خمارها ، وتقول : يا ليتني كنت نسيا " منسيا " ( 1 ) .

 221 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الوليد الإمام وأبو بكر بن قريش قالا : حدثنا الحسين بن سفيان ، حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا الحسن بن الحسين ، حدثنا رفاعة بن أياس الضبى ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا مع علي يوم الجمل ، فبعث إلى طلحة بن عبيدالله أن القنى فأتاه ، فقال : نشدتك الله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه ،

  ( 1 ) تاريخ بغداد 9 / 185 - ونظيره في انساب الأشراف 2 /265  . [ * ]   
 

- ص 183 -

وعاد من عاداه ، قال نعم ، قال فلم تقاتلني ؟ قال : لم اذكر ، قال فانصرف طلحة ( 1 ) .

 222 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ، أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا بن نمير ، حدثنا وكيع ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس قال : كان مروان مع طلحة والزبير يوم الجمل ، فلما نشبت الحرب ، قال مروان لا اطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فأصاب ركبته ( 2 ) - يعني طلحة - .

 223 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو نصر بن عمر بن عبد العزيز عمر بن قتادة ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج ، حدثنا أبو جعفر الحضرمي مطين ، حدثنا جندل بن والق ، حدثنا محمد بن عمر المازنى ، عن أبي عامر الأنصاري ، عن بلال بن ثور بن مجزأة السدوسى ، عن أبيه ، عن جده قال : مررت بطلحة وهو صريع بآخر رمق ، فقال : من أنت ؟ فاني أرى وجهك كالقمر ليلة البدر ؟ قال قلت : رجل من أصحاب أمير المؤمنين ، قال : فمد يدك أبايعك لأمير المؤمنين ، فبسطت يدي فبايعني ، ثم قضى نحبه فأتيت عليا " فأخبرته بمقالته ، فقال : الله اكبر صدق الله ورسوله ، أبي الله أن يدخله الجنة الا وبيعتي في عنقه ، وأما الزبير بن العوام فانه أيضا " خرج يطلب بدم عثمان ثم تلهف على ذلك حين أحس الفتنة .

قال رضي الله عنه : وذكر ابن أعثم في فتوحه : أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كتب إلى طلحة والزبير قبل قتال الجمل أخذا " للحجة عليهما : أما بعد فقد علمتما إني لم أرد الناس حتى أرادوني ، ولم أبايعهم حتى اكرهوني ، وأنتما ممن أراد بيعتي وبايعوا ، ولم تبايعا لسلطان غالب ولا لغرض

  ( 1 ) مروج الذهب 2 / 364 . ( 2 ) رواه البلاذري في انساب الأشراف 2 / 246 أطول من ذلك . [ * ]   
 

- ص 184 -

حاضر ( 1 ) ، فإن كنتما بايعتما طائعين ، فتوبا إلى الله وارجعا عما أنتما عليه ، وان كنتما مكروهين فقد جعلتما لي السبيل ( 2 ) عليكما بإظهاركما الطاعة وكتمانكا المعصية ، وأنت يا زبير فارس قريش ، وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين ودفعكما هذا الأمر قبل ان تدخلا فيه أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما ( 3 )

وكتب إلى عائشة : أما بعد ، فإنك قد خرجت من بيتك عاصية لله ولرسوله محمد صلى الله عليه وآله ، تطلبين أمرا " كان عنك موضوعا " ثم تزعمين أنك تريدين الإصلاح بين المسلمين ، فخبريني ما للنساء وقود العساكر والإصلاح بين الناس ؟ وطلبت كما زعمت بدم عثمان وعثمان رجل من بني أمية ، وأنت امرأة من بني تيم بن مرة ، ولعمر الله ان الذي عرضك للبلاء وحملك على المعصية لأعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان ، وما غضبت حتى أغضبت ولا هجت حتى هيجت ، فاتق الله يا عائشة وارجعي إلى منزلك وأسبلي عليك سترك والسلام ( 4 ) .

