‹ صفحه 100 ›
من بعض أصحاب عيسى وغيره ، فحمل طبقا من تمر وجائهم به ، فقال :
سمعنا أنكم غرباء وافيتم ( إلى ) هذا الموضع ، فحملنا هذا إليكم من صدقتنا
فكلوه ، فقال رسول الله : سموا وكلوا ، ولم يأكل منه ( هو ) شيئا وسلمان
واقف ينظر ، فأخذ الطبق وانصرف وهو يقول : هذه واحدة - بالفارسية - ، ثم
جعل في الطبق تمرا آخر وحمله ، فوضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال : رأيتك لم تأكل من تمر الصدقة فحملت هذا ، ( وهذه ) هدية ، فمد
صلى الله عليه وآله يد ( ا ) ه ( فأكل ) وقال لأصحابه : كلوا باسم الله ، فأخذ
سلمان الطبق وقال : هذان اثنان ، ثم دار خلف رسول الله صلى الله عليه وآله
فعلم مراده منه ، فأرخى ردائه عن كتفيه ( 1 ) فرأى سلمان الشامة ، فوقع عليها
فقبلها وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، ثم قال : إني عبد
ليهودي فما تأمرني ؟ فقال : إذهب وكاتبه على شئ ندفعه إليه ، فصار سلمان
إلى اليهودي فقال : إني أسلمت واتبعت هذا النبي على دينه ولا تنتفع بي ،
فكاتبني على شئ أدفعه إليك وأملك نفسي ، فقال اليهودي : أكاتبك على
أن تغرس لي خمسمأة نخلة وتخدمها حتى تحمل ثم سلمها إلي ، وعلى أربعين
أوقية ذهبا جيدا ، فانصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره بذلك فقال
( رسول الله ) صلى الله عليه وآله : ( ف ) إذهب فكاتبه على ذلك ، فمضى سلمان
وكاتبه على ذلك ، وقدر اليهودي ( إن هذا ) لا يكون إلا بعد سنين ،
وانصرف سلمان ( ثالثا ) ( بالكتاب ) إلى رسول الله فقال صلى الله عليه وآله :
إذهب فأتني بخمسمائة نواة ، وفي رواية الحشوية : بخمسمائة فسيلة ، فجاء
سلمان بخمسمائة نواة فقال : سلمها إلى علي عليه السلام ، ثم قال لسلمان :
إذهب بنا إلى الأرض التي طلب النخل فيها ، فذهبوا إليها ، فكان رسول الله
صلى الله عليه وآله يثقب ( 2 ) الأرض بإصبعه ويقول لعلي عليه السلام : ضع في الثقب
( 3 )
000000000000000000
( 1 ) في الأصل : كتفه الشريفة .
( 2 ) ينقب خ ل ، أقول : في المصدر : يشق .
( 3 ) النقب خ ل ، أقول : في المصدر أيضا كذا .
‹ صفحه 101 ›
نواة ، ويرد التراب عليها ويفتح رسول الله صلى الله عليه وآله أصابعه فينفجر الماء
من بينها فيسقي ذلك الموضع ثم يصير إلى موضع ثان ( 1 ) فيفعل بها كذلك ، فإذا
فرغ من الثانية تكون الأولى قد نبتت ، ثم يصير إلى موضع الثالثة ، فإذا فرغ
منها تكون الأولى قد حملت ، ثم يصير إلى موضع الرابعة وقد نبتت الثالثة
وحملت الثانية ، وهكذا حتى فرغ من غرس الخمسمأة وقد حملت كلها ،
فنظر اليهود ( ي ) وقال : صدقت قريش أن محمدا ساحر ، وقال : قد قبضت
منك النخل وأين الذهب ؟ فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله حجرا كان بين
يديه فصار ذهبا أجود ما يكون ، فقال اليهودي : ما رأيت ذهبا قط مثله ، وقدره
مثل تقدير عشر أواق ، فوضعه في الكفة ، فرجح ، فزاد عشرا فرجح ، حتى صار
أربعين أوقية لا تزيد ولا تنقص ، قال سلمان : فانصرفت إلى رسول الله فلزمت
خدمته وأنا حر ) ( 2 ) .
وفي موضع آخر منه ، روى : ( أن سلمان ( الفارسي ) أتاه
فأخبره أنه قد كاتب مواليه على كذا وكذا ودية ، وهي صغار النخل كلها
تعلق ، وكان العلوق أمرا غير مضمون عند العاملين ، على ما جرت به عادتهم
لولا ما علم من تأييد الله لنبيه ، فأمر سلمان بضمان ذلك لهم ، فجمعها لهم
ثم قام صلى الله عليه وآله وغرسها بيده ، فما سقطت ( منها ) واحدة منها ، وبقيت
علما معجزا يستشفى بتمرها وترجى بركاتها ، وأعطاه تبرة ( 3 ) من ذهب كبيضة
الديك ، فقال : إذهب بها وأوف منها أصحاب الديون ، فقال متعجبا به
مستقلا لها : وأين تقع هذه مما علي ! فأدارها على لسانه ثم أعطاه إياها ،
وقد كانت في هيئتها الأولى ، ووزنها لا يفئ بربع حقهم ، فذهب بها وأوفى
القوم منها حقوقهم ) ( 4 ) ، قوله : تعلق أي تثمر .
وفي المنتقى : ( وروى في بعض طرق روايات سلمان أنه قال :
000000000000000000
( 1 ) ثانية خ ل ، أقول : في المصدر :
الثانية .
( 2 ) الخرائج 1 : 4 - 142 .
( 3 ) تبره : ما كان من الذهب غير مضروب أو غير مصنوع أو في تراب معدنه .
( 4 ) الخرائج 1 : 19 .
‹ صفحه 102 ›
اشترتني امرأة لها : خليسة بنت فلان حليف بني
النجار بثلاثمأة درهم ،
فمكثت عندها ستة عشر شهرا حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة ،
فبلغني ذلك بعد خمسة أيام وأنا في أقصى المدينة في زمن الخلال ، فالتقطت
شيئا من الخلال فجعلته في ثوبي وأقبلت أسأل عنه حتى بلغت دار أبي
أيوب ، ورسول الله صلى الله عليه وآله دخل وأبو أيوب وامرأته يلتقيان الماء بقطيفة
لهم لا يكف على النبي صلى الله عليه وآله فقال : ما تصنع يا أبا أيوب ؟ فقال : وقع
جبنا فانكسر فانصب الماء فخشيت أن تكون نائما فيكف عليك فيؤذيك ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لك ولزوجتك الجنة ، قال سلمان : فقلت :
هذا والله محمد رسول الله ، فدنوت منه فسلمت عليه ثم أخذت ذلك الخلال
فوضعته بين يديه - وذكر قصة الهدية والصدقة وخاتم النبوة ، فأسلم سلمان
وأخبر قصة خليسة ورقيته - قال سلمان : فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن
أبي طالب عليه السلام فقال : إذهب إلى خليسة فقل لها : يقول لك محمد : إما أن
تعتقي هذا وإما أن أعتقه ، فإن حكمت تحرم عليك خدمته ، قلت : يا
رسول الله ! إنها لم تسلم ؟ قال : يا سلمان ! وما تدري ما حدث بعدك ، دخل
عليها ابن عمها فعرض عليها الإسلام فأسلمت - وذكر أنها أعتقته بأمره صلى الله
عليه وآله فكافأها رسول الله صلى الله عليه وآله بأن غرس لها ثلاثمأة فسيلة ) .
وروى الحسين بن حمدان الحضيني ، عن محمد بن يحيى الفارسي ، عن
محمد بن خالد اليماني ، عن جعفر بن زيد الخراز ، عن محمد بن النعمان مؤمن
الطاق ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سعيد بن المسيب ، عن زاذان ، عن سلمان
قال : ( لما ابتاعني رسول الله صلى الله عليه وآله من اليهودية بالحديقة التي استثنت
على رسول الله أن يخطها لها في أرض سبخة نورة لا ينبت فيها شئ ، وأن يغرسها لها
نواة تنبت فيها ويحمل ويثمر ويطعم من يوم ، واليهودية تظن أن هذا
ما لا يكون ولا يقدر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ، فاختطها لها في أرض
سبخة كما شاءت ، وأمر صلى الله عليه وآله بنوى فجمع له وصار إلى الخطة هو
وأمير المؤمنين والمقداد وأبو ذر ، فأقبل علي عليه السلام يحفر ورسول الله صلى
الله عليه
وآله يغرس والمقداد يواري ، وقال صلى الله عليه وآله لي : إسق يا سلمان فإنك باب
‹ صفحه 103 ›
حياة المؤمنين ، وأبو ذر متقدم وكنت أصب الماء في حفرة حفرة ، وإذا تمت
الحفرة إلى آخر الحديقة نبت أولها وأخرج نخلا وحمل وأثمر وأطعم ألوانا من
التمور ، حتى إذا غرس كلها ، فآمن اليهودي وسبعون رجلا من اليهود ، فيهم
أحبار ورهبانيون ، وقالوا : ما ظننا أن يبعث الله رسولا بعد موسى وإن كانت
التوراة تنطق بك يا رسول الله صلى الله عليه وآله حقا ، ودخل رسول الله المدينة
ونحن معه ، فأقبل المؤمنون إليه يهنونه ويهنونني ورسول الله يقول : أتهنون سلمان
بالإسلام وهو يدعو بني إسرائيل إلى الإيمان بالله منذ أربعمائة سنة وخمسين
سنة ، فقال له قوم من المسلمين : يا رسول الله ! لقد فضل هذا الفارسي على
كثير من الناس ؟ فقال : وهذا فضله عندكم ، إن الله أوحى إلي : إن الجنة
تشتاق إلى ثلاث نفر من أصحابي ، منهم سلمان ، فأكثروا سؤال رسول الله
صلى الله عليه وآله عن الاثنين الآخرين اللذين تشتاق إليهما الجنة ، فقال
رسول الله : سيد الاثنين وإمامهما أخي علي بن أبي طالب ، ثم سلمان ،
ثم عمار ) ، السبخة - محركة ومسكنة - : أرض ذات نز وملح .
