‹ صفحه 161 ›
في كتبه القديمة مثل التذكرة والمنتهى بما يخالف طريقة أهل البيت ، وقد
روى له الكشي في كتابه أقاصيص ومطاعن ، وقال المفيد رحمه الله في الأركان :
وأما ابن المسيب فليس يدفع نصبه وما اشتهر عنه من الرغبة عن الصلاة على
زين العابدين عليه السلام ، قيل له : ألا تصلي على هذا الرجل الصالح من
أهل البيت الصالح ؟ فقال : صلاة ركعتين أحب إلي من الصلاة على الرجل
الصالح من أهل البيت الصالح ، وروى مالك : إنه كان خارجيا أباضيا
- والله العالم بحقيقة الأحوال - انتهى كلامه رفع الله مقامه ) ، وهو في غاية
الجودة .
فإن الرجل من مشاهير فقهاء العامة وممن له عندهم مرتبة عظيمة
ومقام جليل ، وهو أفضل الفقهاء السبعة ، الذين نظمهم بعض المخالفين في
قوله :
ألا إن من لا يقتدي بأئمة
فقسمته ضيزى ( 1 ) عن الحق خارجة
فمنهم عبيد الله ، عروة ، قاسم ( 2 )
سعيد ، أبو بكر ، سليمان ، خارجة
وهؤلاء أتوا من بعد الصحابة وأخذوا الفقه منهم وانتهى فقه العامة
إليهم ، وقد كانوا بالمدينة الطيبة في عصر واحد ، ومنهم انتشر الفتيا في العالم ،
وهم غير ( العبادلة الخمسة ) : أي عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ،
وعبد الله بن عمرو بن عاص ، وعبد الله بن المسعود ، وعبد الله بن زبير ، وفي بعض
النسخ : سبعة ، ولم أعثر على الاثنين ، وغير ( الفراء العشرة ) : أي حمزة بن
حبيب وعاصم بن أبي النجود وعلي بن حمزة الكسائي وعبد الله بن كثير
وعبد الله بن عامر وأبو عمرو بن العلاء ونافع بن عبد الرحمن وأبو جعفر ويعقوب
البصري وخلف ، وغير ( الزهاد الثمانية ) : أي أويس القرني وهرم بن حيان
00000000000000000
( 1 ) ضيزى : ناقصة جائرة .
( 2 ) هو قاسم بن مجمد بن أبي بكر ( منه ) .
‹ صفحه 162 ›
وعامر بن عبد قيس والربيع بن خيثم وكانوا مع علي عليه السلام ، وأبو مسلم
الخولاني ومسروق بن الأجدع والحسن بن أبي الحسن البصري والأسود بن
يزيد النخعي أو جرير بن عبد الله البجلي وكانوا على الباطل ، وغير ( القضاة
الستة ) ( 1 ) ، غير ( الأئمة الأربعة ) : أي أبو حنيفة ( 2 ) والشافعي ومالك
وأحمد بن
حنبل ، كل ذلك على اصطلاح الجمهور .
وكان سعيد بن المسيب ختن ( 3 ) أبي هريرة على ابنته ، وأكثر رواياته
المسندة عنه وعن سعد بن أبي وقاص - كما ذكره ابن خلكان - ، ولم يحضر
وقعة الطف ، ولم يسمع منه الرواية عن أحد من الأئمة المعصومين وقد أدرك
أربعة منهم عليهم السلام ولا عن الراجعين إلى ولايتهم ، كإكثاره من الرواية عن
خصومهم المخالفين فهم أصحاب الرأي والقياس ، ولم يرو عنه كذلك إلا
أمثالهم كالزهري وقتادة ويحيى بن سعيد - كما عن مختصر الذهبي - ، ولم يكن
ضرورة داعية إلى الافتاء بغير مذهب أهل البيت بمحضر منهم ، فإنه ولد
لسنتين مضتا من خلافة الثاني ، وكان في المدينة وكان فيها الحسن والحسين
وعلي بن الحسين عليهم السلام ، ولا أقل من السكوت والكف عن الاقتحام في
مثل تلك الهلكة العظيمة ، وكفى في خزيه إنه ضعفه من دأبه نسبة الرجل إلى
التشيع والإيمان بأدنى مناسبة وأضعف شاهد ، وهو السيد الشهيد الشوشتري
حيث قال في إحقاق الحق : ( ورووا - يعني الجمهور - نزولها - يعني آية :
( . من يشري نفسه ابتغاء - الآية ) ( 4 ) - في شأن صهيب ، عن سعيد بن المسيب ، وهو
شقي فاسق من أعداء أهل البيت ، كما يستفاد من كتب الجمهور ( أيضا ) ،
00000000000000000000
( 1 ) في الأصل بعد هذا الكلام بياض .
( 2 ) نعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة كوفي أحد أئمة الضلال
، جد
( زوطي ) من أهل كابل وقيل : ينتهي نسبه إلى يزدجرد آخر ملوك الساساني ، ولد سنة
80 أو
82 وتوفي سنة 150 في سجن بغداد ، حبسه الخليفة العباسي ليتصدى القضاء وهو لا يقبله
، قيل في
حقه كلمات ، قال الإمام مالك : ما ولد في الإسلام مولود أضر على أهل الإسلام من
أبي حنيفة ،
وقال : كانت فتنة أبي حنيفة أضر على هذه الأمة من فتنة إبليس .
( 3 ) ختن يختن : تزوج إليه وصاهره ، الختن جمع أختان : زوج الابنة .
( 4 ) البقرة : 207 .
‹ صفحه 163 ›
ومن ( جملة ) آثار عداوته ما روي أنه لم يصل على جنازة علي بن الحسين عليه
آلاف التحية والسلام مع إخبار غلامه له بذلك ، وخطاب الشقي إياه على
وجه منكر مذكور في محله ، مع أنه لا ارتباط لهذه الرواية بمدلول الآية ، لأن
مدلولها بذل النفس والروح ومدلول الرواية بذل المال ( وأين هذا من
ذاك ) ، وهذا أيضا من جملة أمارات عداوة الشقي حيث لم يرض بصرف
الرواية المتضمنة لمنقبة علي عليه السلام إلى حر قرشي بل صرفها عنه إلى عبد
سوء رومي - انتهى ) ( 1 )
ويظهر منه ومن المفيد عدم الاعتناء بما رواه الكشي بطريق
ضعيف غايته في اعتذاره لعدم الصلاة عليه عليه السلام ، ففيه عن علي بن
زيد قال : ( قلت لسعيد ابن المسيب : إنك أخبرتني أن علي بن الحسين
النفس الزكية وإنك لا تعرف له نظيرا ؟ قال : كذلك وما هو مجهول ما أقول
فيه ، والله ما أرى ( 2 ) مثله ، قال علي بن زيد : فقلت والله إن هذه الحجة
الوكيدة
عليك ، يا سعيد ! فلم لم تصل على جنازته ؟ فقال : - وذكر تسبيحه عليه السلام
في طريق مكة ، إلى أن قال : - ثم قال - أي علي بن الحسين عليهما السلام - : يا
سعيد ! إن الله ( جل جلاله ) لما خلق جبرئيل ألهمه هذا التسبيح ، ( فسبح ) فسبحت
السماوات ومن فيهن لتسبيحه
الأعظم ، وهو اسم الله عز وجل
الأكبر ، يا سعيد ! أخبرني أبي الحسين عن أبيه عليهما السلام ، عن رسول الله صلى
الله
عليه وآله ، عن جبرئيل ، عن الله جل جلاله أنه قال : ما من عبد من عبادي
آمن بي وصدق بك وصلى في مسجدك ركعتين على خلاء من الناس إلا
غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فلم أر شاهدا أفضل من علي بن
الحسين عليهما السلام حيث حدثني بهذا الحديث ، فلما أن مات شهد جنازته البر
والفاجر وأثنى عليه الصالح والطالح وانهال الناس ( 3 ) يتبعونه حتى وضعت
الجنازة ، فقلت : إن أدركت الركعتين يوما من الدهر فاليوم ( هو ) ، فلم يبق
000000000000000000
( 1 ) إحقاق الحق 3 : 42 .
( 2 ) في المصدر : رأى .
( 3 ) انهل الرجل : أغضبه ( منه ) ، طلح يطلح : أي فسد وهو طالح .
