المناقب - الموفق الخوارزمي - ص 190 : -

الفصل الثالث في بيان قتال أهل الشام أيام صفين وهم القاسطون

 224 - أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، حدثنا الحسين بن الحكم الحبري ، حدثنا إسماعيل بن أبان ، حدثنا إسحاق ابن إبراهيم الأزدي عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء ، فمع من ؟ قال : مع علي بن أبي طالب ، معه يقتل عمار بن ياسر ( 1 ) .

 225 - وأخبرنا أبو منصور شهردار هذا أخبرنا أبو الفتح عبدوس هذا كتابة ، أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه ، حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا زكريا بن الخزاز المقري ، حدثنى إسماعيل بن عباد المقري ، حدثنا شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى منزل ام سلمة ، فجاء علي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : هذا والله قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بعدى ( 2 ) .

 226 - وأخبرني أبو منصور شهردار هذا كتابة ، أخبرني أبو الفتح عبدوس هذا كتابة ، حدثنا أبو بكر محمد بن بالويه ، حدثنا الحسن بن علي ين شبيب المعمري ، حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، قال حدثنى أبو زيد الاحول ، عن عتاب بن ثعلبة قال : حدثنى أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع علي بن أبي طالب عليه السلام ( 3 ) .

 227 - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ،

  ( 1 ) أسد الغابة لابن الأثير 4 / 32 - ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 / 212 .
( 2 ) تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 / 206 .
( 3 ) مستدرك الصحيحين 3 / 193 -  تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 / 213
 . [ * ] 
 
 

- ص 191 -

أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السبعى النيسابوري بها ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن سعيد بن أبي الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية ( 1 ) .

 228 - وبهذا الأسناد عن إبراهيم بن مرزوق هذا ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن الحسن بن أبي الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية ( 2 ) أخرجه مسلم في الصحيح .

 229 - وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله ابن بطة الاصبهاني ، حدثنا الحسن بن الجهم ، حدثنا الحسين بن الفرج ، حدثنا محمد بن عمرو - هو الواقدي - حدثنى عبد الله بن الحارث ، عن أبيه ، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفا " ، وشهد صفين وقال لا أصلي أبدا " ( 3 ) حتى يقتل عمار ، فأنظر من يقتله فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : تقتله الفئة الباغية ، قال : فلما قتل عمار ، قال خزيمة : قد جازت لي الصلاة ، ثم اقترب فقاتل حتى قتل ، وكان الذي قتل عمارا " أبو غادية المزني طعنه برمح فسقط وكان يومئذ يقاتل وهو ابن أربع وتسعين سنة ، فلما وقع اكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان كلاهما يقول : أنا قتلته ،

  ( 1 ) و ( 2 ) صحيح مسلم الجزء الثامن - / 186 .
( 3 ) أي لا أصلي خلف إمام حتى يتبين الإمام . هكذا في المخطوطات وروى ابن سعد في طبقاته ج 3 ص 259 هكذا : أنا لا أصل أبدا " . . فلما قتل عمار . . قال خزيمة : قد بانت لي الضلالة وهكذا أيضا " رواه ابن الأثير في أسد الغابة 4 / 47
 . [ * ] 
 
 

- ص 192 -

فقال عمرو بن العاص : والله ان تختصمان إلا في النار ، فسمعها منه معاوية فلما انصرف الرجلان ، قال معاوية لعمرو : ما رأيت مثل ما صنعت ، قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما : انكما لتختصمان في النار ، فقال عمرو : وهو والله ذاك والله انك لتعلمه ولو ددت إني مت قبل هذا بعشرين سنة ( 1 ) .

 230 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، حدثنى محمد بن إسحاق الصفار ، حدثنى وهب - هو بن بقية - ( 2 ) ، حدثنى خالد يعنى - ابن عبد الله - عن خالد الحذاء ، عن عكرمة : أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله بن عباس : انطلقا [ إلى ] أبي سعيد فاسمعا من حديثه ، فأتيناه فإذا هو في حائط له ، فلما رآنا جاء فاخذ ردائه ثم قعد فأنشا يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد قال : كنا نحمل لبنة لبنة ، وعمار لبنتين لبنتين ، فرآه النبي صلى الله عليه وآله فجعل ينفض التراب عن رأس عمار ويقول : يا عمار الا تحمل كما يحمل أصحابك ؟ قال : إني أريد الأجر من الله عزوجل قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول : ويحك تقتلك الفئة الباغية ، تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار ، قال عمار : أعوذ بالرحمان - أظنه قال من الفتن - ( 3 ) . قال أحمد بن الحسين البيهقي هذا حديث صحيح على شرط البخاري .

 231 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ،

  ( 1 ) مستدرك الصحيحين 3 / 385 ورواه ابن الأثير في أسد الغابة 4 / 474 والطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 259 . وهذا كلام قالته عائشة أيضا بعد حرب الجمل - انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 264 .
( 2 ) في [ ر ] : ( خ ل ) : منبه .
( 3 ) صحيح البخاري الجزء الأول ص 3 باب التعاون في بناء المسجد - الطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 252 و 252 - والحديث أيضا " في الجزء الرابع منه ص 21 باب مسح الغبار عن الناس
. [ * ] 
 
 

- ص 193 -

حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، قال حدثنى بريدة بن سفيان ، عن محمد بن كعب : أن كاتب رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الصلح ، كان علي بن أبي طالب عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو ، فجعل على يتلكأ ويابى إلا أن يكتب : " محمد رسول الله " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اكتب فان لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد ، فكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو ( 1 ) .