وروى : انه راسلهم مرة بعد أخرى ليكفوا عن الحرب ، وحمل زيد ابن صوحان وعبد الله بن عباس رسالاته إليهم ، فلما لم يجيبوا إلى ذلك جمع من تابعه من الناس من أهل بيعته فخطبهم فقال : يا أيها الناس إني قد تأنيت هؤلاء القوم وراقيتهم وناشدتهم كيما يرجعوا ويرتدعوا ، فلم يفعلوا ولم يستجيبوا وقد بعثوا إلي ان ابرز إلى الطعان واثبت للجلاد وقد كنت وما اهدد بالحروب ولا أدعى إليها وقد أنصف من راماها ، ولعمري لئن ابرقوا

  ( 1 ) هكذا في الأصلين ولكن في شرح لنهج البلاغة لابن أبي الحديد : " لحرص حاضر " وفي شرح لنهج البلاغة لعبده : " لعرض حاضر " وفي هامشه : والعرض ، بفتح فسكون - أو بالتحريك - : هو المتاع ، وما سوى النقدين من المال ومعناه ولا لطمع في مال حاضر .
( 2 ) السبيل : الحجة .
( 3 ) شرح نهج البلاغة لعبده ولابن أبي الحديد 17 / 131 الكتاب

( 4 )
الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري 1 /70  . [ * ] 
 
 

- ص 185 -

وأرعدوا فلقد عرفوني وراوا نكايتي القارة ، أنا أبو الحسن الذي فللت حدهم ، وفرقت جماعتهم فبذلك القلب القى عدوى وأنا على بينة من ربي لما وعدني من النصر والظفر ، واني لعلى غير شبهة من أمري ، ألا ان الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ، ومن لم يقتل يمت ، وان أفضل الموت القتل ، والذي نفس على بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة الفراش ، ثم رفع يده إلى السماء وهو يقول : اللهم ان طلحة بن عبيدالله أعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتي ، اللهم فعاجله ولا تمهله ، اللهم وان الزبير بن العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوي ونصب الحرب لي وهو يعلم انه ظالم لي ، فاكفنيه كيف شئت وانى شئت .

قال " رض " أنصف القارة من راماها ، القارة قبيلة وهم عضل والديش وهم أبناء الهون بن خزيمة ، سموا قارة لاجتماعهم والتفافهم ، تشبيها " بالقارة التي هي الأكمة ، وقد أراد الشداخ أن يفرقهم في قبائل كنانة فقال رجل منهم : دعونا قارة لا تنفرونا * فنجفل مثل إجفال الظليم أي دعونا مجتمعين ، وكانوا رماة الحدق زعموا أن أربعين منهم أحسوا بشئ في الليلة المظلمة فرموه فأصبحوا فرأوا الأربعين سهما في هرة ( 1 ) والتقى قاري وأسدي فقال القاري : ان شئت صارعتك ، وأن شئت راميتك ، وان شئت سابقتك ، فاختار الأسدي المراماة ، فقال القاري :

قد علمت سلمى ومن والاها * إنا نصد الخيل من هواها
قد أنصف القارة من راماها * إنا إذا ما فئة نلقاها
نرد أولاها على أخراها * نردها دامية كلاها

ثم انتزع القاري له بسهم فشك به فؤاده ، ضربه أمير المؤمنين مثلا فيمن

  ( 1 ) وفي [ ر ] : هزة وهو تصحيف . [ * ]   
 

- ص 186 -

أختار محاربته وهو ابن بجدتها ( 1 ) فقد أنصفه .