والنسخة التي نقلنا منها كانت سقيمة جدا وأرجو ممن عثر على
الصحيحة منها أن يصحح الخبر ، وفي قوله صلى الله عليه وآله : إنك باب حياة
المؤمنين ، مدح عظيم وإثبات مقام كريم له سلام الله عليه ، يؤيده ما يأتي في
الأبواب الآتية .
وروى الكازروني في المنتقى بعد الخبر المتقدم عن سلمان قال :
( وضعت التمر بين يريه وكان من عنده عشرين رجلا وأهديت له خمسا
وعشرين تمرة ، قال سلمان : فعددت ألف نواة ، قال : فقمت فدرت بين
كتفيه - وذكر قصة الخاتم وإسلامه - فقام علي بن أبي طالب عليه السلام
فقبل رأسي وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن أكسى ، فكساني أبو بكر ما كان
عليه من الثياب ودعا بكسوة غيرها فلبسها ) .
وقد تكرر ذكر ( الأوقية ) في تلك الأخبار ، وهي في تلك الأعصار
- كما ذكر الجوهري والكازروني - : وزن أربعين درهما ، والدرهم نصف
مثقال الشرعي وخمسه ، فكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل ، والمثقال الشرعي
‹ صفحه 104 ›
كالدينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي ، فالأوقية اثنان وعشرون مثقالا صيرفيا ،
فتمام مال الكتابة المزبورة من الذهب ثمانمأة وثمانون مثقالا صيرفيا المساوية
لألف ومأة دينار .
قوله في السيرة : وهذا الحائط الذي غرس رسول الله صلى الله عليه وآله من
حوائط بني النظير ، وكان يقال له : الميثب ، وقد آل إليه صلى الله عليه وآله ،
قلت : كذا نقله أصحابنا أيضا ، ففي الكافي عن إبراهيم ابن
( أبي ) يحيى المدني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( الميثب هو الذي
كاتب عليه سلمان فأفاء الله ( عز وجل ) على رسوله ، فهو في صدقتها ) ( 1 ) .
وروى الكشي ( 2 ) عن حمدويه وإبراهيم ابنا نصير ، قالا : حدثنا أيوب بن نوح ،
عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حمية ، عن إبراهيم بن ( أبي ) يحيى مثله ،
وزاد في آخره : ( يعني ( في ) صدقة فاطمة عليها السلام ) ( 3 ) وهو إما من كلام
الكشي أو الشيخ الطوسي ، وفي الوسائل نقل الحديث عن الكافي وزاد بعد
قوله : فأفاء الله على رسوله : ( فأعطاه فاطمة ) ( 4 ) ، واحتياج الضمير إلى
المرجع
يؤيد صحة ما زاده ، إلا أني لم أجد الزيادة في النسخ التي رأيت من الكافي ،
ونقله منه المجلسي في المجلد السادس والعاشر من البحار ( 5 ) ، والقاشاني ( 6 ) في
0000000000000000000
( 1 ) فروع الكافي 7 : 48 ، وفيه : ( على
رسول الله ) .
( 2 ) محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي يكنى أبا عمرو شيخ فاضل جليل بصير بالأخبار
والرجال
ثقة وعين مستقيم المذهب حسن الاعتقاد من أصحاب العياشي ، كان من كش البلد المعروف
على
مراحل من سمرقند ، وله الرجال الموسوم بمعرفة الناقلين كان فيه العامة والخاصة
وكان فيه أغلاط
فعمد إليه شيخ الطائفة وجرد منه الخاصة وأسقط منه الفضلات وهذبه وسماه إختيار
الرجال
والموجود في هذه الأزمان بل وزمان العلامة وما قاربه إنها هو اختيار الشيخ لا
الكشي الأصل .
( 3 ) إختيار معرفة الرجال : 18 .
( 4 ) وسائل الشيعة 6 : 294 .
( 5 ) بحار الأنوار 22 : 296 وأيضا 43 : 235 من الطبعة الحديثة .
( 6 ) الحكيم المتأله والفقيه النحرير والمحدث الثقة محمد بن الشاه مرتضى بن الشاه
محمود المشتهر
بالفيض القاشاني والمدعو بالمحسن ، كان نشؤوه في بلدة قم ثم سافر إلى شيراز وأخذ
العلوم الشرعية عن
سيد ماجد البحراني وقرأ العلوم العقلية على الحكيم الفيلسوف المولى صدر الدين
الشيرازي وتزوج
بنته ، له تأليفات كثيرة وأشهرها : الوافي والمحجة البيضاء في تهذيب الأحياء ،
تفسير الصافي ، علم
اليقين وحق اليقين ، وكان رحمه الله ذا قريحة صافية وله ديوان شعر . يروي عن جماعة
منهم الشيخ
البهائي وروى عنه العلامة المجلسي ، توفي سنة 1091 وكان له أربع وثمانون سنة .
‹ صفحه 105 ›
الوافي ( 1 ) ، والشيخ عبد الله البحراني ( 2 ) في العوالم ( 3 ) كما نقلنا ، وصرح
في البحار ( 4 )
والعوالم بأن الكشي رواه مثل ما في الكافي ، فما زاده الشيخ المتبحر في
الوسائل غريب لا أعرف له وجها .
ومنه ظهر كونه من حوائط بني النضير ، إذ آية الفئ إنما نزلت في
غزوة بني النضير وأراضيهم ، فإنها فتحت صلحا - كما يظهر من التفاسير
والمغازي - ، وفيه عن أبي الحسن الثاني عليه السلام قال : ( سألته عن الحيطان
السبعة التي كانت ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله يأخذ ( إليه ) منها ما ينفق
على
أضيافه والتابعة ( 5 ) تلزمه فيها ، فلما قبض جاء العباس ( 6 ) يخاصم فاطمة
( عليها السلام ) فيها ، فشهد علي عليه السلام وغيره أنها وقف على فاطمة ( عليها
السلام ) ،
وهي الدلال ، والعواف والحسنى والصافية ومال أم إبراهيم ( 7 ) والميثب
والبرقة ) ( 8 ) ، وفي الفقيه والتهذيب عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر عليه
السلام :
( ألا أحدثك بوصية فاطمة عليها السلام ؟ قلت : بلى ، فأخرج حقا أو سفطا
فأخرج منه كتابا فقرأ ( ه ) : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصت به فاطمة
000000000000000000
( 1 ) الوافي 2 : الجزء الثاني أبواب ساير
أصناف الإنفاق : 79 .
( 2 ) الفاضل المتبع ، الخبير النقاد الشيخ عبد الله بن نور الدين صاحب العوالم في
مجلدات كثيرة
شايعة ، وهو جمع بين البحار والكتب الأربعة .
( 3 ) لم يطبع بعد .
( 4 ) بحار الأنوار 22 : 296 .
( 5 ) أي التوابع اللازمة ولعلها تصحيف التبعة وهي ما يتبع المال من نوائب الحقوق
أو هي بمعناها ،
وفي قرب الإسناد ( النائبة - بالنون ) وهو الأصوب ( مرآة العقول ) .
( 6 ) قوله عليه السلام : ( جاء العباس ) كان دعواه مبنيا على التعصيب وهذا يدل
على عدم كونه
مرضيا إلا أن يكون لمصلحة ( مرآة العقول ) .
( 7 ) سميت بها لأن أم إبراهيم ابن النبي - أي مارية القبطية - ولدت فيها ، وتعلقت
حين ضربها
المخاض بخشبة من خشب تلك المشربة ، وكان النبي صلى الله عليه وآله أسكن مارية هناك
.
( 8 ) فروع الكافي 7 : 477 ، وفيه : ( ما لأم إبراهيم ) .
‹ صفحه 106 ›
بنت محمد صلى الله عليه وآله ، أوصت بحوائطها السبعة : العواف والدلال والبرقة
والميثب والحسنى ومال أم إبراهيم ، إلى ( علي بن أبي طالب ) عليه السلام ، فإن
مضى علي فإلى الحسن ، فإن مضى الحسن فإلى الحسين ، فإن مضى الحسين
فإلى الأكبر من ولدي ، شهد الله على ذلك والمقداد بن الأسود ( الكندي )
والزبير بن العوام وكتب علي بين أبي طالب ( عليه السلام ) . ) ( 1 ) ، ومثله في
الكافي ( 2 )
مع اختلاف يسير .
وفي المجتمع : ( الميثب - بكسر الميم - : الأرض السهلة وماء لعقيل
وماء بالمدينة ، إحدى صدقاته صلى الله عليه وآله ) ( 3 ) ، ومثله في القاموس إلا
أنه
قال : ( هكذا في كتب اللغة ، وهو غلط صريح ، والثواب ميث - كميل - من
الأرض الميثاء ) ، ولكن في الفقيه : ( المسموع من ذكر ( أحد ) الحوائط :
الميثب ، ولكني سمعت السيد أبا عبد الله محمد بن الحسن الموسوي ( 4 ) أدام الله توفيقه
يذكر أنها تعرف عندهم بالميثم ) ( 5 ) ، هذا .