 232 - قال رضي الله عنه : وروى السيد أبو طالب باسناده عن علقمة والأسود قالا : أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا : يا أبا أيوب ، ان الله أكرمك بنبيه صلى الله عليه وآله إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ضيفا لك ، فضيلة الله فضلك بها ، فاخبرنا عن مخرجك مع علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال أبو أيوب : فاني أقسم لكما : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا البيت الذي أنتما فيه ، وما فيه غير رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي جالس عن يمينه ، وأنا جالس عن يساره ، وأنس بن مالك قائم بين يديه ، إذ تحرك الباب فقال صلى الله عليه وآله : انظر من بالباب ؟ فخرج أنس فنظر فقال : هذا عمار بن ياسر ، فقال صلى الله عليه وآله : افتح لعمار الطيب المطيب ، ففتح أنس ودخل عمار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله ، فرحب به ثم قال لعمار : انه سيكون في أمتي من بعدى هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يمينى علي بن أبي طالب ، وان سلك الناس كلهم واديا " وسلك علي واديا " ، فاسلك وادى علي وخل عن الناس ، ان عليا لا يردك عن هدى ،

  ( 1 ) شرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 232 و 233 من الطبقة الثالثة باختلاف يسير . [ * ]   
 

- ص 194 -

ولا يدلك على ردى ، يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله ( 1 ) قال رضي الله عنه : يقال فيه هنات وهنوات وهنيات : خصال سوء قال لبيد : إن البرى من الهنات سعيد .

الآثار :
 233 - أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا الشيخ العالم محيى السنة أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرنا أبو الحسين ( 2 ) محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي بقنطرة بردان ( 3 ) ، حدثنا محمد بن سعيد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي ، حدثني عمى عمرو بن عطية بن سعد ، عن أخيه الحسن بن عطية ، حدثني جدي سعد بن عبادة ، عن علي عليه السلام ، قال : أمرت بقتال ثلاثة ، القاسطين والناكثين والمارقين ، فأما القاسطون فأهل الشام ، وأما الناكثون فذكرناهم ، وأما المارقون فأهل النهروان - يعنى الحرورية ( 4 ) .

 234 - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عمر عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي ، حدثنا وهب بن جرير وأبو الوليد ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عبد الله بن سلمة يقول : رأيت عمار

  ( 1 ) حديث مشهور وله مصادر كثيرة منها : تاريخ الخطيب البغدادي 3 / 186 ، تاريخ ابن عساكر ترجمه الإمام علي عليه السلام 3 / 214 وفرائد السمطين للجويني 1 / 178 .
( 2 ) في [ و ] : أبو الحسن .
( 3 ) قنطرة البردان ، بفتح الباء والراء : محلة ببغداد ، بناها رجل يقال له السرى بن الحطم صاحب الحطمية قرية قرب بغداد - معجم البلدان .
( 4 ) رواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه السلام 3 / 202 وأورده البلاذري في انساب الأشراف 2 / 138 عن علقمة
وروى أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 2 / 858 قطعة من الحديث . [ * ] 
 
 

- ص 195 -

بن ياسر يوم صفين شيخا آدما طويلا ، آخذ الحربة بيده ويده ترعد قال : والذي نفسي بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث مرات ، وهذه الرابعة ، والذي نفسي بيده لو ضربوا بنا حتى يبلغوا [ بنا ] سعفات هجر لعرفنا ان مسلحتنا على الحق وإنهم على الضلالة ( 1 ) .

 235 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله مكي بن بندار الزنجاني ببغداد ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن رجاء الحنفي بمصر ، حدثنا هارون بن محمد بن أبي الهيدام العسقلاني ، حدثنا عثمان بن طالوت بن عباد الجحدري ، حدثنى بشر بن أبي عمرو بن العلا ، حدثني أبي ، حدثنى الذيال بن حرملة قال : سمعت صعصعة بن صوحان يقول : لما عقد علي بن أبي طالب عليه السلام أخرج لواء رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ير ذلك اللواء مذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فعقده ، ودعا قيس بن سعد بن عبادة فدفعه إليه واجتمعت الأنصار وأهل بدر ، فلما نظروا إلى لواء رسول الله صلى الله عليه وآله بكوا فانشأ قيس بن سعد بن عبادة " رض " يقول :

هذا اللواء الذي كنا نحف به * دون النبي وجبريل لنا مدد
ما ضر من كانت الانصار عيبته * أن لا يكون لهم من غيرهم عضد
( 2 ) .

 236 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنى يحيى بن سعيد ، عن يحيى أبي معشر ، عن محمد بن قيس ، عن ابن عمارة ، عن خزيمة بن ثابت قال : ما زال جدى كافا " سلاحه حتى

  ( 1 ) حديث مشهور رواه جمع من الحفاظ منهم : ابن سعد في الطبقات 3 / 258 و 259 - الحاكم في المستدرك 2 / 148 - أحمد في المسند 6 / 289 .
( 2 ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم / 453 ، والأبيات هذه جاءت في أسد الغابة 4 /216
 . [ * ] 
 
 

- ص 196 -

قتل عمار بصفين ، فسل سيفه فقاتل حتى قتل . قال أحمد بن الحسين البيهقي : لما قتل عمار بصفين ، اقتتل ( 1 ) أمير المؤمنين علي عليه السلام فيما زعم أهل التواريخ قتالا " شديدا " وقتل من عدوه ليلة الهرير ناس كثير ، واتصلت الحرب بينهم حتى ولى أكثر أهل الشام أدبارهم ، فجعل معاوية ومن بقى معه مصاحفهم على رؤوس أرماحهم وقالوا : نحن ندعوكم إلى كتاب الله عزوجل وكان ذلك منهم مكرا " وحيلة ، ليمسك أصحاب علي عن قتالهم فكان الأمر كما ظنوا وأشاروا إلى علي عليه السلام بترك القتال ( 3 ) .

 237 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين العلوي ، أخبرنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل ، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثنا عبد الله بن يونس بن بكير ، حدثنا أبي ، عن الأعمش ، حدثنى من رأى عليا عليه السلام يوم صفين : يصفق بيديه ويعض عليهما فقال : يا عجبا أعصى ويطاع معاوية ! ( 4 ) .

