من احتج بالآية الكريمة في اثبات فضائل أهل البيت :

 أ ـ الحسن بن علي (ع) :

روى الحاكم في باب فضائل الحسن بن علي من مستدرك الصحيحن و الهيثمي في باب فضائل أهل البيت : أنّ الحسن بن علي خطب الناس حين قتل علي و قال في خطبته :

« أيّها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي و أنا ابن النبي و أنا ابن الوصي و أنا ابن البشير و أنا ابن النذير و أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه و أنا ابن السراج المنير و أنا من أهل البيت الذي كان جبرئيل ينزل الينا و يصعد من عندنا و  أنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً » الخطبة([43]) .

و في مجمع الزوائد و تفسير ابن كثير و اللفظ للأول :

انّ الحسن بن علي حين قتل علي استخلف ، فبينا هو يصلي بالناس إذ وثب إليه رجل فطعنه بخنجر في وركه فتمرّض منها أشهراً  ، ثمّ قام فخطب على المنبر فقال : « يا أهل العراق اتّقوا الله فينا  ، فإنّا أُمراؤكم . ضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال الله عزّ وجلّ : (  إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )فما زال يومئذ يتكلم حتى ما ترى في المسجد إلاّ باكياً .

قال : رواه الطبراني و رجاله ثقات([44]) .

ب - أمّ سلمة :

في مشكل الآثار للطحاوي عن عمرة الهمدانية قالت :

أتيت أمّ سلمة فسلّمت عليها :  فقالت : من أنتِ ؟

فقلت : عمرة الهمدانية .

فقالت عمرة : يا أم المؤمنين أخبريني عن هذا الرجل الذي قتل بين أظهرنا فمحبّ و مبغض - تريد عليّ بن أبي طالب  - .

قالت أمّ سلمة : أتحبينه أم تبغضينه ؟

قالت : ما أحبه و لا أبغضه ...([45]) .

فأنزل الله هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وما في البيت الاّ جبرئيل ورسول الله(ص) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ( ع ) .

فقلت : يا رسول الله أنا من أهل البيت ؟

فقال : إنّ لك عند الله خيراً ، فوددت أنّه قال : نعم ، فكان أحبّ إليّ ممّا طلعت الشمس و تغرب([46]) .

 ج - سعد بن أبي وقاص :

في خصائص النسائي ، عن عامر([47]) بن سعد بن أبي وقاص قال :

أمر معاوية سعداً فقال : ما يمنعك أن تسبّ أبا تراب ؟

فقال : ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول الله ( ص ) فلن أسبّه  ، لئن يكون لي واحدة أحبّ إليّ من حمر النعام :

سمعت رسول الله ( ص ) يقول له و خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له عليّ : « يا رسول الله أتخلّفني مع النساء و  الصبيان ؟ » .

فقال رسول الله : « أما ترضى أن تكون منيّ بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي » .

و سمعته يقول يوم خيبر : « لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله و رسوله و يحبّه الله و رسوله » ، فتطاولنا إليها فقال : «  ادعوا اليّ عليّاً » فأُتيَ به أرمد ، فبصق في عينيه و دفع الراية إليه .

و لمّا نزلت : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً  ) دعا رسول الله ( ص ) عليّاً و فاطمة و حسناً وحسيناً فقال : « اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي »([48]) .

 و في تفسير الآية عند ابن جرير و ابن كثير و مستدرك الحاكم و مشكل الآثار للطحاوي و اللّفظ  للأوّل :

قال سعد : قال رسول الله ( ص ) حين نزل عليه الوحي ، فأخذ عليّاً و ابنيه و فاطمة و أدخلهم تحت ثوبه ثمّ قال : « هؤلاء أهلي و أهل بيتي »([49]) .

د - ابن عبّاس :

1- في تاريخي الطبري و ابن الأثير و اللفظ للأوّل :

لمّا قال عمر في كلامه لابن عباس :

هيهات ابت و الله قلوبكم يا بني هاشم إلاّ حسداً ما يحول وضغناً و غشّاً ما يزول .

قال ابن عباس :

مهلاً يا أمير المؤمنين ! لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً بالحسد و الغش ، فإنّ قلب رسول الله من قلوب بني هاشم ([50]) .