‹ صفحه 164 ›
إلا رجل وامرأة ، ثم خرجا إلى الجنازة ، ووثبت لأصلي ، فجاء تكبير من
السماء فأجابه تكبير من الأرض فأجابه تكبير من السماء فأجابه تكبير من
الأرض ، ففزعت وسقطت على وجهي ، فكبر من في السماء سبعا وكبر من في
الأرض سبعا ، وصلي على علي بن الحسن عليهما السلام ( ودخل الناس المسجد ) ،
فلم أدرك الركعتين ولا الصلاة على علي بن الحسين عليهما السلام ، إن
هذا لهو الخسران المبين ، ( قال : ) فبكى سعيد ثم قال : ما أردت إلا الخير ،
ليتني كنت صليت عليه فإنه ما رأى شئ مثله . ) ( 1 )
ولعل وجه الإعراض هو معارضته بما رواه قبله عن بعض السلف :
( إنه لما مر بجنازة علي بن الحسين عليهما السلام انجفل الناس ( 2 ) ، فلم يبق في
المسجد إلا سعيد بن المسيب ، فوقف عليه خشرم مولى أشجع ، فقال : ( يا )
أبا محمد ! ألا تصلي ( على ) هذا الرجل الصالح في البيت الصالح ؟ فقال
( سعيد ) : أصلي ركعتين في المسجد أحب إلي ( من ) أن أصلي على هذا
الرجل الصالح في البيت الصالح . ) ( 3 )
مع أن هنا إشكالا ، وهو أن المحكي عن مختصر الذهبي : ( إن
سعيدا مات سنة أربع وتسعين للهجرة ) ، وعن ابن خلكان أنه قال في
ترجمته : ( توفي بالمدينة سنة إحدى ، وقيل : اثنين ، وقيل : ثالث ، وقيل :
أربع ، وقيل : خمسة وتسعين للهجرة ، وقيل : سنة خمس ومأة ) ، ولو صح ما
في المختصر أو أحد الأقوال الأربعة الأول بطلت رواية الرغبة عن الصلاة
كالاعتذار عنها ، إذ السجاد عليه السلام توفي سنة خمس وتسعين - كما في
التهذيب والإرشاد ( 4 ) - ، اللهم إلا أن يجعل حديث الرغبة الذي اعتمد عليه
المفيد في جرحه ويظهر من كلامه اشتهاره بين الناس قرينة على صحة أحد
0000000000000000000
( 1 ) إختيار معرفة الرجال : 8 : 116 .
( 2 ) أي هربوا مسرعين ( منه ) ، أقول : في المصدر : أجفل الناس .
( 3 ) إختيار معرفة الرجال : 116 .
( 4 ) التهذيب 6 : 77 ، الإرشاد : 254 .
‹ صفحه 165 ›
القولين الأخيرين أو على بطلان الأربعة ، ونقل بعض
المعاصرين عن صاحب
إيجاز المقال أنه قال بعد كلام المفيد : ( والحق ما في الأركان وإنه من خاصة
العامة . )
ومن جميع ذلك ظهر أن ما رواه الحميري في قرب الإسناد عن
أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : ( ذكر عند الرضا عليه السلام القاسم بن محمد
خال أبيه وسعيد بن المسيب ، فقال عليه السلام : كانا على هذا الأمر ) ( 1 ) ،
مطروح
أو مأول بما ذكره الفاضل المعاصر ( 2 ) في الروضات من أنه من باب ما نقل :
وقد سئل عن الشيخين الأولين ؟ فقال : كانا على الحق وماتا عليه ، وكذا
ما رواه الكافي في باب مولد الصادق عليه السلام بطريق ضعيف عن
إسحاق بن جرير قال : ( قال أبو عبد الله عليه السلام : كان سعيد بن المسيب
والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين
عليهما السلام ) ( 3 ) ، وفيه مع ضعف السند وعدم نهوضه لمعارضة ما تقدم ، إمكان
الجمع بما لا ينافي ظاهره ، فإن مرحلة الوثاقة والعلم والضبط مرحلة أخرى ،
ولا ملازمة عقلا بينهما وبين كونه من الفرقة الناجية ، ولا أرى بأسا في دخوله
فيها نظرا إلى ظاهره ، وعن إكليل الرجال للفاضل الماهر مولانا محمد جعفر بن
محمد طاهر الخراساني ( 4 ) أنه قال بعد نقل هذا الخبر : ( ولا منافاة بين فساد
مذهبه وكونه ثقة )
وكيف كان ، فما في تعليقة الأستاد البهبهاني ( 5 ) وتلميذه صاحب
00000000000000000000
( 1 ) قرب الإسناد : 157 .
( 2 ) السيد السند والركن المعتمد المتتبع المتبحر محمد باقر بن زين العابدين
الموسوي الإصفهاني ، ولد
سنة 1226 وتوفي في جمادى الأولى سنة 1313 من مصنفاته شرح الألفية للشهيد وتسلية
الأحزان
وروضات الجنات .
( 3 ) الكافي 1 : 472 .
( 4 ) العالم الفاضل محمد جعفر بن محمد طاهر الخراساني الإصفهاني صاحب كتاب إكليل
المنهج
الذي علقه على منهج المقال للميرزا محمد استرآبادي وكتاب الطباشير مشتمل على عدة
من صحف
إدريسية ، ولد سنة 1080 ولم نجد سنة وفاته .
( 5 ) الأستاذ الأكبر مروج الدين في رأس المأة الثالثة عشر ، المولى محمد باقر
الإصفهاني البهبهاني ، كان
إماما في العلم وركنا للدين وشمسا لإزالة ظلم الجهالة وبدرا لإزاحة دياجير البطالة
، تولد رحمه الله
سنة 1117 بعد وفاة سمية العلامة المجلسي بخمسة أو ستة سنين وتوفي سنة 1208 بأرض
الحائر .
‹ صفحه 166 ›
المنتهي ( 1 ) من استظهار تشيعه لعله في غير محله كما عرفت ، سيما بعد الرجوع إلى
ترجمته في كتب القوم ومقامه عندهم ، فتدبر .
وفي شرح النهج : ( وقد روينا عن عايشة قالت : كان لسلمان مجلس
من رسول الله صلى الله عليه وآله ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله
صلى الله عليه وآله . ) ( 2 )
وفي تفسير الإمام أبي محمد العسكري عليه السلام : ( كان سبب نزول
قوله تعالى : ( قل من كان عدوا لجبريل - الآيتين ) ، ما كان من اليهود أعداء الله
من قول سئ في جبرئيل وميكائيل وساير ملائكة الله ، وما كان من
أعداء الله النصاب من قول أسوأ منه في الله وفي جبرئيل وساير ملائكة الله ،
أما ما كان من النصاب فهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله - إلى أن قال
عليه السلام : - وأما ما قاله اليهود فهو أن اليهود أعداء الله لما قدم رسول الله
صلى الله
عليه وآله المدينة أتوه بعبد الله بن صوريا فقال : يا محمد : كيف نومك ؟ - وسئل
أشياء أخر ، ثم قال : - بقيت لي خصلة إن قلتها آمنت بك واتبعتك ، أي
ملك يأتيك بما تقوله عن الله تعالى ؟ قال : جبرئيل ، قال ابن صوريا : ذلك
عدونا من بين الملائكة ينزل بالقتل والشدة والحرب ، ورسولنا ميكائيل يأتينا
بالسرور ( والفرح ) والرخاء ، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك لآمنا بك ،
لأن ميكائيل كان يشد ملكنا وجبرائيل كان يهلك ملكنا فهو عدونا
( لذلك ) ، فقال له سلمان الفارسي رحمه الله : فما بدأ عداوته لكم ؟ فقال : نعم
يا سلمان ، عادانا مرارا كثيرة وكان أشد من ذلك علينا إن الله أنزل على
000000000000000000
( 1 ) العالم الفاضل محمد بن إسماعيل بن عبد
الجبار ينتهي نسبه إلى شيخ الرئيس أبو علي سينا ولد
سنة 1159 بكربلاء وتوفي بها سنة 1215 ، صاحب كتاب منتهى المقال ، ولاشتماله على
تمام
العليقة لأستاذه الأكبر البهبهاني صار معروفا ومرجعا للعلماء ، ومن مصنفاته :
النقص على نواقص
الروافض في غاية الجودة .
( 2 ) شرح النهج 8 : 36 .
‹ صفحه 167 ›
أنبيائه : إن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له : بخت نصر وفي زمانه ،
وأخبرنا بالخبر الذي يخرب فيه ، والله عز وجل يحدث الأمر بعد الأمر فيمحو
ما يشاء ويثبت ، فلما بلغنا ذلك الخبر الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس
بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم ، نبيا كان يعد من
أنبيائهم يقال له : دانيال ، في طلب بخت النصر ليقتله فحمل معه وقر مال
لينفقه في ذلك ، فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له
قوة ولا منعة ، فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل وقال لصاحبنا : إن
كان ربكم هو الذي أمر ( ه ) بهلاككم فإنه لا يسلطك عليه وإن لم يكن هذا
فعلي أي شئ تقتله ، فصدقه صاحبنا وتركه ورجع إلينا وأخبر ( نا ) بذلك ،
فقوى بخت نصر وملك وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا ،
وميكائيل عدو ( ا ) لجبرئيل . فقال سلمان : بابن صوريا ! فبهذا العقل المسلوك
به غير سبيله ( ا ) ضللتم ، أرأيتم أوائلكم كيف تعثوا من يقتل بخت نصر وقد
أخبرنا الله تعالى في كتبه على ألسنة رسله أنه يملك ويخرب بيت المقدس ، أرادوا
تكذيب أنبياء الله في إخبارهم أو اتهموهم في إخبارهم أو صدقوهم في المخبر
عن الله ومع ذلك أرادوا مغالبة الله ، هل كان هؤلاء ومن وجهوه إلا كفارا
بالله ، وأي عداوة يجوز أن تعتقد لجبرئيل وهو يصد عن مغلبة الله وينهي عن
تكذيب خبر الله ( تعالى ) ؟ فقال ابن صوريا : قد كان الله ( تعالى ) أخبر بذلك
على ألسن أنبيائه ولكنه يمحو ما يشاء ويثبت .
قال سلمان : فإذن لا تثقوا بشئ مما في التوراة من الأخبار عما
مضى وما يستأنف ، فإن ( الله ) يمحو ما يشاء ويثبت ، ( وإذا لعل الله قد كان
عزل موسى وهارون عن النبوة وأبطلا في دعواهما ( 1 ) لأن الله يمحو ما يشاء
ويثبت ) ، ولعل كل ما أخبراكم أنه يكون لا يكون وما أخبراكم أنه لا يكون
يكون ، وكذلك ما أخبراكم عما كان لعله لم يكن وما أخبراكم إنه لم يكن
لعله كان ، ولعل ما وعده من الثواب يمحوه ، ولعل ما توعد به من العقاب
00000000000000000000
( 1 ) دعوتهما ( خ ل ) .
‹ صفحه 168 ›
يمحوه ، فإنه يمحو ما يشاء ويثبت ، إنكم جهلتم معنى ( يمحو الله ) ما يشاء
ويثبت ، فلذلك أنتم بالله كافرون ولإخباره عن الغيوب مكذبون وعن
دين الله منسلخون ، ثم قال سلمان : فإني أشهد أن من كان عدوا لجبرئيل
فإنه عدو لميكائيل وإنهما جميعا عدوان لمن عاداهما سلمان لمن سالمهما ،
فأنزل الله عند ذلك موافق لقول سلمان رحمه الله : ( قل من كان عدوا لجبريل ) في
مظاهرته ( 1 ) لأولياء الله على أعدائه ونزوله بفضائل علي ( بن أبي طالب ) ولي
الله
من عند الله ، ( فإنه نزله ) فإن جبرئيل نزل ( ب ) هذا القرآن ( على قلبك
بإذن الله ) ( بأمره ) ( مصدقا لما بين يديه ) ( و ) من ساير كتب الله ، ( وهدى )
من الضلالة ( وبشرى للمؤمنين ) بنبوة محمد وولاية علي ( بن أبي طالب ) ومن
بعده من الأئمة ( الاثني عشر ) بأنهم أولياء الله حقا إذا ( كانوا ) ماتوا على
موالاتهم لمحمد وعلي وآلهما الطيبين ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا
سلمان ! إن الله صدق قيلك ووافق رأيك ، فإن جبرئيل عن الله تعالى يقول :
يا محمد ! سلمان والمقداد أخوان متصافيان في ودادك ووداد علي أخيك ووصيك
وصفيك وهما في أصحابك كجبرئيل وميكائيل في الملائكة ، عدوان لمن
أبغض أحدهما ووليان لمن والاهما ووالى محمدا وعليا ، وعدوان لمن عادا
محمدا وعليا وأوليائهما ، ولو أحب أهل الأرض سلمان والمقداد كما تحبهما
ملائكة السماوات والحجب والكرسي والعرش لمحض ودادهما لمحمد وعلي
وموالاتهما لأوليائهما ومعاداتهما لأعدائهما لما عذب الله واحدا منهم بعذاب
البتة . ) ( 2 )
وفي أربعين مولينا الفاضل الماهر المولى محمد طاهر القمي ( 3 ) عن
كتاب المصابيح للبغوي في باب جامع المناقب من الصحاح : ( إن النبي
000000000000000000000
( 1 ) ظهر عليه : أعانه ، ظاهر عليه : عاونه
.
( 2 ) تفسير الإمام عليه السلام : 7 - 454 مع اختلافات يسيرة ، والآية في البقرة :
96 .
( 3 ) العالم الفاضل المحقق المتكلم محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي النجفي القمي
، من مشايخ إجازة
العلامة المجلسي والشيخ الحر العاملي ، توفي سنة 1098 بقم ودفن بها ، من مصنفاته :
شرح تهذيب
الحديث ، الأربعين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام .
‹ صفحه 169 ›
صلى الله عليه وآله قال لأبي بكر مشيرا إلى سلمان ورجلين آخرين : لئن كنت
أغضبتهم لقد أغضبت ربهم . )
ورواه ابن أبي الحديد في شأن أصحاب الصفة حيث قال في شرح
قوله عليه السلام : ( أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه ، وقرأوا القرآن
فأحكموه ، وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح ( 1 ) أولادها ، وسلبوا السيوف
أغمادها ، وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا ، وصفا صفا ، بعض هلك
وبعض نجى ، لا يبشرون بالإحياء ( 2 ) ، ولا يعزون الموتى ، مره العيون ( 3 ) من
البكاء ، خمص البطون ( 4 ) من الصيام ، ذبل الشفاه ( 5 ) من الدعاء ، صفر الألوان
من السهر ، على وجوههم غبرة الخاشعين ، أولئك إخواني الذاهبون ، فحق علينا
أن نظمأ إليهم ، ونعض الأيدي على فراقهم - الخطبة . ) ( فإن قلت : من
هؤلاء الذين يشير عليه السلام إليهم ؟ قلت : هم قوم كانوا في نأنأة الإسلام ( 6 )
وفي
زمان ضعفه وخموله ، أرباب زهد وعبادة وجهاد شديد في سبيل الله ،
كمصعب بن عمير من بني عبد الدار وكسعد بن معاذ من الأوس وكجعفر بن
أبي طالب وعبد الله بن رواحة وغيرهم ، ممن استشهد من الصالحين أرباب
الدين والعبادة والشجاعة في يوم أحد وفي غيره من الأيام في حياة رسول الله
صلى الله عليه وآله ( و ) كعمار ( 7 ) وأبي ذر والمقداد وسلمان وخباب وجماعة من
000000000000000000
( 1 ) الوله إلى الشئ : الاشتياق إليه ،
واللقاح - بكسر اللام - الإبل ، الواحدة لقوح وهي الحلوب :
أي جعلوا اللقاح ، والهة إلى أولادها بتفريقهم بينهما بركوبها في الجهاد ( منه ) .
( 2 ) قوله : ( لا يبشرون ) كناية عن شدة تجردهم للجهاد حتى لا يغنون بحياة حي
منهم فيبشرون به
أو يفرون عنه ( منه ) .
( 3 ) مره : عرض في العين لترك الكحل ، أي ذهب مائها ونفى ( منه ) .
( 4 ) خمص البطون : ضوامرها .
( 5 ) ذبلت شفته : جفت ويبست لذهاب الريق .
( 6 ) نأنأة : الضعف والعجز ، نأنأة الإسلام يعني أول الإسلام قبل أن يقوى ويكثر
أهله وناصره
والداخلون فيه ، فهو عند الناس ضعيف .
( 7 ) هو أبو اليقظان صحابي جليل مشهور من السابقين الأولين وممن عذب في سبيل الله
شهد بدرا
والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وكان ممن هاجر إلى الحبشة ثم المدينة ،
وشهد مع
الإمام أمير المؤمنين الجمل والصفين ، وكان ينادي في صفين : الرواح الرواح إلى
الجنة اليوم ألقى الأحبة محمدا وحزبه ، فقتلته الفئة الباغية كما أخبره النبي
الصادق الأمين حين قال له : وتقتلك
الفئة الباغية ، استشهد بصفين سنة 37 ه .
‹ صفحه 170 ›
( أصحاب ) الصفة وفقراء المسلمين أرباب العبادة ،
الذين ( قد ) جمعوا بين
الزهد والشجاعة - إلى أن قال : - وجاء في الأخبار الصحيحة : إن جماعة من
أصحاب الصفة مر بهم أبو سفيان بن حرب بعد إسلامه فعضوا أيديهم ( عليه )
فقالوا : وا أسفا ( ه ) كيف لم تأخذ السيوف مأخذها من عنق عدو الله ! وكان
معه أبو بكر فقال لهم : أتقولون هذا لسيد البطحاء ! فرفع قوله إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله فأنكره وقال لأبي بكر : أنظر لا تكون أغضبتهم فتكون قد
أغضبت ربك ، فجاء أبو بكر إليهم واسترضاهم ( 1 ) وسألهم أن يستغفروا له ،
فقالوا : غفر الله لك - انتهى ) ( 2 ) ، وفي آخر الحديث إشارة بل صراحة في أن
أبا بكر أغضبتهم ، وإلا لما سئلهم الاستغفار .
ثم إنه يحتمل تعدد الخبرين واتحادهما والجمع بأن سلمان رضي الله
عنه أيضا كان من أصحاب الصفة ، ويشهد له ما في الفصل الأول من باب
جامع المناقب من مشكاة الخطيب عن عائد بن عمرو : ( إن أبا سفيان أتى
على سلمان وصهيب وبلال في نفر ، فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عنق
عدو الله مأخذها ، فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم ؟ فأتى
النبي صلى الله عليه وآله فأخبره ، فقال : يا أبا بكر ! لعلك أغضبتهم لئن كنت
أغضبتهم لقد أغضبت ربك ، فأتاهم فقال : يا إخوتنا أغضبتكم ؟ قالوا :
لا يغفر الله لك يا أخي - رواه مسلم ) . ( 3 )
والصفة موضع مظلل ، وفي المجمع : ( سقيفة في مسجد رسول الله
صلى الله عليه وآله ( كانت ) مسكن الغرباء والفقراء ، ومنه أهل الصفة من
المهاجرين لم يكن لهم منازل ولا أموال . ) ( 4 )
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : ترضاهم .
( 2 ) شرح النهج 7 : 6 - 295 .
( 3 ) مشكاة المصابيح : 695 .
( 4 ) مجمع البحرين 5 : 82 .
‹ صفحه 171 ›
وفي تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ( ولا تطرد الذين يدعون
ربهم - الآية ) ، قال : ( فإنه كان سبب نزولها إنه كان بالمدينة قوم فقراء
مؤمنون يسمون أصحاب الصفة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أمرهم أن
يكونوا في صفة ، يأوون إليها ، وكان رسول الله يتعاهدهم بنفسه وربما حمل
إليهم ما يأكلون ، وكانوا يختلفون إلى رسول الله فيقربهم ( ويقديهم ) ويقعد
معهم ويؤنسهم ، وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه ينكرون ذلك
عليه ( 1 ) ويقولون : له : أطردهم عنك ، فجاء يوما رجل من الأنصار إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده رجل من أصحاب الصفة قد لزق برسول الله
صلى الله عليه وآله ورسول الله يحدثه ، فقعد الأنصاري بالبعد منهما فقال له
رسول الله : تقدم ، فلم يفعل ، فقال له رسول الله ، لعلك خفت أن يلزق فقره
بك ! فقال الأنصاري : أطرد هؤلاء عنك ، فأنزل الله ( تعالى ) : ( ولا تطرد -
الآية ) . ( 2 )
وروي : ( أن النبي صلى الله عليه وآله دخل على أهل الصفة وهم يرقعون
ثيابهم من الأدم ، ما يجدون لها رفاعا ، فقال : أنتم اليوم خير أم يوم يغدو
أحدكم في حلة ويروح في أخرى ؟ قالوا : نحن يومئذ خير ، قال : بل أنتم
اليوم خير ) ، وروي : ( أن عليا عليه السلام كان عنده ستر من الغنيمة فدعاهم
رسول الله فقسم ذلك الستر بينهم قطعا جهل يدعو العاري منهم الذي لا يستتر
بشئ فيؤزره وإذا التقى عليه الإزار قطعة . )
وفي السيرة : ( وكان أصحاب الصفة إذا أمسوا انطلق الرجل
بالواحد والرجل بالاثنين والرجل بالجماعة ، وأما سعد بن عبادة فينطلق
بالثمانين . )
وفي تفسير الإمام عليه السلام في قوله تعالى : ( ( الدين ) يؤمنون بالغيب ) ،
ذكر عليه السلام حديثا طويلا يأتي في باب كراماته ، وفي آخره : ( ثم أقبل
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : أنكروا عليه ذلك .
( 2 ) تفسير القمي 1 : 202 ، والآية في الأنعام : 52 .
‹ صفحه 172 ›
رسول الله صلى الله عليه وآله على سلمان فقال : يا أبا عبد الله ! أنت من خواص
إخواننا المؤمنين ومن أحباب قلوب ملائكة الله المقربين إنك في ملكوت
السماوات والحجب والكرسي والعرش وما دون ذلك إلى الثرى أشهر في
فضلك عندهم من الشمس الطالعة في يوم لا غيم فيه ولا قتر ولا غبار في
الجوانب ( 1 ) ، من أفاضل الممدوحين بقوله تعالى : ( الذين يؤمنون بالغيب ) ( 2 )
وروى شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي في الجزء الخامس من
أماليه عن محمد بن المفيد ، قال : حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد بن
قولويه رحمه الله ، قال : حدثني أبي ، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ،
جميعا ، عن علي بن محمد بن علي الأشعري ، قال : حدثنا محمد بن مسلم بن
أبي سلمة الكندي السجستاني الأصم ، عن أبيه ( مسلم بن أبي مسلمة ) ، عن
الحسن بن علي الوشا ، عن محمد بن يوسف ، عن منصور بزرج ( 3 ) قال : ( قلت
لأبي عبد الله الصادق عليه السلام : ما أكثر ما أسمع منك يا سيدي ذكر سلمان
الفارسي ! فقال : لا تقل ( سلمان ) الفارسي ولكن قل : سلمان المحمدي ،
أتدري ما كثره ذكرى له ؟ قلت : لا ، قال : لثلاث خصال ، إحديها ( 4 ) ، إيثاره
هوى أمير المؤمنين عليه السلام على هوى نفسه ، والثانية ، حبه للفقراء واختياره
إياهم على أهل الثروة والعدد ، والثالثة : حبه للعلم والعلماء ، إن سلمان
كان عبدا صالحا حنيفا ( مسلما ) وما كان من المشركين ) ( 5 ) .
وفي مشكاة الخطيب العمري في الفصل الثالث من باب جامع
المناقب عن علي عليه السلام قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن لكل
نبي
سبعة نجباء ونقباء وأعطيت أنا أربعة عشر ، قلنا : من هم ؟ قال : أنا وابناي
وجعفر وحمزة وأبو بكر وعمر ومصعب بن عمير وبلال وسلمان وعمار
000000000000000000
( 1 ) في المصدر : لا غيم فيه ولا الغبرة ولا
غبار في الجوانت ( الجوانب خ ل ) .
( 2 ) تفسير الإمام عليه السلام : 26 ، والآية في البقرة : 3 .
( 3 ) معرب بزرك ( منه ) ، أقول : في المصدر : زبرج .
( 4 ) في المصدر : لثلاث خلال : أحدها .
( 5 ) أمالي الطوسي 1 : 133 .
‹ صفحه 173 ›
وعبد الله بن مسعود وأبو ذر والمقداد - رواه الترمذي ) ( 1 ) ، وإنما أوردناه مع
تضمنه ما لا يخفى على العارف البصير ، ليكون حجة عليهم في قبيح ما صنع به
بعد النبي صلى الله عليه وآله بأمر أئمتهم وسنفصله فيما سيأتي إن شاء الله .
وروى أبو جعفر الكشي عن جبرئيل بن أحمد ، قال : حدثني محمد بن
عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان بن مهران الجمال ، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله ( تعالى ) أمرني
بحب
أربعة ، قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : علي بن أبي طالب ، ثم سكت ،
ثم قال : إن الله أمرني بحب أربعة ، قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال :
علي بن أبي طالب والمقداد بن الأسود ( الكندي ) وأبو ذر الغفاري وسلمان
الفارسي . ) ( 2 )
وروى أبو جعفر القمي في باب الأربعة من كتاب الخصال عن
( أبو عبد الله ) الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ( ببلخ ) ، عن جده ، عن
إبراهيم بن نصر ، عن محمد بن سعيد ، عن شريك ، عن أبي ربيعة الأيادي ، عن
ابن بريدة ، عن أبيه قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله ( عز وجل
)
أمرني بحب أربعة من أصحابي ، وأخبرني أنه يحبهم ، قلنا : يا رسول الله ! فمن
هم ، فكلنا نحب أن نكون منهم ؟ فقال : ألا إن عليا منهم ، ثم سكت ، ( ثم
قال : ألا إن عليا منهم ، ثم سكت ) ، ثم قال : ألا إن عليا منهم وأبو ذر
وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود الكندي . ) ( 3 )
ورواه المفيد النيشابوري في أربعينه عن الشريف أبي إبراهيم
ناصر بن الرضا بن محمد العلوي الحسيني رحمه الله - قراءة عليه - ، عن قاضي
القضاة أبي الحسن عبد الجبار بن أحمد - قراءة عليه - ، عن أبي القاسم
عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن عبيد الأسدي ، عن أبي جعفر الخضرمي ، عن
يحيى الحماني وعلي بن حكيم ، عن شريك مثله .
000000000000000000
( 1 ) مشكاة المصابيح : 700 .
( 2 ) إختيار معرفة الرجال : 10 .
( 3 ) الخصال 1 : 254 ، بحار الأنوار 22 : 324 .