 238 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرني الحاكم أبو عبد الله الحافظ في التاريخ ، قال : سمعت أبا عثمان سعيد بن نصر الاندلسي يقول : سمعت أبا علي إسماعيل بن محمد الصفار يقول : سمعت أحمد بن عبيد بن ناصح يقول : سمعت أبا عبيد ( 5 ) يحدث عن أبي سنان العجلي قال : قال ابن عباس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ابعثني إلى معاوية بن أبي سفيان بينك وبينه فوالله لافتلن له حبلا لا ينقطع وسطه ولا ينقضى طرفه ، فقال علي : لست من مكرك ومكر معاوية في شئ ،

  ( 1 ) في [ ر ] : ( خ ل ) : قاتل .
( 2 ) أرماح : جمع رمح ويأتي جمعه على رماح أيضا " .
( 3 ) وقعة صفين - / 476 وما بعدها .
( 4 ) وقعة صفين - لنصر بن مزاحم / 388 .
( 5 ) في [ و ] - أبا عبد الله
. [ * ] 
 
 

- ص 197 -

والله لا أعطى معاوية إلا السيف حتى يغلب الحق الباطل ، قال ابن عباس : أو غير هذا ، قال كيف ؟ قال [ ابن عباس ] : أنه يطاع ولا يعصى وأنت عن قليل تعصى ولا تطاع ، قال فلما جعل أهل العراق يختلفون على علي عليه السلام قال : لله در ابن عباس انه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق .

 239 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا سعيد ابن أسد ، حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال : قطع يوم صفين أربعون ألف قصبة ، فوضعت كل قصبة على قتيل فنفدت القصبه ( 1 ) ولم تحص القتلى . قال يعقوب وروى حماد بن زيد ، عن هشام ، عن ابن سيرين قال : بلغ القتلى يوم صفين سبعين ألفا ، فما قدروا على ان يعدوهم إلا بالقصب .

 240 - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرني أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن إسحاق ، حدثنا يعلى بن أسد ، حدثنا حاتم بن وردان ، حدثنى علي بن زيد ، حدثنى رجل من بني سعد قال : كنت واقفا " إلى جنب الأحنف بصفين ، والأحنف إلى جنب عمار ، فقال عمار : حدثنى خليلي : ان آخر زادك من الدنيا ضيحة لبن ، قال فبينا نحن وقوف إذ سطع الغبار وقالوا : جاء أهل الشام فقام السقاة يسقون الناس ، فجاءت جارية معها قدح فناولته عمارا " ، فشرب وأعطى الاحنف فضله فشرب الاحنف وناولني فضله فإذا هو لبن ، فأصغيت إلى الأحنف فقلت : ان كان صاحبك صادقا ليقتلن الآن قال قال وغشينا الناس فسمعته يقول :

الجنة . الجنة تحت الأسنة * اليوم القى الأحبة محمدا وحزبه

  ( 1 ) في [ و ] القصب . [ * ]   
 

- ص 198 -

فكان آخر العهد منه ( 1 ) .

قال " رضي الله عنه " : الضيح والضياح : اللبن الرقيق .

وروى ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أرسل إلى معاوية رسله الطرماح وجرير بن عبد الله البجلي وغيرهما قبل مسيره إلى صفين ، وكتب إليه مرة بعد أخرى يحتج عليه ببيعة أهل الحرمين له وسوابقه في الإسلام ، لئلا يكون بين أهل العراق وأهل الشام محاربة ، ومعاوية يعتل بدم عثمان ويستغوى بذلك جهال الشام وأجلاف العرب ويستميل طلبة الدنيا بالأموال والولايات ، وكان يشاور في أثناء ذلك ثقاته وأهل مودته وعشيرته في قتال علي رضي الله عنه فقال له أخوه عتبة : هذا أمر عظيم لا يتم الا بعمرو ابن العاص فانه قريع زمانه في الدهاء والمكر ، يخدع ولا يخدع ، وقلوب أهل الشام مائلة إليه ، فقال معاوية : صدقت والله ، ولكنه يحب عليا فأخاف ان لا يجيئنى ، فقال : اخدعه بالأموال ومصر .

فكتب إليه معاوية : من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان ، إمام المسلمين وخليفة رسول رب العالمين ذي النورين ختن المصطفى على ابنتيه وصاحب جيش العسرة وبئر رومة ، المعدوم الناصر ، الكثير الخاذل ، المحصور في منزله ، المقتول عطشا " وظلما " في محرابه ، المعذب بأسياف الفسقة ، إلى عمرو بن العاص ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وثقته وأمير عسكره بذات السلاسل ، المعظم رأيه ، المفخم تدبيره . أما بعد لن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين وما أصيبوا به من الفجيعة بقتل عثمان وما ارتكب به جاره حسدا وبغيا بامتناعه من نصرته وخذلانه إياه وأشلائه ( 2 ) الغاغة عليه حتى قتلوه في محرابه ، فيالها من مصيبة

  ( 1 ) الإمامة والسياسة 1 / 126 .
( 2 ) الإشلاء : الاغراء . يقال أشلى الكلب على الصيد وهو مأخوذ من الشلو ، لأن المراد به التسليط على أشلاء الصيد وهي اعضاؤه . والغاغة : الكثير المختلط من الناس
. [ * ] 
 
 

- ص 199 -

عمت جميع المسلمين وفرضت عليهم طلب دمه من قتلته ، وأنا أدعوك إلى الحظ الأجزل من الثواب والنصيب الأوفر من حسن المآب بقتال من آوى قتلة عثمان .