 2- في مسند إمام الحنابلة أحمد ، و خصائص النسائي ، و  الرياض النضرة للمحبّ الطبري و مجمع الزوائد للهيثمي([51]) و  اللّفظ للأول :

عن عمرو بن ميمون([52]) .

قال : إنّي لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا  : يا ابن عباس ، إمّا أن تقوم معنا و إما أن يخلونا هؤلاء ، قال : بل أقوم معكم ، قال : و هو يومئذ صحيح قبل أن يعمى قال :

فابتدأوا فتحدّثوا فلا ندري ما قالوا ، قال : فجاء ينفض ثوبه ، و يقول : أف و تف وقعوا في رجل له عشر - إلى قوله - و  أخذ رسول الله ثوبه فوضعه على علي و فاطمة و حسن و  حسين و قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

 هـ - واثلة بن الأسقع :

روى الطبري في تفسير الآية و ابن حنبل في مسنده و  الحاكم في مستدركه و قال : صحيح على شرط الشيخين و  البيهقي في سننه و الطحاوي في مشكل الآثار و الهيثمي في مجمع الزوائد و اللفظ للأول :

عن أبي عمار([53]) قال : إنّي لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليّاً فشتموه ، فلمّا قاموا قال : اجلس حتّى أخبرك عن هذا الذي شتموا ، إنّي عند رسول الله ( ص ) إذ جاءه علي و  فاطمة و  حسن و حسين ، فألقى عليهم كساء له ثمّ قال : «  اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي اللّهمّ أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً »([54]) .

و رواه ابن عساكر في تاريخه بتفصيل أوفى .

 في أُسد الغابة عن شدّاد بن عبد الله قال : سمعت واثلة ابن الأسقع و قد جيء برأس الحسين فلعنه رجل من أهل الشام و لعن أباه ، فقام واثلة و قال : و الله لا أزال أحبّ عليّاً و الحسن و  الحسين و فاطمة ( ع ) بعد أن سمعت رسول الله يقول فيهم  ...  ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) . الحديث([55])

و عن أم سلمة أيضاً :

في مسند أحمد وتفسير الطبري ومشكل الآثار واللّفظ للأوّل :

عن شهر بن حوشب([56]) قال : سمعت أمّ سلمة زوج النبي(ص) حين جاء نعي الحسين بن عليّ فلعنت أهل العراق ، فقالت : قتلوه قتلهم ، غرّوه و ذلّوه لعنهم الله ، فإنّي رأيت رسول الله (ص) ـ  إلى  قولها  ـ فاجتبذ كساء خيبرياً فلفّه النبيّ (ص) عليهم جميعاً و  قال : « اللّهمّ أهل بيتي أذهب عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً »([57]).

 و ـ عليّ بن الحسين السجّاد :

روى كلّ من الطبري و ابن كثير و السيوطي في تفسير الآية :

أنّ عليّ بن الحسين قال لرجل من أهل الشام : « أما قرأت في «الأحزاب» : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) » .

قال : و لأنتم هم ؟!

قال : «نعم»([58]) .

و تمام الخبر كما في مقتل الخوارزمي :

أنّه لما حمل السجاد مع سائر سبايا أهل البيت إلى الشام بعد مقتل سبط رسول الله الحسين ، و أوقفوا على مدرج جامع دمشق في محلّ عرض السبايا ، دنا منه شيخ و قال : الحمد لله الذي قتلكم و أهلككم و أراح العباد من رجالكم و أمكن أمير المؤمنين منكم .

فقال له عليّ بن الحسين : «يا شيخ هل قرأت القرآن» .

قال : نعم .

قال : « أقرأت هذه الآية : ( قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي القُرْبى ) » (الشورى/23) .

قال الشيخ : قرأتها .

قال : و قرأت قوله تعالى : ( وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ )(الاسراء/26) و قوله تعالى : ( وَ اعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَإِنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى ) (الانفال/41) .

قال الشيخ : نعم .

فقال : « نحن و الله القربى في هذه الآيات ، و هل قرأت قوله تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) » .

قال : نعم .

قال : « نحن أهل البيت الذي خُصّصنا بآية التطهير » .

قال الشيخ : بالله عليك أنتم هم ؟!

قال : « و حقّ جدّنا رسول الله إنّا لنحن هم من غير شكٍّ » .

فبقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلّم به ، صمّ رفع رأسه إلى السماء و قال : اللّهمّ إنّي أتوب إليك من بغض هؤلاء ، و إنّي أبرأ إليك من عدوّ محمد و آل محمد من الجنّ و الإنس([59]) .

*  *  *

نكتفي بهذا المقدار ما أردنا إيراده من روايات حديث الكساء([60]) ، ففيه كفاية لمن أراد أن يتمسّك بالقرآن و يأخذ تفسيره عن رسول الله (ص) .

( إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ ) (سورة ق/37) .


([43]) مستدرك الحاكم ، باب من فضائل الحسن بن علي 3 : 172 .
([44]) مجمع الزوائد ، باب فضائل أهل البيت 9 : 172 ، و تفسير الآية عند ابن كثير 3  : 486 .
([45]) بياض في الأصل .
([46]) مشكل الآثار 1 : 336 .
([47]) عامر بن سعد بن أبي وقاص ، أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح . قال ابن حجر : ثقة من الثالثة ، مات سنة أربع و مائة ، تقريب التهذيب 1 : 387 .
([48]) خصائص النسائي : 4 .
([49]) تفسير الطبري 22 : 7 ، و ابن كثير 3 : 485 و اللّفظ للأول ، و مستدرك الحاكم 3  : 147 ، و مشكل الآثار 1 : 336 .
([50]) تاريخ الطبري 5 : 31 .
([51]) الحديث بطوله في مسند أحمد 1 : 331 ط الأولى ، و الثانية 5 : 3062 و قد ذكر فيه ابن عباس عشر فضائل لعليّ بن أبي طالب و أورده النسائي في خصائصه  :  11 ، و المحبّ الطبري في الرياض النضرة 2 : 269 ، و مجمع الزوائد للهيثمي 9 : 119 .
([52]) عمرو بن ميمون الاودي : تابعي ، ثقة ، أخرج له أصحاب الصحاح ، مات سنة أربع و سبعين بالكوفة . تقريب التهذيب 2 : 80 .
([53]) أبو عمار : ، شداد بن عبد الله القرشي الدمشقي : ثقة من الطبقة الرابعة ، أخرج حديثه أصحاب الصحاح ، ترجمته بتقريب التهذيب 1 : 347 .
([54]) مشكل الآثار للطحاوي 1 : 346 ، تفسير الآية عند الطبري 22 : 6 ، و مسند أحمد 4:107 ، و قد هذّب لفظه و حذف منه ( فشتموه ) و ( هذا الذي شتموه ) ، و  مجمع الزوائد 9 : 167 ، ومستدرك الحاكم 2 : 416 و 3 : 147 ، و سنن البيهقي 2 : 152 ، و تفسير ابن كثير 3 : 484 ، وابن عساكر 5 : 1 ، 16 أ .
([55]) أُسد الغابة بترجمة الحسن .
([56]) أوردنا موجز الحديث و الحديث بطوله في مسند أحمد .
و شهر بن حوشب الأشعري الشامي : صدوق ، من الطبقة الثالثة ، أخرج حديثه أصحاب الصحاح ، مات سنة 112 هـ . بترجمته بتقريب التهذيب 1:355 .
([57]) أوردناه بإيجاز و الحديث بطوله في مسند أحمد 6:298 بمسند أمّ سلمة ; و تفسير الطبري 22:6 ; و مشكل الآثار 1:335 ; و ابن عساكر 5:1 ، 14أ .
([58]) تفسير الطبري 22:7 ; و ابن كثير 3:486 ; و الدر المنثور 5:199 .
([59]) مقتل الخوارزمي 2:61 ط.النجف .
([60]) و قد تركنا ذكر أحاديث أُخرى في الباب ، مثل ما ورد بترجمة عطية من اُسد الغابة 3:413; و الاصابة 3:489 ; و تاريخ بغداد 10:278 ; و رواية حكيم بن سعيد في تفسير الطبري 22:5 ; وروايات أُخرى في مسند أحمد 6:304 ; و اُسد الغابة 2:12 و 4:29 ; و مجمع الزوائد 9:206و207 ; و ذخائر العقبى للمحبّ الطبري :21 ; و الاستيعاب 2:460 ; و ابن عساكر 5/1/13ـ16 .