وفي البحار والعوالم في باب صدقات النبي صلى الله عليه وآله عن
السمهودي في تاريخ المدينة المسمى بالوفاء بأخبار دار المصطفى مرسلا عن
جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهم السلام قال : ( كان الدلال لامرأة من بني النضير
وكان لها سلمان الفارسي ، فكاتبته على أن يحييها لها ثم هو حر ، فأعلم
بذلك النبي صلى الله عليه وآله فخرج إليها فجلس على فقير ( 6 ) ثم جعل يحمل إليه
الودي ، فيضعه بيده ، فما عادت منها ودية إلا طلعت ( 7 ) ، قال : ثم أفاء ( ها )
الله
000000000000000000000
( 1 ) الفقيه 4 : 244 ، التهذيب 9 : 144 مع
اختلاف يسير .
( 2 ) فروع الكافي 7 : 48 .
( 3 ) مجمع البحرين 2 : 179 .
( 4 ) هو الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسن بن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق
بن
موسى بن جعفر عليهما السلام ، وهو المعروف بنعمة ، الذي صنف الصدوق كتاب الفقيه
إجابة
لملتمسه .
( 5 ) الفقيه 4 : 245 .
( 6 ) فقير : هي الحفرة تغرس فيها فسيلة النخل .
( 7 ) في البحار : إن اطلعت ، وفي المصدر : إن طلعت .
‹ صفحه 107 ›
على رسوله - ثم قال بعد كلام : - والميثب غير معروف
اليوم ) ( 1 ) ، وضعف
ما رواه غير خفي على البصير .
ورأيت في أصل كتاب الشيخ الثقة عبد الملك بن حكيم الخثعمي
الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام الذي رواه التلعكبري - كما صرح به
الشيخ في الفهرس ( 2 ) - حديثا في أوله هكذا : الشيخ أبو محمد هارون بن
موسى بن أحمد التلعكبري ( 3 ) ، قال : أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد
الهمداني ، قال : أخبرنا علي بن حسن ( بن علي ) بن فضال التيماني ، قال :
حدثنا جعفر بن محمد بن حكيم ، قال : حدثني عمي عبد الملك بن حكيم ، عن
سيف التمار ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول :
( إن سلمان كان إدراكه العلم الأول ، أنه كان على الشريعة من دين عيسى
عليه السلام ، فخدم بعض رهبانهم وكان رجلا ظالما لنفسه ، فصبر عليه وأخذ من
محاسنه ، فلما حضرته الوفاة قال له : إن لي عليك حقا لخدمتي إياك وصبري
معك ، قال : صدقت ، قال : فحاجتي إليك أن تدلني على رجل أفضل منك
أخدمه ، قال : فدله على رجل في ناحية الشام ، قال : وتوفي الرجل ، فلما أن
دفنه أخبر خيارهم وصلحائهم بما كان يصنع في قسمهم ودلهم على ما كنز ،
قال : فأعظموا ( ذلك له ) وهموا به وقالوا : ( و ) ( لو ) لم تستخرج ما تقول
لتقعن فيما تكره ، قال : فأوقفهم على موضع ذخائره وكنزه ، ( قال : ) فاستحيوا
من سلمان وسألوه أن يجعلهم في حل وأن يقيم معهم فيكون موضعه ، فأبى
وقال : حاجتي أن تخبروني عن هذا الرجل الذي سمى لي هو كما قال ،
( قال : ) فقالوا له : نعم ، هو أفضل من نعرفه بقي من أبناء الحواريين ، قال :
فمضى إليه فأصابه على ما ذكروا وأفضل ، ويقال : إنه كان في عداد
00000000000000000
( 1 ) بحار الأنوار 22 : 297 عن وفاء الوفاء
: 989 .
( 2 ) الفهرست : 110 .
( 3 ) ثقة جليل القدر عظيم المنزلة واسع الرواية ، عديم النظير ، وجه أصحابنا ،
معتمد عليه ، لا يطعن
عليه في شئ ، توفي سنة 385 يروي عنه جعفر بن محمد بن قولويه ، له تصنيفات منها
كتاب
الجوامع في علوم الدين .
‹ صفحه 108 ›
الأوصياء ، قال : فخدمه حتى حضرته الوفاة فقال له : يا هذا ! إنه قد
حضرتك ( 1 ) ما ترى وأنا بك واثق ، فمن الخليفة بعدك الذي أكون معه أقوم معه
مقامي معك ؟ قال : فدله على رجل كان بأرض الروم ، قال : فمضى إليه
وإذا بشيخ كبير عالم ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى حضرته الوفاة فقال ( له )
مثل ما قال لأصحابه ، فقال : ليس لك إلى ذاك حاجة ، في هذه السنة
المقبلة يظهر نبي بأرض يثرب وهو راكب البعير الذي بشر به المسيح
عيسى بن مريم ، فانطلق حتى تكون معه ، فلما أن فرغ من دفنه مضى على
وجهه وقد أخذ صفته ، وأنه يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة ( و ) بين كتفيه
خاتم النبوة ، قال : فبينا هو يسير إذ هجم على خلق كثير مجتمعين في صحراء
حولها غياض وقد أخرجوا زمناهم ومرضاهم ، قال : فسلم عليهم وقال لهم :
ما قصتكم ولأي شئ اجتماعكم ؟ فقالوا : نحن نجتمع في كل سنة في مثل
هذا الوقت لأنه يخرج علينا من هذه الغيضة عبد صالح فنسأله أن يدعوا الله ،
فيشفي زمنانا ويبرئ مرضانا ، فربما أقمنا اليوم واليومين ، وأكثر ما يخرج الينا
في اليوم الثالث ، قال : فأقام معهم فلما كان من غد اليوم الذي قدم فيه ،
إذا هم برجل قد خرج في ثوبين أبيضين ، فقاموا إليه يسألونه حوائجهم ، فلما
أن فرغوا ( 2 ) تبعه سلمان فقال له : ما تريد ؟ قال أنا رجل كنت أخدم العلماء
من أبناء حواري عيسى عليه السلام فقالوا لي : إنه يظهر نبي بيثرب في هذه
السنة المقبلة ، فخرجت في طلبه فأردت أن أسألك ، أصدقوني ؟ قال : نعم
صدقوك ، منزله اليوم مكة وستلقاه ، فإذا لقيته فأقرأه السلام عني كثيرا ،
قال : فلما أسم سلمان ولقي رسول الله صلى الله عليه وآله فحدثه حديثه قال له
النبي صلى الله عليه وآله ذاك أخي عيسى عليه السلام ) ( 3 ) .
الغياض جمع غيضة : الأجمة ، وهي مغيض ماء يجتمع فينبت فيه
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : قد حضرك .
( 2 ) في المصدر : فرقوا .
( 3 ) أصول الستة عشر : 9 - 98 .
‹ صفحه 109 ›
الشجر ، وهي الشجرة الملتف ، والمراد بأرض الروم هو العمورية كما يأتي ،
فإنها من بلادها كما عرفت .
وفي القصص بعد نقل الحديث المتقدم : ( وفي رواية عن سلمان
( رضي الله عنه ) : إن صاحب عمورية لما حضرته الوفاة قال : ائت غيضتين
من أرض الشام ، فإن رجلا يخرج من إحديهما إلى الأخرى في كل سنة ليلة ،
يعترضه ذوو الأسقام ، فلا يدعو لأحد مرض إلا شفى ، فاسأله عن هذا الدين
الذي تسألني عنه عن الحنيفية دين إبراهيم ( عليه السلام ) ، فخرجت حتى أقمت
بها سنة حتى خرج تلك الليلة من إحدى الغيضتين إلى الأخرى ، وكان
فيها ( 1 ) حتى ما بقي إلا منكبيه ، فأخذت به فقلت : رحمك الله الحنيفية دين
إبراهيم ؟ فقال : إنك تسأل عن شئ ما سأل عنه الناس اليوم ، قد أظلك
نبي يخرج عند هذا البيت بهذا الحرم ، يبعث بذلك الدين ، فقال الراوي : يا
سلمان ! لئن كان كذلك لقد رأيت عيسى بن مريم عليه السلام ) ( 2 )
وفي السيرة الحلبية : ( وعن سلمان ( رضي الله عنه تعالى ) أنه قال
لرسول الله صلى الله عليه وآله حين أخبره بالقصة المتقدمة زاد : ( إن صاحب عمورية
قال له : ائت كذا وكذا - ونقل مثله ) ، وزاد بعد قوله : فخرجت : ( حتى
جئت حيث وصف ( - ه ) لي فوجدت الناس قد اجتمعوا بمرضاهم هنالك حتى
خرج لهم تلك الليلة مستجيزا من إحدى الغيضتين إلى الأخرى ، فغشيه
الناس بمرضاهم لا يدعو لاح منهم ( 3 ) إلا شفي ، وغلبوني عليه فلم أخلص
حتى دخل الغيضة التي يريد أن يدخلها إلا منكبه ، فتناولته فقال : من
هذا ؟ والتفت إلي فقلت : يرحمك الله أخبرني عن الحنيفية - الخ ) ، وفي
آخره : ( فقال ( لي ) رسول الله صلى الله عليه وآله : لئن كنت صدقتني لقد لقيت
000000000000000000
( 1 ) في البحار : ( كان فيها ) : أي في
الغيضة الأخرى ، أي لحقته حين وضع رجله في الغيضة
الثانية ، وأراد أن يدخلها ولم يبق خارجا منها إلا منكبيه .
