‹ صفحه 130 ›



ذلك ما وقع من نصير الملة والدين ( 1 ) من الترويج وإطفاء نائرة الكفر وطم ( 2 )
جيفة خلافة العباسيين واتصال ذلك بما ظهر من السلاطين الصفوية أنار الله
برهانهم - ، ومن عاصرهم من النواميس الحماة والمصابيح الكماة الذين بذلوا
المهج وأناروا النهج من أهل إصفهان وقزوين وطبرستان وخراسان ، ولو لم
يكن فيهم إلا المولى عبد الله الشوشتري ( 3 ) وتلميذه المولى محمد تقي ( 4 ) وابنه غواص
بحار الأنوار ، لكفى العجم فخرا وشرافة ، فارجع إلى تراجمهم وأحوالهم ، و
ولولا خوف الإطالة والخروج عن وضع الرسالة لذكرت من ذلك شطرا كاملا ،
ولكني أقول : متى احتاج النهار إلى دليل .
ثم إن هذا المد والصرف والإعطاء والمنع في كلام الرضا عليه السلام
يترقى يوما فيوما ويتزايد شيئا فشيئا حتى يتصلف بظهور القائم عجل الله تعالى
فرجه ، فينحصر تتمة الألف الذين بهم انتصر الله لدينه على ما روى المسعودي
في إثبات الوصية من : ( إن الله عز وجل انتصر وينتصر لدينه منذ أول الدهر
إلى آخره بألف رجل ، فسأل عن تفصيلهم ؟ فقال : ثلاثمأة وثلاثة عشر

000000000000000000

( 1 ) حجة الفرقة الناجية وفخر الشيعة الإمامية ، أفضل الحكماء والمتكلمين سلطان العلماء
والمحققين ، علامة البشر والعقل الحادي عشر نصير الملة والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ،
ولد في طوس جمادى الأولى سنة 597 وتوفي 18 ذي الحجة سنة 672 ودفن في الكاظمين ، أما تآليفه
القيمة : تجريد الاعتقاد وشرح الإشارات ، أساس الاقتباس وغيرها
( 2 ) طم البئر : سواها ودفنها .
( 3 ) عز الدين مروج الملة والدين ومربي الفقهاء والمحدثين عبد الله بن الحسين الشوشتري ، توفي في محرم
سنة 1021 ، له كرامات مذكورة في كتب التراجم ، من تلاميذه : المجلسي الأول وصاحب نقد
الرجال ، ومن أساتيذه المحقق الأردبيلي ومن تأليفاته : شرح القواعد وشرح الإرشاد .
( 4 ) الشيخ الأجل الأكمل صاحب النفس القدسية والسمات الملكية والإلهامات الربانية وناشر
أخبار الدينية المؤيد بالفيض القدسي محمد تقي بن المقصود علي الملقب بالمجلسي الأول ، توفي سنة
1070 وله سبع وستون سنة ، قال في البحار في حقه : ( ذريعتي إلى الدرجات العلى ووسيلتي إلى
مالك الهدى بعد أئمة الورى ) ، من مصنفاته الشريفة : شرحين على الفقيه والتهذيب وشرح على الزيارة الجامعة .

‹ صفحه 131 ›


( رجلا ) أصحاب طالوت ، وثلاثمأة وثلاثة عشر ( رجلا ) أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله يوم بدر ( 1 ) ، وثلاثمأة وثلاثة عشر أصحاب القائم
عليه السلام ، بقي واحد وستون ( هم ) الذين قتلوا مع الحسين عليه السلام ( في ) يوم
الطف ) ( 2 ) في العجم ( 3 ) ، لما رواه النعماني في غيبته عن أبي جعفر ( الباقر ) قال :
( أصحاب القائم عليه السلام ثلاثمأة وثلاثة عشر رجلا أولاد العجم ، بعضهم
يحمل في السحاب نهارا ، يعرف باسمه واسم أبيه ونسبه وحليته ، وبعضهم
نائم على فراشه فيرى في مكة ( 4 ) على غير ميعاده ) ( 5 ) ، وما رواه الشيخ الطوسي
رحمه الله في قريب من آخر كتاب الغيبة عن أبي عبد الله عليه السلام ( أنه ) قال :
( إتق العرب فإن لهم خبر سوء ، إما أنه لا يخرج مع القائم عليه السلام منهم
واحد ) ( 6 ) ، وفي غيبة النعماني مسندا عن الأصبغ بن نباته قال : ( سمعت
عليا يقول : كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن
كما أنزل ، قلت : يا أمير المؤمنين ! أوليس هو كما أنزل ؟ فقال : لا ، محي عنه ( 7 )
سبعون من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم ، وما ترك أبو لهب إلا للإزراء ( 8 )
على رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه عمه ) ( 9 ) ، وروى الحسين بن حمدان بسند يأتي
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ( معاشر قريش ! تضربون العجم على
الإسلام هذا ، والله ليضربنكم عليه عودا - إلى أن قال : - لو فقد الإسلام في
الأرض لوجد في حجر ( 10 ) ولو بلغ إلى عنان السماء لما ناله إلا أولاد فارس ) .

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : أصحاب يوم بدر مع النبي صلى الله عليه وآله .
( 2 ) إثبات الوصية : 141 .
( 3 ) في العجم متعلق ينحصر ( منه ) .
( 4 ) في المصدر : فيوافيه في مكة ( فيوافونه بمكة خ ل ) .
( 5 ) غيبة النعماني : 315 .
( 6 ) الغيبة : 284 . /
( 7 ) في المصدر : منه ، إزراء .
( 8 ) في المصدر : منه ، إزراء .
( 9 ) غيبة النعماني : 318 ، ظاهره تحريف الكتاب ، لكنه خلاف ما عليه أعلام الإمامية وسيجئ
ما نفع في الباب .
( 10 ) هجر ( خ ل ) .

‹ صفحه 132 ›


ومن فضائلهم ما رواه علي بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : ( ولو
نزلناه على بعض الأعجمين فقرأه ما كانوا به مؤمنين ) عن الصادق
عليه السلام أنه قال : ( لو ( أ ) نزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب ، وقد
نزل على العرب فآمنت به العجم ) ( 1 ) ، وروى الحميري في قرب الإسناد عن
الصادق ، عن أبيه : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لو كان العلم منوطا
بالثريا لتناولته رجال من فارس ) ( 2 ) .
وقال الطبرسي في قوله تعالى : ( وإن تتولوا - الآية ) : ( روى
أبو هريرة أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا : يا رسول الله !
من هؤلاء الذين ذكر الله في كتابه ، - وكان سلمان إلى جنب رسول الله صلى الله
عليه وآله - ؟ فضرب صلى الله عليه وآله يده على فخذ سلمان فقال : هذا وقومه ،
والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس ) ( 3 ) ،
ويأتي عن فتوحات ابن العربي ما يقرب من ذلك .
وفي مشكاة المصابيح عن أبي هريرة قال : ( كنا جلوسا عند النبي
صلى الله عليه وآله إذا ( أ ) نزلت سورة الجمعة ، فلما نزلت ( وآخرين منهم لما يلحقوا
بهم ) قالوا : من هؤلاء يا رسول الله ؟ قال : وفينا سلمان الفارسي ، قال :
فوضع ( النبي صلى الله عليه وآله ) يده على ( كتف ) سلمان ، ثم قال : لو كان
الإيمان عند الثريا لناله رجا - أو رجل - من هؤلاء - متفق عليه ) ( 4 ) .
وفيه عنه : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله تلا هذه الآية : ( وإن تتولوا
يستبدل غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) ، قالوا : يا رسول الله ! من هؤلاء الذين
ذكر الله إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا ( 5 ) ؟ فضرب ( رسول الله ) على
فخذ سلمان ( الفارسي ) ، ثم قال : هذا وقومه ، ولو كان الدين عند الثريا

000000000000000000000

( 1 ) تفسير القمي 2 : 124 ، والآيات في الشعراء : 90 - 189 .
( 2 ) قرب الإسناد : 52 .
( 3 ) مجمع البيان 9 : 108 ، والآية في محمد صلى الله عليه وآله : 38 .
( 4 ) مشكاة المصابيح : 694 .
( 5 ) في المصدر : استبدلوا قوما يكونوا أمثالنا .