قال رضي الله عنه : ولما تقابل العسكران : عسكر أمير المؤمنين علي عليه السلام وعسكر أصحاب الجمل ، جعل أهل البصرة يرمون أصحاب علي بالنبل حتى عقروا منهم جماعة ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين انه قد عقرنا نبلهم فما انتظارك بالقوم ، فقال علي : اللهم إني أشهدك إني قد أعذرت وأنذرت فكن لي عليهم من الشاهدين ، ثم دعا على بالدرع ، فأفرغها عليه وتقلد بسيفه واعتجر بعمامته واستوى على بغلة النبي صلى الله عليه وآله ، ثم دعا بالمصحف فأخذه بيده وقال : يا أيها الناس من يأخذ هذا المصحف فيدعوا هؤلاء القوم إلى ما فيه ؟ قال فوثب غلام من مجاشع يقال له مسلم ، عليه قباء أبيض ، فقال له : أنا آخذه يا أمير المؤمنين ، فقال له علي : يافتى ان يدك اليمنى تقطع فتأخذه باليسرى فتقطع ، ثم تضرب عليه بالسيف حتى تقتل ، فقال الفتى : لا صبر لي على ذلك ( 2 ) يا أمير المؤمنين ، قال فنادى علي ثانية ، والمصحف في يده ، فقام إليه ذلك الفتى وقال : أنا آخذه يا أمير المؤمنين ، قال فأعاد عليه على مقالته الأولى ، فقال الفتي : لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات الله ، ثم اخذ الفتى المصحف وانطلق به إليهم ، فقال : يا هؤلاء ، هذا كتاب الله بيننا وبينكم ، قال فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها ، فأخذ المصحف بشماله فقطعت شماله ، فاحتضن المصحف بصدره فضرب عليه حتى قتل - رحمة الله عليه - قال فنظرت إليه أمه فرثته بأبيات من الشعر ، قال ثم رفع علي رأيته إلى ابنه محمد بن الحنفية وقال : تقدم يا بني ، فتقدم محمد ثم وقف بالراية لا يبرح بها ،

  ( 1 ) هو ابن بجدتها : يقال للعالم المتقن ، واصله الدليل الهادي في الصحراء ، ومن لا يبرح عن قوله - المعجم الوسيط .
|( 2 ) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
- لأصبر على ذلك . [ * ] 
 
 

- ص 187 -

فصاح به علي : اقتحم لا أم لك ، فحمل محمد بالراية وطعن بها في أصحاب الجمل طعنا " منكرا " ، وعلي ينظر فأعجبه ما رأى من فعاله فجعل يقول عليه السلام :

اطعن بها طعن أبيك تحمد * لا خير في الحرب إذا لم توقد

قال فقاتل بالراية محمد بن الحنفية ساعة ، ثم رجع وضرب علي بيده إلى سيفه فاسله ، ثم حمل على القوم فضرب فيهم يمينا وشمالا " ، ثم رجع وقد انحنى سيفه فجعل يسويه بركبته فقال له أصحابه : نحن نكفيك ذلك يا أمير المؤمنين ، فلم يجب أحدا " حتى سواه ثم حمل ثانية حتى اختلط فيهم ، فجعل يضرب فيهم قدما حتى انحنى سيفه ، ثم رجع إلى أصحابه ووقف يسوي السيف بركبته وهو يقول : والله ما أريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة ، ثم التفت إلى ابنه محمد بن الحنفية وقال : هكذا فاصنع يا بنى ( 1 ) ثم تقدم رجل من أصحاب الجمل يقال له عبد الله بن يبرى فجعل يرتجز ويقول :

يا رب أني طالب أبا الحسن * ذاك الذي يعرف حقا " بالفتن
ذاك الذي نطلبه على الإحن * ونقضه شريعة من السنن

قال فخرج إليه علي وهو يقول :

ان كنت تبغي ان ترى أبا حسن * وكنت ترميه بإيثار الفتن
فاليوم تلقاه مليا فاعلمن * بالضرب والطعن عليما بالسنن

قال ثم شد عليه علي بالسيف فضربه ضربة هتك بها عاتقه فسقط قتيلا " ، فوقف عليه علي وقال : قد رأيت أبا الحسن فكيف رأيته ؟ ( 2 ) قال وخرج أخوه عبد الله بن يبرى وهو يرتجز ويقول :

أضربكم ولو أرى عليا " * عممته أبيض مشرفيا "
واسمرا " عنطنطا خطيا * ابكي عليه الولد والوليا

  ( 1 ) و ( 2 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 257 و 9 / 111 و 1 /256  . [ * ]   
 