( 2 ) قصص الأنبياء : 302 عنه بحار الأنوار 22 : 366 .
( 3 ) في المصدر : لا يدعو لمريض .
‹ صفحه 110 ›
عيسى بن مريم ) ( 1 ) .
أقول : قد يشكل في آخر الحديث بأن عيسى عليه السلام بعد عروجه في
السماء لا ينزل إلا بعد قيام القائم عليه السلام ، ولم يعهد نزوله في الأرض على
تلك الحالة ، ولذا قال في البحار بعد نقل الحديث عن القصص : ( قوله :
رأيت عيسى عليه السلام : أي مثله - انتهى ) ( 2 ) ، مع أنه من كلام الراوي ولا حجة
فيه لاحتمال كونه ممن قصر باعه ونزر اطلاعه ، فظنه عيسى حيث سمع أنه
شفى المرضى ، وأما صاحب السيرة فحمله على ظاهره ، نظرا إلى كونه من
كلام النبي صلى الله عليه وآله على حسبما رواه ، إلا أنه ضعف سنده حيث قال :
( قال السهيلي : هذا الحديث مقطوع وفيه رجل مجهول ويقال : إن الرجل هو
الحسن بن عمارة ، وهو ضعيف بإجماع منهم - انتهى ) ( 3 ) .
والتحقيق : أنه لا وجه لصرف الكلام عن ظاهره وحمله على إرادة
التشبيه ، فإن التعليق على التصديق صريح في غرابة الدعوى ، ولا غرابة مع
إرادة المماثلة ، ولم يقم دليل معتبر أو ضرورة أو إجماع على أنه بعد عروجه إلى
السماء لا ينزل ولو مستورا عن أعين الناس إلا بعد القيام ، ولو كان فيحتمل
أن يكون المراد نزوله بين أظهرهم بحيث يعرفونه ، كما أن قول الروح الأمين
حين وفاة سيد المرسلين بأن : ( هذا آخر نزولي إلى الدنيا ) ( 4 ) ، محمول على
نزوله
للوحي الجديد ، ومن الجائز الذي لا بعد فيه أن تكون الحكمة في نزوله
كذلك إخباره سلمان وبشارته بظهور خاتم النبيين وسيدهم ، ولا ينافي ذلك
جلالة شأنه ونبالة ( 5 ) مكانه وكونه روح الله وكلمته ، فإن له وله ( 6 ) تلك
المقامات العالية أن يعد ذلك في السماء فخرا وللساعة ذخرا .
وليس بأعجب مما رواه الصدوق في الإكمال ، والشيخ الطوسي في
00000000000000000
( 1 ) السيرة الحلبية 1 : 3 - 192 .
( 2 ) بحار الأنوار 22 : 366 .
( 3 ) السيرة الحلبية 1 : 3 - 192 .
( 4 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 237 .
( 5 ) نبل نبالة : كان ذا نبل أي نجابة وفضل .
( 6 ) كذا .
‹ صفحه 111 ›
غيبته ، بسندهما عن سدير الصيرفي قال : ( دخلت أنا والمفضل بن عمر
وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله ( الصادق ) عليه السلام ،
فرأيناه
جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوق بلا جيب مقصر الكمين ( 1 ) ، وهو
يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، وقد نال الحزن من وجنتيه ( 2 ) ،
وشاع التغيير في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه ( 3 ) ، وهو يقول : سيدي ! غيبتك
نفت رقادي وضيقت علي مهادي - إلى أن قال : فقلت : لا أبكى الله يا بن
خير الورى عينيك ، من أيد حادثة تستنزف دمعتك ( 4 ) وتستمطر عبرتك ، وأية
حالة حتمت عليك هذا المأتم ؟ قال : فزفر ( 5 ) الصادق عليه السلام زفرة انتفخ
منها جوفه واشتد منها خوفه وقال : ( ويكم ) إني نظرت في كتاب الجفر
صبيحة هذا اليوم - إلى أن قال : - وتأملت فيه مولد قائمنا عليه السلام وغيبته
وإبطاؤه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان وتولد الشكوك في قلوبهم
من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم - إلى أن قال : - إن الله تبارك و
تعالى أدار في القائم منا ثلاثة ( 6 ) من الرسل ، قدر مولده تقدير
مولد موسى ( عليه السلام ) ، وجعل ( له ) من بعد ذلك عمر العبد الصالح
أعني الخضر ( عليه السلام ) - دليلا على عمره - إلى أن قال : - وأما العبد الصالح
-
( أعني ) الخضر عليه السلام ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء
( عليهم السلام ) ، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ،
بلى
إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه أن يقدر من عمر القائم
00000000000000000
( 1 ) المسح - بالكسر - : الكساء من السعر ،
الكم - بالصم - : مدخل اليد ومخرجها من الثوب .
( 2 ) الوجنة - بالتثليث - : ما ارتفع من الخدين سميت بذلك لأن فيها صلابة وشدة .
( 3 ) المحجر - بالفتح والكسر - من العين : ما دار بها .
( 4 ) استنزف الدمع : استنزله واستخرجه .
( 5 ) زفر الرجل : اخرج نفيه مع مدة إياه .
( 6 ) في المصدر : لثلاثة .
‹ صفحه 112 ›
عليه السلام في أيام غيبته ما يقدر ( ه ) ، وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار
ذلك
العمر في الطول ، طول عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلا لعلة
الاستدلال به على عمر القائم عليه السلام ، وليقطع بذلك حجة المعاندين
لئلا يكون للناس على الله حجة ) ( 1 )
فإذا كان وجود الخضر الذي عظمه الله تعالى في قوله : ( وعلمناه من
لدنا علما ) ( 2 ) بهذا المكان من التبعية لوجود القائم الذي هو من عبيد جده
السيد الأعظم ، فلا مهانة لعيسى عليه السلام أن ينزل من السماء ويبشر بطلوع
طلعته الغراء - كما كان كذلك قبل عروجه - ، ولمزيد اهتمامه بذلك خصه الله
من بين المرسلين الذين كانوا كلهم مبشرين ، بقوله تعالى حكاية عنه :
( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ) ( 3 ) .
ثم إنه قد يظهر من بعض الأخبار أنه عليه السلام نزل إلى الأرض بعد
رفعه إلى السماء ، ففي إثبات الوصية للمسعودي في آخر أحواله عليه السلام :
( ورفع الله عز وجل المسيح إليه من ساعته ، ثم صارت مريم عليها السلام إلى
ملك اليهود فسألته أن يهب لها المصلوب ، ففعل فدفنته ، فخرجت ( هي )
وأختها لزيارة قبره ، فإذا المسيح جالس عند القبر ، فقالت لأختها :
( أ ) ما ترين الرجل الذي عند القبر ؟ قالت : لا ، فأمرتها أن ترجع ومضت إلى
المسيح ( عليه السلام ) ، فأخبرها أن الله عز وجل قد رفعه إليه وأوصاها بما أراد ،
فرجعت قريرة العين ( 4 ) ) ( 5 ) .
وقال في السيرة بعد نقل تضعيف الحديث بما قدمنا : ( وإن صح
هذا الحديث فلا نكارة في متنه ، فقد ذكر الطبري : أن المسيح ( عليه الصلاة
والسلام ) نزل بعدما رفع وأمه وامرأة أخرى ، أي كانت مجنونة فأبرأها
00000000000000000000
( 1 ) الغيبة : 8 - 104 ، إكمال الدين 2 : 5
- 352 ، بينهما اختلافات عرضناه على الأولى .
( 2 ) الكهف : 65 . أقول : في الأصل : وآتيناه من لدنا علما .
( 3 ) الصف : 6 .
( 4 ) قرت عينه : بردت سرورا وجف دمعها أو رأت ما كانت متشوقة إليه .
( 5 ) إثبات الوصية : 70 - 69 .
‹ صفحه 113 ›
المسيح عند الجذع الذي ( كان ) ( فيه ) الصليب ، يبكيان فأهبط إليهما
وكلمهما وقال لهما : علام تبكيان ؟ فقالا : عليك ، فقال : إني لم أقتل ولم
أصلب ولكن الله رفعني وأكرمني ، وأخبرهما أن الله أوقع شبهه على الذي
صلب وأرسل إلى الحواريين ، أي قال لأمه ولتلك المرأة : أبلغا الحواريين
أمري ، أن يلقوني في موضع كذا ليلا ، فجاء الحواريون ذلك الموضع ، فإذا
الجبل قد اشتعل نورا لنزوله فيه ، ثم أمرهم أن يدعوا الناس إلى دينه و ( إلى )
عبادة ربهم ووجههم إلى الأمم ، وإذا جاز أن ينزل مرة جاز أن ينزل مرارا ،
لكن لا نعلم أنه هو ، أي حقيقة ، حتى ينزل النزول الظاهر فيكسر الصليب
ويقتل الخنزير ( كما جاء في الصحيح ) ، هذا كلامه ) ( 1 ) .
وفي رواية سليمان بن مهران الأعمش فيما جرى بعد شهادة
أبي عبد الله عليه السلام وغيرها مما روى في المقاتل : إنه نزل بعد وقعة الطف
مع ساير أولي العزم من المرسلين ( 2 ) ، وليس نزوله كنزولهم ، على ما هو المشهور
من أنه رفع حيا ولم يذق شربة الموت ، كما ذكروه في تفسير قوله تعالى : ( إني
متوفيك ورافعك ) ( 3 ) .
والغرض من جميع ذلك رفع الاستبعاد عن القول بذلك بالنظر إلى
رواية القصص ، التي اقتصر عليها المجلسي رحمه الله ، مع وجود كتاب عبد الملك
عنده - على ما يظهر من فهرس كتبه في المجلد الأول من البحار ( 4 ) - ، وأما على
رواية عبد الملك فهو نص في المطلوب .
وفي السيرة : ( وقد رويت قصة سلمان ( رضي الله عنه ) على
غير هذا الوجه الذي تقدم ، فعنه قال : كان لي أخ ( وهو ) أكبر مني وكان
يتقنع ( بثوبه ) ويصعد الجبل ، يفعل ذلك غير ( ما ) مرة متنكرا ، فقلت له : أما
إنك تفعل كذا وكذا ، فلم لا تذهب بي معك ؟ قال : أنت غلام وأخاف أن
00000000000000000
( 1 ) السيرة 1 : 193 .
( 2 ) البحار 45 : 7 - 186 .
( 3 ) آل عمران : 55 .
( 4 ) البحار 1 : 23 .
‹ صفحه 114 ›
يظهر منك شئ ، قلت : لا تخف ، قال : إن في هذا الجبل قوما لهم عبادة
وصلاح يذكرون الله ويذكرون الآخرة ويزعمون أنا على غير دين قلت :
فاذهب ( بي ) معك إليهم ، قال : حتى استأمرهم ، فاستأمرهم فقالوا : جئ
به ، فذهبت معه فانتهيت إليهم ، فإذا هم ستة أو سبعة ، وكأن الروح قد
خرجت منهم من العبادة ، يصومون النهار ويقومون الليل ( و ) يأكلون الشجر
وما وجدوا ، فصعدنا إليهم فحمدوا الله ( تعالى ) وأثنوا عليه وذكروا من مضى
من الرسل ( والأنبياء ) حتى خلصوا إلى عيسى بن مريم ، قالوا : ولد بغير ذكر
وبعثه الله رسولا وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى وخلق الطير وإبراء
الأعمى والأبرص ، فكفر به قوم وتبعه قوم ، ثم قالوا : يا غلام ! إن لك ربا
وإن لك معادا وإن بين ذلك جنة ونارا إليهما تصير ، وإن هؤلاء القوم الذين
يعبدون النيران أهل كفر وضلالة لا يرضى ( الله ) بما يصنعون وليسوا على
دين ، ثم انصرفنا ، ثم عدنا إليهم فقالوا مثل ذلك وأحسن ، فلزمتهم ثم اطلع
عليهم الملك فأمرهم بالخروج من بلاده فقلت : ما أنا بمفارقكم ، فخرجت
معهم حتى قدمنا الموصل ، فلما دخلوا حفوا بهم ، ثم أتاهم رجل من كهف
جبل فسلم وجلس فحفوا به ، فقال لهم : أين كنتم ؟ فأخبروه فقال : ما هذا
الغلام معكم ؟ فأثنوا علي خيرا وأخبروه باتباعي إياهم ، ولم أر مثل إعظامهم
( له ) ، فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر من أرسله الله من رسله وأنبيائه
وما لقوا وما صنع بهم حتى ذكر عيسى بن مريم ، ثم وعظهم وقال :
اتقوا الله وألزموا ما جاء به عيسى ولا تخالفوا يخالف بكم ، ثم أراد أن
يقوم فقلت : ما أنا بمفارقك ، فقال : يا غلام ! إنك لا تستطيع أن تكون معي
إني لا أخرج من كهفي إلا كل يوم أحد ، قلت : ما أنا بمفارقك ، فتبعته
حتى دخل الكهف ، فما رأيته نائما ولا طاعما إلا راكعا وساجدا إلى الأحد
الآخر ، فلما أصبحنا خرجنا واجتمعوا إليه ، فتكلم نحو المرة الأولى ثم رجع
إلى الكهف ( 1 ) ورجعت معه فلبثت ما شاء الله أن يخرج في كل يوم أحد
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : إلى كهفه .
‹ صفحه 115 ›
ويخرجون إليه ويعظهم ويوصيهم ، فخرج في الأحد فقال مثل ما كان يقول ، ثم
قال : يا هؤلاء ! إني قد كبر سني ودق عظمي وقرب أجلي وإني لا عهد لي
بهذا البيت - يعني بيت المقدس - منذ كذا وكذا سنة ، فلا بد لي من إتيانه ،
فقلت : ما أنا بمفارقك ، فخرج وخرجت معه حتى أتيت إلى بيت المقدس ،
فدخل وجعل يصلي وكان فيما يقول لي : يا سلمان ! إن الله سوف يبعث
رسولا اسمه أحمد ، يخرج من جبال تهامة ، علامته أن يأكل الهدية ولا يأكل
الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة ، وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب ، فأما
أنا فشيخ كبير لا أحسبني ( أن ) أدركه ، فإن أدركته ( أنت ) فصدقه واتبعه ،
فقلت : وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه ؟ قال : وإن أمرك ، ثم خرج
من بيت المقدس وعلى بابه مقعد ، فقال ( له ) : ناولني يدك ، فناوله يده فقال
له : قم باسم الله ، فقام كأنما نشط من عقال ( 1 ) ، فقال لي المقعد : يا غلام !
احمل على ثياب حتى أنطلق ، فحملت عليه ثيابه ، فذهب الراهب وذهبت في
أثره أطلبه ، كلما سئلت عنه قالوا : أمامك ، حتى لقيني ركب من كلب
فسألتهم فلما سمعوا لغتي أناخ رجل ( منهم ) بعيره وحملني عليه فجعلني خلفه
حتى أتوا ( بي ) إلى بلادهم فباعوني ، فاشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في
حائط لها ، أي بستان ، وقدم رسول الله صلى الله عليه وآله ( المدينة ) فأخبرت به ،
فأخذت شيئا من تمر حائطي ، ثم أتيته فوجدت عنده أناسا ، فوضعته بين
يديه فقال : ما هذا ؟ قلت : صدقة ، فقال للقوم : كلوا ، ولم يأكل هو ، ثم
لبثت ما شاء الله ثم أخذت مثل ذلك ، ثم أتيته فوجدت عنده أناسا ،
فوضعته بين يديه فقال : ما هذا ؟ فقلت : هدية ، قال : باسم الله ، وأكل
وأكل القوم ، فقلت في نفسي : هذه من آياته ، ويحتاج للجمع بين هذه
الرواية و ( بين ) ما تقدمها على تقدير صحتها ، وفي الدر المنثور : إن امرأة من
جهينية اشترته وصار يرعى غنما لها ، بينا هو يوما يرعى إذ أتاه صاحب له
فقال له : أشعرت أنه قد قدم اليوم المدينة رجل يزعم أنه نبي ؟ فقال له
000000000000000000
( 1 ) نشط من المكان : خرج .
‹ صفحه 116 ›
سلمان : أقم في الغنم حتى آتيك ، فهبط سلمان إلى المدينة فاشترى بدينار :
ببعضه شاة فشواها وببعضه ( الآخر ) خبزا ، ثم أتاه به فقال : ما هذا ؟ فقال
سلمان : هذه صدقة ، قال : لا حاجة لي بها ، فأخرجها فأكلها أصحابه ، ثم
انطلق فاشترى بدينار آخر خبزا ولحما فأتى به النبي صلى الله عليه وآله فقال : ما
هذا ؟ قال : هذه هدية ، فقال : فاقعد فكل ، فقعد وأكلا جميعا منها ، فدرت
خلفه ففطن بي فأرخى ثوبه فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر ، فتبينته ، ثم
درت حتى جلست بين يديه فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وإنك
رسول الله ) . ( 1 )
قلت : لا يبعد أن تكون تلك الرواية هي التي نقلها في المنتقى
وقدمناها .
تنبيهات :
الأول : قد عرفت الاختلاف في عدد أرباب سلمان ومواليه ، وأن
ظاهر الإكمال والقصص والسيرة متفق في أنهم ثلاثة ، وإن اختلفوا في
الأخير أنه كان رجلا أو امرأة ، وقال السيد الشهيد في مجالس المؤمنين :
( إنهم كانوا أزيد من عشرة ) ( 2 ) ، وفي شرح النهج ( إنهم بضعة عشر ) ( 3 ) ،
وروى البخاري عن الحسن بن عمر بن شقيق ، ( قال : ) حدثنا معتمر ، قال
أبي وحدثنا أبو عثمان ، عن سلمان الفارسي : ( أنه تداوله بضعة عشر من
رب إلى رب ) ( 4 ) ، والذي في أعلام الورى : ( أنه تداوله اثنان ) ( 5 ) ، والجمع
بين
الجميع متعذر ، فيتعين المصير إلى الأول لصحة الخبر المروي في الإكمال المؤيد
بالأخيرين ، والله العالم .
0000000000000000000
( 1 ) السيرة الحلبية 1 : 7 - 315 ط الحديثة
، 1 : 5 - 194 ط القديمة .
( 2 ) مجالس المؤمنين 1 : 205 .
( 3 ) شرح النهج 18 : 34
( 4 ) صحيح البخاري ، كتاب بدئ الخلق ، حديث 3694 .
( 5 ) إعلام الورى : 65 .
‹ صفحه 117 ›
الثاني : قال الحافظ البرسي ( 1 ) في المشارق : ( واعلم أن الصدر الأول
من كبراء الشيعة قد رووا في أسرار علي عليه السلام وعترته أحاديث - إلى أن
قال : - وأهل الدعوة من علماء هذا الزمان ينكرون كلما ورد من هذا الباب
وينسبونه إلى الغلاة لقصور فهمهم عن ارتقاء قصور معانيه ، وهم مع ذلك
الانكار كلما أنكروا من هذا الباب حديثا اعتقدوه من باب آخر وصدقوه - ثم
قال : - فمن ذلك إنكارهم لحديث سلمان ودشت ارژن وأن أمير المؤمنين
عليه السلام خلصه هناك من الأسد حين استغاث به وقالوا : أين كان علي
عليه السلام هناك ، وكيف كان قبل أن يكون ، ثم رووا في مادة أخرى بعد
الانكار وقالوا : إن عليا عليه السلام كان مع النبيين سرا ومع محمد صلى الله عليه
وآله جهرا - إلى آخر ما ذكره ، وقال بعد أوراق : - وربما رويت حكاية سلمان
وأنه لما خرج عليه الأسد قال : يا فارس الحجاز أدركني ، فظهر إليه فارس
وخلصه منه وقال للأسد : أنت دابته من الآن فعاد يحمل له الحطب إلى
باب المدينة امتثالا لأمر علي عليه السلام فلما سمعو ( ه ) قالوا : هذا تناسخ ) (
2 )
أقول : لم أجد الخبر في مأخذ معتبر يمكن الاستناد إليه ، ولكن يظهر
من بعض القرائن : أنه من الأخبار المشهورة حتى نظمته الشعراء من العرب
والعجم في قصائدهم ، قال الخليعي :
مولاي يا جنب الإله وعينه
يا ذا المناقب والمراتب والعلا
00000000000000000000
( 1 ) الشيخ الحافظ رضي الدين رجب بن محمد بن
رجب البرسي مولدا والحلي محتدا من عرفاء
علماء الإمامية ومحدثيهم قال الحر العاملي في أمل الآمل بعد ذكر ما يدل على فضله :
( له كتاب
مشارق أنوار اليقين في حقايق أسرار أمير المؤمنين عليه السلام وله رسائل في
التوحيد وغيره وفي
كتابه إفراط وربما نسب إلى الغلو - الخ ) ، قال في رياض العلماء بعد نقل هذا
الكلام : ( التأمل
والتفحص في مؤلفاته يورث ما أفاد الأستاذ - أيده الله تعالى - والشيخ المعاصر من
الغلو
والارتفاع ) ، قال المجلسي في مقدمة البحار كلاما يدل على عدم اعتماده على ما
يتقرد بنقله .
( 2 ) مشارق أنوار اليقين : 216 .
‹ صفحه 118 ›
إحيائك العظم الرميم ، وردك
الشمس المنيرة والدجى قد أسبلا
وخضوعها لك في الخطاب وقولها :
يا قادرا ، يا آخرا ، يا أولا
وكلام أصحاب الرقيم وردهم
منك السلام وما استنار وما انجلا
وحديث سلمان ونصرته علي
أسد الفلاة وعلم ما قد أشكلا
ما يستفز ذوي النهى ويقل من
أن يرتضى ويجل من أن يذهلا
القصيدة وهي طويلة ، وأما ما نظم بالفارسية فأكثر من أن تحصى .
وحدثني بعض أهل العلم أنه رأى تلك الحكاية في كتاب فوايح
المسك ، لبعض السادة من علماء القطيف ، بنحو أبسط ، وحاصلها : ( إن النبي
صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام كانا قاعدين يأكلان الرطب وكان
سلمان حاضرا ، فرماه علي عليه السلام بنواة من رطب ، فقال سلمان : يا
رسول الله صلى الله عليك ! إن عليا شاب يمزحني وأنا شيخ ، فقال علي عليه السلام :
أتذكر دشت ارژن وقصة الأسد الذي جاء عند جنب النهر ، وكنت عريانا
فيه وهو ينتظر خروجك منه ليأكلك ، وأنت متحير واقف في وسطه ، إذ أتى
فارس فصاح على الأسد فغاب ، فخرجت منه ولبست ثوبك ، فكم مضى من
عمرك حينئذ ؟ قال : سبعة عشر أو ثمانية عشر ، فقال : أعرفت الفارس من
هو ، حيث أدركك ؟ فقال : لا ، فقال عليه السلام : كنت أنا الذي أدركتك ،
فقال : كان بين وبينه علامة ، فقال عليه السلام : أتعرفها إن رأيتها ؟ قال : نعم ،
فأخرج علي عليه السلام من كمه طاقة ورد جديد وأعطاه سلمان ، فرآه غضا
طريا بعد مأتين وخمسين سنة ، فقال : نعم ، هي تلك العلامة ) .
‹ صفحه 119 ›
ورأيت الحكاية في موضع آخر مع اختلاف بينهما لم أعتمد عليه
فأنقلها ، ولعل الله يرزقنا الوقوف على مأخذ معتمد يمكن التعويل عليه ، وإن
كان الأمر في الأخبار المتعلقة بالفضائل والمناقب سهلا جدا ، فقد قال النبي
صلى الله عليه وآله في خطبته في حجة الوداع : ( معاشر الناس ! إن فضائل علي بن
أبي طالب عند الله تعالى ، وقد أنزلها الله في القرآن أكثر من أن أحصيها في
مقام واحد ، فمن أنبأكم بها وعرفها فصدقوه - انتهى ) ( 1 ) .
الثالث : قد لاح لك من جميع الأخبار المتقدمة ، صحيحها وضعيفها ،
خاصيها وعاميها ، إن سلمان عليه التحية والسلام ، تشرف بشرف الإسلام
وفاز بإدراك صحبة سيد الأنام بعد الهجرة في المدينة المنورة ، ويظهر من
الخرائج والقصص : أنه كان في السنة الأولى منها ، وعده في المنتقى من
حوادثها ، وفيه : ( قيل : وإسلامه كان في جمادى الأولى من هذه السنة ) ،
وهو صريح ما مر من تاريخ كزيدة .
فمن الغريب ما ذكره السيد الأيد العارف أفضل المتألهين ، حيدر بن
علي العبيدلي الحسيني الآملي ( 2 ) في كتاب الكشكول في ما جرى على
آل الرسول - وهو كتاب لم يعمل مثله في إثبات الخلافة - قال رحمه الله : ( خبر
جاء في روايات مشايخ الحديث عن عبد الله بن عفيف ، عن أبيه قال : كنت
جالسا مع العباس بن عبد المطلب بمكة قبل أن يظهر ( أمر النبي صلى الله عليه وآله )
وكان بمنزلة مؤمن آل فرعون ، وإليه الإشارة في القرآن العزيز بالرجل الذي يكتم
إيمانه ، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله اجتمع بسلمان الفارسي فعرفه النبي وعرفه
سلمان ، فخدمه ( سلمان ) واتحد به ، فرأى النبي صلى الله عليه وآله كفاية سلمان
في العلم والعمل والرأي وحسن إسلام سلمان مع النبي صلى الله عليه وآله ،
00000000000000000000
( 1 ) الإحتجاج 1 : 66 .
( 2 ) كان من أعاظم علمائنا الإمامية في المأة الثامنة ، جليل القدر في الطائفة
فقيه محدث مفسر ، له
قدم راسخ في التصوف ، وصفه في مجالس المؤمنين بالعارف المحقق الأوحد من أصحابنا
الإمامية
المتألهين ، سافر من آمل إلى العراق لزيارة العتبات وفي الحلة اجتمع بنادرة الزمان
فخر المحققين ، له
تصنيفات منها جامع الأسرار وقد حقق فيه مطالب الصوفية الحقة ونقحها تمام التنقيح .
‹ صفحه 120 ›
فشاوره النبي في افتتاح الدعوة وبأي الرجال يجب الابتداء بالخطاب امتحانا
له ؟ فجال سلمان في أهل مكة بشريرهم وخيرهم ، ويجتمع مع النبي صلى الله
عليه وآله ومع أبي طالب ويتشاورون في أي الرجل ينبغي ( 1 ) الافتتاح به في هذا
الأمر ، فأشار سلمان الفارسي وقال : يجب ابتداء ( 2 ) هذا الأمر مع أبي فصيل
عبد العزى ابن أبي قحافة ، لأنه معروف بين العرب بتعبير الأحلام والأخبار
وبتأويل المنام ، وصناعة التعبير ضرب من علم الغيب ، وللعرب في تعبير
الرؤيا اعتقاد مع أنه يعرف تواريخها وأنسابها ، ويخبر ( هم ) بوقائعها
وأحسابها ، وقد كان معلما للصبيان وتفد العرب عليه في مسائل ووسائل ،
وله بين الناس كلام ووساوس ومتى كان أول من يسلم على يديك ويؤمن
بك وبرسالتك يقع بإسلامه صوت بعيد بين أهل البادية والعرب ، فليكن
أول من تخاطبه ، فإذا آمن بك لانت لك قلوب كثيرة وانسد بإسلامه باب
واسع من الولوع بك والعبث بحالك أولا من جهة مداخلاته وغور مقاصده ،
فإني رأيته محبا للرياسة وفيه أخلاق المعلمين وهو مفتون بالسيادة ونفسه
تطالبه بالزيادة - الخبر . ) ( 3 )
وفيه وفي ما قاله الكازروني في المنتقى بعد نقل ما نقلنا عنه سابقا :
( وفي بعض طرقها إن سلمان أسلم بمكة على هذا النسق - أعني ذكر الهدية
والصدقة والخاتم ) ، ما لا يخفى على من خاض في لجج بحار الأخبار وجاس
خلال تلك الديار ، وفيما انتظمناه من تلك الدرر كفاية لأولي الأبصار ، والعجب
من صاحب مجالس المؤمنين وإنكاره على من أنكر ذلك ، ويأتي في الباب
الرابع ما له ربط بالمقام ، فلاحظ .