فكتب إليه عمرو : من عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى معاوية بن أبي سفيان . اما بعد فقد وصل كتابك فقراته وفهمته ، فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهور في الضلالة معك ، وإعانتي إياك على الباطل واختراط السيف على وجه علي وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه ووارثه ، وقاضي دينه ومنجز وعده ، وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة ، وأبو السبطين : الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، فلن يكون ، واماما قلت إنك لخليفة عثمان ، فقد صدقت ولكن تبين اليوم عزلك عن خلافته وقد بويع لغيره فزالت خلافتك ، وأماما عظمتني ونسبتني إليه من صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله واني صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية ولا أميل بها عن الملة ، وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه إلى الحسد والبغي على عثمان وسميت الصحابة فسقة ، وزعمت أنه أشلاهم على قتله ، فهذا كذب وغواية . ويحك يا معاوية ، أما علمت أن أبا حسن بذل نفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وبات على فراشه وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : هو منى وأنا منه ، وهو منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدى ، وقد قال فيه يوم غدير خم : ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وهو الذي قال فيه عليه السلام يوم خيبر : لأعطين الراية غدا " رجلا " يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، وهو الذي 

- ص 200 -

قال عليه السلام فيه يوم الطير : اللهم آتني بأحب خلقك إليك ، فلما دخل إليه قال إلي وإلي . وقد قال فيه يوم بني النضير : على إمام البررة وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله . وقد قال فيه : علي وليكم بعدي . واكد القول علي وعليك وعلى جميع المسلمين وقال : إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ، وقد قال : أنا مدينة العلم وعلي بابها . وقد علمت يا معاوية ما انزل الله تعالى في كتابه من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشركه فيها أحد كقوله تعالى : " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ " ( 1 )
[ وقوله تعالى ] : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ " ( 2 ) .
[ وقوله تعالى ] " أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ " ( 3 )
[ وقوله تعالى ] : " رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ " ( 4 )
وقد قال تعالى لرسوله : " قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى " ( 5 ) وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله : أما ترضى أن يكون سلمك سلمى ، وحربك حربي ، وتكون أخي ووليي في الدنيا والآخرة ، يا أبا الحسن من أحبك فقد أحبني ، ومن أبغضك فقد ابغضني ، ومن أحبك ادخله الله الجنة ، ومن أبغضك ادخله الله النار ، وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع به من له عقل أو دين والسلام . ثم كتب إليه معاوية يعرض عليه الأموال والولايات وكتب في آخر كتابه :

جهلت ولم تعلم محلك عندنا * فأرسلت شيئا " من خطاب وما تدرى
فثق بالذي عندي لك اليوم آنفا * من العز والإكرام والجاه والقدر

  ( 1 ) الإنسان : 7 .    ( 2 ) المائدة : 55 .    ( 3 ) هود : 17 .    ( 4 ) الأحزاب : 23 .    ( 5 ) الشورى : 23  . [ * ]   
 

- ص 201 -

فاكتب عهدا " ( 1 ) ترتضيه مؤكدا " * واشفعه بالبذل منى وبالبر

فكتب عمرو :

أبي القلب منى ان أخادع بالمكر * بقتل ابن عفان أجر إلى الكفر
واني لعمرو ذو دهاء وفطنة * ولست أبيع الدين بالريح والدفر
( 3 )
فلو كنت ذا رأى وعقل وفطنة * لقلت لهذا الشيخ ان خاض في الأمر ( 4 )
تحية منشور جليل مكرم * بخط صحيح ذي بيان على مصر
أليس صغيرا " ملك مصر ببيعة * هي العار في الدنيا على العقب من عمرو
فان كنت ذا ميل شديد إلى العلى * وإمرة أهل الدين مثل أبي بكر
فأشرك أخا رأى وحزم وحيلة * معاوى في أمر جليل لذي الذكر
فان دواء الليث صعب على الورى * وان غاب عمرو زيد شرا " إلى شر

فكتب معاوية منشور مصر ونفذه إليه ، وبقي عمرو متفكرا " ، لا يدرى ما يصنع ، حتى ذهب عنه النوم وقال :

تطاول ليلى بالهموم الطوارق * وصافحت من دهري وجوه البوائق
أأخدعه والخدع فيه سجية * أم أعطيه من نفسي نصيحة وامق
أم اقعد في بيتي وفي ذاك راحة * لشيخ يخاف الموت في كل شارق

فلما أصبح دعا مولاه وردان - وكان عاقلا - فشاوره في ذلك ، فقال وردان : ان مع علي آخرة ولا دنيا معه ، وهي التي تبقى لك ، وتبقى لها ، وان مع معاوية دنيا ولا آخرة معه وهي التي لا تبقى على أحد فانظر لنفسك أيهما تختار ، فتبسم عمرو وقال :

يا قاتل الله وردانا وفطنته * لقد أصاب الذي في القلب وردان

  ( 1 ) في [ و ] - عقدا " .
( 2 ) في [ ر ] اسفعه .
( 3 ) في [ و ] : بالريح والوفر - والدفر : النتن .
( 4 ) في [ ر ] : ان جاض في الأمر ، وفي [ و ] : ان خاض لي الأمر
. [ * ] 
 
 

- ص 202 -

لما تعرضت الدنيا عرضت لها * بحرص نفسي وفي الاطباع أدهان
نفس تعف وأخرى الحرص يمنعها * والمرأ يأكل تبنا " وهو غرثان
أما علي فدين ليس تشركه * دنيا وذاك له دنيا وسلطان
فاخترت من طمعي دنيا على بصري * وما معي بالذي أختار برهان
أنى لأعرف ما فيها وأبصره * وفي أيضا " لما أهواه ألوان
( 1 )
لكن نفسي تحب العيش في شرف * وليس يرضى بذل النفس إنسان

ثم إن عمرا " رحل إلى معاوية فمنعه ابنه عبد الله ووردان ، فلم يمتنع فلما بلغ مفرق الطرق : طريق العراق وطريق الشام ، قال له وردان : طريق العراق ، طريق الآخرة ، وطريق الشام طريق الدنيا ، فايهما تسلك ؟ قال طريق الشام ( 2 ) . "

قال رضي الله عنه " : كتب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قبل نهضته إلى صفين إلى معاوية لأخذ الحجة عليه . أما بعد : انه لزمتك بيعتي بالمدينة وأنت بالشام ، لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب ان يرد ، وانما الشورى للمهاجرين والأنصار ، فإذا اجتمعوا على رجل فسموه إماما " ، كان ذلك ( 3 ) رضي الله ، فان خرج من أمرهم خارج ردوه إلى ما خرج منه فان أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى واصلاه جهنم وساءت مصيرا " .

وان طلحة والزبير بايعاني ثم نقضا بيعتي وكان نقضهما كردهما فجاهدتهما على ذلك بعد ما أعذرت وحتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ، فأدخل يا معاوية فيما دخل فيه المسلمون فان أحب الأمور إلي فيك العافية وان لا تعرض للبلاء فان تعرضت للبلاء قاتلتك واستعنت عليك

  ( 1 ) في [ ر ] : كما أهواه . ( 2 ) وقعة صفين / 34 وما بعدها . ( 3 ) في [ و ] : فان ذلك . [ * ]   
 

- ص 203 -

الله ، وقد أكثرت  [ الجدال ] في قتلة عثمان ، فأدخل فيما دخل فيه الناس ، ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله فاما تلك التي تريدها فهي خدعة الصبي على اللبن ، ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني ابرأ قريش من دم عثمان ، واعلم انك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة ، ولا تعرض فيهم الشورى ، وقد بعثت اليك والى من قبلك جرير بن عبد الله وهو من أهل الإيمان والهجرة ، فبايع ولا قوة إلا بالله ( 1 ) .

" قال رضي الله عنه " روى أن أهل الشام سبقوا إلى مشرعة الفرات ومنعوا أصحاب علي الماء وكان علي رضي الله عنه وأصحابه يشربون من ماء آسن حتى فشا فيهم السقم وكان علي " رض " يدارى أهل الشام ويلاطفهم فلا يبدأهم بالقتال ويحتج عليهم مرة بعد أخرى وهم مصرون على منعهم الماء .

وكتب معاوية إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام : أما بعد فلو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت برئ من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين والأنصار ، وخذلت عنه الأنصار حتى أطاعك الجاهل وتقوى بك الضعيف وقد عزم أهل الشام على قتالك ، اللهم إلا أن تدفع إليهم قتلة عثمان فيكفوا عنك وتجعل الأمر شورى بين المسلمين ويكون الشورى لأهل الشام ، لا لأهل الحجاز ، فأما فضلك في الإسلام وسابقتك وقرابتك برسول الله صلى الله عليه وآله وموضعك في قريش فلا ادفعه ، وفي آخر الكتاب أبيات :

أرى الشام تكره أهل العراق * وأهل العراق لهم كارهونا
وكل لصاحبه مبغض * يرى كل ما كان من ذاك دينا

  ( 1 ) نهج البلاغة - كتاب رقم 8 مع اختلاف في آخر الرواية - وقعة صفين ص 29 - الإمامة والسياسة 1 /93  . [ * ]   
 

- ص 204 -

إذا ما رمونا رميناهم * ودناهم مثل ما يقرضونا ( 1 )
وقالوا علي إمام لنا * فقلنا رضينا ابن هند رضينا
وقالوا نرى ان تدينوا له * فقلنا لهم لا نرى ان ندينا
وكل يسر بما عنده * يرى غث ما في يديه سمينا
( 2 )

فأمر علي عليه السلام ان يكتب عبد الله بن الحر ( 3 ) جوابه . فكتب : من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ، اما بعد ; فقد أتاني كتاب امرئ ليس له بصر يهديه ، ولا قائد يرشده ، دعاه الهوى فأجابه ، وقاده [ الضلال ] فاتبعه ، زعمت ان خطيئتي في عثمان أفسدت عليك بيعتي ولعمري ما كنت إلا كواحد من المهاجرين ، وأوردت كما أوردوا ، وأصدرت كما أصدروا ، وما أمرت أمرا " يلزمني خطأ ولا كنت مع القوم . واما قولك ان أهل الشام يحكمون في الشورى ، فمن في الشام تحل له الخلافة والحكم على المسلمين ، فإن سميت أحدا " منهم كذبك المهاجرون والأنصار . واما قولك ان لي في الإسلام فضلا وسابقة وقرابة وأنت لا تدفع ذلك ، فلو قدرت واستطعت دفعه لفعلت ، وأجاب عن شعره عبد الله بن أبي رافع :

دعن يا معاوئ ما لن يكونا * وقتلة عثمان إذ تدعونا
اتاكم علي باهل الحجاز * وأهل العراق فما تصنعونا
على كل جرداء خيفانة * واجرد شهب يقر العيونا
عليها فوارس من شيعة * كأسد العرين تحامى العرينا

  ( 1 ) دناهم : من الدين وهو القرض ، يقرضونا من الإقراض وقد حذف نون الرفع وهو وجه جائز في العربية .
( 2 ) الإمامة والسياسة 1 / 101 - والأبيات في وقعة صفين / 56 .
( 3 ) وفي [ ر ] : عبد الله الحر
. [ * ] 
 
 

- ص 205 -

يرون الطعان خلال العجاج * وضرب الفوارس في النقع دينا
هم هزموا الجمع جمع الزبير * وطلح وغيرهم الناكثينا
فان تكرهوا الملك ملك العراق * فقد كره القوم ما تكرهونا
فقل للمضلل من وائل * ومن جعل الغث يوما " سمينا
جعلت ابن هند وأشياعه * نظير علي اما تستحونا
علي ولي الحبيب المجيد * وحب النبي من العالمينا
( 1 )

ودفع كتابه إلى الاصبغ بن نباتة التميمي ليوصله إليه ، قال الاصبغ : دخلت على معاوية وهو جالس على نطع من الأدم متكيا " على وسادتين خضراوين ، عن يمينه عمرو بن العاص وحوشب وذو الكلاع ، وعن يساره أخوه عتبة وابن عامر بن كريز والوليد بن عقبة وعبد الرحمان بن خالد وشرحبيل بن السمط ، وبين يديه أبو هريرة وأبو الدرداء والنعمان بن بشير وأبو امامة الباهلي ، فلما قرأ الكتاب قال : ان عليا " لا يدفع الينا قتلة عثمان ، فقلت له : يا معاوية لا تعتل بدم عثمان ، فانك تطلب الملك والسلطان ، ولو كنت أردت نصرته حيا " لنصرته ولكنك تربصت به لتجعل ذلك سببا إلى وصولك إلى الملك ، فغضب من [ كلامي ] فأردت ان يزيد غضبه فقلت لأبي هريرة : يا صاحب رسول الله إني أحلفك بالله الذي لا إله إلا هو ، عالم الغيب والشهادة ، وبحق حبيبه المصطفى عليه السلام ألا أخبرتني أشهدت غدير خم ؟ قال : بلى شهدته ، قلت فما سمعته [ يقول ] في علي ؟ قال : سمعته يقول : من كنت مولاه فعلى مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، وأخذل من خذله ، قلت له : فإذا أنت واليت عدوه وعاديت وليه ، فتنفس أبو هريرة الصعداء وقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون " فتغير معاوية عن