‹ صفحه 174 ›
وفي الباب المذكور منه ، عن علي بن محمد بن الحسن ، عن
عبيد الله بن عبد الرحمن ، عن إسماعيل بن موسى ، عن شريك ، عن أبي ربيعة
الأيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ( إن
الله
عز وجل أمرني بحب أربعة ، فقلنا : يا رسول الله : من هم ، سمهم لنا ؟ فقال :
علي منهم وسلمان وأبو ذر والمقداد ، وأمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم . ) ( 1 )
في قرب الإسناد للشيخ الثقة الجليل عبد الله بن جعفر الحميري ،
برواية ابنه الثقة محمد ، أوله كما قيل ، عن السندي بن محمد ، عن صفوان
الجمال قال : ( قال أبو عبد الله عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله
: إن الله
تبارك وتعالى أمرني بحب أربعة ، قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : علي بن
أبي طالب منهم ، ثم سكت ، ثم قال : إن الله ( تبارك وتعالى ) أمرني بحب
أربعة ، قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : علي بن أبي طالب والمقداد بن
الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي . ) ( 2 )
وعن الإختصاص للمفيد رحمه الله عن محمد بن الحسن ، عن سعد ، عن
محمد بن إسماعيل بن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن المفضل بن صالح ، عن
محمد بن مروان ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : ( قال رسول الله صلى الله
عليه وآله : إن الله أوحى إلي أن أحب أربعة : عليا وأبا ذر وسلمان
والمقداد . ) ( 3 )
وعنه ، عن جعفر بن الحسين المؤمن ، عن ابن الولية ، عن الصفار ، عن
ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله أمرني بحب أربعة ، قالوا :
ومن
هم يا رسول الله ؟ قال : علي بن أبي طالب ، ثم سكت ، ثم قال : إن الله أمرني
بحب أربعة ، قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : علي بن أبي طالب ، ثم
سكت ، ثم قال : إن الله أمرني بحب أربعة ، قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟
0000000000000000
( 1 ) الخصال 1 : 253 .
( 2 ) قرب الإسناد : 27 .
( 3 ) الإختصاص : 13 .
‹ صفحه 175 ›
قال : علي بن أبي طالب والمقداد بن الأسود وأبو ذر
الغفاري وسلمان
الفارسي . ) ( 1 )
وعن الشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي في تفسيره عن
أبي جميلة ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهما عليهما السلام قال : ( إن رسول الله
صلى الله عليه وآله قال : إن الله أوحى إلي أن أحب أربعة : عليا وأبا ذر وسلمان
والمقداد ، فقلت : ألا فما كان من كثرة الناس أحد يعرف هذا الأمر ؟ فقال :
بلى ثلاثة ، قلت : هذه الآيات التي أنزلت : ( إنما وليكم الله ورسوله والذين
آمنوا ) ( 2 ) ، وقوله : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ( 3 ) ،
أما كان
أحد يسأل فيمن نزلت ؟ فقال : من ثم ( أتاهم ) لم يكونوا يسألون . ) ( 4 )
وفي عيون أخبار الرضا ، حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه
( الفقيه ال ) المرورودي بمرو الرود ( 5 ) في داره ، قال : حدثنا أبو بكر بن
( محمد بن ) عبد الله النيشابوري ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن
عامر بن سلمويه الطائي ( 6 ) بالبصرة ، قال : حدثنا أبي في سنة ستين ومأتين ،
قال : حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام سنة أربع وتسعين ومأة ، وحدثنا
أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن زياد
الفقيه الخوري ( بنيشابور ) ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني ،
عن الرضا ( علي بن موسى عليهما السلام ) ، وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد
الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدثنا علي بن محمد بن مهرويه
القزويني ، عن داود بن سليمان الفراء ، عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام ،
000000000000000000
( 1 ) الإختصاص : 9 ، المقداد بن أسود .
( 2 ) المائدة : 55 .
( 3 ) النساء : 59 .
( 4 ) تفسير العياشي 1 : 328 .
( 5 ) في المصدر : المروزي ، ولعله مصحف .
( 6 ) في المصدر : سليمان الطائي ، أقول : ذكر في المصدر يوجد : في بعض النسخ
المصححة : سلمويه .
( 7 ) في المصدر : هارون .
‹ صفحه 176 ›
قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال :
حدثني أبي محمد بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي
الحسين بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب ، قال : ( قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : إن الله أمرني بحب أربعة : علي عليه السلام وسلمان وأبي ذر
ومقداد بن الأسود . ) ( 1 )
وفي مشكاة المصابيح عن بريدة قال : ( رسول الله صلى الله عليه وآله :
إن الله تبارك وتعالى أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم ، قيل :
يا رسول الله ! سمهم لنا ؟ قال : علي منهم - يقول ذلك ثلاثا - ، وأبو ذر
والمقداد وسلمان ، أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم - رواه الترمذي ، وقال :
هذا حديث حسن غريب . ) ( 2 )
أقول : كل من يروي عنه لعدالته وضبطه إذا تفرد عنه بالحديث
سمي ( غريبا ) ، سواء كان صحيحا أو لا ، فإن رواه اثنان أو ثلاثة سمي
( عزيزا ) ، وإن رواه جماعة سمي ( مشهورا ) ، وينقسم الأول إلى : غريب
متنا ، وهو ما انفرد برواية متنه واحد ، أو إسنادا كحديث يعرف متنه جماعة
عن رجل إذا بفرد واحد برواية متنه عن آخر ، وقال جمع : أنه لا يوجد ما هو
غريب متنا لا إسنادا إلا إذا اشتهر الحديث المفرد فرواه عمن تفرد به جماعة
فإنه حينئذ يصير ( غريبا مشهورا ) ، وغريب المتن غير غريب الإسناد إلا
بالنسبة إلى أحد طرفيه ، فإن إسناده متصف : بالغرابة في طرفه الأول
وبالشهرة في وسطه وفي آخره ، وحديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) من هذا
القسم ، فقد انفرد بروايته ( عمر ) في أوله ولكنه اشتهر في الوسط حيث رواه
عن يحيى بن سعيد أكثر من مأتي راو ، وحكي عن أبي إسماعيل الهروي إنه
كتبه من سبعمأة طريق عن يحيى بن سعيد ، وناقش في ذلك سيد الأفاضل ( 3 )
00000000000000000
( 1 ) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 32 .
( 2 ) مشكاة المصابيح : 1 - 700 .
( 3 ) العالم النقاد ذو الطبع الوقاد السيد الداماد محمد باقر بن محمد الحسيني
الأسترآبادي .
‹ صفحه 177 ›
في الرواشح فنقل : ( إنهم رووه عن أنس ( أيضا ) ، وعن أبي سعيد الخدري
( أيضا ) ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أيضا ، فإذن ليس هو من حريم حد الغرابة
في شئ أصلا . ) ( 1 )
ثم إن ما ذكرنا في تعريف ( الغريب ) ، هو الذي صرح به مصنفو
الدراية ، إلا أنه قال في الرواشح : ( وقد يطلق الغريب فيقال : هذا حديث
غريب ولا يرام هذا الاصطلاح بل يراد غرابته من حيث التمام والكمال في
بابه أو غرابة أمره في الدقة والمتانة واللطافة والنفاسة ، ولا سيما إذا قيل :
حسن غريب - إلى أن قال : - ومن هذا الباب الحديث الصحيح المستفيض
من طرقه العامة عن أبي سعيد قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي
عليه السلام : يا علي ! لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ) - ثم
قال : - أورده صاحب المشكاة ، ثم قال : رواه الترمذي وقال : هذا حديث
حسن غريب - انتهى ) ( 2 ) ، وكيف كان فالذي نقلناه عن المشكاة إن كان
غريبا فهو بهذا الاطلاق ، وإلا فقد عرفت أنه رواه عن النبي صلى الله عليه وآله
أكثر من واحد فعده من المشهور أولى وأنسب .
وروى الشيخ الأجل فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ( 3 ) في تفسيره
فيما نزل في أهل البيت عليهم السلام في سورة البقرة عن علي بن محمد بن عمر
الزهري ، قال : حدثني القاسم بن إسماعيل الأنباري ، قال : حدثني حفص بن
عاصم ونصر بن مزاحم وعبد الله بن المغيرة ، عن محمد بن هارون السندي ( 4 ) ،
قال : حدثني أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس قال : ( خرج علي بن
أبي طالب عليه السلام ونحن قعود في المسجد ، بعد رجوعه من صفين وقبل يوم
النهروان ، فقعد ( علي ) واحتوشناه فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ! أخبرنا عن
000000000000000000
( 1 ) الرواشح السماوية : 131 و 132 .
( 2 ) الرواشح السماوية : 131 و 132 .
( 3 ) فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي أحد علماء الحديث في القرن الثالث ، وقال
بعض : إنه كان
في عصر الجواد عليه السلام ، ويؤيده إكثاره من الرواية من الحسين بن سعيد الأهوازي
نزيل مكة
والمتوفى بها صاحب الأئمة الثلاثة الرضا والجواد والهادي عليهم السلام ، ومن
المحتمل بقائه إلى
أوليات القرن الرابع إلى سني وفيات جملة من الراوين كعلي بن بابويه .
( 4 ) في الأصل : محمد بن مروان السندي .
‹ صفحه 178 ›
أصحابك ؟ فقال : سل ، فذكر قصة طويلة فقال : إني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقول في كلام له طويل : إن الله أمرني بحب أربعة ( جال ) من
أصحابي وأخبرني أنه يحبهم و ( أن ) الجنة تشتاق إليهم ، فقيل : من هم
يا رسول الله ؟ فقال : علي بن أبي طالب ، ثم سكت ، فقالوا : من هم
يا رسول الله ؟ فقال : علي ، ( ثم سكت ، فقالوا : من هم يا رسول الله ؟ فقال :
علي عليه السلام ) وثلاثة معه ، هو إمامهم وقائدهم ودليلهم وهاديهم لا ينثنون ( 1
)
ولا يضلون ولا يرجعون ولا يطول عليهم الأمل ( 2 ) فتقسوا قلوبهم : سلمان وأبو ذر
والمقداد ، فذكر قصة طويلة ثم قال : ادعوا لي عليا ، فاكببت عليه فأسرني
ألف باب يفتح كل باب ألف باب ثم أقبل إلينا أمير المؤمنين عليه السلام وقال :
سلوني قبل أن تفقدوني فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة إني لأعلم بالتوراة
من أهل التوراة وأني لأعلم بالإنجيل من أهل الإنجيل وإني لأعلم بالقرآن
من أهل القرآن ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما من فئة تبلغ مأة رجل إلى
يوم القيامة ، إلا وأنا عارف بقائدها وسائقها ، وسلوني عن القرآن فإن في
القرآن تبيان كل شئ ( 3 ) ، فيه علم الأولين والآخرين وإن القرآن لم يدع
لقائل مقالا ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم ) ( 4 ) ليس بواحد ،
رسول الله صلى الله عليه وآله منهم ( ا ) علمه الله إياه فعلمنيه رسول الله صلى
الله عليه وآله
ثم لا تزال في عقبنا إلى يوم القيامة ، ثم قرأ أمير المؤمنين عليه السلام : (
وبقية
مما ترك آل موسى وآل هارون ) ( 5 ) ، وأنا من رسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة
هارون
من موسى ، والعلم في عقبنا إلى تقوم الساعة . ) ( 6 )
قوله : احتوشناه ، في القاموس : احتوش القوم على بعض وعلى فلان :
جعلوه وسطهم ، قوله : ولا ينثنون : أي لا يميلون .
وفي مكارم الأخلاق مرسلا عن سلمان الفارسي قال : ( دخلت على
0000000000000000000
( 1 ) في المصدر : لا يثنون ، الأمد ، بيان
كل شئ .
( 2 ) في المصدر : لا يثنون ، الأمد ، بيان كل شئ .
( 3 ) في المصدر : لا يثنون ، الأمد ، بيان كل شئ .
( 4 ) آل عمران : 7 .
( 5 ) البقرة : 248 .
( 6 ) تفسير الفرات : 9 .
‹ صفحه 179 ›
رسول الله صلى الله عليه وآله وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي ثم قال : يا
سلمان ! ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقي له الوسادة إكراما له إلا
غفر الله له . ) ( 1 )
وعن مناقب رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب المازندراني أنه
قال : ( وكان الناس يحفرون الخندق وينشدون ، سوى سلمان ، فقال النبي
صلى الله عليه وآله : اللهم أطلق لسان سلمان ولو على بيتين من الشعر ، فأنشأ
سلمان :
ما لي لسان فأقول شعرا
أسأل ربي قوة وصبرا
على عدوي وعدو الطهرا
محمد المختار حاز الفخرا
حتى أنال في الجنان قصرا
مع كل حوراء تحاكي البدرا
فضج المسلمون وجعل كل قبيلة تقول : سلمان منا ، فقال الني
صلى الله عليه وآله : سلمان منا أهل البيت ) ( 2 ) ، وقد مر في رواية العامة أن
وجه
منافسة القوم فيه ما ظهر منه من القوة في حفر الخندق .
وعنه قال : ( وكتب ( رسول الله ) صلى الله عليه وآله ) عهدا لحي سلمان
بكازرون : هذا كتاب من محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله سأله
الفارسي سلمان وصية بأخيه مهاد ( 3 ) بن فروخ بن مهيار وأقاربه وأهل بيته
وعقبه ( من بعده ) ما تناسلوا ، من أسلم منهم وأقام على دينه سلام الله ،
أحمد الله إليكم إن الله تعالى أمرني أن أقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك
000000000000000000
( 1 ) مكارم الأخلاق : 21 .
( 2 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 85 .
( 3 ) مهيار ( خ ل ) .
‹ صفحه 180 ›
له ، أقولها وآمر الناس بها والأمر كله لله ، خلقهم
وأماتهم ، وهو ينشرهم
وإليه المصير ، ثم ذكر فيه من احترام سلمان إلى أن قال : وقد رفعت عنهم
جز الناصية والجزية والخمس والعشر وسائر المؤن والكلف ، فإن سألوكم
فاعطوهم وإن استغاثوا بكم فأغيثوهم ، وإن استجاروا بكم فأجيروهم ، وإن
أساؤوا فاغفروا لهم ، وإن أسئ إليهم فامنعوا عنهم وليعطوا من بيت مال
المسلمين في كل سنة مأتي حلة ومن الأواقي مأة ، فقد استحق سلمان ذلك
من رسول الله ، ثم دعا لمن عمل به ودعا على من آذاهم وكتب علي بن
أبي طالب عليه السلام ، - قال ابن شهرآشوب : - والكتاب إلى اليوم في أيديهم
ويعمل القوم برسم النبي صلى الله عليه وآله فلولا ثقته بأن دينه يطبق الأرض لكان
كتبته هذا السجل مستحيلا . ) ( 1 )
أقول : وذلك لأن فارس إنما فتح بعد النبي صلى الله عليه وآله وكان أهله
مشركين في حياته غير مطيعين له ولم يكن للمسلمين تسلط وتصرف فيه فأين
بيت المال التي حولهم عليها ، وإنما فعل ذلك وكتب الكتاب لعلمه صلى الله عليه
وآله بأنه سيفتح بأيدي المسلمين الذين يعملون بكتابه وأوامره ونواهيه ، ولذا
عد من معجزاته صلى الله عليه وآله .
ورأيت في تاريخ كزيده نسخة هذا الكتاب أبسط مما في المناقب ،
فأحببت نقلها فإنه المسك ما كررته يتضوع ، قال ما معناه : ( وأقاربه - أي
سلمان - من أكابر فارس وعندهم عهد بخط أمير المؤمنين وعليه خاتم النبي
صلى الله عليه وآله على أديم أبيض وهذا نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا
كتاب من محمد بن عبد الله سأله سلمان وصية بأخيه ماهاد بن فرخ وأهل
بيته وعقبه من بعده ما تناسلوا ، من أسلم منهم وأقام على دينه سلام الله ،
أحمد الله إليكم الذي أمرني أن أقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أقولها
وآمر الناس بها ، وإن الخلق خلق الله والأمر كله لله ، خلقهم وأماتهم ، وهو
ينشرهم وإليه المصير ، وإن كل أمر يزول وكل شئ ( يبدو ) يفنى وكل
000000000000000000
( 1 ) مناقب آل أبي طالب 1 : 111 .
‹ صفحه 181 ›
نفس ذائقة الموت ، من آمن بالله ورسوله كان له في الآخرة دعة الفائزين ،
ومن أقام على دينه تركناه ، فلا إكراه في الدين ، فهذا الكتاب لأهل بيت
سلمان أن لهم ذمة الله وذمتي على دمائهم وأموالهم في الأرض التي يقيمون
فيها : سهلها وجبلها ومراعيها وعيونها ، غير مظلومين ولا مضيقا عليهم ، فمن قرأ
عليه كتابي هذا من المؤمنين والمؤمنات فعليه أن يحفظهم ويكرمهم
( ويبرهم ) ، ولا يتعرض لهم بالأذى والمكروه ، وقد رفعت عنهم جز الناصية
والجزية والخمس والعشر إلى سائر المؤن والكلف ، ثم إن سألوكم فاعطوهم
وإن استغاثوا بكم فأغيثوهم ، وإن استجاروا بكم فأجيروهم وإن أساؤوا
فاغفروا لهم وإن أسئ إليهم فامنعوا عنهم ، ولهم أن يعطوا من بيت المال
( المسلمين ) في كل سنة مأة حلة في شهر رجب ومأة في الأضحية ، فقد
استحق سلمان ذلك منا ، ولأن فضل سلمان على كثير من المؤمنين ، وأنزل
في الوحي علي : إن الجنة إلى سلمان أشوق من سلمان إلى جنة ، وهو ثقتي
وأميني وتقي ونقي وناصح لرسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين وسلمان منا
أهل البيت ، فلا يخالفن أحد هذه الوصية فيما أمرت به من الحفظ والبر لأهل
بيت سلمان وذراريهم ، من أسلم منهم و ( من ) أقام على دينه ، ومن خالف
هذه الوصية فقد خالف لوصية الله ورسوله وعليه لعنة الله إلى يوم الدين ( 1 ) ، ومن
أكرمهم فقد أكرمني وله عند الله الثواب ، ومن آذاهم فقد آذاني وأنا خصمه يوم
القيامة ، جزاؤه نار جهنم وبرئت منه ذمتي ، والسلام عليكم ، وكتب
علي بن أبي طالب بأمر رسول الله في رجب سنة تسع من الهجرة وشهد على
ذلك سلمان وأبو ذر وعمار وبلال والمقداد وجماعة أخرى من المؤمنين
- انتهى . ) ( 2 )
وقوله صلى الله عليه وآله : ( وقد رفعت عنهم - أي عمن أقام على دينه -
جز الناصية والجزية ، وعمن أسلم الخمس والعشر ) ، وفي الأول دلالة
واضحة على أن جز الذمي ناصيتهم كان من علائمهم بحكم منه - كما ذكره
0000000000000000000
( 1 ) في المصدر : فقد خالف الله ورسوله
وعليه اللعنة إلى يوم الدين .