- ص 188 -

قال : فخرج إليه علي عليه السلام متنكرا وهو يقول :

يا طالبا في حربه عليا * يمنحه أبيض مشرفيا
أثبت لتلقاه بها عليا * مهذبا " سميدعا " كميا

قال ثم حمل عليه علي فضربه ضربة على وجهه فرمى بنصف رأسه ، وأنصرف علي يريد إلى أصحابه ، فصاح به صائح من ورائه والتفت فإذا بعبدالله بن خلف الخزاعي - وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة - فلما رآه علي عليه السلام عرفه فنادى : ما تشاء يابن خلف ؟ قال هل لك في المبارزة ؟ قال علي عليه السلام : ما اكره ذلك ولكن ويحك يابن خلف ما راحتك في القتل ، وقد علمت من أنا ، فقال عبد الله بن خلف ، زرنى من بذخك يابن أبي طالب وادن منى لترى أينا يقتل صاحبه فثنى إليه علي عليه السلام عنان فرسه ، قال : والتقيا للضراب فبدره عبد الله بن خلف بضربة ، دفعها علي عليه السلام بححفته ، ثم ضربه ضربة رمى بيمينه ثم ثناه بأخرى ، فاطار قحف رأسه ( 1 ) ( 2 ) .

قال " رضي الله عنه " العنطنط : الطويل المضطرب ، والسميدع : السيد الكريم الموطأ الاكتاف . وجال الأشتر بين الصفين وقتل من شجعان أهل الجمل جماعة واحدا " بعد واحد مبارزة ، وكذلك عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر واشتبكت الحرب بين العسكرين واقتتلوا قتلا " شديدا " لم يسمع بمثله ، وقطعت على خطام الجمل ثماني وتسعون يدا " ، وصار الهودج كأنه القنفذ ( 3 ) مما فيه من النبل والسهام ، واحمرت الأرض بالدماء ، وعقر الجمل من ورائه فعج ( 4 ) ورغا ، فقال علي : عرقبوه فانه شيطان ، ثم التفت إلى محمد بن أبي بكر وقال : انظر

  ( 1 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 261 .
( 2 ) قحف الرأس : فوق الدماغ - النهاية .
( 3 ) و ( 4 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 262 - 266
 . [ * ] 
 
 

- ص 189 -

إذا عرقب الجمل فأدرك أختك فوارها ، وقد عرقب الجمل فوقع لجنبه وضرب بجرانه الأرض ، ورغا رغاء شديدا " وبادر عمار بن ياسر فقطع أنساع الهودج بسيفه واقبل علي عليه السلام على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فقرع الهودج برمحه ، ثم قال : يا عائشة اهكذا أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقالت عائشة [ يا ] أبا الحسن قد ظفرت فأحسن ، وملكت فاسجح ، وقال علي عليه السلام لمحمد بن أبي بكر : شأنك بأختك فلا يدنو أحد سواك ، فأدخل محمد يده إلى عائشة فاحتضنها ، ثم قال : أصابك شئ ؟ قالت لا ، ولكن من أنت ويحك فقد مسست منى ما لا يحل لك ؟ فقال محمد : اسكتي فأنا محمد أخوك ، فعلت بنفسك ما فعلت ، وعصيت ربك وهتكت سترك وابحت حرمتك ، وتعرضت للقتل ، ثم ادخلها البصرة وانزلها في دار عبد الله بن خلف الخزاعي ( 1 ) .

قال رضي الله عنه : ومن كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في ذم البصرة وأهلها : " كنتم جند المرأة واتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم ، أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق ، المقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ، كأني بمسجدكم كجوجؤ سفينة قد بعث إليها العذاب من فوقها ومن تحتها وغرق من في ضمنها " ( 2 ) . قال " رض " الزعاق : الماء الشديد الملوحة .

  ( 1 ) انساب الأشراف 2 / 249 اقصر من ذلك . ( 2 ) خطبة 6 من نهج البلاغة لصبحى الصالح . [ * ]   
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب