المناقب - الموفق الخوارزمي - ص
10
: |
|
فضائل الإمام ومناقبه في كتب الحديث
:
هذا ما دفع النبي الأكرم إلى تنصيب القائد المحنك
لمسند الخلافة كما دفعه إلى التعريف بفضائله
ومناقبه في مواطن شتى ليقطع
بذلك عذر المتعللين ويتم الحجة على الجميع ولله الحجة
البالغة ومع هذه الجهود الجبارة التي بذلها النبي
الأكرم في سبيل التعريف بخليفته والإشادة بفضائله ،
عمدت السلطات الجائرة من أموية وعباسية في مختلف
القرون إلى إخفاء فضائله وانساء مناقبه ، ولم يكتفوا
بذلك بل عمدوا إلى جعل مثيلها للآخرين ، ونسبة محاسنه
إليهم بكل صلف وقحة ، كل ذلك بالترغيب والترهيب وبذل
الأموال الطائلة للمرتزقة من وعاظ السلاطين وتجار
الحديث .
ومن قرأ تاريخ الدولتين وما بذل أصحاب السلطة
فيهما من الأموال في تشويه سمعة الوصي والحط من مكانته
وتبجيل خصمائه عرف أن ما ذكرناه بعض الحقيقة لا كلها
وأذعن أن انتشار فضائله ومناقبه على هذا الحد ، بين
الكتب والناس ، معجزة من معاجز الله ، حيث أراد أن
يبطل كيد الأعداء ويخيب آمالهم حتى تنتشر فضائله في
|
( 1 )
السيرة النبوية لابن هشام : ج 2 ص 91 . |
(
2 ) صحيح البخاري : ج 5
ص 101
. [ * ] |
|
|
عاصمة الأمويين وبين أعدائه الغاشمين والله
غالب على أمره . قيض سبحانه ثلة من المحدثين الحفاظ في
كل عصر ممن يحبون الحق والحقيقة ولا يعتنون برضا الناس
وسخطهم ، فألفوا كتبا " ورسائل في مناقب الإمام علي بن
أبي طالب عليه السلام وفضائله حتى زخرت المكتبة
العربية بهذه الكتب بل المكتبة الإسلامية عامة على
اختلاف لغاتها وألسنتها ، فانتشرت مناقبه بطرق صحيحة
لم يكن العدو يحلم بها حتى قال الإمام الحافظ أحمد بن
حنبل والشيخ النسائي وأضرابهما بأنه ما جاء لأحد من
أصحاب رسول الله من الفضائل بطرق صحيحة ما جاء لعلي بن
أبي طالب ( 1 ) .
وقد أحس بعض المحدثين بمسؤوليته
الدينية أمام الله سبحانه وأمام أمته ، فقام بنشر
فضائله وإن بلغ الأمر ما بلغ وإن انجر إلى استشهاده
وقتله في سبيل نشر فضائل المرتضى .
هذا والتاريخ
يوقفنا على لفيف من الشهداء من المحدثين في هذا السبيل
نذكر ما يلي :
1 - هذا أبو عبد الرحمن احمد بن شعيب
المعروف بالحافظ النسائي المتوفى عام 303 أحد أصحاب
الصحاح والسنن غادر مصر في اخريات عمره نازلا " مدينة
دمشق فوجد الكثير من أهلها منحرفين عن الإمام فأخذ
ينشر مناقبه وفضائله فألقى محاضرات متواصلة في فضائل
الوصي وبعد أن فرغ من تأليف كتابه ونشره ، سئل عن
معاوية وما روى من فضائله فقال : أما يرضى معاوية أن
يخرج رأسا " برأس حتى يفضل ؟
وفي رواية أخرى : " لا
أعرف له فضيلة الا ، لا أشبع الله بطنه . فهجموا عليه
. يضربون بأرجلهم في خصبيه حتى أخرجوه من المسجد فقال
: إحملوني إلى مكة فحمل إليها وتوفى بها حتى مات بسبب
ذلك الدوس " ( 2 ) .
2 - الحافظ فخر الدين أبو عبد
الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي . فقد قتل
عام 658 في سبيل نشر فضائل أمير المؤمنين . فألف كتابا
باسم " كفاية الطالب
|
( 1 )
الاستيعاب : ج 2 ص 466 والصواعق المحرقة ص 118
وغيرهما من المصادر .
( 2 ) خصائص النسائي : ص
24 - 25 طبع النجف وقد طبع أيضا بمصر عام 1348 ه . ق
بمطبعة التقدم وصحيح النسائي ، المقدمة ، صفحة ه بشرح
حافظ جلال الدين السيوطي . [ * ] |
|
|
في مناقب علي بن أبي طالب " ، وكتابا آخر باسم
" البيان في أخبار صاحب الزمان " فنشرهما في دمشق
الشام فقتل في جامعه بلا مبرر ولا مسوغ سوى أنه قام
بواجبه في نشر فضائل الوصي .
قال في أول كتابه : " لما
جلست يوم الخميس لست بقين من جمادي الآخرة سنة 647
بالمشهد الشريف بالحصباء من مدينة الموصل ودار الحديث
المهاجرية ، حضر المجلس صدور البلد من النقباء
والمدرسين والفقهاء وأرباب الحديث فذكرت بعد الدرس
أحاديث وختمت المجلس بفصل في مناقب أهل البيت فطعن بعض
الحاضرين لعدم معرفته بعلم النقل في حديث زيد بن أرقم
في غدير خم وفي حديث عمار في قوله صلى الله عليه وآله
: طوبى لمن أحبك وصدق فيك فدعتني الحمية لمحبتهم على
إملاء كتاب يشتمل على بعض ما رويناه من مشايخنا في
البلدان من أحاديث صحيحة من كتب الأئمة والحفاظ في
مناقب أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ( 1 ) .
* * *
|
( 1 ) لاحظ
الغدير ، ج 4 ص 401 ، ومقدمة الطبعة الثانية ،
ص 21 ، 22
. [ * ] |
|
|
|