( 2 ) تاريخ كزيده : 1 - 230 .
‹ صفحه 182 ›
الأصحاب - ، فإنكار الشهيد ( 1 ) رحمه الله في الدروس النص عليه حيث قال :
( وأما العلامة والركوب غرضا والمنع من الخيل وحذف مقاديم الشعور
وترك الكنى الإسلامية وشبه ذلك فلم نقف عليه لأئمتنا ) ، لعله لعدم
الاطلاع على هذا الكتاب أو الغرض إنكار ما يدل على الجميع .
ثم إن ما في آخر العهد من ذكر التاريخ من الهجرة مخالف لما اشتهر
من أن التاريخ قبل الهجرة بين المسلمين كان من عام الفيل وبعدها سميت
كل سنة باسم : فالسنة الأولى : الأذن ، والثانية : سنة الأمر ، والثالثة : سنة
التفحيص ، والرابعة : سنة الترفيه ، والخامسة : سنة الزلزال ، والسادسة : سنة
الاستياس ، والسابعة : سنة الاستغلاب ، والثامنة : سنة الاستواء ، والتاسعة :
سنة البراءة ، والعاشرة : سنة الوداع ، ولم يكن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله
تاريخ إلى أن استولى ابن الخطاب ، فرفع إليه صك مجلة شعبان فقال : أي
شعبان هو ، هذا الذي نحن فيه ، أو الذي مضى ، أو الذي يأتينا ؟ أو إن
أبا موسى الأشعري كتب إليه - وكان عامله على اليمن - : إنه يأتينا من قبلك
كتب لا نعرفه كيف يعمل بها ، قد قرأنا صكا لها مجلة شعبان فما ندري أي
الشعبانين هو ، الماضي أو الآتي ؟ فجمع الصحابة واستشارهم فيما يضبط به
الأوقات ، وجرت بينهم كلمات إلى أن اتفقوا على أن يجعل مبدؤه هجرة النبي
صلى الله عليه وآله إذ بها ظهرت دولة الإسلام ، وكان ذلك في سنة سبع عشرة من
0000000000000000000
( 1 ) الشيخ الهمام ، قدوة الأنام ، فريدة
الأيام علامة العلماء العظام ، مفتي طوائف الإسلام ، ملاذ
الفضلاء الكرام ، خريت طريق التحقيق ، مالك أزمة الفضل بالنظر الدقيق ، مهذب مسائل
الدين
الوثيق ، مقرب مقاصد الشريعة من كل فج عميق ، السارح في مسارح العرفاء والمتألهين
، العارج
إلى أعلى مراتب العلماء الفقهاء المتبحرين وأقصى منازل الشهداء والسعداء المنتجبين
، الشيخ
شمس الدين أبي عبد الله محمد بن مكي العاملي المطلبي ، له كتب زاهرة فاخرة ومصنفات
دائرة باهرة
وأكثرها في الفقه ، منها : الذكرى ، الدروس ، اللمعة ، القواعد ، وقد كان معظم
اشتغاله في العلوم
عند والد العلامة ، ويروي أيضا مصنفات العامة عن أربعين شيخا من علمائهم ، ولد
رحمه الله سنة
734 واستشهد سنة 786 ، قتل بالسيف ثم صلب ثم رجم ثم أحرق بالنار ببلدة دمشق بفتوى
القاضي برهان الدين ! وابن جماعة ! الشافعي بعدما حبس سنة كاملة في قلعة الشام ،
فكان عمره
حينئذ 52 ، يوجد حكاية شهادته وسببه في الروضات .
‹ صفحه 183 ›
الهجرة والله العالم .
وقال الشيخ الأستاذ ( 1 ) دام ظله العالي : إنه كما أن النبي صلى الله
عليه وآله كان عالما بفتح بلاد فارس بعد وفاته كذلك الوصي كان عالما بما
يحدث في خلافة الثاني ، من جعل مبدأ التاريخ في الإسلام هجرة النبي
صلى الله عليه وآله ، فأرخه بها لأنه ما كان ينتفع به إلا بعد الفتح ، ففيه معجزة
لهما صلوات الله عليهما وعلى أولادهما .
00000000000000000000
( 1 ) لعله شيخ عبد الحسين الطهراني المشهور
بشيخ العراقيين - كما نبه عليه تلميذ المصنف المحدث
القمي في بعض كتبه - ، قال المصنف في خاتمة المستدرك بعد مدحه : ( توفي في اليوم
الثاني والعشرين
من شهر رمضان سنة 1286 ، ودفن في جوار سيدنا المظلوم أبي عبد الله عليه السلام ،
أقام قدس سره في
العتبات العاليات وبالغ مجهوده في عمارة القبات الساميات ، له كتاب في طبقات
الرواة في جدول
لطيف غير أنه ناقص . )
‹ صفحه 185 ›
الباب الرابع
فيما نزل فيه سلام الله عليه وفي أقرانه من الآيات البينات
‹ صفحه 187 ›
في تفسير الشيخ الثقة الجليل ، علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ، في
قوله تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) قال : ( وهم النقباء :
أبو ذر والمقداد وسلمان وعمار ومن آمن وصدق وثبت على ولاية أمير المؤمنين
عليه السلام ( والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه - الآية ) ) ( 1 )
والمعهود من تفسيره ، أن مراده من القائل هو الصادق عليه السلام في
جميع الموارد ، ويظهر ذلك بالتأمل في كتابه ، هذا . وصرح في أول الكتاب :
أنه لا يروي فيه إلا ما سمعه من الثقات من مشايخه ، وفيه نوع تأييد لاعتبار
مرسلاته ، كما أنه صريح في كون أبيه إبراهيم بن هاشم ( 2 ) من الثقات ، فإن
أكثر ما رواه فيه مسندا إنما هو بتوسطه ، ولا فرق بين توثيق شخص بعينه
وتوثيق جملة هو منهم ، ولا نحتاج بعد ذلك إلى ما ذكره صاحب منتهى المقال
وغيره في حقه ، فإن جميع ما ذكروه لا يفيد التوثيق اللازم منه عد أخباره في
الصحاح بالمعنى الاصطلاحي الجديد ، وبما ذكرنا اتضح أمره عند المضطلع
00000000000000000
( 1 ) تفسير القمي 1 : 303 ، والآية في
التوبة : 100 .
( 2 ) أبو إسحاق إبراهيم بن هاشم القمي ، قال في الفهرست : ( أصله من الكوفة
وانتقل إلى قم
وأصحابنا يقولون إنه أول من نشر حديث الكوفيين بقم وذكروا إنه لقي الرضا عليه
السلام ) .
‹ صفحه 188 ›
البصير ، ولا ينبئك مثل خبير .