  ( 1 ) الحب بكسر الأول : المحب والمحبوب . ( المنجد ) ، وقعة صفين ص 57 والإمامة والسياسة 1 /102  . [ * ]   
 

- ص 206 -

حاله وغضب وقال : كف عن كلامك ، فلا تستطيع ان تخدع أهل الشام بالكلام عن طلب دم عثمان ، فانه قتل مظلوما " في حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وعند صاحبك قتلة عثمان ، أغراهم به حتى قتلوه ، فهم أنصاره ويده وعضده ، وما كان عثمان [ ل‍ ] يهدر دمه ، فقال معاوية بن خديج الكندى وذو الكلاع وحوشب ومن معه : والله لننصرنك يا معاوية بطلب دمه حتى يحصل مرادنا ، أو نقتل عن آخرنا فأقبلت إلى معاوية وقلت :

معاوى لله من خلقه * عباد قلوبهم قاسية
وقلبك من شر تلك القلوب * وليس المطيعة كالعاصية
دع ابن خديج ودع حوشبا " * وذا كلع واقبل العافية

فلم يصبر معاوية أن أتم الشعر بل غضب وصاح علي قال : ليت شعري أجئت رسولا أم مشنعا ؟ فانصرفت ( 1 ) فأرسل علي إلى معاوية عبد الله بن بديل الخزاعي - وهو الذي فتح اصبهان في أيام عمر - وقال له يقول علي : لو كنت سبقتك إلى الماء لما منعتكه ، وان منعك الماء محرم عليك ، فدع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ليشربوا ويسقوا حتى ننظر إلى ما يؤول أمرنا ، فان القتال شديد فلا نبدأ في الشهر الحرام ، فأتاه عبد الله برسالته فأصر وقال : قل له يدفع إلي قتلة عثمان اقتلهم ، فقال له عبد الله : أتظن يا معاوية ان عليا " عليه السلام عجز عن أخذ الماء ؟ ولكنه يحتج عليك وقلت :

معاوى قد كنت رخو الخناق * فالقحت حربا " تضيق الخناقا
تشيب النواهد قبل المشيب * متى ما تذقها تذم الذواقا
فان تكن الشام قد اصفقت * عليك ابن هند فان العراقا
اجاب عليا " إلى دعوة * تعز الهدى وتذل النفاقا
فنحن فوارس يوم الزبير * وطلحة إذ أبدت الحرب ساقا

  ( 1 ) في [ و ] فانصرف . [ * ]   
 

- ص 207 -

ودارت رحاها على قطبها * ودارت كؤوس المنايا دهاقا
خضبنا الرماح وبيض السيوف * وكان النزال وكان اعتناقا
فانتم صباح غد مثلهم * فبزل الجمال تبذ الحقاقا

قال رضي الله عنه : الخيفانة واحد الخيفان وهي الجرارة يشبه بها الفرس في خفتها . قال امرؤ القيس :

واركب في الروع خيفانة * كسا وجهها سعف منتشر

أراد بالسعف وهو غصون النخل شعرها المنسدل على وجهها ، أي أركب جرارة ، أراد فرسه . وكتبت في بعض حواشي كتاب من كتبي مما أملاه علي جار الله العلامة فخر خوارزم : خيفان ان لم يكن من الخوف فهو من الخيف ، ومعنى الخوف فيه ظاهر ، ويقال : اصفقوا بأمر واحد واصفقوا عليه : اجتمعوا عليه ، واصفقت يده بكذا إذا صادقته ، وهذه صفقة مباركة وهو ضرب اليد على اليد في البيع والبيعة ، وصفقت رأسه صفقة : ضربته ، وصفقت به الأرض وصفقت الريح الأغصان فاصتفقت وصفقتها ، ورجل صفاق : آفاق متصرف في النواحي ، وصفق الشراب : حوله من إناء إلى إناء ، والبازل السن التي تطلع في السنة التاسعة من البعير ، وصاحبها بازل ، ذكرا " كان أو أنثى ، وبزل ناب البعير : شق لحمه حتى طلع ، وبزل الجمل بزولا ، وإبل بزل وبوازل ، وقولهم بزل الرأي : استحكم ، وأمر بازل لا يكفيه إلا امرئ قارح ، مجاز ما ذكرنا ويقال بذفلان أصحابه : غلبهم قال النابغة الجعدي :

يبذ الجياد بتقريبه * ويأوي إلى حقة ( 1 ) ملهب

أي ذي لهب، والحقة هي التي أتت عليها ثلاث سنين عند أهل الفقه ، وعند أهل اللغة هي التي أتت عليها أربع سنين .