00000000000000000000
( 1 ) في المصدر : يقتضي .
( 2 ) في المصدر : افتتاح .
( 3 ) الكشكول فيما جرى على آل الرسول : 4 - 54 .
‹ صفحه 121 ›
الباب الثاني
في أنه من أهل بيت النبوة والعصمة ،
وأنه صار محمديا وعلويا بعد إن كان فارسيا عجميا .
‹ صفحه 123 ›
روى محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في رجاله عن جبرئيل بن
أحمد ، قال : حدثني الحسن بن خرزاذ ، قال : حدثني أحمد بن علي ( 1 ) وعلي بن
أسباط ، قالا : حدثنا الحكم بن مسكين ، عن الحسن بن صهيب ، عن
أبي جعفر عليه السلام قال : ( ذكر عنده سلمان الفارسي فقال أبو جعفر عليه السلام :
مه ( 2 ) ، لا تقولوا سلمان الفارسي ولكن قولوا : سلمان المحمدي ، ذلك ( رجل )
منا أهل البيت ) ( 3 ) .
قلت : كل من تدين بدين ينتسب إلى صاحبه في المحاورات ، فيقال :
هذا موسوي أو عيسوي أو محمدي ، فلم يكن في النسبة مزية له على ما يفهم من
ظاهرها ، فأشار عليه السلام بأن وجه الانتساب هو كونه من أهل البيت لا لكونه
من المسلمين ، فهي من خصائصه ، وسيأتي بيان المراد من تلك العبارة .
وفي العيون : حدثنا ( محمد بن عمر بن ) محمد بن سلم بن
البرجعابي ، قال : حدثني أبو محمد الحسن بن عبد الله ( بن ) محمد بن العباس
000000000000000000000
( 1 ) في المصدر : محمد بن علي .
( 2 ) مه : اسم فعل مبني على السكون بمعنى انكفف .
( 3 ) إختيار معرفة الرجال : 12 .
‹ صفحه 124 ›
الرازي التميمي ، قال : حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عليهما السلام ، قال :
حدثني أبي موسى بن جعفر عليهما السلام ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد عليهما
السلام ،
قال : حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال :
حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أخي الحسن بن علي ، قال : حدثني
أبي علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول الله : ( سلمان منا أهل البيت ) ( 1 )
وفي الكشي : نصر بن الصباح - وهو غال - قال : حدثني
إسحاق بن محمد البصري - وهو متهم - ، قال : حدثنا أحمد بن
هلال ، عن علي بن أسباط ، ( عن العلاء ) ، عن محمد بن حكيم ، قال : ( ذكر
عند أبي جعفر عليه السلام سلمان فقال : ذلك سلمان المحمدي ، إن سلمان منا
أهل البيت ، إنه كان يقول للناس : هربتم من القرآن إلى الأحاديث ، وجدتم
كتابا رفيعا دقيقا ( 2 ) حوسبتم فيه على النقير والقمطير والفتيل وحبة خردل
فضاق عليكم ذلك ( 3 ) وهربتم إلى الأحاديث التي اتسعت عليكم ) . ( 4 )
النقير : النكتة في ظهر النواة ، من النقرة وهي حفرة صغيرة في
الأرض ، القمطير : أيضا هي الجلدة الرقيقة على ظهر النواة ، أو هي النكتة
البيضاء التي في ظهر النواة وباطنها تنبت منها النخلة ، وقريب منها الفتيل :
وهو قشر يكون في بطن النواة ، وكلها أمثال للقلة .
وأعلم أن تصريحه رحمه الله بغلو ( نصر ) هنا وفي ترجمة مفضل بن عمرو
جابر بن يزيد الجعفي ينافي ما هو المعروف من طريقة المشايخ وديدن
الأجلاء ، بل جل المحدثين من الفرقة الناجية ، من هجرهم الغلاة الذين هم
قسم من الكفرة الطغاة ، وتركهم الرواية عنهم ، وما ورد عن الصادقين
عليهم السلام من الأمر بذلك وبترك المخالطة معهم والمراودة إليهم وأخذ الحديث
عنهم ، مع أنه قد أكثر في كتابه هذا من الرواية عنه في أكثر التراجم ، ويظهر
منه في ترجمة ( محمد بن سنان ) أن رواية الثقات عن أحد تنافي انحرافه
00000000000000000
( 1 ) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 64 .
( 2 ) في المصدر : رقيقا ، ذلك عليكم .
( 3 ) في المصدر : رقيقا ، ذلك عليكم .
( 4 ) إختيار معرفة الرجال : 18 .
‹ صفحه 125 ›
وضعفه ، وقد أكثر عنه العياشي أيضا ، وهما من وجوه
المشايخ الجلة وسناد
أصحاب الرواية وعمادهم في المذهب والملة ، وليس النقل عن الغالي حقيقة
والتمسك به فيما يتعلق بأمور الدين إلا كالرواية عن أحد من الكفار والزنادقة
والاعتماد عليها فيها ، وهذا ما لا يرتضيه المستضعف ومن لا يبالي من أن
يأخذ دينه عن كل بر وفاجر ، فلا محالة يكون الوجه فيما فعله الكشي أحد
أمور :
الأول : أن لا يكون ( نصر ) عنده غاليا ولا يعتقد فيه ذلك وإنما
كان متهما عند بعضهم ، فالنقل عنه لاعتماده عليه ، وتصريحه بالغلو للإشارة
إلى الاتهام ، ويشهد لذلك قوله في ترجمة جابر بعد ذكر خبر في سنده
( نصر ) : ( ورواته كلهم متهمون بالغلو والتفويض ) ( 1 ) ، وهذا هو الظاهر
من حال ( نصر ) كما يظهر من ترجمته واخترناه . وقال في ترجمة عباس بن
صدقة : ( قال نصر بن الصباح : العباس بن صدقة وأبو العباس الطرياني ( 2 )
وأبو عبد الله الكندي - المعروف بشاه رئيس - كانوا من الغلاة الكبار
الملعونين ) ( 3 ) ، ولم يذكر عن غيره شيئا فكيف يكون غاليا وهو يلعنهم ،
وكيف اعتمد هو عليه في شهادته عليهم إن لم يكن عنده مقبول الشهادة ،
فافهم ، إلى غير ذلك من الشواهد والقرائن .
الثاني : أن يكون مراده من الغلو هو الغلو بالمعنى الذي لا يوجب
الكفر ورد الرواية ، فإن له مراتب ودرجات يرمي قائل كل واحد منها إلى
الغلو ، أعلاها نفى سمات الحدوث عن الأئمة عليهم السلام والقول بألوهيتهم
وقدمهم ونفى إله معبود لهم ، وأدناها ما أشار إليه الصدوق في عقائده من :
( أن علامة الغلو أن ينسب مشايخ القميين وعلمائهم إلى التقصير ) ( 4 ) ، قال
المفيد رحمه الله في شرح تلك العبارة بعد كلام له : ( وقد سمعنا حكاية ظاهرة
0000000000000000000
( 1 ) هذه الزيادة موجودة في بعض نسخ الكتاب
، راجع المصدر : 197 .
( 2 ) في المصدر : الطرناني ( الطبراني خ ل ) .
( 3 ) إختيار معرفة الرجال : 522 .
( 4 ) الإعتقادات : 36 .
‹ صفحه 126 ›
عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد ( رحمه الله ) لم نجد لها رافعا للتقصير ( 1
) ،
وهي ما حكى عنه أنه قال : ( أول درجة ) في الغلو نفي السهو عن النبي
والإمام صلوات الله عليهما ، فإن صحت هذه الحكاية عنه فهو مقصر ، مع أنه من
علماء القميين ومشيختهم ، وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون
تقصيرا ظاهرا في الدين ، وينزلون الأئمة ( عليهم السلام ) عن مراتبهم ويزعمون
أنهم كانوا لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم ، ورأينا
( في أولئك ) من يقول إنهم ملتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون
ويدعون ( مع ذلك ) أنهم من العلماء ، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه ،
انتهى ) ( 2 ) ، فإذا فكل من يروي ويعتقد في حقهم عليهم السلام من الفضائل
الخاصة من نفي السهو وما فوقه إلى الحد الذي يوجب نفي معبود لهم وإثبات
صفات القديم فيهم ، فهو غال متجاوز عن الحد الذي يعتقده الصدوق وشيخه
المتقدم وأمثالهما مثلا فيهم ، وأين هذا من الكفر والخروج عن الدين ، فإن ما
بينهما أوسع مما بين السماء والأرض - كما قرر في محله .
الثالث : أن يكون ( نصر ) غاليا حقيقة بالمعنى الذي يكفر قائله
وترد روايته ، إلا أن كتبه ورواياته مما علم صحتها من الخارج لأخذه من
الكتب المعتبرة والأصول المعول عليها في الدين ، ويعلم ذلك بعرضها عليها ،
وهذا لا يختص به ، فإن له نظائر كثيرة ممن فسدت عقيدته وصحت كتبه
من أغلب المنتحلين إلى المذاهب الفاسدة ، وربما يختلج في البال أنه إذا كان
صحة كتاب من فسد مذهبه منوطا بعرضه على الأصول والكتب المعتمدة ، فما
الوجه في أخذ الرواية عنه لا من مأخذه الصحيح ، ويرفع بأن مجرد صحة
الكتاب والعلم بنسبته إلى مصنفه لا يصح جواز النقل عنه في طريقتهم ، إن
هو إلا الوجادة ( 3 ) التي يضعف عاملها - كما يظهر من ترجمة ( محمد بن
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : دافعا في التفسير .