وفيه قال : ( وقوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت
قلوبهم - إلى قوله - لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) : فإنها نزلت في
أمير المؤمنين عليه السلام وأبي ذر وسلمان والمقداد رحمة الله عليهم . ) ( 1 )
وفيه في سورة الكهف قال : حدثنا محمد بن جعفر ( خ ل ) بن أحمد ،
عن عبد الله بن موسى ( 2 ) ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن
أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ) قال : ( هذه نزلت في أبي ذر
والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر ، جعل الله لهم جنات الفردوس
نزلا ، أي مأوى ومنزلا . ) ( 3 )
وفيه في سورة الكهف في قوله تعالى : ( واصبر نفسك مع الذين
يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد
زينة الحياة الدنيا ) قال : ( فهذه نزلت في سلمان الفارسي ، كان عليه
كساء يكون فيه ( 4 ) طعامه ، وهو دثاره ورداؤه ، وكان كساء من صوف ،
فدخل عيينة بن حصين على النبي صلى الله عليه وآله وسلمان عنده ، فتأذى عيينة
بريح كساء سلمان ، وقد كان عرق فيه ، وكان يوم شديد الحر فعرق في
الكساء ، فقال : يا رسول الله ! إذا نحن دخلنا عليك فاخرج هذا واصرفه من
عندك ، فإذا نحن خرجنا فادخل من شئت ، فأنزل الله تعالى : ( ولا تطع من
أغفلنا قلبه عن ذكرنا ) وهو عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري . ) ( 5 )
وقال الطبرسي رحمة الله عليه : ( نزلت الآية في سلمان وأبي ذر وصهيب
وعمار وخباب وغيرهم من فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ، وذلك أن
000000000000000000
( 1 ) تفسير القمي 1 : 255 ، والآيات في
الأنفال : 4 - 2
( 2 ) في تفسير البرهان : عبيد الله بن موسى .
( 3 ) تفسير القمي 2 : 46 ، والآية في الكهف : 107
( 4 ) في المصدر : فيه يكون .
( 5 ) تفسير القمي 2 : 5 - 34 ، والآية في الكهف : 28 .
‹ صفحه 189 ›
المؤلفة قلوبهم جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه
وآله ( وهم ) عيينة بن الحصين
والأقرع بن حابس وذووهم فقالوا : يا رسول الله ! إن جلست في صدر المسجد
ونحيت عنا هؤلاء وروايح صنانهم ، وكانت عليهم جبات الصوف ، جلسنا
نحن إليك وأخذنا ( عنك ) ، فلا يمنعنا من الدخول ( عليك ) إلا هؤلاء ، فلما
نزلت الآية قام النبي صلى الله عليه وآله يلتمسهم ، فأصابهم في مؤخر المسجد
يذكرون الله عز وجل فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي
مع رجال من أمتي ، معهم المحيا ومعهم الممات . ) ( 1 )
وروى عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد عن هارون بن
مسلم ، قال : حدثني مسعدة بن صدقة ، قال : حدثني جعفر ، عن آبائه
عليهم السلام : ( إنه لما نزلت هذه الآية ( على رسول الله صلى الله عليه وآله ) :
( قل لا
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ، قام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
:
( يا ) أيها الناس ! إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم
مؤدوه ؟ ( قال : ) فلم يجيبه أحد منهم ، فانصرف ، فلما كان من الغد قام فيهم
وقال صلى الله عليه وآله مثل ذلك ، ثم قام فيهم وقال مثل ذلك في اليوم الثالث ،
فلم يتكلم أحد ، فقال : أيها الناس ! إنه ليس من ذهب ولا فضة ، ولا مطعم
ولا مشرب ، قالوا : فالقه إذا ، قال : إن الله تبارك وتعالى أنزل ( علي ) : ( قل
لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ، فقالوا : أما هذه فنعم ، فقال
أبو عبد الله عليه السلام : فوالله ما وفي بها إلا سبعة نفر : سلمان وأبو ذر وعمار
والمقداد بن الأسود الكندي وجابر بن عبد الله الأنصاري ومولى لرسول الله
صلى الله عليه وآله يقال له : التثبيت ( 2 ) وزيد بن أرقم . ) ( 3 )
ورواه المفيد رحمه الله في الإختصاص ( 4 ) عن جعفر بن الحسين ، عن محمد
الحميري ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن أبي الحسن الليثي ، عن
0000000000000000000
( 1 ) مجمع البيان 6 : 465 ، في المصدر في
الموضعين : معكم .
( 2 ) في المصدر : الثبت ( الثبيت خ ل ) .
( 3 ) قرب الإسناد : 38 ، والآية في الشورى : 23 .
( 4 ) الإختصاص : 63 مع اختلاف يسير .
‹ صفحه 190 ›
جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم السلام .
أقول : قيل : ( يحتمل أن يكون التثبيت تصغيرا للثابت ، وصحابة
النبي صلى الله عليه وآله كثيرون ممن اسمهم جاء على ثابت ، كثابت بن زيد
وغيره ممن هو مذكور في الرجال ، انتهى ) ، قلت : لم أجد في كتب الرجال في
ترجمة أحد ممن اسمه ( ثابت ) ، أن يكون من مواليه صلى الله عليه وآله ، ولا في
كتب الأحاديث في تعداد مواليه صلى الله عليه وآله أن يكون أحدا منهم اسمه
( الثابت ) أو ( الثبيت ) ، ويحتمل الوصفية ، فيكون كناية عن بعض مواليه
ممن ثبت على محبة أهل البيت ومودتهم ، والله العالم .
وأما زيد بن أرقم : فقد نقل الكشي عن الفضل بن شاذان : إنه من
السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام ( 1 ) ، إلا أنه ذكر العلامة
الحلي
قدس سره في شرح التجريد : ( إن أمير المؤمنين عليه السلام استشهد جماعة من
الصحابة عن حديث الغدير ، فشهد اثنا عشر رجلا من الأنصار - إلى أن قال : -
وكتم زيد بن أرقم فذهب بصره . ) ( 2 ) ، عن شرح ابن أبي الحديد : ( روى
أبو إسرائيل عن الحكم ، عن أبي سليمان المؤذن : إن عليا عليه السلام أنشد الناس :
من سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ فشهد له
قوم وأمسك زيد بن أرقم ، فلم يشهد ، وكان يعلمها ، فدعى ( علي ) عليه السلام
عليه بذهاب البصر فعمى ، فكان يحدث ( الناس بالحديث ) بعد ما كف
بصره - انتهى . ) ( 3 )
وعلى هذا ، فيشكل في الحديث المتقدم ، إلا أن يقدم لقوة سنده
وتأييده بكلام الفضل ، مع أنه قال المفيد في الإرشاد : ( وأمر - أي ابن زياد -
بإحضار الرأس - أي رأس أبي عبد الله عليه السلام - فوضع بين يديه وجعل ينظر
إليه ويتبسم وفي يده قضيب ( 4 ) يضرب به ثناياه ، وكان إلى جانبه زيد بن أرقم
000000000000000000
( 1 ) إختيار معرفة الرجال : 38 .
( 2 ) شرح تجريد الاعتقاد : 417 .
( 3 ) شرح النهج 5 : 74 .
( 4 ) القضيب : الغصن المقطوع .
‹ صفحه 191 ›
صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو شيخ كبير ، فلما رآه يضرب بالقضيب
ثناياه قال له : إرفع قضيبك عن هاتين الشفتين ، فوالله الذي لا إله غيره ، لقد
رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وآله عليهما ما لا أحصيه ، ثم انتحب باكيا ،
فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك ، أتبكي لفتح الله ولولا أنك شيخ كبير قد
خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك ، فنهض زيد بن أرقم من بين يديه
وصار إلى منزله . ) ( 1 ) ، فتأمل .
وروى ثقة الإسلام ، أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني ( 2 ) رحمة الله عليه عن
الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن أورمة ، عن علي بن
حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى :
( وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد ) ، قال : ( ذاك حمزة
وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر والمقداد ( بن الأسود ) وعمار ، هدوا إلى
أمير المؤمنين عليه السلام - الخ . ) ( 3 )
أراد عليه السلام إن ( صراط الحميد ) علي بن أبي طالب عليه السلام ، وإن
ضمير الجمع لهؤلاء الأكابر ، و ( الطيب من القول ) هو التوحيد والإخلاص ،
نص عليه القمي ( 4 ) في تفسيره .
000000000000000000
( 1 ) الإرشاد : 243 .
( 2 ) أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي ، هو في الحقيقة أمين
الإسلام وفي الطريقة
دليل الأعلام وفي الشريعة جليل الأقلام ، ليس في وثاقته لأحد كلام ولا في مكانته
عند أئمة
الأنام ، قد أدرك زمان سفراء المهدي عليه السلام وجمع الحديث من مشرعه ومورده وقد
انفرد
بتأليف كتاب الكافي في أيامهم إذ سأله بعض رجال الشيعة أن يكون عنده كتاب كاف يجمع
من
جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد - راجع مقدمة الكافي
- وهو يحتوي على
ما لا يحتوي غيره فإن عدد أحاديثه 16199 وجملة ما في صحيح البخاري بإسقاط المكرر
4000
حديث ، وكلين - كزبير - قرية بالري ، روى الكيني عمن لا يتناهى كثرة من علماء أهل
البيت
ورجالهم ومحدثيهم ويروي عنه فئة كثيرة ، مات ببغداد شهر شعبان سنة 329 هجري ، سنة
تناثر
النجوم وصلى عليه محمد بن جعفر الحسني المعروف بأبي قيراط ، له كتاب تفسير الرؤيا
ولعله خير
كتاب أخرج في باب التعبير .
( 3 ) الكافي 1 : 426 ، والآية في الحج : 24 .
( 4 ) تفسير القمي 2 : 83 .