‹ صفحه 133 ›


لتناوله رجال من الفرس - رواه الترمذي ) 1
وعنه قال : ( ذكرت الأعاجم عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
رسول الله صلى عليه وآله : لأنابهم أو ببعضهم أوثق مني بكم أو ببعضكم
- رواه الترمذي ) ( 2 )
وفي ربيع الأبرار للزمخشري عن النبي صلى الله عليه وآله : ( لله من عباده
خيرتان : فخيرته من العرب قريش ومن العجم فارس ، وكان يقال لعلي بن
الحسين عليهما السلام : ابن الخيرتين ، لأن أمه سلافة كانت من ولد يزدجرد ) .
وروى الكشي عن حمدويه بن نصير ، قال : حدثنا أبو الحسين بن
نوح ، قال : حدثنا صفوان بن يحيى ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال :
( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : ( . درك سلمان العلم الأول والعلم الآخر
وهو بحر لا ينزح وهو منا أهل البيت - الخبر ) ( 3 ) ، وتمامه في باب علمه
بالغيب .
ونقل في البحار عن كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد الثقفي ( 4 ) في
حديث طويل يأتي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لما سألوه عن سلمان
الفارسي : ( من لكم بمثل لقمان ، ذلك امرء منا والينا أهل البيت ( 5 ) ) ،
ورواه الصدوق في الأمالي ( 6 ) بسند يأتي ، والقرماني من العامة في أخبار الدول

0000000000000000000

( 1 ) مشكاة المصابيح : 700 .
( 2 ) مشكاة المصابيح : 700 .
( 3 ) إختيار معرفة الرجال : 12 .
( 4 ) أبو إسحاق إبراهيم الثقفي الكوفي الإصبهاني ، أصله كوفي وكان زيديا ثم صار إماميا ، فعمل
كتاب المعرفة وفيه المناقب المشهورة والمثالب فاستطمه الكوفيون وأشاروا إليه بتركه وأن لا يخرجه
من بلده ، فقال : أي البلاد أبعد من الشيعة ؟ فقالوا : إصفهان ، فحلف أن لا يروي هذا الكتاب إلا
بها فانتقل إليها ورواه بها ثقة منه بصحة ما رواه فيه وأقام هناك ، ويقال : إن جماعة من القميين
كأحمد بن محمد بن خالد وغيره وفدوا إليه وسألوه الانتقال إلى قم فأبى ، توفي رحمه الله في حدود سنة
283 ، له كتب كثيرة نحو خمسين مؤلفا .
( 5 ) البحار 10 : 123 ، والغارات 1 : 177 .
( 6 ) الأمالي : 208 .

‹ صفحه 134 ›


مع اختلاف سنشير إليه .
وفي شرح النهج لابن أبي الحديد عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ،
عن أبي البختري ، عن علي عليه السلام إنه سئل عن سلمان فقال عليه السلام : ( إنه
علم العلم الأول والعلم الآخر ، ذلك بحر لا ينزف وهو منا أهل البيت ) ( 1 )
وروى الكشي عن جبرئيل بن أحمد ، قال : حدثني أبو سعيد الآدمي
سهل بن زياد ، عن منخل ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل
يأتي في باب كراماته ، وفي آخره : ( إن أمير المؤمنين عليه السلام قال لأبي ذر : إن
سلمان منا أهل البيت ) .
وعن الديلمي من العامة في الفردوس قال : ( قال النبي صلى الله عليه
وآله : يا سلمان ! أنت منا أهل البيت ، وقد أتاك الله العلم الأول والآخر
والكتاب الأول والكتاب الآخر ) .
وفي التهذيب في زيارته : ( السلام عليك يا من قال له سيد الخلق
من الإنس والجان : أنت منا أهل البيت ، لا يدانيك إنسان ، الزيارة ) ( 3 )
وفي تفسير فرات قال : حدثني جعفر بن محمد الفزاري ، معنعنا عن
خيثمة الجعفي ، قال : ( دخلت على جعفر بن محمد عليهما السلام فقال : يا خيثمة !
أبلغ موالينا ( منا ) السلام وأعلمهم أنهم لا ينالون ما عند الله إلا بالعمل ،
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : سلمان منا أهل البيت ، إنما عنى بمعرفتنا
وإقراره بولايتنا ) ( 4 )
وقد لاح من تلك الأخبار ومما يأتي في تلو الأبواب الآتية كونه
سلام الله عليه معدودا من أهل بيت النبوة والإمامة ومنخرطا في سلك
أصحاب العصمة والطهارة ، وإن ذلك فضيلة اختص بها من بين من فاز

000000000000000000

( 1 ) شرح النهج 18 : 34 .
( 2 ) إختيار معرفة الرجال : 5 - 14 .
( 3 ) التهذيب 6 : 119 .
( 4 ) تفسير فرات : 57 .

‹ صفحه 135 ›


بشرف المصاحبة ، وقال علي بن عيسى الإربلي ( 1 ) في كشف العمة : ( إن
فضل سلمان مشهور معلوم ومكانه من علو المكانة والزهادة مفهوم ، ولولا
الخروج عن غرض هذا الكتاب لذكرت من فضله ما يشهد بنبله ولا مللت
من مناقبه ما يؤذن باعتلاء مراتبه التي أغنته عن مناسبه ، وأنت لو فكرت
لعلمت ورأيت أنه يكفيه نسبا قوله صلى الله عليه وآله : سلمان منا
أهل البيت ) ( 2 ) ، وفي المصباح في زيارته : ( فجعلك النبي صلى الله عليه وآله من
أهل بيته وقرابته ، تفضيلا لك على صحابته ، إذ كنت أولهم إلى معرفته
قدما ، وآخرهم به نطقا ، وأدعاهم اليه حقا ) ( 3 ) ، فلا يجوز أن يكون المراد في
قولهم عليهم السلام : سلمان منا ، ما هو المراد في قوله تعالى : [ فمن تبعني فإنه
مني ] ( 4 ) ، حتى يكون حاصل تلك المنقبة : إنه رجل من المؤمنين الذين اتبعوا
النبي الأمي ، كيف ويأتي في جملة من الأخبار أن بعضهم سئل علي
عليه السلام عن فضل بعض أصحابه فمدح كل واحد بمدحة وقال فيه : إنه منا
أهل البيت ، فلا بد وأن تكون تلك المنقبة من خصائصه ، والظاهر أنه أريد
من هذا الكلام ما أراده النبي صلى الله عليه وآله في قوله ( علي مني وأنا من
علي ) ( 5 ) ، و ( حسين مني وأنا من حسين ) ( 6 ) على بعض الوجوه . . . إذ لا شك أن
المراد من أهل البيت في تلك الأخبار هم الذين نزلت فيهم آية التطهير وهم
أهل بيت الوحي والرسالة كما في غيرها من الإطلاقات في كلام الصادقين
عليهم السلام على ما يظهر للناقد الخبير ، وحينئذ فالذي يختلج في البال في معنى
كونه منهم أمران وإن كان مرجعهما واحدا :

00000000000000000

( 1 ) أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي بهاء الدين ، فذ من أفذاذ الأمة وأوحدي من
نياقد علمائها ، وسفره القيم - كشف الغمة - خير كتاب أخرج للناس في تاريخ الأئمة وسرد
فضائلهم والدفاع عنهم والدعوة إليهم وهو حجة قاطعة على علمه الغزير وتضلعه في الحديث وثباته
في المذهب ونبوغه في الأدب وتبريره في الشعر ، توفي ببغداد سنة 392 .
( 2 ) كشف الغمة 1 : 389 .
( 3 ) بحار الأنوار 102 : 290 عن مصباح الزائر : 262 .
( 4 ) إبراهيم : 36 .
( 5 ) مناقب ابن المغازلي : 226 ، عنه العمدة : 203 .
( 6 ) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ) : 79 ، عنه العمدة : 406 .

‹ صفحه 136 ›



الأول : أن يكون المراد أن سلمان من جنس أهل البيت ، أي من
المتبوعين لعصمته وكونه من سلسلة الأوصياء وممن وجب عليه الأداء
والتبليغ ، وفرض على الناس طاعته ومتابعته ومعرفته ، ولا ينافي ذلك كونه
تابعا لغيره إذ يكفي فيه ذلك قبل لقائه النبي صلى الله عليه وآله ، كيف ولو فرض
أو أحدا من الأنبياء كان في عصره صلى الله عليه وآله لوجب عليه طاعته ولو
كان من المرسلين ومن أولي العزم واليقين ، كما يتحقق ذلك في ظهور القائم
عليه السلام ونزول عيسى ومتابعته إياه بالنص الصريح والخبر الصحيح ، ورأيت
حديثا حاصله : لا ينفع لعيسى وموسى نبوتهما إن كانا في هذا الزمان ، وشهد
لذلك زيادة على ما مر من استظهار وصايته ، ما رواه الكشي في حديث يأتي
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لأبي ذر : ( إن سلمان باب الله في الأرض ،
من عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ، وإن سلمان منا أهل البيت ) ( 1 ) ،
وهذا المقام مختص بحجج الله في الأرض من الأنبياء والأوصياء .
ويؤيده أيضا ما في تفسير الإمام عليه السلام عند قوله تعالى : [ وإذا لقوا
الذين آمنوا قالوا آمنا - الآية ] : قال الإمام عليه السلام : ( قال موسى بن جعفر
عليهما السلام : وإذا لقى هؤلاء الناكثون للبيعة الموطئون ( 2 ) على مخالفة علي عليه السلام
ودفع الأمر عنه ، الذين آمنوا قالوا آمنا كإيمانكم وإذا لقوا سلمان والمقداد
وأبا ذر وعمار قالوا لهم : آمنا بمحمد وسلمنا له بيعة علي وفضله وأنقذنا
لأمره كما آمنتم ، فإن أولهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم ربما كانوا يلتقون في
بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه فإذا لقوهم اشمأزوا منهم وقالوا : هؤلاء
أصحاب الساحر والأهوج - يعنون محمدا وعليا - ، ثم يقول بعضهم لبعض :
احترزوا منهم لا يفقهون من فلتات كلامهم ( 3 ) على كفر محمد فيما قاله في علي
عليه السلام فينموا عليكم فيكون فيه هلاككم ، فيقول أولهم : أنظروا إلي كيف
أسخر منهم وأكف عاديهم عنكم ، فإذا التقوا قال أولهم : مرحبا بسلمان بن

00000000000000000

( 1 ) إختيار معرفة الرجال : 15 .
( 2 ) في المصدر : المواظبون ، لا يقفون بهم من فلتات كلامهم .
( 3 ) في المصدر : المواظبون ، لا يقفون بهم من فلتات كلامهم .

‹ صفحه 137 ›


الإسلام الذي قال محمد فيه ( 1 ) : لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس ( و ) هذا أفضلهم يعنيك ، وقال
فيه ( 2 ) : سلمان منا أهل البيت ،
فقرنه بجبرئيل الذي قال له ( 3 ) يوم العباء لما قال لرسول الله صلى الله عليه وآله :
وأنا منكم ، فقال : وأنت منا ، حتى ارتقى ( جبرئيل ) إلى الملكوت الأعلى
يفتخر على أهله ( و ) يقول : من مثلي ، بخ بخ وأنا من أهل بيت محمد صلى الله
عليه وآله - الخبر ) ( 4 ) .
وبعد تصحيح ما رواه هذا المنافق بتقرير سلمان وأصحابه ، بل
والإمام عليه السلام في نقله عنه يستفاد منه : أنه لا يدخل في أهل البيت ولا يعد
أحدا منهم إلا من يكون معصوما ، ويظهر ذلك من خروج أم سلمة عنهم في
هذا اليوم ، ففي الأخبار المستفيضة عنها في حديث الكساء بعد ما قال النبي
صلى الله عليه وآله : ( هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، اللهم فأذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيرا ، قالت : فأدخلت رأسي البيت وقلت : وأنا معكم يا
رسول الله ، قال : إنك إلى خير . ) ( 5 )
من هنا قال ابن العربي الحنبلي ( 6 ) في الفتوحات المكية : ( ولما
كان رسول الله صلى الله عليه وآله عبدا مخلصا : أي خالصا قد طهره الله تعالى
وأهل بيته تطهيرا وأذهب عنهم الرجس وكلما يشينهم ، فإن الرجس هو القذر
عند العرب - على ما حكاه الفراء - قال الله تعالى : [ إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ] ، فلا يضاف إليهم إلا مطهر ولا بد أن
يكون كذلك ، فإن المضاف إليهم هو الذي يشبههم ، فما يضيفون لأنفسهم إلا

0000000000000000000

( 1 ) في المصدر : قال فيه محمد سيد الأنام ، قال فيك ، قال فيه .
( 2 ) في المصدر : قال فيه محمد سيد الأنام ، قال فيك ، قال فيه .
( 3 ) في المصدر : قال فيه محمد سيد الأنام ، قال فيك ، قال فيه .
( 4 ) تفسير الإمام عليه السلام : 5 - 44 .
( 5 ) بحار الأنوار 35 : 205 باب آية التطهير .
( 6 ) محيي الدين ابن عربي أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي المكي
الشامي صاحب كتاب فتوحات المكية ، من أكابر الصوفية ويعبر عنه بالشيخ الأكبر ، توفي سنة
683 ودفن بدمشق ، للعلماء في حقه ثلاثة أقوال : بعض كالعلامة التفتازاني كفره ، وبعض عده من
أكابر أولياء الله بل من العرفاء الكاملين وأعاظم المجتهدين ، وبعض آخر يعتقدون فيه الولاية أما
حرموا مطالعة كتبه .

‹ صفحه 138 ›


من حكم له الطهارة والتقديس ، فهذه شهادة من النبي صلى الله عليه وآله لسلمان
الفارسي بالطهارة والحفظ الإلهي والعصمة حيث قال فيه رسول الله صلى الله عليه
وآله ( سلمان منا أهل البيت ) ، وشهد الله لهم بالتطهير وذهاب الرجس عنهم
وإذا كان لا يضاف إلا مطهر مقدس حصلت له العناية الإلهية بمجرد
الإضافة ، فما ظنك بأهل البيت في نفوسهم ، فهم المطهرون بل عين الطهارة
- ثم قال : - وهم المطهرون بالنص فسلمان منهم بالشك ، وأرجو أن يكون
عقب علي وسلمان يلحقهم هذه العناية كما لحقت أولاد الحسن والحسين
وعقبهم وموالي أهل البيت ، فإن رحمة الله واسعة - ثم قال : - فما ظنك بالمعصومين
منهم ، القائمين بحدود سرهم ، الواقفين عند مراسمه ، فشرفهم أعلى وأتم
وهؤلاء هم أقطاب هذا المقام ، ومن هؤلاء الأقطاب ورث سلمان شرف
مقام أهل البيت فكان رضي الله عنه من أعلم الناس بما لله على عباده من
الحقوق ، ولأنفسهم والخلق عليهم من الحقوق وأقواهم على أدائها ، وفيه قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من فارس ،
وأشار إلى سلمان الفارسي - انتهى ) ، ولا يغرنك هذا الكلام منه فتظن به
خيرا فإن القول بوجود العصمة فيهم للآية غير القول بوجوب العصمة على ما
نراه معاشر الإمامية ، وقد صرح بعصمة عمر في باب الثلاثين بعد المأة من
الفتوحات لقول النبي صلى الله عليه وآله لعمر على ما اختلقته الأئمة الوضاعون
ونسبوه الس سعد بن أبي وقاص : ( والذي نفسي بيده ما لقيك شيطان سالكا
فجا إلا سلك فجا غير فجك ) ، إلى غير ذلك من المناكير التي لا يخفى على من
طالع كتبها .
ثم إن ما ذكرنا في معنى الرواية هو الذي اختاره الشيخ المتقدم المبرز
سديد النطق أبو الحسين يحيى بن الحسن بن الحسين بن البطريق الحلي ( 1 ) في

0000000000000000000

( 1 ) الشيخ الأجل الأوحد العالم الفقيه شمس الدين شرف الإسلام أبو الحسين يحيى بن الحسن
البطريق الأسدي ، له كتب منها : العمدة والمناقب والمستدرك وكتاب الخصائص وغير ذلك ،
توفي رحمه الله بالحلة في شعبان سنة 600 وله سبع وسبعون سنة .

‹ صفحه 139 ›


معنى قوله صلى الله عليه وآله : ( علي مني وأنا منه ) ، حيث قال في العمدة بعد
أن ذكر في معنى ( من ) وجوها أربعة وهي : الابتداء والتبعيض والزائدة
ومبين الجنس ، وأبطل ثلاثة منها : ( وأما الوجه الرابع وهو كونها لتبيين
الجنس ، فهو المراد بقوله صلى الله عليه وآله من دون ساير الأقسام ، فيكون قوله
صلى الله عليه وآله : ( مني ) من جنسي في التبليغ والأداء ، ووجوب فرض
الطاعة - إلى آخر ما ذكره ) ( 1 ) ، والإنصاف أن ما ذكره من إبطال الوجه
الثاني : وهو كونها للتبعيض في غير محله ، فإنه حمل التبعيض على التبعيض
الحقيقي فجعل بطلانه ضروريا ، مع أن الظاهر من تلك العبارة كونها في مقام
المبالغة ، وأن المراد من التبعيض هو التبعيض الادعائي مبالغة في اتحادهما في
الأمور التي يحتمل اختصاصها به صلى الله عليه وآله ، ومثلها قوله صلى الله عليه وآله :
( فاطمة بضعة مني ) ، وقولهم : فلان فلذة كبدي ، فإن حملها على المعنى
الحقيقي ضروري البطلان ، فيتعين ما ذكرنا ، ثم إن للحديث معان أخر ليس
هنا مقام ذكرها .
الثاني : أن يكون المراد : إن سلمان من طينتنا أهل البيت ، أي خلق
منها ، ويشهد لذلك ما يأتي عن الاختصاص عن ابن نباته إنه سئل
أمير المؤمنين عليه السلام عن سلمان فقال : ( ما أقول في رجل خلق من طينتنا ،
وروحه مقرونة بروحنا - الخبر ) ( 2 ) ، ومنه يظهر إنه خارج عن طبقة التابعين بعد
ما كانت طينته من طينة المتبوعين ، وإن كان تابعا لهم بالضرورة من
المذهب .
ويدل على كونه من سلسلة المتبوعين ما رواه الثقة الجليل محمد بن
الحسن الصفار ( 3 ) في الباب الثاني عشر من الجزء الأول من البصائر الصغير عن

00000000000000000

( 1 ) العمدة : 206 .
( 2 ) الإختصاص : 221 .
( 3 ) محمد بن الحسن بن فروخ الصفار ، قال الرجالي الأقدم النجاشي : كان وجها في أصحابنا
القميين ثقة عظيم القدر قليل السقط في الرواية ، وأورده الشيخ في أصحاب العسكري عليه السلام ، له
كتب كثيرة منها كتاب الصلاة والوضوء والجنائز والمزار والمثالب وبصائر الدرجات ، توفي قدس
سره بقم سنة 290 .

‹ صفحه 140 ›


عمران بن موسى ، عن محمد بن علي وغيره ، عن هارون بن مسلم ، عن
مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : ( ذكر ( عند ) علي
عليه السلام التقية في يوم عيد فقال : والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ،
ولقد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بينما ، فما ظنك بسائر الخلق ، إن علم العلماء
صعب مستصعب لا يحتمله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو عبد امتحن الله
قلبه للإيمان ، قال : وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرئ منا أهل البيت
فلذلك يشبه العلماء ) ، ورواه في البصائر الكبير بهذا السند إلا أن في أوله :
عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام قال : ( ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين
عليهما السلام فقال : والله - اه ) ، وفي آخره : فلذلك نسبته إلينا ) ( 1 ) ، ورواه أيضا
ثقة الإسلام في الكافي عن أحمد بن إدريس ، عن عمران بن موسى ، عن
هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
( ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين عليهما السلام - اه ) ، وآخره : ( فلذلك
نسبته إلى العلماء ) ( 2 ) ، ورواه الكشي عن العياشي ، عن محمد بن يزداد
الرازي ، عن محمد بن علي الحداد ، عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر ، عن أبيه
عليهما السلام قال : ( ذكرت التقية يوما عند علي عليه السلام - إلى قوله : - بسائر
الخلق . ) ( 3 )
وأنت خبير باتحاد ما في الكافي والبصائرين سندا ومتنا ، ولا ينافي
ذلك الاختلاف الذي نقلنا ، فإن بعضه مما اشتبه على الراوي أو النساخ ،
مثل كلمة ( يشبه ) و ( نسبته ) ، والمراد من ( علي ) في الأول هو علي بن
الحسين عليهما السلام بقرينة الأخيرين ، ولا ضير فيما سوى ذلك ، وحينئذ ففي سند
خبر الكافي إرسال بملاحظة ما في البصائر ، إلا أن المحذوف معلوم ، مع ما في
ترجمة هارون بن مسلم ، من أنه يروي عنه محمد بن علي بن مجبوب ، نعم
لولا حديث البصائر لكان الحكم بالإرسال مشكلا ، فإن هارون بن مسلم

0000000000000000000

( 1 ) البصائر الكبير : 45 ، أقول : في المصدر : ( فلذلك نسبه إلينا ) .
( 2 ) أصول الكافي 1 : 401 .
( 3 ) إختيار معرفة الرجال : 17 .

‹ صفحه 141 ›



ممن يروي عنه سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ، وهما في طبقة
الصفار ، فعمران بن موسى الذي مقدم عليهما بطبقة أحق بالنقل عنه ، ومن
هنا يقوى الاحتمال بأن يكون ( محمد بن علي ) في كلام الصفار زائد أو
يكون معطوفا على ( عمران ) ، وكان بدل ( عن ) في الأصل هو ( الواو ) . . .
وليس بنكير كما اشتبه كذلك على الشيخ في التهذيب كثيرا ، وأشار إلى
مواضعه صاحب المعالم في المنتقى ، غير أني لم أعثر على مصرح برواية عمران
عن هارون .
وهنا احتمال ثالث : وهو أن يكون عمران يروي هذا الحديث
وغيره عن هارون بن مسلم : تارة بلا واسطة وتارة بواسطة محمد بن علي ،
وليس هذا من الاضطراب المانع عن العمل بالرواية كما قد يتوهم ، فإن
من الجائز وقوع الرواية منه بالواسطة قبل أن يتيسر له المشافهة ، وبأنه قد يتفق
ذلك بسبب رواية الكتب حيث يشارك الراوي المروي عنه في بعض
مشيخته ويكون له أيضا كتب ، ثم يورد المتأخر عنهما من كتب كل منهما
حديثا يرويانه معا عن بعض مشيخته موصول الإسناد في محل إيراده من
كتب المروي عنه مع اشتماله على ذلك الراوي ، إما لاختصاص الراوي عن
المروي عنه أو إيثارا له ، وهذا مما لا بعد فيه ، صرح بذلك في المنتقى .
وكيف كان فقد صرح في هذا الحديث الشريف : ( إن علم سلمان
لا يحتمله إلا نبي مرسل - اه ) ، أراد عليه السلام اختصاصه لأنفسهم الشريفة
ورفعه إلى مقاماتهم المنيفة ، وأشار بقوله : ( وإنما صار سلمان من العلماء ) ،
وقوله : ( فذلك نسبته إلى العلماء أو إلينا ) ، إلى ما استفيض نقله عنهم
عليهم السلام : ( نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وساير الناس غثاء ) ، رواه في
البصائر ( 1 ) بخمسة طرق بمعنى أن سلمان من العلماء لا من المتعلمين ، مضافا إلى
ما سيأتي في الأبواب الآتية من الفضائل التي اختص بها ولم يفز أحد من
الرعية بمثلها ، بل كلها من خصائص الأنبياء والأوصياء ، مثل أنه كان عالما

0000000000000000000

( 1 ) بصائر الدرجات : 28 .

‹ صفحه 142 ›


بالاسم الأعظم وقد أوتي آصف ، وهو من الأوصياء الذين عظمه الله في
كتابه بقوله : { وقال الذي عنده علم من الكتاب } ( 1 ) ، منه حرفا واحدا - كما
سيأتي - وإنه كان من المحدثين - بالفتح - أي ملك كان ينقر في أذنه ويقول له
كيت وكيت ، وإنه أفضل من جبرئيل ولقمان ، وإن للإيمان عشر درجات
وهو في الدرجة العشرة فهو محيط بجميع درجاته ومقاماته ، وإنه كان عالما
بالغيب ، وأكله من تحف الجنة في الدنيا ، إلى غير ذلك مما هو صريح في علو
مقامه ورفعة شأنه وعدم مشابهة لغيره ، وإنه من المتبوعين بالنسبة إلى غير
الحجج المعصومين ، والله العالم بحقيقة عباده أجمعين .
وروى الصفار في الباب التاسع من الجزء الأول من البصائر الكبير
عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى ، عن زياد العبدي ، عن الفضل بن
عيسى الهاشمي ، قال : ( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام أنا وأبي عيسى
فقال له : أمن قول رسول الله صلى الله عليه وآله : سلمان رجل منا أهل البيت ؟
فقال : نعم ، فقال : أي من ولد عبد المطلب ؟ فقال : منا أهل البيت ، فقال
له : أي من ولد أبي طالب ؟ فقال : منا أهل البيت ، فقال له : إني لا أعرفه ،
فقال : فاعرفه يا عيسى فإنه منا أهل البيت - ثم أومى بيده إلى صدره - ثم
قال : ليس حيث تذهب إن الله خلق طينتنا من عليين وخلق طينة شيعتنا
من دون ذلك ، وهم منهم ، وسلمان خير من لقمان ) ( 2 ) ، وفي تفسير أحمد بن
محمد بن سياري ، المسمى بالتنزيل والتحريف ، في سورة إبراهيم : ( وروى
عن بعض الهاشميين أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام قول رسول الله صلى الله عليه وآله
لسلمان : سلمان رجل منا أهل البيت ؟ قال : نعم هو منا ، قال : هو من
بني هاشم ؟ قال : نعم ، قال : ثم ولد عبد المطلب ، قال : إن الله حكى عن
إبراهيم حيث يقول : { فمن تبعني فإنه مني } ( 3 ) ) ، هكذا في نسختي ولا تخلو من

000000000000000000

( 1 ) النمل : 40 .
( 2 ) بصائر الدرجات : 38 .
( 3 ) إبراهيم : 36 .

‹ صفحه 143 ›


سقم .
واعلم أنه ربما يتوهم من ظاهر هذين الخبرين عدم اختصاص سيدنا
سلمان بهذه الفضيلة التي نحن في بيانها ، لدلالة الأول على أن وجه النسبة هو
الخلق من طينتهم وأن جميع الشيعة خلقوا منها ، فكلهم كسلمان منهم
عليهم السلام ، وإشعار الثاني بأن الوجه هو المتابعة فيعم كل من تابعهم واقتدى
بهم ، ويدفع :
أما أولا : فبضعف الخبرين ، أما الأول : فبجهالة الراوي ، وأما
الثاني : فبالإرسال ، مع أن الذي أرسله وهو السياري صاحب الكتاب
ضعيف جدا لا يعبأ بمسانيده فكيف بمراسيله ، وفي فهرس الشيخ : ( إنه
ضعيف الحديث فاسد المذهب ، مجفو الرواية ، كثير المراسيل . ) ( 3 ) وحكى عنه
القول بالتناسخ ، والظاهر أن المراد ببعض الهاشميين هو أبو الفضل عيسى ،
نظرا إلى اتحاد السؤال وكيفية الجواب فيتحد الخبران ، وحينئذ ففي المتن
اضطراب لا يخفى على المضطلع البصير .
وأما ثانيا : فبأن الظاهر قصور باع الراوي عن درك المطالب العالية ،
على ما يظهر من سؤاله عن كون سلمان الفارسي من ولد عبد المطلب أو
أبي طالب ، وإلحاحه في ذلك مع إعراض الإمام عن سؤاله وردعه عنه بعدم
الجواب نفيا وإثباتا ، فما ذكره عليه السلام في جوابه كان بقدر قابليته وفهمه ،
فإن اشتراك سلمان معهم في مقام لا ينافي امتيازه عنهم بأمر آخر لم يكن
الراوي قابلا لتحمل معرفته وإدراك حقيقته .
وأما ثالثا : فبأنه كما أن الشيعة خلقوا من فاضل طينة أهل البيت
عليهم السلام ، كذلك الأنبياء والأوصياء خلقوا من طينتهم ، على ما نطقت به
الأخبار ، مع أنه لا يجوز أن يكونوا في درجتهم ، فلفاضل طينتهم مراتب
ودرجات متفاوتة ، خلقت من أعلاها الأنبياء والأوصياء على حسب مراتبهم
واختلافهم في القرب والبعد ، ومن أدناها الشيعة كذلك ، فكون سلمان

00000000000000000000

( 1 ) الفهرست : 23

‹ صفحه 144 ›


وساير الشيعة من طينتهم لا ينافي خلقه من مرتبة منها هي بالنسبة إلى طينتهم
كنسبة طينة الأئمة إلى طينته مع جواز نسبة طينة الكل إلى طينتهم ، وبهذا
نجمع بين ما نقلنا من الأخبار المختلفة ، وهكذا الكلام في مراتب المتابعة
التي بها نالوا المقامات العلية ، فإن نبوة جميع الأنبياء ورسالتهم ، ووصاية جميع
الأوصياء ونيابتهم إنما هي لمتابعتهم إياهم ، واختلاف طبقاتها إنما نشأ من
الشدة والضعف فيها - على ما يظهر من مستفيض الأخبار ، كأخبار الذر
وما ورد في عرض الولاية على الموجودات أو غيرها - ، وفي البصائر عن
الصادق عليه السلام : ( ما نبئ نبي ( قط ) إلا بمعرفة حقنا و ( ب‍ ) فضلنا عمن
سوانا ) ( 1 ) ، وفيه عن أبي جعفر عليه السلام : ( ولايتنا ولاية الله ( 2 ) التي لم يبعث نبي
قط إلا بها ) ( 3 ) ، وفيه عن أبي الحسن عليه السلام : ( ولاية علي عليه السلام مكتوب
في جميع صحف الأنبياء ولم يبعث الله نبيا إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله
ووصاية على ( 4 ) عليه السلام ) ( 5 ) ، وفي مقتضب الأثر لأحمد بن محمد بن عياش ، في
حديث إسلام جارود بن المنذر وهو حديث طويل ، وفي آخره : ( فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله : يا جارود ! ليلة أسري به إلى السماء ، أوحى الله
عز وجل إلي أن سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا ؟ فقلت :
على ما بعثتم ؟ فقالوا : على نبوتك وولاية علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمة
منكما - الخبر ) ( 6 )
تذنيب :
قال الطبرسي رحمه الله في تفسير قوله : ( قل اللهم مالك الملك تؤتي

000000000000000

( 1 ) بصائر الدرجات : 94 .
( 2 ) قوله : ولاية الله ، أي ولاية واجبة من الله على جميع الأمم ، أو الحمل على المبالغة : أي لا تقبل
ولاية الله إلا بها ( البحار 26 : 286 ) .
( 3 ) بصائر الدرجات : 95 .
( 4 ) في المصدر : وولاية وصيه علي عليه السلام .
( 5 ) بصائر الدرجات : 92 .
( 6 ) مقتضب الأثر : 38 .

‹ صفحه 145 ›


الملك من تشاء - الآية ) : ( قيل : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكد ووعد الله
( أمته ) ملك فارس والروم ، قالت المنافقون واليهود : هيهات من أين لمحمد
ملك فارس والروم ، ألم تكفه المدينة ومكة حتى طمع في الروم وفارس ،
فنزلت هذه الآية - عن ابن عباس وأنس ( بن مالك ) - ، وقيل : إن النبي
صلى الله عليه وآله خط الخندق عام الأحزاب وقطع لكل عشرة أربعين ذراعا ،
فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان ( الفارسي ) ، وكان رجلا قويا ، فقال
المهاجرون : سلمان منا ، وقالت الأنصار : سلمان منا ، فقال النبي صلى الله عليه
وآله : سلمان منا أهل البيت ) ( 1 )
وقال في سياق غزوة الخندق في سورة الأحزاب : ( فمما ظهر من
دلائل النبوة حفر الخندق ما رواه أبو عبد الله الحافظ بإسناده عن كثير بن
عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه قال : خط
رسول الله صلى الله عليه وآله - إلى آخر ما سيأتي من كسر الصخرة وظهور
البرق ) ( 2 )
وفي السيرة الحلبية في غزوة الخندق : ( فلما سمع رسول الله صلى الله عليه
وآله بما أجمعوا عليه ندب الناس ( : أي دعاهم ) ، وأخبرهم خبر عدوهم
( وشاورهم في أمرهم ) : أي قال بهم : هل نبرز من المدينة أو نكون فيها ؟
فأشير عليه بالخندق ، أي أشار إليه سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) فقال : يا
رسول الله ! إنا كنا بأرض فارس إذا تخوفنا الخيل خندقنا علينا - إلى أن قال : -
وقد ذكر أن سلمان ( رضي الله عنه ) تنافس فيه المهاجرون والأنصار ، فقال
المهاجرون : سلمان منا ، وقال الأنصار : سلمان منا ، فقال رسول الله صلى الله
عليه وآله : سلمان منا أهل البيت ، وإلى ذلك يشير بعضهم ( بقوله ) :
لقد رقى سلمان بعد رقه
منزلة شامخة البنيان

00000000000000000

( 1 ) مجمع البيان / 2 : 427 ، والآية في آل عمران : 26 .
( 2 ) مجمع البيان / 8 : 341 ، والآية في الأحزاب : 12 .

‹ صفحه 146 ›



وكيف لا ، والمصطفى ( قد ) عده
من أهل بيته العظيم الشأن
وإنما وقع التنافس في سلمان ( رضي الله عنه ) ، لأنه كان رجلا قويا
يعمل عمل عشرة رجال في الخندق ، ( أي ) فكان يحفر ( في ) كل يوم خمسة
أذرع في عمق خمسة أذرع حتى أصيب بالعين ، أصابه بالعين قيس بن
صعصعة فلبط ( به - أي بلام مضمومة فموحدة مكسورة فطاء مهملة - : صرع
فجأة ) ، فتعطل عن العمل ، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال : مر ( و ) ه
فليتوضأ وليغتسل ويكفأ الإناء خلفه ، ففعل فكأنما نشط ، ( أي حل ) من
عقال ، وفي لفظ : فأمر أن يتوضأ قيس لسلمان ويجمع وضوئه في ظرف
ويغتسل سلمان بتلك الغسالة ، ويكفأ الإناء خلف ظهره ) ( 1 )
أقول : أما حفر الخندق فهو كما قال في السيرة كان بإشارة سلمان ،
وفي تفسير علي بن إبراهيم : ( إن رسول الله صلى الله عليه وآله استشار أصحابه
وكانوا سبعمأة رجل ، فقال سلمان ( الفارسي ) : يا رسول الله ! إن القليل
لا يقاوم ( الكثير ) في المطاولة ( 2 ) ، قال : فما نصنع ؟ قال : نحفر خندقا يكون
بينك وبينهم حجابا فيمكنك منهم المطاولة ( 3 ) ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه ، فإنا
كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم من عدونا نحفر الخنادق
فيكون الحرب من مواضع معروفة ، فنزل جبرئيل ( عليه السلام ) على رسول الله
صلى الله عليه وآله فقال : أشار ( سلمان ) بصواب ) ( 4 ) ، وفي شرح النهج في أحواله :
( وأول مشاهدة الخندق وهو الذي أشار بحفره ، فقال أبو سفيان وأصحابه

000000000000000000

( 1 ) السيرة الحلبية 2 : 4 - 631 .
( 2 ) كالمقاتلة وزنا ومعنا .
( 3 ) في المصدر : بيننا وبينهم حجابا فيمكنك منعهم في المطاولة .
( 4 ) تفسير القمي 2 : 177 .

‹ صفحه 147 ›


( لما رأوه ) : هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها ) ( 1 )
وأما حكاية القسمة : فصريح الخبرين : إن سلمان لم يكن داخلا في
زمرة المهاجرين ولا الأنصار وكان في سلك أهل البيت عليهم السلام وفي قسمتهم
في عمل الحفر ، ولكن قال الطبرسي في ذيل الحديث المتقدم : ( قال عمرو بن
عوف : كنت أنا وسلمان وحذيفة ونعمان بن مقرن المزني وستة من الأنصار
في أربعين ذراعا ، فحفرنا حتى إذا كنا بجنب ( 2 ) ذي ناب أخرج الله من بطن
الخندق صخرة ( بيضاء ) مدورة ( 3 ) كسرت حديدنا وشقت علينا ، فقلنا : يا
سلمان ؟ إرق إلى رسول الله وأخبره خبر هذه الصخرة ، فإما أن نعدل عنها فإن
المعدل قريب ، وإما أن يأمرنا فيه بأمر ( ه ) ، فإنا لا نحب أن نتجاوز خطه ،
قال : فرقى سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ضارب عليه قبة تركية ،
فقال : يا رسول الله ! خرجت صخرة بيضاء مدورة من بطن الخندق فكسرت
حديدنا وشقت علينا حتى ما يحتك فيها قليل ولا كثير ، فمرنا فيها بأمرك فإنا
لا نحب أن نتجاوز خطك ، قال : فهبط رسول الله صلى الله عليه وآله مع سلمان
الخندق والتسعة على شفة الخندق ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله المعول ( 4 ) من
يد سلمان فضربها به ضربة صدعها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها ( 5 ) ،
حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله
تكبيرة فتح وكبر المسلمون ، ثم ضربها رسول الله ( ال‍ ) ثانية ، ( فكسرها )
وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت
مظلم ، فكبر رسول الله تكبيرة فتح وكبر المسلمون ، ثم ضربها رسول الله
( ال‍ ) ثالثة ، فكسرها وبرق منها برق أضاء ما بين لابتيها حتى لكأن مصباحا

000000000000000000

( 1 ) شرح النهج 18 : 35 .
( 2 ) في المصدر : كنا يحب .
( 3 ) في المصدر في موضعين : مروة ، نجاوز .
( 4 ) المعول : الفأس العظيمة التي ينقر بها الصخر .
( 5 ) اللابة : الحرة وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها ، والمدينة المنورة ما بين
حرتين عظيمتين .

‹ صفحه 148 ›


في جوف بيت مظلم ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله تكبيرة فتح وكبر
المسلمون ، فأخذ ( رسول الله ) بيد سلمان ورقى ، فقال سلما : بأبي أنت
وأمي يا رسول الله ، لقد رأيت ( منك ) شيئا ما رأيته منك قط ، فالتفت
رسول الله إلى القوم وقال : رأيتم ما يقول سلمان ؟ قالوا : نعم ( يا رسول الله )
قال : ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم ، أضائت لي منها قصور الحمر من
أرض الروم ( 1 ) كأنها أنياب الكلاب ، فأخبرني جبرئيل إن أمتي ظاهرة عليها ،
ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم ، أضائت لي منها قصور المدائن ( 2 )
( كأنها أنياب الكلاب ) ، وأخبرني جبرئيل إن أمتي ظاهرة عليها ، ثم ضربت
ضربتي الثالثة فبرق الذي رأيتم أضائت لي ( منها ) قصور صنعاء كأنها أنياب
الكلاب ، وأخبرني جبرئيل إن أمتي ظاهرة عليها فأبشروا ، فاستبشر المسلمون
وقالوا : الحمد لله موعد صدق وعدنا النصر بعد الحصر ، فقال المنافقون : ألا
تعجبون يمنيكم ويعدكم الباطل ويخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحمر ( 3 )
ومدائن كسرى وإنها تفتح لكم ، وأنتم إنما تحفرون الخندق من الفرق ( و )
لا تستطيعون أن تبرزوا ، فنزل القرآن : ( وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم
مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا ) ، وأنزل الله تعالى في هذه القصة : ( قل
اللهم مالك الملك - الآية ) ، - رواه الثعلبي ) ( 4 ) ، ورواه أيضا أبو عبد الله الحافظ
بالسند المتقدم .
وصدر الحديث صريح في أن سلمان كان في زمرة المهاجرين ،
فيعارض الخبرين الصريحين في خلافه ، ويمكن تضعيفه بأن الطبرسي إنما نقله
عن طرق العامة وفي رواياتهم ما ينافيه ، وإنه لم يكن معه أحد حين خروج
الصخرة وانصداعها ولمعانها وأخبار النبي صلى الله عليه وآله بسره .

00000000000000000

( 1 ) في المصدر : قصور الحيرة ومدائن كسرى .
( 2 ) في المصدر : قصور الحمر من أرض الروم .
( 3 ) في المصدر : قصور الحيرة ، أقول : الحيرة - كما قال الحموي - مدينة كانت على ثلاثة أميال من
الكوفة على موضع يقال له : نجف .
( 4 ) مجمع البيان 2 : 8 - 427 ، والآيات في الأحزاب : 12 وال عمران : 26 .

‹ صفحه 149 ›


ففي السيرة : ( عن سلمان ( الفارسي رضي الله عنه ) قال : ضربت في
ناحية من الخندق فغلظت ( علي ) ورسول الله صلى الله عليه وآله قريب مني ، فلما
رآني أضرب ورأى شدة المكان على نزل فأخذ المعول من يدي ، فضرب به
ضربة ( سمعت ) تحت المعول ( برقة ) ، ثم ضرب به أخرى فلمعت يحته برقة
أخرى ، ثم ضرب به الثالثة فلمعت يرقة أخرى ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا
رسول الله ، ما هذا الذي يلمع تحت المعول وأنت تضرب ؟ قال : أو قد رأيت
ذلك يا سلمان ؟ قال : قلت : نعم ، قال : أما الأولى : فإن الله ( تعالى ) فتح
علي بها اليمن ، وأما الثانية : فإن الله فتح علي بها الشام والمغرب ، وأما
الثالثة : فإن الله فتح علي بها المشرق ) ( 1 ) ، وفي موضع آخر منها : ( وذكر أنه لما
اشتدت تلك الكدية على سلمان أخذ صلى الله عليه وآله المعول ( من سلمان )
وقال : بسم الله ، وضرب ضربة فكسر ثلثها وبرقت برقة فخرج نور من قبل
اليمن كالمصباح في جوف الليل المظلم ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال :
أعطيت مفاتيح اليمن ، إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة كأنها أنياب
الكلاب ، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر ( وبرق منها برقة ) فخرج نور من
قبل الروم ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : أعطيت مفاتيح الشام ، والله
إني لأبصر قصورها ، ( أي زاد في رواية : ) الحمر ، ثم ضرب الثالثة فقطع بقية
الحجر وبرق برقة ، فكبر وقال : أعطيت مفاتيح فارس ، والله إني لأبصر قصور
الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب من مكاني هذا ، أي وفي رواية :
إني لأبصر قصور المدائن البيض الآن ، و ( جعل صلى الله عليه وآله ) يصف
لسلمان أماكن فارس وسلمان يقول : صدقت يا رسول الله هذه صفتها ، أشهد
أنك رسول الله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : هذه فتوح يفتحها الله بعدي
يا سلمان . ) ( 2 )
ويمكن الجمع بأنه أولا في زمرة المهاجرين ثم لما ظهرت قوته

00000000000000000

( 1 ) السيرة الحلبية 2 : 634 .
( 2 ) السيرة الحلبية 2 : 635 .

‹ صفحه 150 ›


تنافس فيه القوم ، فأدخله النبي صلى الله عليه وآله في أهل بيته لكونه منهم ، والله
العالم ، وسيأتي في آخر الباب الثالث سبب آخر لمنافسة القوم فيه من طرقنا .
واعلم : إن مقتضى تلك الأخبار وغيرها وقوع الفتوحات المذكورة
حتما ، لأخبار الصادق المصدق به ، ومثله قوله تعالى : ( ليظهره على الدين كله
ولو كره المشركون ) ( 1 ) ، وعن تأريخ أعثم ما معناه : ( إن أبا بكر لما بدا بإنفاذ
أبي عبيدة والجيوش إلى الروم قبل أن يفتحها وفتحها المسلمون بعده في ولاية
عمر ، قال له قوم : لا تخرج مع العسكر ، وقال قوم آخر : أخرج معهم ، فقال
لعلي عليه السلام : ما تقول أنت يا أبا الحسن ؟ فقال له علي عليه السلام : إن
خرجت نصرت وإن أقمت نصرت ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وعدنا النصر
للإسلام ، فقال له : صدقت وأنت وارث علم رسول الله ) ، ففتح البلاد إنما
كانت بقوة تلك الوعود الصادقة والعناية الإلهية الفائقة ، والذين كانوا خلفاء
بالمدينة كان وجودهم كعدمهم ، كما قال عليه السلام : ( إن خرجت نصرت
- الخ ) ، فعد متعصبي مخالفينا ، ممن ضربوا في غمرة الجهالة والغباوة وختم الله
على بصرهم وقلبهم غشاوة ، تلك الفتوحات فضيلة لأئمتهم كعد الضوء فضيلة
للنهار .
نعم ، لما رأوا أن الإمامية عدوا من فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ما
وقع له من الفتوحات الظاهرة والحملات الباهرة بمرأى من النبي ومسمع منه
صلى الله عليه وآله ومن المسلمين ، دعاهم العناد والعصبية إلى التفوه بتلك
المموهات والأباطيل ، رماهم الله بحجارة من سجيل وجعل كيدهم في
تضليل ، ولنختم الباب بذكر ما أنشده السيد الجليل والعالم النبيل السيد
إبراهيم الكاظم مخاطبا لسلمان رضي الله عنه :
أيا سلمان يا من حاز فضلا
وعمر الناس إحسانا ومنا

000000000000000000

( 1 ) الصف : 9 .

‹ صفحه 151 ›



ونال بخدمة المختار طه
وعترته الأكارم ما تمنى
لقد فقت الورى شرفا وفخرا
لقول المصطفى : سلمان منا
وقال أبو فراس الحارث الهمداني :
هيهات لا قربت قربى ولا رحم
يوما إذا أفضت الأخلاق والشيم
كانت مودة سلمان له نسبا
ولم يكن بين نوح وابنه نسب
وقال بعض شعراء العجم في نقل خبر عن سلمان :
ز سلمان كه بودى سر راستان
كه دانش باو بود همداستان
نه بنشست بر تخت دانشورى
بدانشورى همچو او سرورى
نديده دو بيننده روزگار
چه او دانش آموز آنروزگار
بكنج نهانى زبانش كليد
زسيماش راز نهانى پديد
بدانشورى همجو او كس نبود
پيمبر مرا ورابدانش ستود
چنين گفت گاز أهل بيت من است
چه ايشان بمن يكدل ويكتن است

‹ صفحه 153 ›


الباب الثالث

في مقامه عند الله ورسوله والأئمة الطاهرين عليهم السلام
وأن النبي صلى الله عليه وآله كان مأمورا بحبه .

‹ صفحه 155 ›


شيخ روى الشيعة ورئيسها الملهم للحق ، محمد بن محمد بن النعمان ،
المدعو بالمفيد رحمه الله في كتاب الإختصاص - على ما في البحار - عن الصدوق ،
عن ابن المتوكل عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن أبي أحمد
الأزدي ، عن أبان الأحمر ، عن أبان بن تغلب ، عن ابن طريف ، عن ابن نباته
قال : ( سئلت أمير المؤمنين ( علي بن أبي طالب ) عليه السلام عن سلمان الفارسي
رحمه الله وقلت : ما تقول فيه ؟ فقال : ما أقول في رجل خلق من طينتنا وروحه
مقرونة بروحنا ، خصه الله تبارك وتعالى من العلوم بأولها وآخرها ،
وظاهرها وباطنها ، وسرها وعلانيتها ، ولقد حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلمان بين يديه ، فدخل أعرابي فنحاه عن مكانه وجلس فيه ، فغضب
رسول الله صلى الله عليه وآله حتى در العرق بين عينيه واحمرتا عيناه ، ثم قال : يا
أعرابي ! أتنحى رجلا يحبه الله تبارك وتعالى في السماء ، ويحبه رسوله في
الأرض ، ( يا أعرابي ! إن سلمان مني من جفاه فقد جفاني
ومن آذاه فقد آذاني ومن باعده فقد باعدني ومن قربه فقد قربني ) ، يا
أعرابي ! لا تغلظن ( 1 ) في سلمان ، فإن الله تبارك وتعالى قد أمرني أن أطلعه على

0000000000000000000

( 1 ) في الإختصاص : لا تغلظن .

‹ صفحه 156 ›


علم المنايا والبلايا والنساب وفصل الخطاب ، قال : فقال الأعرابي : يا
رسول الله ! ما ظننت أن يبلغ من فعل سلمان ما ذكرت ، أليس كان مجوسيا
ثم أسلم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا أعرابي ! أخاطبك عن ربي
وتقاولني ! إن سلمان ما كان مجوسيا ولكنه كان مظهرا للشرك مبطنا ( 1 )
للإيمان ، يا أعرابي ! أما سمعت الله ( عز وجل ) يقول : ( فلا وربك لا يؤمنون
حتى يحكموك فيما شخر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا
تسليما ) ( 2 ) ، أما سمعت الله ( عز وجل ) يقول : ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما
نهيكم عنه فانتهوا ) ( 3 ) ، يا أعرابي ! خذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ،
ولا تجحد فتكون من المعذبين ، وسلم لرسول الله قوله تكن من الآمنين . ) ( 4 )
والمراد بأبي أحمد في السند هو محمد بن أبي عمير ، فيكون الخبر
صحيحا ، على ما هو الأقرب من صحة ما يرويه أبان بن عثمان .
وقد اشتمل هذا الخبر الشريف ، الذي ينبغي أن يكتب بالنور على
جبهات الحور ، على فضائل جليلة ومناقب جميلة امتاز بكل واحد منها عن
أقرانها :
هذا المناقب لا ثوبان من عدن
خيطا قميصا فعادا بعد أسمالا ( 5 )
هذا المفاخر لا قعبان من لبن ( 6 )
شيبا بماء ، فعادا بعد أبوالا
والظاهر أن المراد من الأعرابي هو الثاني ، فإنه المتجري على الله

000000000000000000

( 1 ) في الإختصاص : مضمرا .
( 2 ) النساء : 65 .
( 3 ) الحشر : 8 .
( 4 ) البحار 22 : 347 ، الإختصاص : 2 : 221 .
( 5 ) السمل ج أسمال : الثوب الخلق البالي .
( 6 ) القعب : القدح الضخم .

‹ صفحه 157 ›


ورسوله بتلك الأعمال الشنيعة المنبئة حمية الجاهلية في قلبه ، وقد مر
ما يؤيد هذا الاستظهار .
قوله : حتى در العرق ،
في أخبار شمائله صلى الله عليه وآله : ( له عرق يدره الغضب ) ( 1 ) ، أي
يمتلي دما إذا غضب كما يمتلي الضرع لبنا إذا در ، أي زاد وكثر جريانه في
الضرع ، وعن الزمخشري ( 2 ) : يدره الغضب أي يحركه ، من أدرت المرأة المغزل
إذا فتلته فتلا شديدا . ( 3 )
وروى الكشي رحمه الله عن محمد بن قولويه ، قال : حدثني سعد بن
عبد الله بن أبي خلف ، قال : حدثني علي بن سليمان بن داود الرازي ، قال :
حدثنا علي بن أسباط ، عن أبيه أسباط بن سالم ، قال ( قال ( لي ) أبو الحسن
( موسى بن جعفر ) عليهما السلام : إذا كان ى . م القيامة نادى مناد : أين حواري
محمد بين عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله ، الذين لم ينقضوا العهد ( ومضوا
عليه ) ؟ فيقوم سلمان والمقداد ( 4 ) وأبو ذر ( 5 ) ، ثم ينادي مناد : أين حواري
علي بن أبي طالب عليه السلام وصي محمد بن عبد الله ( رسول الله ) ؟ فيقوم عمرو بن
الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد وأويس