  ( 1 ) في الأصلين " حضر " وهو تصحيف والصحيح ما اثبتناه ، يؤيده تفسير المؤلف لفظة " الحقة " ولم تكن موجودة في موضع آخر [ * ]   
 

- ص 208 -

" قال رضي الله عنه " : [ وانصرف عبد الله بن بديل الخزاعي إلى علي عليه السلام وأخبره بخبره ] وشكا الناس إلى علي عليه السلام العطش ، فقال علي عليه السلام : ان سفك الدماء عظيم قبل ان يحتج عليهم مرة بعد أخرى ، وبعث بجماعة من الأنصاريين وغيرهم إلى معاوية ليحتجوا عليه فأتوه وكلموه وبالغوا في ذلك وقالوا : يا معاوية جدبه تفضلا قبل أن نأخذه قهرا " . فقال : غدا " يأتيكم رسولي بما يبدو لي ، فأصبح القوم في عطش شديد ، فأتوا عليا " عليه السلام واخبروه بذلك ، فأرسل إلى معاوية عشرة من أصحابه ليكلموه في الماء ، فقال معاوية لقومه : ما تقولون في هذا ؟ فأول من تكلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط وقال لمعاوية : اقتلهم عطشا ولا ترحمهم كما لم يرحموا عثمان ، وكذلك أبو الأعور قال ذلك ، وحبيب بن مسلمة وبسر بن أرطاة وقال سليل الشاعر :

 اسمع اليوم ما يقول سليل * ان قولي قول له تأويل
امنع الماء من صحاب علي * لا يذوقوه والذليل ذليل
( 1 )

وقال عمرو بن العاص : ويحكم أترون عليا " يموت عطشا ومعه أطراف الأسنة وأفاعي العراق وعامة المهاجرين والأنصار ، والله ليطيرن قحاف ( 2 ) الرؤوس عن جماجمها قبل ذلك فخل بين القوم وبين الماء ، وارض بالموادعة أيها الرجل إلى انسلاخ المحرم ولا تعجل إلى الشر فإن مستطعمه وخيم غير لذيذ ، فأبى وقال : هذا أول الظفر ، فلا سقى الله أبا سفيان بن حرب من حوض النبي صلى الله عليه وآله ان يشربوا منه قطرة إلا أن يغلبوني عليه ، فقام إلى معاوية رجل من أهل الشام من رؤساء الأزد يقال له فياض بن الحارث بن عمرو بن قرة الأزدي وقال : يا معاوية والله ما أنصفت القوم ولو كان هؤلاء من الروم أو الترك وطلبوك الماء ، لوجب أن تسقيهم ثم تحاربهم ،

  ( 1 ) وقعة صفين / 162 . ( 2 ) قحاف : جمع قحف وقد مضى معناه قريبا " . [ * ]   
 

- ص 209 -

فكيف وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله البدريون والمهاجرون والأنصار وأبناؤهم ، وفيهم ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وأخوه وصاحب سره وحبيبه وختنه ، أفلا تتقى الله يا معاوية ، أما والله لو سبقوكم إلى الماء لسقوكم منه ، وهذا والله أول الجور وكان هذا الرجل صديقا لعمرو بن العاص ، فأغلظ له معاوية وقال لعمرو : اكفني صديقك فاتاه عمرو فاغلظ له ، فقال الرجل :

لعمر أبي معاوية بن حرب * وعمرو ما لدائهما دواء
سوى طعن يحار العقل منه * وضرب حين تختلط الدماء
فلست بتابع دين ابن هند * طوال الدهر ما أوفى حراء
فقد ذهب العتاب فلا عتاب * وقد ذهب الولاء فلا ولاء
وقولي في حوادث كل أمر * على عمرو وصاحبه العفاء
أتحمون الفرات على أناس * وفي أيديهم الأسل الظماء
وفي الأعناق أسياف حداد * كأن القوم عندكم نساء
ألا لله درك يابن هند * لقد ذهب الحياء فلا حياء
أترجوا أن يجاوركم
علي * بلا ماء وللأحزاب ماء
دعاهم دعوة فأجاب قوم * كجرب الإبل خالطها الهناء

ثم سرى في سواد الليل فلحق بعلي عليه السلام ، ثم انصرف رسل علي إلى علي عليه السلام وأخبروه بما قال معاوية . فقال الأشتر : يا أمير المؤمنين قربة من ماء تباع بثلاثة دراهم ، فأذن لنا في الحرب فارمضه ذلك وخرج ليلا فسمع النجاشي يقول :

أيمنعنا القوم ماء الفرات * وفينا السيوف وفينا الحجف ( 1 )
وفينا علي له صولة * إذا خوفوه الردى لم يخف

  ( 1 ) الحجف : جمع حجفة وهي الترس من جلود الإبل يطارق بعضها ببعض مقاييس اللغة . [ * ]   
 

- ص 210 -

ونحن الذين غداة الزبير * وطلحة خضنا غمار التلف ( 1 )
فما للحجاز وما للعراق * سوى اليوم يوم فصكوا الهدف ( 2 )
فاما نحل بشط الفرات * ومنا ومنهم عليه الجيف
وإما نموت على طاعة * نحل الجنان ونعلوا الشرف

وانتبه الأشعث بن قيس فوثب إلى علي [ عليه السلام ] فقال : يا أمير المؤمنين أنموت عطشا ومعنا سيوفنا ورماحنا ؟ والله لا ارجع حتى أرد الفرات ، فمر الأشتر ، فموعدنا الصبح وقال :

ميعادنا اليوم بياض الصبح * هل يصلح الزاد بغير الملح
لا لا ولا أمر بغير نصح * دبوا إلى القوم يطعن سمح
مثل العزالى
( 3 ) وضراب كفح * حسبي من الاقدام قاب رمحي ( 4 )

وأصبح القوم واضعي سيوفهم على عواتقهم . " قال رضي الله عنه " يقال عود سمح : بين السماحة ، مستو معتدل لا ابن ( 5 ) فيه ، وهذا مجاز قولهم ، رجل سمح من السمحاء ، وامرأة سمحة من السماح ، وتقول : كافحته السموم وكافح الأمر : باشره بنفسه ، وكافحه بما ساءه واصابه من السموم : كفح ، ومن الحرور نفح .