( 2 ) تصحيح الاعتقاد : 114 113 .
( 3 ) الوجادة : من وجد يجد ، وهو أن يجد مروي شخص بخطه ، ولم يسمعه منه ، فيقول :
وجدت
بخط فلان ( الدراية ) .
‹ صفحه 127 ›
سنان ) ( 1 ) - ، ولا يلزم أن يكون لكل من عنده كتاب وأصل طريق إلى
صاحبه فيجوز أن يكون أخذ الحديث من الأصل أو من كتابه بعد المطابقة
والرواة عنه للاتصال وأخرج الحديث من الارسال ، ولم يشترطوا في هذا
القسم ما اشترطوا في غيره في الوثاقة والعدالة والضبط فيمن يعمل بحديثه ،
ولذا ترى أن الشيخ رحمه الله بعد أخذه الأخبار من الكتب والأصول لم يلتزم في
مشيخة المعدة لذكر أسانيده إلى مصنفيها بذكر طرق صحيحة مع وجودها كما
يظهر من فهرسه ، فإن غرضه مجرد الاتصال وعدم الحاجة إليه إلا لدخولها في
المسانيد - على ما صرح به في أولها فراجع ( 2 ) ، فافهم ، فإن هذه دقيقة قد خفيت
على مهرة هذا الفن ، وعلى كل حال فلا أرى في العمل بروايات نصر بن
الصباح بأسا .
ثم إنه لو كان غرض الكشي من ذكر غلو ( نصر ) هو تضعيف
الرواية من جهته ومن جهة ( إسحاق ) ، لكان الأولى رده لوجود ( أحمد بن
هلال ) في هذا السند ، فإنه هو العبرتائي الملعون الذي روى هو في حقه
توقيعات في لعنه والبراءة منه ، وفي أول أحدها : ( احذروا الصوفي
المتصنع ) ( 3 ) ، وفي بعضها : ( ونحن نبرأ إلى الله من ابن هلال ، لا رحمه الله
ولا
من لا يبرأ منه ) ( 4 ) ، وكلها مثل ذلك ، وإنما أطلنا الكلام لفائدة تحتاج إليها
في
كثير من الأخبار الآتية .
وعن الإختصاص للمفيد رحمه الله قال : ( بلغني ( 5 ) أن سلمان الفارسي
رضي الله عنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم ، فعظموه وقدموه
وصدروه ، إجلالا لحقه وإعظاما لشيبته واختصاصه بالمصطفى وآله ،
فدخل عمر فنظر إليه فقال : من هذا العجمي المتصدر فيما بين العرب ؟
فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فخطب فقال : إن الناس من عهد
00000000000000000
( 1 ) إختيار معرفة الرجال : 389 .
( 2 ) الفهرست : 2 .
( 3 ) إختيار معرفة الرجال : 6 - 535 ، الإحتجاج : 5 - 474 .
( 4 ) إختيار معرفة الرجال : 6 - 535 ، الإحتجاج : 5 - 474 .
( 5 ) في المصدر : بلغنا .
‹ صفحه 128 ›
آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط ، لا فضل للعربي على العجمي ولا
للأحمر على الأسود إلا بالتقوى ، سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفد ، سلمان منا
أهل البيت ، سلسل يمنح الحكمة ويؤتى البرهان ) . ( 1 )
في تسهيل الغوامض : ( ذات يوم ) أي ذات ساعة يوم ، قدم الظرف
على عامله ، وفي الحواشي : ( فلما كان ذات يوم - بالنصب - : ذات يوم بالرفع
والنصب بمعنى كان ذات يوم من الأيام ) ، وعن المغرب : ( ذو للمذكر
وذات للمؤنث بمعنى الصاحب والصاحبة ، وهما يقتضيان شيئين موصوفا
ومضافا إليه فالمعنى دخل في الأوقات المصاحبة ليوم ) ، و ( سلسل ) كجعفر :
الماء العذب أو البارد ، وفي البحار : ( لا يبعد أن يكون تصحيف سلمان ) ( 2 ) ،
وقد مر في المقدمة أن أمير المؤمنين عليه السلام سماه سلسل ، فما احتمله بعيد جدا
.
ثم إنه يظهر من هذا الخبر ومما يأتي في باب تزويجه : أن عمر كان
يبغض سلمان بل كل عجمي ويتجاهر بعداوتهم ويمنع من تزويجهم من
العرب كما يأتي ، ويتعدى عليهم بما كان يمكنه من الجور والأذى ، ففي بعض
الأخبار المعتبرة : ( إنه منعهم من بيت المال إلا قليلا ، فشكوا إلى أمير المؤمنين
عليه السلام ، فأمرهم بالتجارة ودعا لهم بالبركة فيها ) ( 3 ) ، وفي بعضها كما
يأتي :
( إنه سن ديتهم على النصف من دية العرب وأن يرثهم العرب ولا يرثونهم ،
ولا يؤم أحد مهم العرب في صلاة ) ( 4 )
وكل ذلك لما عرف من رسوخ محبة علي وبنيه عليهم السلام في قلوبهم
وانقطاعهم إليه واختصاصهم به ، وإن هذا الدين الحنيف الذي كان يحب
خمل اسمه ينتشر بترويجهم ومجاهدتهم كما يأتي في الباب الرابع عشر عن
كتاب سليم : ( إن عمر سمع عليا عليه السلام يروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال : ليضربنكم الأعاجم على هذا الدين عودا كما ضربتموهم عليه
بدءا ، وقال : ليملأن الله أيديكم من الأعاجم ) ( 5 ) ، ولعله سمع أيضا عن
000000000000000000
( 1 ) الإختصاص : 341 ، نزف ماء البئر : نزحه
واستخرجه بكله ، نقد الشئ : فني .
( 2 ) بحار الأنوار : 22 : 348 .
( 3 ) سليم بن قيس : 175 .
( 4 ) سليم بن قيس : 175 .
( 5 ) سليم بن قيس : 175 .
‹ صفحه 129 ›
النبي صلى الله عليه وآله ما قال الرضا عليه السلام لابن أسباط على ما رواه
ثقة الإسلام في الكافي بسنده عن ( علي بن ) أسباط قال : ( قلت للرضا
عليه السلام : إن رجلا عني ( 1 ) أخاك إبراهيم فذكر له : إن أباك في الحياة وإنك
تعلم من ذلك ما تعلم ، فقال : سبحان الله يموت رسول الله صلى الله عليه وآله
ولا يموت موسى عليه السلام قد والله مضى كما مضى رسول الله صلى الله عليه وآله
ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا ، يمد هذا
الدين ( 2 ) على أولاد الأعاجم ويصرفه عن قرابة نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا ،
فيعطى هؤلاء ويمنع هؤلاء - الخبر ) ( 3 ) .
وتلك الفضيلة للعجم ظاهرة لمن راجع السير والتواريخ ، وأجال
الطرف في أحوال العلماء المروجين الذين نشروا الأخبار والأحاديث التي بها
قوام الدين وأن جلهم من العجم ، من متقدميهم كالقميين والأهوازيين وأهل
خراسان ومن تلاهم كمصنفي الكتب الأربعة ، التي بها تدور رحى مذهب
الشيعة وما يقرب منها في الاعتبار كساير كتب الصدوق والمحاسن للبرقي
والبصائرين للصفار ، وسعد بن عبد الله ( 4 ) القميين ، والتفسيرين للقمي
والعياشي ، ثم من تلاهم ممن تأخر عن شيخ الطائفة كبني بويه وأهل
طبرستان كصاحب بشارة المصطفى والمجمع والجوامع والاحتجاج
ومكارم الأخلاق والمناقب ( 5 ) والراوندي وغيرهم ، ممن جمعهم علي بن عبيد الله
في المنتخب والميرزا عبد الله الإصفهاني ( 6 ) في رياض العلماء وغيرهما ، ثم بعد
000000000000000000
( 1 ) عنى : كلفه ما يشق عليه ( منه ) .
( 2 ) في المصدر : يمن بهذا الدين .
( 3 ) الكافي 1 : 380 .
( 4 ) أبو القاسم سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمي من أجلة شيوخ الطائفة
وثقاتهم ، له
كتب كثيرة أوردها النجاشي والشيخ في فهرستهما ، توفي سنة 301 وقيل غير ذلك .
( 5 ) بشارة المصطفى لعماد الدين الطبري ، المجمع والجوامع لأمين الدين الطبرسي ،
الإحتجاج لأحمد بن
أبي طالب الطبرسي ، مكارم الأخلاق لحسن بن الفضل الطبرسي ، المناقب لابن شهرآشوب
السروي
المازندراني .
( 6 ) العالم الفاضل المتبحر النحرير والنقاد المضطلع الخبير الذي لم ير مثله في
الاطلاع على أحوال
العلماء ومؤلفاتهم بديل ولا نظير تلميذ العلامة المجلسي ، مؤلف كتاب رياض العلماء
وحياض
الفضلاء من العامة والخاصة في عشر مجلدات وله أيضا الصحيفة الثالثة وهي أدعية
الإمام
سيد الساجدين الخارجة من الصحيفة المشهورة ، توفي سنة 1137 .