00000000000000000

( 1 ) البحار 16 : 149
( 2 ) أبو القاسم محمود بن عمر بن مجمد الخوارزمي الزمخشري ، الملقب بجار الله لمسافرته إلى مكة
ومجاورته بها زمانا . ولد في رجب سنة 467 بزمخشر - وهي قرية كبيرة من قرى خوارزم - وتوفي ليلة
عرفة سنة 538 بخوارزم بعد رجوعه من مكة ، من تصانيفه : الكشاف في التفسير ، أساس البلاغة في
اللغة ، ربيع الأبرار ، من كلامه :
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به * واكتمه ، كتمانه لي أسلم
فإن حنفيا قلت ، قالوا بأنني * أبيح الطلا ، وهو الشراب المحرم
وإن مالكيا قلت ، قالوا بأنني * أبيح لهم أكل الكلاب ، وهم هم
وإن شافعيا قلت ، قالوا بأنني * أبيح نكاح البنت ، والبنت تحرم
وإن حنبليا قلت ، قالوا بأنني ثقيل حلولي بغيض مجسم
( 3 ) أساس اللغة : 128 .
( 4 ) هو ابن عمرو البهراني ، وإنما نسب إلى الأسود لأنه حالفه في الجاهلية فتبناه فنسب إليه حتى نزل
قوله تعالى : ( ادعوهم لآبائهم ) ، وهو من السابقين إلى الإسلام ، هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية فهو
من علية الصحابة ، وهو أول من عدا به فرسه في سبيل الله لأنه لم يكن فرس مع غيره في يوم بدر ،
زوجه النبي صلى الله عليه وآله ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب .
( 5 ) اسمه جندب بن جنادة - كما هو مشهور - صحابي جليل من السابقين إلى الايلام هاجر بعد بدر
وفيه قال النبي صلى الله عليه وآله : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من
أبي ذر ، يعيش وحده ويموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده ، له مواقف جليلة في الإسلام ،
نفاه عثمان إلى الشام حيث ثقل وجوده لأمره بالمعروف وإنكاره المنكر ، ولما حل بالشام ازداد في
دعوته فثقل على معاوية ذلك لما كان يلمسه من استجابة الناس لأبي ذر ، فكتب إلى عثمان يطلب
إبعاده عن الشام فأجابه بحمله على أصعب مركب فأجهده السير ، فجرى بينه وبين عثمان كلام
أغضبه ، فحاول استمالة أبي ذر بالأموال فلم يفلح فنفاه إلى الربذة وهي قرية تبعد عن المدينة
بثلاثة أيام ، فعاش هناك وحيدا ثم مات وحيدا وكان ذلك سنة 32 .

‹ صفحه 158 ›


القرني ( 1 ) ، قال : ثم يناد ( ي ) المنادي : أين حواري الحسن بن علي ، ابن فاطمة
بنت محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فيقوم سفيان بن أبي ليلى
الهمداني وحذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : ثم ينادي ( المنادي ) : أين
حواري الحسين بن علي عليهما السلام ؟ فيقوم كل من استشهد معه ولم يتخلف
عنه ، قال : ثم ينادي ( المنادي ) : أين حواري علي بن الحسين عليهما السلام ؟
فيقوم جبير بن مطعم ويحيى بن أم الطويل وأبو خالد الكابلي وسعيد بن
المسيب ، ثم ينادي ( المنادي ) : أين حواري محمد بن علي و ( حواري ) جعفر بن
محمد عليهما السلام ؟ فيقوم : عبد الله بن شريك العامري وزرارة بن أعين
وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم وأبو بصير ليث بن البختري المرادي
وعبد الله بن أبي يعفور وعامر بن عبد الله بن جذاعة وحجر بن زائدة وحمران بن
أعين ، ثم ينادي : ( أين ) ساير الشيعة مع ساير الأئمة عليهم السلام يوم القيامة ،
فهؤلاء ( المتحورة ) أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورين من

0000000000000000000

( 1 ) أويس القرني اليمني من الزهاد الثمانية ، أسلم على عهد النبي لكن منعه من القدوم بره بأمه
وشهد صفين مع علي وقتل في الرجالة معه ، قال النبي في حقه : إنه خير التابعين ، وقال : إني
لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن ، نقل إن سلمان سئل النبي صلى الله عليه وآله عن هذا
الشخص فقال : إن باليمن شخصا يقال له : أويس القرني يحشر يوم القيامة أمة واحدة يدخل في
شفاعته مثل ربيعة ومضر ، ألا من رآه منكم وليقرئه عني السلام وليأمره أن يدعوني .

‹ صفحه 159 ›


التابعين . ) ( 1 )
قال في مجمع البحرين : ( الحواريون هم صفوة الأنبياء ، الذين
خلصوا وأخلصوا في التصديق بهم ونصرتهم ، وقيل : سموا حواريين لأنهم
كانوا قصارين ، يحورون الثياب أي يقصرونها وينقونها من الأوساخ
ويبيضونها ، من الحور وهو البياض الخالص . ) ( 2 )
وقال الشيخ البهائي ( 3 ) رحمه الله في أربعينه : ( قال بعض العلماء : إنهم لم
يكونوا قصارين على الحقيقة ، وإنما أطلق ( هذا ) الاسم عليهم رمزا إلى أنهم
كانوا ينقون نفوس الخلائق من أوساخ ( أوصاف ) الذميمة والكدورات ،
ويرقونها من عالم الظلمات إلى عالم النور . ) ( 4 )
وفي العيون عن الرضا عليه السلام وقد سئل : لم سمى الحواريون
الحواريين ؟ قال : ( أما عند الناس فإنهم سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين
يخلصون الثياب عن الوسخ بالغسل ، وهو اسم مشتق من الخبز الحوار ( 5 ) ، وأما عندنا ( فسمي الحواريون الحواريين )
لأنهم كانوا مخلصين في أنفسهم
ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير ) ( 6 )
وقيل : ( أصل هذا الاسم لأصحاب عيسى المختصين به ) ( 7 ) ، وفي

000000000000000000000

( 1 ) إختيار معرفة الرجال : 9 .
( 2 ) مجمع البحرين 3 : 278 .
( 3 ) العالم النحرير الحاوي فنون الفضائل ، شيخ الإسلام والمسلمين ، بهاء الملة والدين محمد بنم
الحسين بن عبد الصمد الحارثي الجبعي ، ينسب إلى الحارث الهمداني الذي كان من خاصة
أمير المؤمنين عليه السلام ، ولد في بعلبك من المحرم سنة 953 ، هاجر مع أبوه إلى ديار العجم ، وتوفي
في إصفهان شهر شوال سنة 1030 عقيب عودته من بيت الله الحرام ثم ينقل جثمانه إلى مشهد الرضا
عليه السلام ، أكثر البهائي من الكتابة فحرر في أكثر الفنون كتبا ورسائل لها قيمتها الفنية منها :
الحبل المتين في أحكام الدين ، مشرق الشمسين ، مفتاح الفلاح والكشكول .
( 4 ) الأربعين : 132 .
( 5 ) في القاموس : الحوار - بضم الحاء وشد الواو وفتح الراء - الدقيق الأبيض وهو لباب الدقيق ،
وبالفارسية : زبدة آرد .
( 6 ) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 79 .
( 7 ) مجمع البحرين 3 : 279 .

‹ صفحه 160 ›



الباب الرابع والستون من توحيد الصدوق عنه عليه السلام : ( إنهم كانوا
اثنى عشر رجلا وكان أفضلهم وأعلمهم الوقا ( 1 ) . ) ( 2 )
وفي تنكير لفظ المنادي في الأول والثاني وتعريفه في البقية ، إشارة
إلى تعدده وإن منادي حواري الني صلى الله عليه وآله غير منادي حواري
الأوصياء من بعده ، نظير قوله تعالى : ( فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ) ( 3 ) ،
ولما نزل خرج النبي صلى الله عليه وآله مسرورا فرحا وهو يضحك ويقول :
عسر بين يسرين ، فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ) ( 4 ) ، فإن من القواعد
المقررة : إن اللفظ إذا تكرر وكان الثاني معرفا يكون هو الأول ، حملا للأم
على العهدية ، سواء كان الأول منكرا كقوله تعالى : ( أرسلنا إلى فرعون
رسولا فعصى فرعون الرسول ) ( 5 ) ، أم معرفا كالآية السابقة ، صرح بذلك جملة
منهم الشهيد في كفالة المسالك .
أقول : قال آية الله العلامة في القسم الأول من الخلاصة في ترجمة
سعيد بن المسيب بعد ما نقل الرواية عن الكشي : ( وهذه الرواية فيها
توقف ) ( 6 ) ، وقال الشهيد رحمه الله فيما علقه عليها : ( التوقف من حيث السند
والمتن ، أما السند فظاهر ، وأما المتن فلبعد حال هذا الرجل عن مقام الولاية
لزين العابدين عليه السلام فضلا عن أن يكون من حواريه ، وإني لأعجب من
إدخال هذا الرجل في هذا القسم مع ما هو المعلوم من حاله وسيرته ومذهبه
في الأحكام الشرعية المخالفة لطريقة أهل البيت عليهم السلام ، وقد كان بطريقة
جهة أبي هريرة أشبه وحاله بروايته ادخل ، والمصنف قدس سره نقل أقواله

0000000000000000000

( 1 ) في الإنجيل الموجود اليوم : لوقا - بدون الألف في أوله .
( 2 ) توحيد الصدوق ، باب 56 : 420 ، الإحتجاج : 418 ، وفي الثاني : أفضلهم وعلمهم لوقا .
( 3 ) الانشراح : 6 - 5 .
( 4 ) في الكشاف 4 : 771 ومجمع البيان 10 : 509 : ( لن يغلب عسر يسرين ) ، وفي الثاني : ( لن
يغلب عسر يسرين أي يسر الدنيا والآخرة فالعسر بين يسرين ) .
( 5 ) المزمل : 16 .
( 6 ) الخلاصة : 79 .