قال الأشتر لمحمد بن الحنفية : تقدم واخطب بين الصفين : صف العراق وصف الشام ، وامدح عليا " أمير المؤمنين عليه السلام ، فتقدم محمد وقال لأهل الشام : اخسؤا ذرية النفاق وحشو النار ، وحصب جهنم ; عن البدر الباهر والنجم الثاقب والسنان النافذ والشهاب النير والصراط المستقيم ; " قبل أن

  ( 1 ) يشير إلى وقعة الجمل .
( 2 ) الصك : الضرب وفي [ ر ] : فضلوا الهدف .
( 3 ) العزالى جمع عزلاء بالفتح وهي فم المزادة ، شبه بها اتساع الطعنة واندفاق الدماء .
( 4 ) انظر وقعة صفين / 163 وما بعدها .
( 5 ) الابن : بضم الأول وفتح الثاني : العقد تكون في القسي تفسدها وتعاب بها - النهاية
. [ * ] 
 
 

- ص 211 -

نطمس وجوها " فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً " ( 1 ) أو ما ترون أي عقبة تقتحمون ، وأي متيهة تتسنمون ، وأنى تؤفكون بل " يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ " ( 2 ) أصنو رسول الله صلى الله عليه وآله تستهدفون ؟ ويعسوب الدين تلمزون ، فأي سبيل رشاد بعد ذلك تسلكون ؟ وأي خرق بعد ذلك ترقعون ؟ هيهات والله برز في السبق ، وفاز بالخصل واستولى على الغاية وأحرز الخطار ( 3 ) فانحسرت عنه الأبصار ، وانقطعت دونه الرقاب وفرع ( 4 ) الذروة العليا وبلغ الغاية القصوى فكرث من رام رتبته السعي ، وعناه الطلب " وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ " ( 5 ) فخفضا " خفضا " :

اقلوا عليكم لا أبا لأبيكم * من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

وأنى تسدون ; أم أي أخ لرسول الله تثلبون ; وأي ذي قوى أمرها تسبون ; هو شقيق نسبه إذ حصلوا ، ونديد هارون إذ مثلوا ، وذو قربى منه إذ امتحنوا ، والمصلي القبلتين إذ انحرفوا ، والمشهود له بالإيمان إذ كفروا ، والمدعو بخيبر إذ نكلوا ، والمندوب لنبذ عهد المشركين إذ نكثوا . والخليفة على المهاد ليلة الخطار ، والمستودع للأسرار ساعة الوداع ، إذ حجبوا :

هذى المكارم ; لا قعبان من لبن * شيبا بماء ; فعادا بعد أبوالا

هذا وأنى يبعد من كل سناء وعلو وثناء وسمو وقد نحلته ورسول الله صلى الله عليه وآله أبوة وأنجبت بينهما جدود ، ورضعا بلبان ، ودرجا في سكن ومهدا حجرا وتفيئا بظل فهما وشيحان نماهما فنن ، تفرعا من أكرم جذم ( 6 )

  ( 1 ) النساء : 47 .
( 2 ) الأعراف : 198 .
( 3 ) الخطار والخطير : مصدر خطر يخطر الفحل : إذا رفع ذنبه عند الوعيد من الخيلاء ، لسان العرب .
( 4 ) فرع الجبل : صعده المنجد .
( 5 ) سبأ : 52 .
( 6 ) كذا في [ و ] وفي [ ر ] تفيئآ بظل وشيحان نماهما فنن تفرعا من أكرم جذم والصحيح
وشيجان بالجيم المعجمة والوشيح : القرابة المشتبكة المتصلة . والفنن الغصن المستقيم من الشجرة والجمع [ * ] 
 
 

- ص 212 -

فرسول الله صلى الله عليه وآله للرسالة ، وأمير المؤمنين عليه السلام للخلافة ، فتق الله به رتق الإسلام ، حتى انجابت به طخية الريب وقمع نخوة النفاق حتى ارفأن جيشانه ، وطمس رسم العلة ( 1 ) ، وخلع ربقة الصغار والذلة وكفت أيدي الخيانة ورفق شربها وحلاها عن وردها واطئا كواهلها ; آخذا باكظامها ; يقرع هامتها وينكت نقيها ( 2 ) ويجمل شحومها ويرحضها عن مال الله حتى كلمها الخشاش وعضته الثفاف ونالها فرض الكتاب فجرجرت جرجرة العود الموقع فزادها وقرا فلفظته أفواهها وأزلقته بأبصارها ونبت عن ذكره أسماعها فكان لها كالسم الممقر والذعاف المرعف لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يزيله عن الحق نهيب متهدد ولا يحيله عن الصدق ( 3 ) ترهب متوعد فلم يزل كذلك ، حتى انقشعت ، غيابة الشرك وخنع طيخ الافك ، وزالت قحم الاشراك حتى تنسمتم روح النصفة وتطعمتم قسم السواء بعد ان كنتم لوكة الآكل ومذقة الشارب وقبسة العجلان بسياسة مأمون الخرقة ، مكتهل الحنكة ; طب بادوائكم ، قمن بدوائكم يبيت بالربوة ، كالئا لحوزتكم ، حاميا لقاصيكم ودانيكم ، مثقفا لأودكم ، يقتات الجبنة ويرد الخمس ويلبس الهدم ، ثم إذا سبرت الرجال فطاح الوشيظ واستسلم المشيح وغمغمت الاصوات وقلصت الشفاه وقامت الحرب على ساق وصرفت بانياب وخطر فينقها وهدرت شقاشقها وجمعت قطريها ، فشالت بابراق ألفيت أمير المؤمنين عليه السلام هناك مثبتا " لقطبها ، مديرا " لرحاها قادحا " بزندها ، مؤربا لعقدتها ، مذكيا " لجمرتها ، دلافا " إلى البهم ، ضرابا " للقلل ، غصابا " للمهج ، تراكا للسلب ، خواضا " لغمرات الموت ; مثكل أمهات ، مؤتم أطفال ، مشتت

لمتابعة الموضوع اضغط على الصفحة التالية أدناه

  ( 1 ) العلة : النهضة من مرض أو فقر .
( 2 ) ينكت : يرمى به إلى الأرض ، نقيها : مخها - لسان العرب .     
( 3 ) في [ و ] ولا يحيل عن الصدق رهب ..  [ * ]   
 
 

مكتبة الشبكة

الصفحة التالية

الصفحة السابقة

فهرس الكتاب